الغارديان: الإمارات استعانت بشركات علاقات أمريكية لتحسين سمعتها قبل اختيارها لاستضافة “كوب 28”

إبراهيم درويش
حجم الخط
3

لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعدته روث مايكلصن وباتريك غرينفيلد، قالا فيه إن الإمارات تستخدم دورها كدولة مضيفة لمؤتمر المناخ  Cop28 في العام المقبل، لكي تروج لسمعتها في مجال حماية البيئة.

وقالت الصحيفة، إن أبو ظبي بدأت محاولات تبييض سمعتها قبل مؤتمر شرم الشيخ “كوب27” حيث استعانت بشركة علاقات عامة لكي تروج لدورها في المستقبل، بشكل يشير إلى أن التحرك تجاوز عملية التسويق للدول المضيفة التي تقوم بها، وتقترح دورا إماراتيا في مؤتمر العام الحالي.

وقامت شركة علاقات عامة أمريكية وهي “فليشمان هيلارد”، بإعداد سلسلة من الرسائل، وأشارت فيها إلى مشاركة وزراء إماراتيين في مؤتمرات ومناسبات احتوى معظمها على عبارة “الإمارات ستستضيف كوب 28، وستشارك في التحضير لكوب 27 في شرم الشيخ“. وقامت شركة علاقات أخرى، وهي “أكين غرامب شتراوس هوير أند فيلد” بالتواصل مع السياسيين الديمقراطيين والجمهوريين الأمريكيين الذين كانوا يدعمون سياسات مؤيدة للمناخ أو دعموا الطاقة الأحفورية، وإخبارهم أن الإمارات ستعقد مؤتمر المناخ المقبل، وذلك بعد أيام من الإعلان عن اختيارها كدولة مضيفة.

وتعلق الصحيفة أن رغبة الإمارات بالترويج لدورها في مؤتمر شرم الشيخ واستضافتها لاجتماع المناخ المقبل، يظهر الدور المؤثر لها في مصر، ورغبتها في تصوير نفسها كشريك دولي رائد في قضايا المناخ، رغم كونها دولة بترولية. وأرسلت الإمارات وفدا من ألف شخص إلى المؤتمر، وهو الأكبر من بين الوفود المشاركة في شرم الشيخ، وضعف عدد الوفد البرازيلي المشارك بمرتين. وضم الوفد ممثلين عن شركات العلاقات العامة واستخبارات الذكاء الاصطناعي وشركات العقارات. وشمل الوفد الإماراتي 70 شخصا ممن لديهم علاقات مع شركات نفط وغاز، وذلك حسب بيانات أعدتها منظمات مثل مساءلة الشركات والشهادة العالمية والمرصد الأوروبي للشركات.

ومن أبرزهم كان سلطان أحمد الجابر، الذي يشغل منصب المدير التنفيذي لشركة نفط أبو ظبي الوطنية (أدنوك) ومبعوث المناخ الإماراتي.

وألقى الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، كلمة أمام الجلسة العامة لمؤتمر شرم الشيخ، واستهلها بمناقشة إمدادات النفط والغاز من بلاده، حيث قال: “تعتبر الإمارات مزودا للنفط مسؤولا، وستواصل لعب هذا الدور، في وقت نعمل على التحول إلى مصادر بديلة”، وأضاف: “نظرا للجيولوجيا في بلادنا، فإن النفط والغاز هما الأقل كثافة من ناحية الكربون في العالم. ومع ذلك سنواصل العمل على تخفيف الانبعاثات الكربونية في هذا القطاع”.

وأعلنت الإمارات عن رغبتها في تخفيض الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050، في وقت تحصل الدولة الخليجية الصغيرة على نسبة 30% من الناتج المحلي العام من النفط والغاز. أما الجزء الباقي من الناتج العام، فيأتي معظمه من صناعات مرتبطة باستغلال النفط والغاز، مثل شركات الطيران، السياحة أو الإنشاءات.

ويرى المراقبون للسياسات الإماراتية، أن تحولا سلسا من النفط والغاز إلى الطاقة النظيفة والمستدامة، لن يحدث في ظل الوضع الحالي. وقال ماثيو هيجز، المحلل في الشؤون الإماراتية، ومؤلف كتاب حول نظام الحكم في الإمارات، وسُجن ستة أشهر في الدولة الخليجية أثناء إعداده رسالة الدكتوراة، إن عمليات الضغط  الإماراتية في “كوب 27” وللمؤتمر المقبل “كوب 28” هي محاولة “لحرف النقاش عن النتائج العملية إلى مجرد التواصل”.

