الغارديان: السلطات الإيطالية لديها شهادات موثقة تسجل الأيام الأخيرة للطالب ريجيني

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا مشتركا لروث مايكلصن ولورينزو توندو، عن اللحظات الأخيرة لطالب الدكتوراة جوليو ريجيني الذي اختطف عشية الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير في مصر التي اندلعت عام 2011.

وقال المراسلان إن شهودا زعموا مشاهدة طالب الدكتوراة في جامعة كامبريدج، والذي كان يعد أطروحته حول نقابات العمال المصرية في محطة شرطة وفي سجن لازغولي، وقالوا إنهم سمعوا قوات الأمن وهي تناقش كيفية التلاعب بهاتف الطالب الإيطالي وذلك قبل العثور عليه مقتولا وملقى على قارعة طريق القاهرة- الإسكندرية السريع.

وتصف السلطات في روما الشهود بأنهم ثقة، وقال أحدهم إن قوات الأمن التي اعتقلت الطالب الإيطالي تصرفت وكأنها فوق القانون. مضيفا أن من اعتقلوا جوليو “كانوا مختلفين” و”كل واحد كان يخاف من جهاز الإستخبارات الوطني”.

واستعاد أيضا نقاشا بين ضباط الأمن من أجل التلاعب بهاتف ريجيني وعرقلة تحقيق السلطات الإيطالية.

وتقول الصحيفة إن الشهادة والدليل حصل عليها المحققون الإيطاليون الذين يحاولون إثبات أن أربعة من ضباط المخابرات المصرية متورطون في اختفاء ريجيني.

وعثر على جثة ريجيني ملقاة على الطريق السريع في شباط/ فبراير 2016 بعد تسعة أيام من اختفائه. وظهرت على جسده علامات التعذيب وكان مشوها بدرجة لم تتعرف والدته عليه إلا من طرف أنفه.

ورغم أنه لم يقدم أحد إلى المحاكمة، إلا أن الجنرال طارق صابر المسؤول البارز في المخابرات الوطنية، كان واحدا من أربعة ضباط اتهمهم المحققون الإيطاليون باختطاف ريجيني. وقال مدافع عن حقوق الإنسان، إن صابر “لا يزال على رأس عمله ويشرف على مراقبة نشاطات منظمات المجتمع المدني”.

وحصل صابر في الفترة الأخيرة على ترفيع داخل وزارة الداخلية، ولكنه أُبعد عن موقعه السابق الذي يعتبر حساسا من الناحية السياسية. ويقول الناشط الحقوقي إن دور صابر المزعوم وكذا الميجر مجدي إبراهيم، وعبد العال شريف يكشف عن القمع الذي قامت به المخابرات المصرية ضد منظمات المجتمع المصري منذ انقلاب عبد الفتاح السيسي عام 2013. وقال إن “الهدف هو وقف ومعاقبة ورفع الثمن لأي نشاط وليس مراقبتهم لجمع المعلومات”.

وقالت النيابة في روما إنها حصلت على شهادة من شاهد تكشف عن رحلة ريجيني من مركز الشرطة في حي الدقي وسط القاهرة إلى مركز أكبر حيث تم تعذيبه. وأكدت السلطات المصرية أن القتلة مجهولون أو أنهم عصابة إجرامية. وقال النائب العام المصري إنه في حالة مشاركة أي واحد من المسؤولين المتهمين بالاختطاف والقتل فقد تصرف بنفسه، وهو زعم يرى المراقبون لجهاز الإستخبارات أنه غير صحيح.

وطالبت النيابة العامة المصرية من إيطاليا حذف المزاعم عن تورط المسؤولين المصريين من القضية. وتجاهلت إيطاليا المحاولة المصرية لإخفاء القضية في مصر، وأعلنت النيابة الإيطالية عن توجيه اتهامات رسمية لأربعة من المسؤولين في جهاز الأمن المصري وطلبت مثولهم أمام المحكمة. وأشار المحققون الإيطاليون للشهود المصريين برمز دلتا وابسيلون وجيما.

