لندن-“القدس العربي”:
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا تحت عنوان “السودان: “ما هو مستقبل الإسلاميين في البلد؟” وأعد التقرير بيتر بيومنت وزينب محمد صالح وتحدثا في بداية التقرير عن الهجوم الذي تعرض له أفراد المؤتمر الشعبي السوداني الذي يمثل الحركة الإسلامية حيث وصل اعضاؤه إلى قاعة للمؤتمرات في العاصمة الخرطوم وتم استقبالهم بالسباب وهتافات “لا للإسلاميين”. وفي المشاجرة التي اندلعت، تراشق الطرفان بالحجارة مما أدى لجرح العشرات واعتقال مئة شخص.
وقال عضو المؤتمر قصي عبد الله،38 عاما إن الهجوم “حدث بعد بدء الاجتماع بفترة قصيرة” وأضاف أن “بعض المهاجمين جاء حاملا معه الوقود لحرق كل شخص في داخل القاعة ولكننا دافعنا عن أنفسنا ورمينا الحجارة. واعتقد أن بعضهم كان يريد قتلنا. وعندما بحثنا في وسائل التواصل الاجتماعي وجدنا أنهم من المحتجين الذين قالوا إن الإسلاميين يعقدون مؤتمرا واذهبوا إليهم وكان هذا تحريض واضح”.
ولم يكن الحادث معزولا ففي الفترة التي تبعت سقوط عمر البشير في 11 نيسان (إبريل) أصبح دور الحركة الإسلامية التي عمل بعض أفرادها معه في مركز الضوء. وجاء في التقرير أن الإسلاميين الذين وصفوا أنفسهم مرة بالكيزان، تشبيها بصورة الكوز الذي يستخدمه السودانيون لشرب الماء، تحول الوصف لسبة استخدمها المهاجمون لاجتماع المؤتمر الشعبي. وفي يوم الجمعة الماضية طلب المصلون في جامع أنس بن مالك في امتداد ناصر بالخرطوم من أحد اعضاء الحزب ناجي عبدالله مغادرة المسجد عندما هاجم المتظاهرين بعد صلاة الجمعة. وطلب من إمام مسجد الكافوري، في شمال الخرطوم، المغادرة لنفس السبب. وفي تحرك منفصل أجبر ثلاثة من الجنرالات الإسلاميين أعضاء المجلس العسكري الانتقالي على الاستقالة منه. وفي أعقاب الهجوم على اجتماع المؤتمر الشعبي رفض طلب الداعية عبد الحي يوسف، الذي دعم حزبه البشير لتنظيم مسيرة مؤيدة للشريعة. ويقول المراقبون أن هذه الأحداث دليل على تحدي غير مسبوق لتأثير الإسلام السياسي في السودان. وهو وضع يثير قلق العديد من أفراد الأحزاب الإسلامية الخائفين من تركهم وحيدين في المفاوضات الجارية بين الجيش وائتلاف الحرية والتغيير الذي يضم ممثلين عن المتظاهرين في الشارع. وقال الأمين العام للمؤتمر الشعبي علي الحاج ” نحن لسنا ملتزمين بأي اتفاق لسنا جزءا منه”. وأضاف في تصريحات له يوم الأحد “لن نقبل أي اتفاق يستثني الأحزاب الأخرى (مثل حزبه) وهذا موقف مبدئي”. وكل هذا مهم في بلد تعاون فيه الجيش والأحزاب الإسلامية معا على حكم السكان، وفي بعض الحالات كما هو شأن السودان المضطرب المتشرذم كانت التحالفات تتمزق ويعاد تشكيلها حيث كان البشير يناور لتقوية سلطته. وقصة مؤسس المؤتمر الشعبي حسن الترابي، المحامي والعالم الإسلامي نقطة في هذا السياق. فقد كان المهندس الأيديولوجي للجبهة القومية الإسلامية التي تحولت لاحقا لحزب المؤتمر الوطني الذي ترأسه البشير. وقام الترابي أولا بتقنين قوانين الشريعة عندما كان نائبا عام 1983 ثم ساعد البشير على السلطة في عام 1989 في تحالف مع الإسلاميين. وفي ذروة تأثير الترابي حاول أن يجعل من السودان مركز للإسلاميين ودعا الجميع من زعيم حركة النهضة المعتدل راشد الغنوشي إلى أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي عاش في السودان حتى عام1996. وبعد اختلافه مع البشير في نهاية التسعينات من القرن الماضي شكل الترابي حزبه الخاص وهو المؤتمر الشعبي وتصالح في السنوات الاخيرة قبل وفاته عام 2016 مع البشير. ولم يعارض الحزب البشير في تظاهرات الشوارع عام 2013 وظل داعما له حتى سقوطه في الشهر الماضي. وكانت طريقة البشير في الحكم هي محاولة جذب الأيديولوجية الإسلامية ودمجها في النظام العسكري ففي وقت الابتعاد قدر الإمكان عن الأحزاب الإسلامية، وتهميشها في وقت آخر والتعاون معها إن احتاج إليها. ويرى المحلل السياسي حافظ إسماعيل من بين آخرين أن سقوط البشير يعد نكسة للأحزاب الإسلامية مثل حزب الترابي، المؤتمر الشعبي وقال “هذا تغير مهم” مشيرا إلى أن الرابطة مع البشير أصبحت مسمومة. وقال “قبل انقلاب عام 1989 كان الشعار “الإسلام هو الحل” وبعد 30 عاما في السلطة و30 عاما من الفساد والقتل لم يعودوا يملكون الموقف الأخلاقي العالي”. وأضاف “هذه الأحزاب لن ينتخبها أحد مرة أخرى وكشفت الأحزاب الإسلامية عن نفسها وبالطريقة التي تصرفت فيها منذ سيطرتها بانقلاب عسكري ولهذا اعتقد ان لا فرصة لها في عملية ديمقراطية ولهذا السبب فلن يكون للإسلام السياسي مستقبل”. وترى كاتبة العمود شمائل النور “لا أعتقد أن مستقبلهم سيكون مضيئا وهناك حس قوي بالكراهية من السودانيين لهم وضد الإسلام السياسي بشكل عام”. وقالت “لقد دعموا النظام السابق خلال الحملة الشرسة ضد المتظاهرين في الأربعة أشهر الماضية ولهذا لا أعتقد ان لهم مستقبل سياسي”. ويقول قصي عبدالله، من المؤتمر الشعبي إن هذا كلام غير مقنع وأن الأحداث الأخيرة تهدف لدق اسفين بين الأحزاب مثل حزبه والمحتجين الذين ساهموا بخروج البشير. وقال: “أعتقد ان هناك أشخاص يريدون جر البلد لنزاع بين الإسلاميين واليساريين” و “لهذا هاجمونا وستظل الأحزاب الإسلامية في السودان لأنه بلد مسلم”.
إن فقه المقاصد يجعل للإسلام إحترامه ورفعته، ولذا فإن من وجهة نظرى المتواضعة أرى إنه ينبغى عدم الزج بالدين فى السياسة، ولو أكتفت الأحزاب والجماعات الإسلامية بالدعوة فقط لكان للإسلام شان آخر ولأصبحنا فى طليعة الأمم ، وأعتقد أن مقولة “أن الإسلام دين ودولة” كانت تتعلق بالعصر الإسلامى الأول فى عهد الفتوحات الإسلامية ولتبليغ الإسلام إلى الأمم، أما الآن فلايستطيع أن ينكر أحد أن السياسة هى مهنة الأكاذيب والنفاق والمناورات، وإمتهانها لايليق برجال الدين الإسلامى.