لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على ملابسات اختفاء أحد أبرز معارضي النظام السعودي، جمال خاشقجي، في ظروف غامضة، واحتجازه داخل القنصلية السعودية في اسطنبول.
وأكدت الصحيفة في تقريرها أن المجتمع الدولي يخشى أن تكون حكومة بن سلمان قد نقلت خاشقجي في سيارة دبلوماسية وأعادته إلى الأراضي السعودية، مشيرة إلى أن الكثير من المفكرين والمحللين السياسيين الذين سبق لهم الإساءة إلى الأمير محمد بن سلمان يقبعون بين جدران السجون السعودية في الوقت الحالي.
وذكرت أن الصحافي خاشقجي أفاد خلال شهر آب/ أغسطس الماضي أن: “الكثير من العرب الذين يسعون لتحقيق المساواة والحرية والديمقراطية يشعرون بالهزيمة. لقد تم تصويرهم على أنهم خائنون من قبل وسائل الإعلام الموالية لحكوماتهم، ناهيك عن تخلي المجتمع الدولي عنهم”.
وعمد خاشقجي على مدى العقود الثلاثة الماضية، إلى استغلال منصبه كإعلامي ومحرر للدعوة إلى إجراء إصلاح اجتماعي وسياسي في المملكة العربية السعودية ودول الشرق الأوسط كافة.
وخلال السنة الماضية، كتب الصحافي السعودي مقال رأي تم نشره في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، حيث عبر عن امتعاضه إزاء موجة الاعتقالات التي طالت عددا كبيرا من أصدقائه الإعلاميين، لافتا إلى أن هذا القمع كان الدافع لهروبه إلى المنفى.
وتطرقت الصحيفة إلى اختفاء خاشقجي يوم الثلاثاء في مدينة اسطنبول التركية، وذلك عقب دخوله القنصلية السعودية بغية تجهيز الوثائق اللازمة للزواج من خطيبته التركية. ومن هذا المنطلق، يتعين على المجتمع الدولي أن يدعو المملكة العربية السعودية لتقديم أدلة تثبت أن خاشقجي يقبع خارج القنصلية كما تدعي.
وقالت الصحيفة إنه يتعين على داعمي خاشقجي والمتعاطفين معه التوجه إلى الحكومة التركية ودعوتها لإماطة اللثام عن مكان وجوده في الوقت الحالي. ومن الجدير بالذكر أن السلطات في اسطنبول بادرت باستدعاء السفير السعودي للنظر في ملابسات هذه القضية، كما تعمل الحكومة التركية على مراقبة القنصلية السعودية عن كثب.
الغارديان: يتعين على داعمي خاشقجي والمتعاطفين معه التوجه إلى الحكومة التركية ودعوتها لإماطة اللثام عن مكان وجوده في الوقت الحالي
وذكرت الصحيفة أن الملك سلمان عمد إلى تعيين نجله محمد وليا للعهد خلال السنة الماضية. ومنذ ذلك الحين، أعلن ولي العهد السعودي أنه سيسعى لإقرار أسس دين إسلامي أكثر اعتدالا، فضلا عن تطوير اقتصاد المملكة ودحض اعتماده شبه الكلي على العائدات النفطية. ونتيجة لذلك، وقع السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، كما تم فتح أبواب قاعات السينما للمشاهد السعودي.
وأوضحت الصحيفة أن المراقبين في الدول الغربية كانوا يأملون بأن يكون محمد بن سلمان مستعدا لإقرار بعض الإصلاحات السياسية، إلا أن تيارات الاعتقال جرت بما لا تشتهيه سفن المراقبين. وفي المقابل، زاد التعصب داخل المملكة، كما أن موجة الاعتقالات طالت الناشطات الحقوقيات اللواتي سبق لهن المطالبة بحق المرأة في القيادة.
ولا يسمح ولي العهد السعودي للانتقادات الدولية بالتأثير عليه ودفعه للحياد عن مساره، حيث عمد إلى توجيه خطاب حاد اللهجة إلى كندا بعد انتقادها لانتهاكات حقوق الإنسان داخل المملكة. ولا يجدر بردود بن سلمان أن تثني المجتمع الدولي عن الإدلاء بدلوهم حول قضية الصحافي السعودي، الذي وقف لمواجهة الترهيب الذي تنتهجه السعودية، وجل ما يمكن قوله إن شجاعة خاشقجي المثيرة للإعجاب تدفع المجتمع الدولي للوقوف إلى جانبه.