العملاق الاقتصادي والسياسي والإعلامي الخليجي يبتلع القاهرة ودمشق وبغداد

حسام عبد البصير
حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: مع بداية العام الجديد وبينما كان كثير من المواطنين يرسلون لبعضهم التهاني بعام سعيد، تشبث كتاب السلطة بخيار الحرب في مواجهة تركيا، التي باتت على بعد أميال من الحدود المصرية، وفيما كانت شوارع القاهرة تزدان باللافتات التي ترحب بالسنة الجديدة، كانت الصحف المصرية تواصل دق الطبول بقوة، داعية الجماهير إلى الاحتشاد في التنديد بالنظام التركي، ومؤازرة القيادة المصرية في مساعيها الرامية للحفاظ على الأمن القومي.

الحكومة تخضع الإعلام لسلطتها واردوغان يواجه المزيد من الطعنات والاستثمار هارب للخارج منذ 2011

وقبيل أعياد رأس السنة فجرت تصريحات مفكر إماراتي جدلاً واسعاً، بعد أن اعلن صراحة أن دور العواصم التاريخية، وفي القلب منها القاهرة، وبالطبع بغداد ودمشق، انتهي في صناعة القرار العربي، مشدداً على أن العالم يعيش الآن لحظة «الخليج».
واهتمت صحف مصر أمس الخميس 2 يناير/كانون الثاني بطبيعة الحال بالإشادة بما اعتبرته تحسناً ملحوظاً في الوضع الاقتصادي، من خلال تواصل تحسن وضع الجنيه، وخفض أسعار بعض السلع. وحرصت الصحف كذلك على نشر العديد من الأخبار الداعية للتفاؤل، ومن أبرزها، الكشف عن مزيد من الثروات في مجال حقول الطاقة، فضلاً عن المزيد من الاكتشافات الأثرية، ومساعي الحكومة في تدشين مزيد من المشروعات الرامية لخلق مزيد من فرص العمل ودعم الفئات الأكثر فقراً:

صناع القرار السياسي

البداية مع حوار مثير أجرته حوريه عبيدة في «المشهد» مع الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله، الذي أكد: «صعود دول الخليج بلغ أوجه، ويلقى قبولا عالميا؛ بينما يلقى نوعا مِن الغيرة والحساسية في المحيط العربي، وهنا ذكَر كيف تعامل معه عمرو موسى بشكل جاف، حين رفض الأخير التقليل مِن دور مصر في الحفاظ على أمن المنطقة، رغم الظروف السياسية التي تعانيها في السنوات الأخيرة؛ ورفضه قبول فكرة أن الخليج يتحمّل وحده العبء الأمني. وشدد عبد الخالق على أنه، أينما يُولَّي المواطن العربي وجهه اليوم؛ سيجد شاهدا مِن شواهد «لحظة الخليج» في التاريخ العربي الحديث، فنفوذ دولِه وتأثيرها تتزايد في المشهد الثقافي والسياسي والاجتماعي والثقافي والإعلامي، والثقل الاقتصادي العربي انتقل إلى الجزء الخليجي، وأصبح القرار السياسي العربي يُصنع في العواصم الخليجية؛ بعد أن كان حكرا على القاهرة وبغداد ودمشق، وتحولَتْ مدن خليجية إلى مراكز ماليةٍ ودبلوماسيةٍ وإعلاميةٍ عالميةٍ، وأخذ قادة الخليج الجدد يتصرفون بثقة، ويتحدثون برغبةٍ واضحةٍ في قيادة الأمة العربية نحو مستقبل مختلف، ومن المؤكد أن هناك حالة خليجية جديدة تتشكل على أرض الواقع تفرض نفسها، وتُحتم النظر إلى الخليج كعملاقٍ اقتصاديٍّ وسياسيٍّ وإعلاميٍّ يملك قراره، ويتحمل مسؤولياته ومسؤوليات أمْن واستقرار المنطقة العربية بمشرقها ومغربها. وأشار إلى ذات يوم كانت القاهرة «مدينة الأحلام» وعبد الناصر»أكثر الزعماء تأثيرا». وشدد على أن تأثير قطر في مصر أصبح أكثر من تأثير مصر في قطر، وكشف عن تزامن بروز «الجزء الخليجي»مع انهيار «الكل العربي»؛ وبزوغ العولمة وألفية المعرفة والثورة العلمية والتكنولوجية، وانتهاء الأيديولوجيات، وكشف عن أن الخليج أصبح عملاقا اقتصاديا وسياسيا وإعلاميا يملك قراره، ويتحمل مسؤوليات أمن واستقرار المنطقة العربية بمشرقها ومغربها. واعترف عبد الخالق بأنه في الحقبة الناصرية عانينا مِن نظرة الاستصغار والتحقير؛ لكننا الآن لا نستعلي على أحد. ومضى المفكر الإماراتي مبشرا بزمن الخليج قائلا: لم نعُد ظاهرة نفطية؛ وقريبا سنُصبح أول نمرٍ اقتصاديٍّ عربيّ.. والإمارات العربية الوحيدة ضِمن قائمة أهم 30 قوة ناعمة في العالَم».

سندافع عن أنفسنا

أول مقالات العام الجديد اعتبرها أحمد رفعت في «الوطن» بمثابة الفرصة لتجديد الاصطفاف حول الوطن: «مهامنا كصحافيين وإعلاميين تقتضي التذكرة الدائمة التي لا تنفع إلا المؤمنين، وتتطلب أن نستمر في حشد الشرفاء في مصر، وهم الأغلبية الكاسحة من أبناء شعبنا، التي تحتاج لمن يطمئنها على مستقبلها ومستقبل وطنها، مصر التي لم ترسل جنديا واحدا خارج أراضيها، اللهم إلا للتدريبات المشتركة مع الدول الشقيقة والصديقة، أو التزاما بنصيبها في قوات الأمم المتحدة، التي هي دائما لحفظ السلام ومساعدة الشعوب.. لم تعتدِ على أحد كما لم تعتدِ في الماضي، لكن نيران المؤامرة تقترب منها بغير رغبة، لا من قيادتها ولا من شعبها المسالم.. والمسؤولية عند القيادة تقتضي مواجهة ذلك بما تحمله من أمانة ومن تفويض لحفظ سلامة البلاد والعباد، وتقتضي من شعبها أن يطلع على أبعاد التآمر الممتد ضد بلاده عبر قرن كامل الآن، لكنه يتجلي أكثر وأكثر في الستين عاما الأخيرة، التي امتلك الشعب فيها قراره، وانطلق يبحث فوق كوكب الأرض عن مكان ملائم لتاريخه المجيد، وكان في الحالتين – ويا لها من مصادفة – أبناء الجيش العظيم في صدارته! الجاهزية الكاملة لكل مؤسسات الدولة في التعامل مع أي طارئ.. ثقة مطلقة لا تحتاج إلى التجربة والاختبار.. بينما على الجانب الآخر وبسبب رغبة الرئيس في تعويض المصريين ومصر ذاتها ما فاتهم وما فاتها، انطلقت مسارات الخير تبني وتعمر في كل اتجاه، لذا نقف جميعا أمام مهام كبيرة.. من حلم النووي الذي يكتمل كل يوم خطوة بعد خطوة، في محطة هي الأحدث على الإطلاق في تكنولوجيا الطاقة النووية، إلى حلم آخر بالقرب منه في العلمين الجديدة».

يد واحدة

من بين الداعين للاحتشاد خلف الرئيس السيسي في موقفه من الأزمة الليبية عبد الرحمن مقلد في «المشهد»: «تعاملت القيادة المصرية بكل الحكمة وبكل النية الطيبة مع الملف الليبي.. ليبيا بعد سقوط القذافي تحولت لأرض محروقة تحكمها المليشيات. وهذه المليشيات دمرت حياة الليبيين، وقتلت وسرقت وارتكبت من المجازر والمحارق ما لا يصدق… وبالطبع أصاب المصريين منها الكثير منها مذبحة الأقباط وغيرها. ليبيا تحولت لمساحة مفتوحة للاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، وتحولت لمأوى لكل الخارجين والهاربين. ويرى الكاتب أنه ما كان على الإدارة المصرية، أولا كون ليبيا هي الجار الأول لمصر، ولأنها بلد شقيق تربطنا به الصلات والقرابات، إلا أن تدخلت وجمعت بين الفرقاء الليبيين وشاركت في كل الاتفاقات والتواصلات، كضامنة ومحبذة للحل السلمي، وإنهاء الفوضى في البلد العربي. الموقف المصري الواضح والراسخ، هو أن مصر تريد ليبيا دولة موحدة قوية، لها جيش واحد، وتوجه مواردها الضخمة لخدمة الشعب الليبي. لم تتدخل لنهب أو سرقة الموارد الليبية، وكان هذا أمرا سهلا للغاية، لو كانت مصر هذا البلد الخبيث.. ولكن وطننا ليس كذلك، رفضت القيادة المصرية الفوضى والحرب الأهلية، وإن توكل أمور الأمن في هذا البلد للجماعات والميليشيات ورفضت أن يرفع السلاح الليبي في وجه أي مواطن ليبي. حين قام المشير حفتر والقيادات الليبية بتجميع ما تبقى من شتات الجيش الليبي، رأت مصر أن دعمه واجب واطني، فالجيش هو المنوط به حماية البلد وتوحيده، في أي بلد كان، وليس هذا دور لميليشيات أو مناطق، خصوصا أن أخطار انتشار الفوضى في ليبيا أصابت مصر بضرر كبير ولا تزال».

