الغارديان: الملك تشارلز بين إليزابيث ونيلسون مانديلا

 محمد نُون
حجم الخط
1

لندن- “القدس العربي”:

 تحت عنوان: “ما يمكن أن يتعلمه تشارلز من الرابط بين الملكة وجدي”، تحاول الناشطة الاجتماعية نديليكا مانديلا – حفيدة زعيم جنوب إفريقيا التاريخي نيلسون مانديلا – أخذ العبر من العلاقة التي كانت قائمة بين جدها وملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث الثانية وما يمكن للملك الجديد تشارلز الثالث أن يتعلمه من تلك العبر خاصة أن بريطانيا لها إرث استعماري طويل ومؤلم في إفريقيا وينظر إليها كثيرون بعين الغضب.

وتسأل نديليكا مانديلا في بداية مقالها في صحيفة الغارديان ما الذي يصنع القائد؟ ثم تطرح وجهتي نظر حول ذلك، وترى أن “القائد بالنسبة للبعض، هو مجرد شخص يتمتع بالسلطة وكلما كانت تلك السلطة مطلقة وأكثر وحشية كان ذلك أفضل وهذه كانت هي فلسفة الطغاة لعدة قرون. لكن بالنسبة لجدي، نيلسون مانديلا، كانت السلطة شيئًا آخر وتنبع من الرغبة في إلزام كيانك بالكامل بمجموعة من القيم ليس فقط للدفاع عن تلك القيم بل لتجسيدها على أرض الواقع مهما كانت النتائج”.

من هنا تذهب الكاتبة إلى تحديد عنصر القوة الأساس الذي استطاع نيلسون مانديلا الانتقال عبره من السجن إلى قيادة شعبه وبلده جنوب إفريقيا فتقول “إن العديد من القادة لا يمتلكون السلطة بالمعنى الطبيعي المرتبط بالمصطلح، لكن بالنسبة لأشخاص مثل جدي (نيلسون مانديلا) فإن شجاعتهم الأخلاقية وقوتهم هي التي سمحت لهم بممارسة التأثير، وعلاوة على ذلك، لا يسع الناس في كثير من الأحيان إلا أن يتماشوا مع قيم وفضائل الشخص النبيل ولهذا السبب انتقل جدي من زنزانة كان يقبع فيها داخل السجن، إلى المساعدة على قلب نظام الفصل العنصري، وكسب تأييد أكثر النقاد حماسة في جنوب إفريقيا”.

 وتشير الكاتبة إلى الإرث المؤلم للاستعمار البريطاني في إفريقيا (وخارجها)، لكنها تضيف “أنها رأت في الملكة إليزابيث الثانية تباينًا مع ما كانت عليه المملكة المتحدة من قبل، وهذا يمثل فرصة لفهم ما يمكن أن تكون عليه القيادة”.

ثم تستعرض حفيدة نيسلون مانديلا علاقة الملكة بالقارة الإفريقية حيث زارت خلال فترة حكمها أكثر من 20 دولة أفريقية، وتوضح أنه “بالنسبة للعديد من الأفارقة، فإننا نحزن عليها بسبب تطور صداقتها مع نيلسون مانديلا”.

هنا تعود الكاتبة إلى الذاكرة فتقول: “أعلم من الذكريات الشخصية مع جدي أنه رأى في الملكة صديقًا حقيقيًا، وشخصية فهمته وفهت العالم وقدمت لبريطانيا، بالضبط ما تحتاجه في أوقات التغيير أي الضمير الحساس”.

وتضيف: “لقد رفضت الملكة زيارة جنوب إفريقيا خلال فترة الفصل العنصري، حتى إن البعض اعتقد أن التوتر بينها وبين مارغريت تاتشر – رئيسة الوزراء البريطانية السابقة – يعود في جزء منه إلى تقاعس تاتشر الصارخ عن إدانة نظام الفصل العنصري”.

 وأكدت الملكة بعد نهاية نظام الفصل العنصري موقفها الذي كانت عليه طوال الوقت فأعلنت سريعا دعمها لأول رئيس أسود لجنوب إفريقيا، وكانت واحدة من أوائل قادة العالم الذين فعلوا ذلك. كما مهدت الطريق لجنوب إفريقيا للانضمام إلى الكومنولث، وقلبت إحدى النتائج الأخرى للفصل العنصري.

بناء على ما تقدم تنتقل الكاتبة إلى طرح رؤيتها لما يمكن أن يكون عليه عهد الملك تشارلز الثالث فترى أنه “يخلف والدته في وقت صعب على بريطانيا والعالم”.

أبرز تلك الصعاب تتمثل بما بعد جائحة كورونا مباشرة ومواجهة تحديات كبيرة أخرى مثل أزمة المناخ، والصراعات الضريبية العالمية، والكساد الاقتصادي والمجتمعات المتصدعة بشكل متزايد التي يغضبها تصاعد التعصب والعنصرية.

من هنا ينظر العالم إلى الملك تشارلز “ليتبع إرث والدته أي أن يكون باختصار قائدا أخلاقيا”.

وإحدى الطرق التي يستطيع بها تشارلز فعل ذلك – برأي الكاتبة – هي “الاعتماد على القوة والمصداقية الرمزية القائمة على الإيمان التي يمتلكها – ليس فقط كرئيس لكنيسة إنكلترا، ولكن كملك قضى سنوات في بناء الجسور مع القادة الدينيين والمجتمعات في جميع أنحاء العالم. فهو قال ذات مرة إنه يريد أن يكون “مدافعًا عن الإيمان” بدلاً من مجرد “مدافع عن العقيدة”، ليعكس التزامه تجاه الناس من جميع الأديان.

وتختم نديليكا مانديلا مقالها في صحيفة الغارديان بالقول: ”العالم بحاجة الآن لمثل هذا القائد الذي يكون قادرا على استخدام طرق بناءة غير سياسية لبناء الجسور، في وقت تشعر فيه دول ومناطق العالم وكأنها تبتعد أكثر عن بعضها البعض”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Omar Ali:

    مقال جيد.
    يجب قيام حركة عالمية لمساندة ألشعب الفلسطيني والضغط على بريطانيا باعتبارها ألدولة المسؤولة عن المآسي التي يعاني منها الشعب الفلسطيني وذلك على بريطانيا بأعتبارها ايضا عضوا دائما في مجلس الامن التابع للامم المتحدة ان تقدم قرارات تلزم اسراءيل بالانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشريف وايجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينين.

إشترك في قائمتنا البريدية