عمان- ‘القدس العربي’ من بسام البدارين: التباين الذي ظهر في تصريحات المسؤولين الاردنيين حول خلفية الافراج عن السفير المختطف في ليبيا فواز العيطان له ما يبرره من الناحية العملية، فقد برزت مبكرا محاولات فردية على مستوى الافراد الوزراء لاختطاف الانجاز في هذه القضية التي اثارت الرأي العام لاكثر من أربعة أسابيع في الوقت الذي إنزوى فيه النجوم الحقيقيون للمسألة خلف الاضواء.
لفت نظر المراقبين مدير المخابرات العامة الجنرال فيصل الشوبكي وهو يشارك في إستقبال السفير المختطف بعد عودته الى عمان في تمام الساعة السابعة فجر امس الثلاثاء.
وجود الجنرال، الذي يعمل بصمت، يؤشر على دور المؤسسة الامنية خلف الكواليس في الادارة الصامتة في ازمة اختطاف السفير مع التشديد على التركيز على مسألة اعتبرتها مؤسسة الامن الاردنية طوال الازمة ذات ‘أولوية مطلقة’ وهي عدم اجراء اتصال مباشر من اي نوع بالخاطفين الذين يعتقد بانهم اقرباء السجين الليبي الذي تم تسليمه لسلطات بلاده محمد الدرسي.
المخابرات الاردنية ادارت طوال الاسابيع الاربعة الماضية شبكة معقدة من الاتصالات الحذرة على حد تعبير وزير بارز في الحكومة.
لكن هذا الدور لم يمنع ظهور قدر من التباين في تصريحات بعض الوزراء قد يكون مرده ليس ضعف التنسيق فقط بل الحرص على التكسب سياسيا بالانجاز الامر الذي يفسر صدور التصريح الاول بخصوص الافراج عن السفير فواز العيطان في اطار مقايضة بالدرسي عن وزير شؤون البرلمان والتنمية السياسية الدكتور خالد الكلالدة وهو قطب المعارضة الوحيد في الحكومة وتصريحه طال مسألة لا تخص نطاق اختصاصه.
الكلفة التي دفعها وزير الخارجية ناصر جودة شعبيا ودبلوماسيا من خلال مطالبة قبيلة السفير المختطف باستقالته علنا دفعته للمسارعة في عقد مؤتمر صحافي كان ابرز ما فيه رفض التحدث عن صفقة او تبادل ما بين السفير الذي قال جودة عنه بانه ليس مجرما حتى تتم مبادلته.
واستهجن جودة الثلاثاء استخدام كلمات مثل ‘تبادل’ و’صفقة’، مشددا على أن ‘الدبلوماسية الهادئة’ كانت سبب نجاح جهود تحرير السفير، نافيا وجود تدخل أجنبي في هذا الشأن، مشيرا إلى أن التعامل كان بين الحكومة والدولة الليبية ‘وليس الخاطفين’.
يعكس تصريح جودة وجود تفكير في عقل وزارة الخارجية يرفض الاعتراف بالخضوع لاملاءات الخاطفين بالافراج عن قريبهم الدرسي المسجون في عمان منذ عام 2006 في الوقت الذي تنحصر فيه الرواية الرسمية بتسليم الدرسي للسلطات الليبية وفقا لملحق اتفاق وقعه وفد ليبي الاسبوع الماضي فقط على ان يقضي الدرسي بقية محكوميته في سجون ليبيا وهو امر لا يمكن ضمانته من الجانب الاردني بكل الاحوال.
شخصيات عشائرية متعددة ساهمت في عملية التبادل التي حرصت على حياة السفير كما اكد لـ’القدس العربي’ محامي الدرسي موسى العبد اللات في الوقت الذي علم فيه بان الوسيط الموثوق في ادارة المقايضة كان وزير الداخلية الليبي الاسبق محمد الشيخ الذي يقال بان علاقات عشائرية تربطه بعشيرة الدرسي.
رواية ‘القدس العربي’ سابقا للأحداث تصادق عليها الحيثيات الواقعية فالخاطفون في حالة السفير العيطان كانوا اقرباء للسجين الدرسي وهو ما اشار له العيطان نفسه في طرابلس مباشرة بعد الافراج عنه كما اكده منذ بداية الازمة المحامي العبد اللات.
والحكومة الاردنية سلمت الدرسي في كل الاحوال اما مصيره فهو رهن للمعادلة الامنية والاجتماعية الليبية خصوصا وان احد اشقائه اعلن انه حر طليق وليس سجينا كما قالت الحكومة الاردنية.
استقبال السفير العيطان اثر هبوط طائرته من قبل نائب الملك الامير فيصل بن الحسين شكل علامة فارقة تظهر اهتمام القصر الملكي بملف القضية فيما شارك في الاستقبال ايضا رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور قبل ان يظهر في موقع الرئاسة الرسمي خبر استقبال الرئيس للعيطان بدون الامير مما تطلب تعديل الخبر في وقت لاحق.
اجواء الارتياح عمت الشارع الاردني بعد الافراج عن السفير العيطان وشقيقه الشيخ نواف العيطان ابلغ ‘القدس العربي’ بان قصة الاختطاف من حيث تفاصيلها لم تتم روايتها بعد وبأن شقيقه السفير عاد بصحة جيدة في الوقت الذي تحدث فيه السفير نفسه عن معاملة لائقة ومحترمة حظي بها طول فترة الاختطاف، الامر الذي يرجح البعد العشائري في المسألة برمتها ويوضح هوية وخلفية المختطفين باعتبارهم اقرباء للدرسي بعضهم يجلس في مواقع متقدمة في تنظيم انصار الشريعة.