مصر الكبيرة

«دعا البابا تواضروس الثاني بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية لترشيد استخدام الطاقة، وأعرب عن استعداده لإعلان التقشف مراعاة للظرف الاقتصادي الذي تمر به البلاد، واضاف في تصريحات متلفزة نشرتها صحف أمس الخميس ومنها «المصري اليوم»، أن مصر مدعاه للفخر، ورغم أن مصر دولة مثل أي بلد في العالم، إلا أنه عند دراستها وقراءة تاريخها «تلاقيها حاجة تانية خالص»، على حد قوله. وأضاف «تواضروس»، خلال حواره في برنامج « يحدث في مصر»، مع الإعلامي شريف عامر، على شاشة «MBC مصر»، أنه التقى منذ فترة قصيرة عددا من الشباب الأقباط من أمريكا أثناء زيارتهم لمصر، مستطردا: «قولتلهم روحتوا فين في مصر، قالوا لي روحنا مصر القديمة، رديت عليهم قولتلهم تعرفوا أن حي مصر القديمة فيه كنائس أقدم من أمريكا». وأكد بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أنه أصر على قول ذلك حتى يعرف الجميع أصالة مصر، حيث أن هؤلاء الشباب تربوا على ثقافة مختلفة وهي «مودرن»، ولكن الجذور والنشأة موجودة في مصر، كما أن مصر متميزة في التاريخ والحضارة والجغرافيا والآثار وكذلك في التدين».
كشف حساب

يطالب محمد حسن البنا في «الأخبار» بضرورة محاسبة المسؤولين عن انجازاتهم: «أعطى الدستور الحق لرئيس الجمهورية اختيار الوزراء، على أن يتم عرض الأسماء على مجلس النواب، الذي يوافق أو لا يوافق على هذا الاختيار في جلسة عامة، ووفقا للمادة 129 من اللائحة الداخلية للمجلس، فإن لرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزاري، بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء، ويرسل كتابا بذلك إلى مجلس النواب، يبين فيه الوزارات المراد إجراءُ تعديلٍ فيها، ويعرضه رئيس المجلس في أول جلسة تالية لوروده. كما حددت اللائحة إجراءات التصويت على التعديل. بناء عليه تم التعديل الأخير في حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، الذي خرج فيه عدد من الوزراء، كان من بينهم سحر نصر وزيرة الاستثمار. يضيف الكاتب: لقد تعاملت مع سحر نصر عندما كانت موظفة نابهة في مكتب البنك الدولي في القاهرة، وعندما أصبحت وزيرة لم ألتقها، ولم أتحدث معها، كنت فقط متابعا لنشاطها، كما هو حالي مع باقي الوزراء، وللحقيقة لم يعجبني أداؤها في الوزارة، رغم ما رأيته من دعم غير محدود من القيادة السياسية لتنشيط الاستثمار، وإصدار التشريعات اللازمة لتشجيع المستثمرين الأجانب والعرب والمصريين، وطالبت في مقالات سابقة وهي في منصبها، بأن تقول لنا حجم الاستثمار الأجنبي والعربي الذي دخل مصر في فترة توليها الوزارة، ولم تجب، لأنه ببساطة مازال الاستثمار هاربا خارج مصر منذ يناير 2011، ولم تتمكن الوزيرة من إعادته إلى مصر، أي بمقياس الأداء فإنها فشلت في مهمتها. يضيف البنا: كنت أود أن يكون لمجلس النواب الفرصة لسماع كشف حساب كل وزير سنويا، أو مع خروجه من الوزارة. لكن للأسف يأتي الوزير لا نعلم لماذا أتى، ويخرج دون أن نعلم أسباب خروجه».