وزعم جيما أن شريف ناقش عملية اختطاف ريجيني في مؤتمر بنيروبي، مخبرا الآخرين: “نعتقد أنه جاسوس بريطاني واعتقلناه، ولاحقته بعد تحميله في سيارة وكان عليّ ضربه”. أما دلتا فقد زعم مشاهدته الطالب الإيطالي في مركز شرطة الدقي “تم إحضار رجل حوالي الساعة الثامنة مساء أو التاسعة مساء”. و”كان يتحدث الإيطالية وطلب الحديث مع المحامي أو القنصل. وبعدما رأيت الصورة على الإنترنت فهمت أنه جوليو ريجيني”.

وتتطابق شهادة دلتا مع مقابلة مع “الغارديان” والتي شملت على محادثة بين ريجيني وضباط الأمن بعد تحدثه باللغة الإيطالية. وردّ أحد الضباط: “يمكنك الحديث بالعربية فأنت عربي” مما يظهر معرفة مسبقة بالطالب البالغ من العمر 28 عاما قبل اعتقاله.

وطُلب من قوات الأمن التي اعتقلت ريجيني إدخاله “الثلاجة” وهي كناية عن غرفة في بعض مراكز الشرطة المصرية يعامل فيها المعتقلون بطريقة سيئة ويعذبون. ووصف الشاهد استماعه لحديث بين عدد من ضباط الشرطة. وقال: “حضر الأربعة الذين اعتقلوا ريجيني ومساعد الشرطة الذي كان يحمل هاتفه” وسأل أحد الضباط مساعد الشرطة: “هل عملت ما طلبته منك؟ نعم سيدي، ذهبت للأسفل وأغلقت الهاتف وجئت”.

ويرى دلتا أن ضباط الشرطة كانوا يحاولون إغلاق هاتف ريجيني من داخل مركز الشرطة، بشكل يمحو أي دليل عن مكانه الأخير الذي حاولت السلطات الإيطالية تحديده لاحقا. ولم يقدم الشاهد دليلا للمحققين في روما ولم يتم العثور على هاتف ريجيني أبدا. وطالب المحققون الإيطاليون بصور التقطتها كاميرات المراقبة في محطة مترو القاهرة يوم اختفائه. وماطلت السلطات المصرية، وعندما وفرتها في 2018 لم تجد فيها السلطات الإيطالية ما يفيد.

وتقول الصحيفة إن الوصف الذي قدمه “دلتا” لها شمل على وصف لداخل مركز الدقي وأسماء الضباط ومحادثات لا يشترك فيها المعتقلون عادة.

وقابلت منظمة أمنستي انترناشونال المصدر ووجدت كلامه موثوقا. وقال حسين بيومي من المنظمة غير الحكومية: “كان صادقا حول كيفية رؤيته ريجيني وما حدث له” و”لم يظهر أنه كان مهتما بالجريمة التي ارتكبت ضد ريجيني ولم ينظر إليها بالضرورة كأفعال إجرامية أو سيئة”.

وقال المحققون الإيطاليون إنهم واثقون من “دلتا” وأنه نفى عمله في الشرطة سابقا. ووصف كيف عصبت عينا ريجيني ووضع في سيارة مدنية نقلته مسافة أربعة أميال من مركز الدقي إلى سجن لازوغلي، الذي يعتقد أنه الوجهة الأخيرة للمختفين قسرا.

أما إبسيلون، فهو موظف سابق في لازغولي والذي يضم جزءا كبيرا من معتقلي وزارة الداخلية والمخابرات، فقد أخبر المحققين أنه شاهد ريجيني داخل السجن وهو نصف عار وعليه آثار التعذيب وكان يتحدث الإيطالية.

وقال المستشار القانوني لعائلة ريجيني، محمد لطفي، مؤسس المفوضية المصرية للحقوق والحريات: “كان في مقرات وزارة الداخلية والمخابرات الوطنية ومن الصعب التظاهر بأنه لم يكن هناك”.

وأضاف لطفي أن هناك 13 شخصا تهتم النيابة الإيطالية بمقابلتهم  ويمكنهم تقديم صورة عن الأيام التسعة بين اعتقال الطالب في لازغولي والعثور على جثته قرب مقر آخر لجهاز المخابرات. وقال: “للأسف لم تتعاون مصر في تقديم المعلومات عنهم”. وتساءل: “هل ستكشف المحاكمة أدلة جديدة ضد الآخرين؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية