الغارديان: أمريكا كذبت على “رويترز” بشأن مقتل صحافييْن في العراق ولا تريد تضمين الأدلة بملف ضد مؤسس ويكيليكس

حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

في تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” أعده بول ديلي، قال فيه إن الادعاء ضد مؤسس موقع  ويكيليكس جوليان أسانج، فشل في تضمين فيديو كشف عن جرائم حرب ارتكبها الأمريكيون في العراق ضد مدنيين ومنهم صحافيان تابعان لوكالة أنباء رويترز.

وقال ديلي إن الادعاء الأمريكي ضد أسانج تجنب وبشكل صارخ ذكر فيديو في تحرك أدى لاتهامات وهي أن الولايات المتحدة لا تريد أن تفضح جرائم الحرب التي ارتكبتها. ولا يزال أسانج، الأسترالي الجنسية محتجزا في سجن بيلمارش الأمني وصحته في حالة تدهور مستمر، حيث تحاول الولايات المتحدة ترحيله لمواجهة القضاء الأمريكي بتهمة الحصول والكشف عن معلومات سرية.

وتتعلق الاتهامات بالسلوك الأمريكي في حرب العراق وأفغانستان بما في ذلك قواعد الاشتباك في العراق. ويتهم الادعاء الأمريكي أسانج بأنه عرّض حياة الأمريكيين للخطر من خلال نشره مئات الألاف من الوثائق الإستخباراتية.

 ومن أهم الوثائق التي كشف عنها الموقع كان فيديو صوّرته طائرة أباتشي (كريزي هورس8-1) في تموز/يوليو 2007 في العراق. ويصور الشريط بشكل واضح التهاون في قواعد الاشتباك التي أدت لمقتل رجال مدنيين ولم يشكلوا تهديدا على الأمريكيين.

وكان من بين الذين قتلوا في القصف، المصور العامل في وكالة أنباء رويترز نمير نور الدين (22 عاما) والسائق ومساعد المصور سعيد شماغ (40 عاما). وقال مدير مكتب رويترز ببغداد في حينه، دين ييتس، إن الجيش الأمريكي كذب عليه بشكل متكرر حول ما حدث، واكتشف الحقيقة عندما تم تسريب فيديو والذي نشرته ويكليليكس تحت عنوان “قتل جانبي” في نيسان/ أبريل 2010، وعندها اكتشف حقيقة ما حدث لموظفي الوكالة.

وقال ييتس عن أسانج: “ما قام به هو عمل من قول الحقيقة وبنسبة 100% وكشف عن صورة الحرب في العراق، وكيف كذب الجيش الأمريكي.. وتعرف الولايات المتحدة ما يعني القتل الجانبي من إحراج لها، وكم هو عار على الجيش الأمريكي، ويعرفون أن هناك شريط فيديو فيه أدلة ممكنة عن جرائم حرب”.

ويقوم المحامي الأسترالي غريغ بارنز بتقديم المشورة القانونية إلى حملة أسانج الأسترالية، والتي تعمل مع ممثلي الحكومة البريطانية بمن فيهم فريقه القانوني. وتهدف الحملة للضغط على الحكومة الأسترالية الفيدرالية لكي تضغط على حليفها القريب سحب الاتهامات ودفع بريطانيا للتأكد من سلامة أسانج.

وقال إن الاتهامات ضد أسانج “وإن لم تذكر بوضوح القتل الجانبي، إلا أنها جزء من الاتهام العام حول قواعد الاشتباك وهذا هو سبب من الأسباب لمعارضة ما يجري لأسانج”. وقال إن “القتل الجانبي يظهر عملية قتل غير شرعية من حليف مقرب لأستراليا” و”أمر نستحق معرفته، ونشره يظل ولا يزال مصلحة عامة”.

وقالت الصحيفة إن سناتور تسامينيا غرينز بيتر ويش ويلسون والمؤسس لأصدقاء جوليان اسانج في البرلمان الأسترالي: “لا أستغرب حذف اللقطات حول القتل الجانبي من لائحة الاتهامات، ولو تأملنا، فليس من مصلحة الحكومة الأمريكية التركيز على الظلم الذي اقترفته وخداعها وجرائم الحرب”.

ويضيف أن الاتهام الأمريكي يركز على توجيه الاتهام لأسانج وترحيله لأنه عرض أرواح القوات الأمريكية والتحالف للخطر ولكن ماذا عن الأرواح الأخرى التي عرضوها للخطر من خلال قواعد الإشتباك التي اتبعوها؟”. و”كشف القتل الجانبي عن خسارة أرواح الأبرياء على يد الجيش الأمريكي والتستر والأكاذيب والخداع الذي يرفضون الاعتراف به”.

ويقول ديلي في تقرير مطول عن قصة الخداع والأكاذيب، إن ييتس الذي حفر على ذراعة وشماً سجل فيه الأحداث التي غظاها من تفجيرات بالي إلى تسونامي أتشي في أندونيسيا، إلا أن مقتل صحافيي رويترز في 12 تموز/يوليو 2007 غيّر حياته، وربطته الحادثة بعد 3 أعوام مع أسانج الذي أصبح مشهورا بتسريباته، ومنها شريط فيديو “قتل جانبي” وسجل مقتل كل من نمير وسعيد وتسعة رجال آخرين وجرح عدد من الأطفال.

وفي محاولات ترحيل ومحاكمة أسانج، فإن لائحة الاتهام المكونة من 37 صفحة تتجاهل الشريط. وهذا نابع من خوفها التعرض لاتهامات جرائم الحرب، ويتذكر ييتس ما حدث في 12 تموز/ يوليو حيث كان يحضر للأمور المعتادة (انفجار سيارة وتفجيرات) عندما دخل زميل، والفزع بادٍ على وجهه، وجاء بنبأ مقتل نمير وسعيد في غارة أمريكية بحي الأمين في بغداد. وكتب ييتس رسالة إلكترونية إلى المتحدث باسم الجيش الأمريكي في العراق وأتصل مع مسؤوليه في رويترز ليخبرهم بما جرى. وكان عليه رغم الأزمة في داخل مكتب الوكالة أن يكتب عن مقتل الصحافيين حيث تحدث عن عملية للجيش الأمريكي ضد المتمردين. ولأن الجيش صادر كاميرات الصحافيين فإنه لم يكن قادرا على تحديد المشهد. ولم يصدر الجيش الأمريكي بيانه حول الحادث إلا بعد منتصف الليل عندما قال إنه قتل 9 مسلحين واعتقل 13 آخرين.

واستند بيان الجيش إلى جنرال قدمّ تفاصيل عن المعركة. وهز ييتس رأسه قائلا: “تأكيد الأمريكيين أن زعم مقتل نمير وسعيد أثناء معركة كله كذب. ولكنني لم أعرف ذلك في حينه، ولهذا قمت بتعديل قصتي بناء على بيان الجيش الأمريكي”.

وجاء مقتل الصحافييْن وسط أزمة مخيفة للصحافيين الأجانب أو المراسلين، حيث قُتل خالد حسن في 13 تموز/ يوليو، وكان يعمل مراسلا لصحيفة “نيويورك تايمز”. وظل ييتس يضغط على الجيش الأمريكي لإعادة كاميرات الصحافيين.

وفي 14 تموز/يوليو، اغتال مسلحون مترجما عراقيا يعمل مع الوكالة. وفي محاولة لحماية فريقه، بدأ بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية الأجنبية لمعرفة ما هي قواعد الاشتباك الأمريكية: “تعاملنا معهم بحسن نية” و”كانت هذه نكتة”.

وقام فريق رويترز بالعمل في منطقة الأمين، وسأل أفراده شهود عيان قالوا إنهم لم يعلموا عن معركة أو اشتباك. وقال ييتس ظلت الكلمات تتشكل في فمي “جريمة قتل بدم بارد”. ويقول إن التحول الذي وضعه على طريق الدمار الأخلاقي وظل يلاحقه طوال عشرة أعوام حدث في المنطقة الخضراء، عندما التقى برفقة زملاء في مكتب رويترز مع جنرالين أمريكيين حققا في ظروف مقتل الصحافيين، وقدّما معلومات كثيرة عن قيام الجيش الأمريكي بتمشيط المنطقة بحثا عن مسلحين مسؤولين عن زرع عبوات في الشارع، وعندما شعروا أن هناك خطرا، استدعوا الأباتشي التي قامت بتحديد مسلحين. وكشف الجنرالان عن أدلة جمعوها من بنادق “إي كي-47″ و”أر بي جي” وكاميرتين. ويقول ييتس إنه تساءل عن الطريقة التي تم فيها تنظيم اللقاء وإقناعهم برؤية الجيش الأمريكي.

ثم قال الجنرالان إنهما سيكشفان عما صورته كاميرا الأباتشي. ولم يكشفا إلا عن 3 دقائق ظهر فيها نمير وسعيد و”سمعنا الطيار يطلب الإذن لإطلاق النار”.

وقبل الضربة كان نمير راكعا على الأرض يحمل في حضنه كاميرا ويصور عربة “همفي”، إلا أن واحدا من طاقم أباتشي قال إنه “يحمل أر بي جي” ثم شاهد ييتس، سعيد وهو يتحدث على الهاتف ويمشي “ثم أنطلقت القنبلة وأصابتهما ووضعت رأسي بين يدي وعندما أوقف الجنرال الشريط”.

وفي ذلك الوقت، لام ييتس نمير لأنه جلس في زاوية راكعا وعرّض نفسه للشبهة، ليكتشف لاحقا أن الأمر قد اتخذ بإطلاق النار. وعندما طالبت الوكالة بالحصول على كامل الفيديو، رفض الجنرال، وقال إن عليها تقديم طلب بناء على حرية المعلومات وهو ما فعلته ورفض طلبها.

وظل ييتس في العراق حتى عام 2008، ولم يحصل على الفيديو، ثم نقل إلى سنغافورة حيث عانى من آثار ما بعد الصدمة، وعانى من مشاكل في النوم، ولهذا تجنب أي شيء له علاقة بالعراق.

كان نمير وسعيد سيُنسيان مثل أعداد لا تحصى من المدنيين العراقيين الذين ماتوا في الحرب، لولا  المحللة في المخابرات الأمريكية تشيلسي مانينغ، التي عثرت على الشريط وسربته لويكيليكس مع آلاف من الوثائق.

والفيديو  يثير الصدمة، حيث قال واحد من طاقم الأباتشي عندما كان يركز على نمير وسعيد: “أنظر إلى أولاد الحرام”… “جيد”… و”ضربة جيدة”… “شكرا”.

ونجا سعيد من الضربة الأولى، ثم دارت المروحية حيث بدأ بالزحف وجرحه ينزف. وقال مطلق النار: “هيا يا رجل… كل ما تفعله هو أن تمسك بالسلاح”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية