دمشق ـ «القدس العربي»: أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مقتل أحد أهم قيادات تنظيم «الدولة» في سوريا، في إطار نجاح عملية مكافحة الإرهاب.
ووفقا لما نقله الموقع الرسمي للبيت الأبيض، قال بايدن في بيان له “نفذ رجال ونساء من الجيش الأمريكي ومجتمع استخباراتنا بنجاح غارة جوية ضد أحد كبار قادة تنظيم الدولة “ماهر العقّال”، معتبرا أن مقتل العقال يخرج “إرهابيا رئيسيا” من الميدان، ويحد بشكل كبير من قدرة التنظيم على التخطيط والموارد وتنفيذ عملياته في المنطقة.
واعتبر الرئيس الأمريكي، أن القضاء على ماهر العقال يوجه رسالة قوية إلى جميع الإرهابيين في العالم، و”يحد بشكل كبير من قدرة داعش على التخطيط ويحرمه من الموارد وتنفيذ عملياته في المنطقة”.
وقال: “عملية اليوم توضح أن الولايات المتحدة لا يلزمها إرسال الآلاف من القوات في مهام قتالية، لتحديد التهديدات التي تواجهها والقضاء عليها، وهذه الضربة الجوية تمثل تتويجا لعمل استخباراتي حازم ودقيق وتقف كدليل على شجاعة ومهارة قواتنا المسلحة”.
وكانت القيادة المركزية في البنتاغون، أعلنت أن العقال قتل أثناء ركوبه دراجة نارية بالقرب من ناحية جندريس شمال غربي حلب، كما قتل مساعده متأثرا بجراحه بعد استهدافهما بطائرة مسيرة أمريكية.
وأصدرت عبر موقع تويتر بيانا قالت فيه إنها نفذت ضربة جوية قتلت فيها “أحد قادة التنظيم الخمسة الكبار”، وأصابت قيادي آخر على صلة به، واتهم البيان العقال أنه كان يسعى مؤخرا إلى تعزيز شبكات التنظيم خارج سوريا والعراق، مشيرًا إلى عدم وقوع إصابات في صفوف المدنيين إثر الغارة.
ولفهم سياقات الضربة الأمريكية، وأهمية الشخص المستهدف والتوقيت، قال الخبير في الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية “ماهر العقال أبو البراء، هو أحد قيادات التنظيم في سوريا، ورجل مهم، وله دور كبير سواء في النشاط داخل سوريا، أو خارجها، وحتى العمليات التي نفذت في تركيا سواء في أنقرة واسطنبول وشانلي أورفة، التي كان له دور كبير في التخطيط لها”.
لكن المتحدث استطرد بالقول “رغم الدور الذي يشغله الرجل، إلا أنه يصعب التأكد من هذه الأهمية التي روجت لها واشنطن”.
وأضاف أبو هنية في تصريح لـ “القدس العربي”: واشنطن تقول أن العقال هو واحد من 5 أشخاص مهمين داخل تنظيم الدولة، وهو أمر يصعب التثبت منه، ونعرف أن هناك شخصيات أهم منه، وتتمتع بأهمية داخل التنظيم مثل أبو زيد العراقي، و”الحج حميد والحج تيسير وسليمان الجبار، وأبو الحسن الهاشمي وهو بشار صميدي على الأغلب”.
الضربة الأمريكية جاءت وفق المتحدث “بعد انتقادات وجهت لبايدن، لاسيما أن واشنطن انشغلت بعد الحرب على أوكرانيا وبدأت من تقليل شأن الحرب على الإرهاب ومواجهة داعش، رغم اجتماعات التحالف الدولي وكان آخر اجتماع له قبل شهر في مراكش. ونتيجة لتراجع أهمية الإرهاب في سياسة بادين، وجهت له انتقادات كبيرة في الكونغرس الأمريكي، وبالتالي أراد بايدن أن بيرهن أن العملية التي أفضت إلى مقتل “ماهر العقال” جاءت بناء على استراتيجيه المعتمدة، القائمة على المواجهة من الجو وليس إرسال جنود على الأرض”.
ويعتقد أبو هنية أن بايدن بالغ في ردة فعله وتقدير أهمية العقال والرغبة في تقويض التنظيم وأضاف “كما هو معلوم، بعد خسارة تنظيم «الدولة» لمنطقة الباغوز، قام بفصل ولاية العراق عن سوريا، وأصبح له في الأخيرة ولاية مستقلة، وتحول التنظيم إلى حالة من اللامركزية في العراق وفي سوريا، كما أن هجماته في الفترة الأخيرة بدأت تأخذ طابع أكثر تركيبا وتعقيدا من الهجمات السابقة، كما أنه ينشط بشكل كبير في إفريقيا وجنوب شرق آسيا وتحديدا في أفغانستان” كما أن “منطقة شمال غرب سوريا، هي منطقة فراغ أمني، والفصائل الموالية لتركيا لا تتمتع بسيطرة كبيرة على هذه المنطقة، فلا يوجد جهاز إدارة موحدة ولا جهاز استخبارات أو أمني موحد، كما أنها لا تتوفر لديها الدعم المطلوب، كما هو حال قوات قسد التي تتلقى أمولا بشكل او بآخر من واشنطن، ولديها جهاز عسكري واستخباراتي يضم أكثر من 120 ألف فرد” ، وبالتالي فإن “قضية القضاء على التنظيم عبر هذه الاستراتيجية لا تنجح”.
بدأت واشنطن في الفترة الأخيرة استهداف حراس الدين، وقيادات القاعدة في سوريا مثل أبو حمزة اليمني، وتنفيذ عمليات خاصة ومحاولة اعتقالات، وهذه العمليات بما فيها العملية الأخيرة جاءت “نتيجة انتقاد سياسة بادين وهو نفسه الذي قال إن استراتيجيته قائمة على المواجهة من الجو، وليس إرسال جنود على الأرض، وهذا برأيه كاف للقضاء على التنظيم ونحن نعرف أن هذا ليس كافيا وسياسة قطع الرؤوس أو إصابة بعض القادة لا تكفي، ولا تقوض تنظيما يتمتع بهيكلية صلبة وخبرات تاريخية وقدرات جيدة على إعادة الهيكلة والتنظيم، فهذه السياسة لا تنجح دون وجود قوات على الأرض”.
وبالنتيجة، فإن الرئيس الأمريكي، برر سياسته، ورد على الانتقادات الموجهة له، عبر اعتبار مقتل العقال نجاحا كبيرا، ووجه رسالة مفادها أن “الحرب على الإرهاب والانشغال بالتنافس بين الدول لمواجهة روسيا والصين لا يؤثر على جهود محاربة الإرهاب، كما أنه يمكن مواجهة الإرهاب من خلال استراتيجية من أعلى، أي من الجو والاعتماد على طائرات الدرون والعمل الاستخباراتي” إلا أن هذا الاعتبار أمر “مشكوك فيه” وفق المتحدث الذي عزا ذلك إلى “أننا نعلم أن التنظيم يتمدد في إفريقيا وأفغانستان والعراق وسوريا، وبالتالي لا تنجح عمليات قطع الرؤوس وهو أمر مسلم به لدى كافة الخبراء” وفق قوله.