غدا أجمل

من بين الواثقين بغد أفضل في «الأخبار» محمد الهواري: «أثق في وعود الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء في إحداث المزيد من التحسن في ظروف المواطنين خلال عام 2020 وتوفير جميع احتياجات المواطنين في الأسواق، من الإنتاج المحلي للمشروعات العملاقة مثل، الأسماك من بركة غليون والخضر والفاكهة من الصوب الزراعية الجديدة، وأيضا احتياجات المواطنين الاستهلاكية من خلال حملات خفض الأسعار التي تشارك الغرف التجارية في إقناع التجار ومراكز البيع للتيسير على المواطنين، إضافة للمعارض المختلفة التي تعرض كافة المنتجات بأسعار منخفضة. لا شك في أن الزيادة التي حدثت في إنتاجية العديد من المحاصيل الغذائية كالقمح والأرز، وأيضا الخضر والفاكهة، ساهم في زيادة المعروض من هذه المنتجات، والحد من الاستيراد من الخارج، إضافة لجودة المنتج المصري في السلع الاستهلاكية زاد من إقبال المواطنين عليها، بما يساهم في إحداث حركة نشيطة في الإنتاج، إضافة لتراجع أسعار الدولار مقابل الجنيه، والارتفاع المتواصل في الصادرات المصرية غير البترولية للخارج، حيث تسعى الدولة لتحقيق صادرات تصل 50 مليار دولار. مصر تتحرك إلى الامام وتحقيق المزيد من النمو في معدلات النمو الاقتصادي وهو المعبر عما يحدث من طفرة اقتصادية، ومعدلات تشغيل العمالة، وخفض البطالة، مع الاستقرار الذي تشهده مصر، إضافة لتطور النشاط السياحي وعودة السياحة لمعدلاتها التي سبقت 25 يناير/كانون الثاني 2011. لابد من تكثيف الجهود لتحقيق زيادة مستمرة في الإنتاج والصادرات وفتح المجال لتشغيل المزيد من فرص العمل».

العلاج خطـأ

«قرار استحداث منصب وزير دولة للإعلام، يعني في اعتقاد أشرف البربري في «الشروق»، اعتراف الدولة بوجود مشكلة حقيقية في الإعلام المصري. الذي فقد تأثيره داخليا وخارجيا، ليترك الوعي الشعبي والرأي العام فريسة سهلة أمام تسجيل فيديو، يتم بثه عبر موقع تواصل اجتماعي، أو لقنوات فضائية وموقع إنترنت، تبث من خارج البلاد وتحمل من الأذى والضرر أضعاف ما قد تحمله من فائدة. ورغم أن تشخيص المرض هو نصف الطريق إلى العلاج، لكن قرار إنشاء وزارة دولة للإعلام تفرض المزيد من السيطرة الحكومية على المنظومة الإعلامية في البلاد، يعني أننا أمام تشخيص صحيح، وعلاج خطأ. فالإعلام، على حد رأي الكاتب، لا يحتاج إلى وزارة لا محل لها من الإعراب، تجربة السنوات الأخيرة تؤكد أن الإعلام المصري لا يحتاج إلى مزيد من السيطرة الحكومية ولا مصادر جديدة للتوجيهات الفوقية، لكنه يحتاج إلى المصداقية التي لا تتحقق إلا بمقدار استقلاله عن السلطة التنفيذية وبقدرته على التعبير عن هموم المواطنين وقضاياهم، ومتابعة أداء أجهزة الدولة ومؤسساتها في إطار الضوابط المتعارف عليها للعمل الإعلامي الحر والمهني. وبدلا من العودة إلى السبيل الوحيد الممكن لاستعادة مصداقية الإعلام الوطني وتأثيره، من خلال تحريره من سطوة السلطة، أصرت السلطة على مواصلة السير في الطريق الخطأ، بإعادة وزارة الإعلام، التي تعزز فكرة سيطرة الحكومة على الإعلام وحرمانه من الحرية والاستقلال.التجربة الإنسانية تقول إن الإعلام المؤثر ليس إعلام الصوت الواحد، الذي تأتيه التوجيهات الفوقية، ولكنه الإعلام متعدد الأصوات، القادر على النقد والمواجهة، والمفتوح أمام وجهات النظر المتنوعة، والمستقل عن السلطة، المدافع عن مصالح الوطن والشعب».
أماني 2020

أبرز أماني العام التي يحلم بها عماد الدين حسين في «الشروق»: «الأمنية الأولى: أن نتمكن من إنجاز اتفاق نهائي وعادل مع إثيوبيا والسودان، بشأن كيفية إدارة وملء وتشغيل سد النهضة، بما لا يؤثر على حقوقنا المائية، أو «بأقل الأضرار الممكنة»، بحيث لا تستخدم إثيوبيا السد سوطا مسلطا على رقابنا. الأمنية الثانية: أن تفلت الشقيقة ليبيا من المصيدة المنصوبة لها منذ سنوات، وتحويلها إلى ساحة جديدة لتصفية الحسابات الإقليمية والعالمية. الأمنية الثالثة: أن تتصالح حركتا «فتح» و«حماس»، وأن يقتنعا بأنهما يخدمان الاحتلال الإسرائيلي فقط، حينما يصران على استمرار الخصام والقطيعة. لأن التوافق الفلسطيني الداخلي بين جميع المكونات، يمنع على الأقل إكمال تهويد الأرض العربية، ومن الأمنيات الداخلية يطمح الكاتب أن تؤمن الحكومة، بالانفتاح السياسي، على القوى السياسية المدنية، وأن دعم هذه القوى الشرعية، وتقويتها هو صمام أمان لمصلحة الحكومة والمجتمع. ضد أي مشاريع تطرف وتكفير وعنف وإرهاب. وأن تواصل الحكومة ما بدأته أخيرا من انفتاح إعلامي محدود، وأن تتوسع فيه مادام في إطار القانون، حتى توقف هجرة القراء والمشاهدين إلى وسائل إعلام متربصة أو معادية. كما يأمل الكاتب في أن تقتنع الحكومة بضرورة دعم المجتمع المدني والأهلي، لأنه سيكون الظهير الحقيقي للدولة المصرية، في محاربة التخلف والجهل والمرض. ومن دون المبادرات الفردية الحرة، سوف نظل ندور في دوائر بيروقراطية قاتلة، لن تغني ولن تسمن من جوع. وأن تستمر الحكومة في تطبيق برنامج التأمين الصحي. وأن تؤمن الحكومة بأنه لا بديل عن دعم القطاع الخاص الوطني والمنتج، وأن تتخذ الحكومة المصرية قرارا حاسما، بعدم الاستدانة الخارجية تحت أي مبرر، بعد أن وصلت الديون الخارجية إلى أرقام فلكية غير مسبوقة».

لن يأتي بخير

الكلام عن المستقبل المنظور بالنسبة للمنطقة العربية غير مبشر على الأقل بالنسبة لمي عزام في «المصري اليوم» التي ترى أن: «أوطاننا العربية أصبحت ساحة للحروب والصراعات التي تديرها قوي إقليمية ودولية، بدون إذن منا، الكل حريص على مكانته في الشرق الأوسط الثري بخيراته وموقعه المتميز، لأن هذه المكانة ستترتب عليها ترتيبات النظام العالمي الجديد والتوزيعات الجديدة لمناطق النفوذ. وتسأل الكاتبة، أين العرب من كل هذا؟ العرب لم يحلوا بعد مشاكلهم الداخلية مع شعوبهم، ولم ينهوا الخلافات في ما بينهم ليبدأوا تعاونا حقيقيا قائما على المصالح المشتركة واحترام السيادة الوطنية، وأصبح أقصى طموحاتهم، إصدار بيان شجب من الجامعة العربية تدين التدخلات الخارجية في الشأن العربي، وهم يعرفون جيدا أن بيت العرب لا يملك أي أداة ضغط أو تأثير على الساحة الدولية. رغم كل هذه المؤشرات السلبية عندي أمل في أن يكون 2020 عام اليقظة المصرية والعربية.. وكل عام وأنتم بخير بمناسبة العام الميلادي الجديد».