وكرئيس لشركة أدنوك ومبعوث للمناخ، قال الجابر: “السياسات الهادفة للتحول السريع من الهيدروكربون بدون خيارات قابلة للحياة، هي هزيمة للذات”. وعادة ما أطلق الجابر تصريحات حول التغيرات المناخية من أجل تقديم رؤية إيجابية، مثل: “نحن بحاجة إلى واقعية بشأن التحدي ومزيد من التفاؤل حول قدرتنا على حله”، حيث تحدث في مؤتمر قبل فترة، معلقا أن الإمارات ترى نفسها أنها “صانعة للإجماع”.

وتعبّر التصريحات العامة المختلطة من الإمارات حول أفضل الطرق للتحول إلى الطاقة النظيفة، عن دور جماعات اللوبي وجهودها لاستهداف السياسيين قبل أيام من إعلان عقد مؤتمر كوب 28 في الإمارات. وتظهر الملفات المقدمة لوزارة العدل الأمريكية، أن الإمارات اتصلت مع مؤسسات الإعلام لكي تعزز من مفهومها وتحركاتها بشأن التغيرات المناخية، لكنها اتصلت بأعضاء الكونغرس الذين صوتوا بطرق مختلفة حول قضايا البيئة والوقود الأحفوري.

وحصلت شركة العلاقات “أكين غرامب شتراوس هوير أند فليد” على 2.85 مليون دولا من السفارة الإماراتية في واشنطن، من أجل التواصل مع  السياسيين في الكونغرس ومن الحزبين، وإخبارهم أن الإمارات هي الجهة التي ستنظم مؤتمر كوب28. ومنهم ساسة لهم سجل في  دعم سياسات تهدف إلى وقف اندلاع الحرائق والضرر التي تتركه على البيئة، مثل سناتور ولاية أوريغون، جيف ميركلي وعدد آخر من الديمقراطيين. واستهدفت جهود جماعات اللوبي ساسة آخرين ممن لديهم سجل في دعم صناعات الوقود الأحفوري، بمن فيهم السناتور الجمهوري ليندزي غراهام، والذي قال إن التغيرات المناخية يجب ألا “تكون سببا في تدمير صناعة الوقود الأحفوري”. واستهدفت أيضا السناتور جيمس إنهوف، الذي قال إن التغيرات المناخية التي صنعها الإنسان هي “كذبة عظيمة” فُرضت على الشعب الأمريكي. ووصف إنهوف وكالة حماية البيئة الأمريكية بـ”منظمة نشاط”  وتقوم بلا داعٍ بزيادة أعباء المزارعين ومنتجي الوقود الأحفوري.

وتضاف جهود العلاقات العامة واللوبي، إلى الجهود الأخرى وعقود مع شركات و10 ملايين دولار لتحسين النظرة للإمارات أو زيادة العلاقات السياسية والتجارية. وكان من ضمن الوفد الإماراتي في شرم الشيخ، المديرة التنفيذية لشركة “أوكسيدنتال بتروليوم”، فيكي هولاب، التي قالت في جلسة بالمؤتمر يوم الجمعة، إن الأشخاص الذي يطالبون بوقف صناعة الغاز والنفط “لا يعرفون ما يعني ذلك”، مضيفة أن زيادة الكوارث المناخية هي خطأ العالم وليس صناعة الغاز والنفط.

ونفى مدير شركة “فليشمان هيلارد”، مايكل هارت، أن تكون جهود الإمارات هي لتحسين صورتها في كوب27 وكوب28 وأنها غير عادية. وقال: “لم يقصد من كلمة “انخراط” أكثر من مشاركتها كما فعلت في مؤتمرات المناخ السابقة إلى جانب الوفود الحكومية الأخرى والمؤسسات الدولية والمنظمات الأخرى حول العالم المكرسة للتقدم في التغيرات المناخية”.

وتقيم الإمارات علاقات عميقة مع مصر منذ استيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة في انقلاب عسكري عام  2013، وقدمت الدعم المالي للنظام، وفي الفترة الأخيرة دعمته بملياري دولار على شكل شراء أصول في شركات مصرية، كمحاولة للمساعدة في التصدي للأزمة المالية. ونفى مسؤولون إماراتيون أن تكون مشاركة بلادهم في قمة المناخ بشرم الشيخ شملت دعما ماليا وتنظيميا، وهو ما لم تعنه مراسلات شركة العلاقات العامة. وقالوا إن جهود التواصل لم تكون “لوبي” وأنهم عقدوا سلسلة لقاءات تشاورية مع بقية أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدف تنسيق المشاركة في كوب27، وأضافوا: “لا يعتبر هذا لوبيّاً، سنشارك في كوب27 بنفس الطريقة التي تشارك فيها بقية الدول”.

إلا أن ملفات وزارة العدل الأمريكية، تظهر زيادة في جهود العلاقات العامة في أيلول/ سبتمبر، قبل إعلان استضافة الإمارات للمؤتمر في العام المقبل. وتشمل هذه اتفاقا بقيمة 126.500 دولار مع شركة “فليشمان هيلارد” بهدف تحقيق “سمعة إيجابية للإمارات” مثل نشر أخبار عن شركة “ألمونيوم” إماراتية تستخدم الطاقة الشمسية.

وتكشف الملفات المقدمة لوزارة العدل الأمريكية، أن “مصدر” وهي شركة طاقة متجددة يترأسها الجابر في أبو ظبي، اتصلت بثلاثة إستراتيجيين في العلاقات العامة وبدون ذكر المبلغ المتفق عليه، لمساعدة الإمارات في دورها كدولة مضيفة لمؤتمر عام 2023.

ويعلق هيجز، أن الإمارات ليست مهتمة بتنويع الطاقة والتحول من النفط والغاز، “فهم لا يستطيعون، والرسالة هي: تريدون منا التنافس على نفس مستوى شركات العالم المتطور، وهذا غير ممكن بدون النفط. وهناك حاجة لسياسات فاعلة، ولكن الانتقال بعيدا عن النفط ليس واضحا بأي شكل من الأشكال، ولا نية للمضي أبعد” من ذلك.

وقال: “لا يمكن لمصر عمل الكثير بدون دعم الإمارات”، وهي “طريقة أخرى للمساعدة في الحفاظ على شرعية البلدين. وهذا منبر آخر يمكن استخدامه: انظر إلى الأشياء الجيدة التي نعملها، ولا نعملها لأنفسنا فقط، بل نساعد حلفاءنا في المنطقة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول العلمي:

    أظن أن بعض العرب سيفسدون بمال الشعب كل المنظمات الدولية ليظهروا في واجهة الإعلام الدولي.
    مذا لو وضفت هذه الأموال في الإنتاج السنيمائي بمواصافات هوليودية, لإظهار صور من الحضارة العربية الإسلامية، مشرفة و مبهرة.

  2. يقول Dr. Ossama Elsharabassi:

    نقــول مـن واشـنطن تحيــة لـلشيخ محمــد بـن زايــد آل نهيــان عـلى إهتمـام دولــة الإمـارات بمـواصـلـة العمـل على تخفيـف الإنبعـاثـات الـكـربـونيــة مـن النفـط والغـاز بطـرق تكنـولـوجيـة حـديثـة لـلحــد مـن تلـوث المنـاخ !؟ وهـى أيضـا مسـؤوليـة كـل دول العـالـم !؟ ووفقكـم الـلــه لخيـر كـوكــب الأرض !؟
    دكتـور أســامـة الشـرباصي
    رئيـس منظمـة الســلام العـالمـى فـى الـولايـات المتحــدة
    http://www.internationalpeaceusa.org

    1. يقول الشاعر السعيد:

      اهذا ما تقولوه من واشنطن؟
      لا حول ولا قوة الا بالله.
      هل تعلمون رعاكم الله في واشنطن ماذا ارتكب هذا الشخص في ليبيا اليمن؟ وكيف تم حصار شعب وقتله وتجويعه وسرقة موارده؟ والان يستخدم شعار المناخ والبيئة للتغطية على جرائمه، وانت تحييه من واشنطن؟؟ بالمناسبة، هو لديه الاستعداد لتمويل مشاريع في واشنطن لكل من يحسن تقديم اوراق اعتماده. تمنياتنا بالخير والبركة، من تورنتو.

إشترك في قائمتنا البريدية