ورطة أبو الغيط

«البيان الصادر عن جامعة الدول العربية بشأن الوضع في ليبيا، لم يأت فقط كما يجاهر مجدي سرحان في «الوفد» مخيبا للآمال في اتخاذ موقف عربي جاد من أجل التصدي للغزو التركي الوشيك للأراضي الليبية.. بل إنه زاد الطين بلة، ووضع الجامعة في مأزق جديد. ويري الكاتب أن البيان جاء في مصلحة الرئيس التركي، مؤكدا على أنه «سرعان ما تلقفه لص أنقرة ليقلب به السحر على الساحر».. ويضع العرب في ورطة. بيان الجامعة العربية حمل – كالعادة – «تشكيلة منوعة» من عبارات الشجب والاستنكار والرفض للتدخل التركي، الذي يسهم في تسهيل انتقال المقاتلين المتطرفين الإرهابيين الأجانب إلى ليبيا.. وينتهك القرارات الدولية المعنية بحظر توريد السلاح، بما يهدد أمن دول الجوار الليبي والمنطقة. كما أعرب البيان عن «القلق الشديد».. من التصعيد العسكري الذي يفاقم الوضع المتأزم في ليبيا، ويهدد أمن واستقرار دول الجوار الليبي والمنطقة ككل، بما فيها المتوسط. وأكد ضرورة وقف الصراع العسكري، وأن التسوية السياسية هي الحل الوحيد لعودة الأمن والاستقرار في ليبيا، والقضاء على الإرهاب. إلى هذا الحد لم يأتِ البيان بجديد.. ولم يحرك ساكنا.. ولم يقدم فعلا إيجابيا مما كنا نأمله.. سواء بتبني تقديم مشروع قرار دولي إلى مجلس الأمن بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا، لمنع وصول القوات التركية والمرتزقة المأجورين إلى هناك، أو حتى إصدار قرار عربي بسحب الاعتراف بحكومة الوفاق الوطني ورئيسها السراج، التي تقامر بتسليم السيادة الوطنية الليبية إلى المستعمر التركي من جديد، لتحافظ على وجودها في السلطة بعد أن اقتربت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر من الإطاحة بهذه الحكومة والسيطرة على مقر الحكم في طرابلس».

الضحية العراق

يرى عبد اللطيف المناوي في «المصري اليوم»: «أن الأرض العربية صارت مغرية لكل القوى الإقليمية المتصارعة، أمريكا وروسيا فعلتا ذلك من قبل في سوريا، أما إيران وأمريكا فتلعبان لعبة القط والفأر في العراق، وليست ليبيا ببعيدة، لا هي ولا غيرها من البلدان الناطقة بالعربية. ولكن الوضع في العراق مرشح للانفجار أكثر، فبعد اقتحام العناصر الموالية لميليشيا «الحشد الشعبي» و«كتائب حزب الله – العراق» حرم السفارة الأمريكية في بغداد، ردا على الضربات العسكرية التي شنتها واشنطن، الأسبوع الماضي، واستهدفت من خلالها قواعد «كتائب حزب الله – العراق» في العراق وسوريا، التي كانت بدورها ردا على هجوم استهدف إحدى القواعد الأمريكية القريبة من كركوك، واتهمت أمريكا قوات شيعية بالوقوف وراءه. هكذا يبدو المشهد المتصاعد. هجمات هنا ورد هناك، في ظل حالة عدم استقرار سياسي في السلطة، تطل برأسها بعد استقالة حكومة عادل عبدالمهدي، ومحاولة إيران استغلال الموقف، والدفع بأحد الموالين لها، أو حتى نيل عدد كبير من الحقائب الحكومية. صراع القط الأمريكي والفأر الإيراني على الأراضي العراقية لن ينتهي بسهولة، فواشنطن تسعى عبر الضربات الأخيرة إلى استعادة قوة الردع في أزمتها المستمرة مع طهران، التي بدأت حديثا مع الانسحاب من الاتفاق النووي، وتصر على توجيه رسالة حازمة لحكومة الملالي بأنها لن تتغاضى عن محاولات استهداف مصالحها، بينما طهران لن تتنازل هي الأخرى بسهولة عن مكتسبات حققتها بنفوذها ونفاذها في دوائر صنع القرار في العراق، بل على الأرض، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على المصالح الأمريكية. التصعيد بين إيران والقوى الموالية لها في العراق من ناحية، والولايات المتحدة الأمريكية من ناحية أخرى، خلال الأيام المقبلة، سوف تكون له انعكاسات على الأزمة المتصاعدة في العراق».

ترامب يعظ

في تغريدة موجهة إلى العراقيين نادي الرئيس الأمريكي ترامب قائلا: «إلى العراقيين الذين يريدون الحرية.. هذه فرصتكم للتخلص من سيطرة وهيمنة إيران». التغريدة التي اهتم بها محمود خليل في «الوطن» ترافقت مع النار المشتعلة في حرم السفارة الأمريكية في بغداد – يوم الثلاثاء الماضي- بعد أن تمكن مئات المحتجين من اقتحام المنطقة الخضراء. أغلب من حملوا مشاعل الحرق كانوا من ميليشيا حزب الله العراقي والحشد الشعبي والتيارات الشيعية الأخرى التي تعج بها العراق، وقد فعلوها ردا على مصرع عناصر من «الحشد الشعبي» على الحدود مع سوريا بمعرفة الأمريكان. أضاف الكاتب، بدت تويتة ترامب وكأنها تغريد خارج الواقع أو المشهد. ولست أدري أي عراقيين كان يخاطب، وهو يردد هذا الكلام؟ فمن أحرقوا السفارة تيارات يجمعها التوجه في قِبلتها نحو طهران، ثم مَن سلّم بغداد إلى الإيرانيين.. أليس الأمريكان أنفسهم هم مَن فعلوها بعد غزو العراق عام 2003؟ لقد علق أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي على أحاديث ترامب بعد حرق السفارة قائلا، إن الرئيس الأمريكي أفقد واشنطن هيبتها في المنطقة، وإن سياساته الخاطئة هي التي جرّت الولايات المتحدة نحو هذا المنحدر. وبعيدا عن هذا التراشق قرر ترامب إرسال قوات من المارينز لحماية السفارة، في وقت يطالب فيه المحتجون بإجلاء جميع القوات الأجنبية عن العراق. اللافت في هذا الحدث أن المنطقة الخضراء تعد من أكثر المناطق تأمينا داخل العراق، وترتفع معدلات التأمين أكثر وأكثر عندما تصل إلى حرم السفارة الأمريكية، التي تستقر في هذه المنطقة. وثمة سؤال مطروح حول السهولة واليسر الذي استطاع به المحتجون النفاذ إلى السفارة ومعهم كافة أدوات الحرق ليثأروا لقتلاهم من الحشد الشعبي، ويحرقوا الرمز الأمريكي الأكبر على أرض بغداد».

الجينز ممنوع

نتحول لـ«اليوم السابع» حيث يخوض محمد أحمد طنطاوي معركة من نوع خاص: «لا يمكن لبلد بكل هذه الحضارة والتاريخ، والتنوع البشري والثقافي، الذي شهدته على مدار قرون طويلة، أن تكون مشكلتها في ذهاب طلاب الجامعات للامتحان ببنطلون مقطع أو شعر طويل، أو بنت ترتدي فستانا قصيرا أو لافتا للنظر، أو طالب يضع سلسلة في رقبته أو «حظاظة» في يده، فهذه الأمور لا يمكن أن تكون مثار جدل وخلاف، احتراما للتنوع والاختلاف في هذا المجتمع الكبير، الذي تتعدد فيه الثقافات، وتختلف فيه ظروف النشأة والتكوين، وتتباين العادات من الصعيد إلى بحري، ومن مدن القناة إلى سيناء، ومن الإسكندرية إلى مطروح، فيجب أن تكون صدورنا أرحب وعقولنا أنضج، وننظر للموضوع بصورة تحترم خصوصية طالب الجامعة وحريته في الملبس والحركة، كجزء من شخصيته. لم نكن نسمع أبدا خلال فترة الستينيات أو السبعينيات أن الجامعة تمنع الميني جيب أو الميكرو جيب، أو البنطلونات الشارلستون، أو تأمر الطلبة بحلق شعرهم الطويل أو تمنعهم من دخول الامتحانات أو المحاضرات لتلك الأسباب، وأفلام ودراما تلك الفترة خير دليل على ما أقول، بل قد كانت تلك الفترة مليئة بالأنشطة والحراك على كل المستويات. المادة 54 من الدستور المصري كفلت الحرية الشخصية لجميع المواطنين ووضعت قيودا صارمة للمساس بها، والتي تنص على أن «الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب».

إخوة في الإنسانية

مكان ما في بلد ما يفتح أبوابه على مدى اليوم أي الأربع والعشرين ساعة لإطعام الناس مجانا، تصف لنا المشهد درية شرف الدين في «المصري اليوم» قائلة، تتراص الطوابير من الرجال والنساء والأطفال خارجه، تمهيدا للدخول ويستقبلون، بكل الترحاب والتحية المقرونة بمظاهر الشكر العميق، الدخول لكل الناس وبلا تمييز، لكل الأديان، لكل الأعمار، لأهل البلاد ولزوارها. العمل على إعداد الطعام يستغرق اليوم بطوله، أي أن المأدبة تمتد ليل نهار وتسع مئة ألف شخص في اليوم الواحد، الطعام عادة يتكون من الأرز والخبز والخضروات وأنواع مختلفة من البقول، ويقوم على توزيعه في أدان جميلة ونظيفة متطوعون للخدمة، المصروفات بكاملها تأتي من أموال التبرعات، والعمل داخل المكان يقوم هو الآخر على النشاط التطوعي: إعداد الطعام، توزيعه، غسيل الأواني، حتى إظهار الترحاب بالضيوف، بل ينتظر المتطوعون إجابة طلبهم للخدمة لأسابيع حتى تتاح لهم الفرصة. مظهر عظيم من التكافل الإنساني والعطاء في أبهي صوره. أين يحدث هذا؟ في المعبد الذهبي في الهند، معبد جميل عريق قبته من الذهب وألوان جدرانه، وتنعكس أضواؤه على المياه التي تحيطه، وهو لطائفة السيخ. تابعت تلك الفقرة التلفزيونية بينما كانت تجلس إلى جانبي في إحدى صالات النادي الرياضي فتاة تبدو في المرحلة الإعدادية، كما يبدو من ملامح وجهها، التي كستها الدهشة وسؤال مباغت لي: هل هذا صحيح؟ هل يمكن لمكان واحد أن يطعم هذا العدد الهائل يوميا، ومجانا؟ وأن يقوم على الخدمة متطوعون أيضا بدون أجر مع صعوبة العمل؟ ولماذا؟ أجبتها نعم هذا ما نراه وقد رأيت الصورة بعيني. سألتني من جديد: من هم؟ كانت إجابتي: إنهم أخوة لنا في الإنسانية يعرفون الله – سبحانه وتعالى- ويقدسونه بطريقتهم الخاصة، ويعلمون أن الوصول إلى مرضاته عبر الإحسان والإيثار والعطاء. أضفت ولهم كل التقدير والاحترام. أجابتني الصغيرة: نعم، لقد أحببتهم.
تصورت مدارسنا ومناهجنا الدراسية وهي تفرد أوقاتا لتعريف التلاميذ الصغار بالآخر، وبهذه الطريقة التي تحبب ولا تنفر، التي تستوعب الاختلاف وتحترم التعدد، وتشير إلى مواضع الخير. هل يمكن أن نصل إلى عقول الصغار بهذه الطرق، بعدما تم تخريب عقول الكثير من الكبار؟ تذكرت عبارة وردت في حديث لي مع البابا شنودة الثالث، رحمه الله، قال: لكل منا إيمانه بدينه واعتزازه به، وقد يحمل بعض الاعتراضات على دين الآخر، لذا لا أؤمن بمسألة الحوار بين الأديان. الحوار بين الشعوب وبين الثقافات هذا أفضل. عدت إلى الآية الكريمة: «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا أن أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم»ْ صدق الله العظيم».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الوشام:

    البوصلة العربية باتت معطلة وفاقدة للقدرة على ضبط الاتجاهات؛ في الإمارات بدل توجيه الجهد لجهة إيران من أجل تحرير الجزر المحتلة في الخليج توجهت إلى اليمن من أجل المزيد من الدمار والفتك، وفي مصر بدل اختيار الوجهة الجنوبية والاهتمام بمصير مصر المائي، ها هو السيسي يحتقر إخوانه الليبيين ويدمر مقدراتهم دفاعا عن مشروع بدونة شمال إفريقيا الإماراتي أملا في استمرار سلطة الأمراء وتفاديا لأي مشروع ديمقراطي في المنطقة يهدد عروشهم، ولو عاش ابن خلدون بيننا لصحح مقولاته عن العرب في “المقدمة” بمزيد من التأملات وتدفقات الخاطر ليقول أكثر مما قال.

إشترك في قائمتنا البريدية