لندن- “القدس العربي”: علّقت صحيفة “الغارديان” على احتفالات بريطانيا باليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية، بصفتها أول ملكة في تاريخ بريطانيا تحتفل بمرور 70 عاما على توليها العرش، قائلة إن الاحتفال الشعبي وحبّ الناس للملكة التي ظلت تقدم الواجب على متاعبها الصحية حتى في سن متقدم لا يعني أن الملكية كمؤسسة في بريطانيا ليست بحاجة للتكيف مع الزمن.
ورأت الصحيفة في احتفالات بريطانيا، بأنها صورة عن نهاية النظام القديم الذي مثّلته الملكة وعاشته وجسدته. وقالت إن اليوبيل البلاتيني يقدم لنا صورتين مختلفتين عن هذا البلد، فهو يجسد الاحترام والحب الذي يشعر به الملايين للملكة الأم. وفي سن الـ96 عاما، وبعد سجل قياسي بالحكم لمدة 70 عاما، فمن الصعب أن يكون الأمر غير هذا.
وكان الكثير من ذلك الحب واضحا في حفلات اليوبيل التي تستمر حتى نهاية الأسبوع، حيث بدأت يوم الخميس، وسيكون من البؤس لو تعامل البلد مع الملكة إليزابيث الثانية وحكمها الطويل وذكرى توليها العرش بغير التعبير عن النية الحسنة والحب الكبير. وبالتأكيد فالحب الكبير، هو المزاج الوطني في نهاية الأسبوع.
ومع ذلك، ترى الصحيفة أن المزاج البريطاني يجب ألا تساء قراءته، كما يبدو أن البعض يريد فعل ذلك. فيجب أن يمتد الاحترام للملكة في عموم البلاد، وليس بدون شروط أو بدون مضايقات مهمة. ويمكن قياس شعبية الملكة من خلال استطلاعات الرأي التي يحسدها عليها أي سياسي، وهي فوق 69% مقارنة مع رئيس الوزراء بوريس جونسون، أدنى من 42%. وهي من أكثر الشخصيات التي تحظى باحترام من بين كل أفراد العائلة المالكة. ولكن الاحترام ليس مثل الدعم الحماسي.
فالمواقف تتغير من العائلة المالكة، وتراجع الدعم لها خلال العقد الماضي لأدنى المستويات، خاصة بين الشباب. وربما لم يكن الاحترام الذي حققته الملكة في شيخوختها قابلا للنقل بسهولة إلى أفراد العائلة أو مؤسساتها كما يحلم المتفائلون من أنصار الملكية. وترى الصحيفة أن المشاعر الجميلة أثناء اليوبيل البلاتيني لا يمكن لأحد إنكارها، وعلينا، مع ذلك، عدم المبالغة فيها، مهما كان إغراء اللحظة.
فبريطانيا التي تجمعت في “مول” (ما بين قصر باكنغهام وساحة الطرف الأغر في لندن) والمواطنون يلوحون بالأعلام، كان كبيرا ومهما ولكنه ليس غريبا. فقبل أسبوع، قال مشاركون في استطلاع، إنهم ليسوا مهتمين باليوبيل (54%) مقابل 43% عبروا عن اهتمامهم. والمنطقة الانتخابية التي عبر نصف أفرادها عن اهتمام باليوبيل، هم الداعمون لحزب المحافظين بالإضافة لمن دعموا الخروج من أوروبا، ومن هم فوق سن الـ65 عاما. وهناك إمكانية للتمتع بحفلات الشوارع أو استعراض بدون أن تحمل مواقف قوية تجاه الملكية أو اليوبيل، وملايين سيفعلون هذا نهاية الأسبوع.
وقالت الصحيفة إن شكل احتفالات اليوبيل باتت معروفة خلال حكم إليزابيث الثانية، وهو الرابع منذ عام 1977، لكن الأخير وبدون شك مختلف عن البقية بطرق معينة. الفرق الرئيسي هو الحضور المتدني للملكة نفسها، فهي امرأة مسنة وترملت قبل فترة. ومن ناحية، فهي تبطئ من نشاطها، وهي تعرف كما نعرف نحن أن النظام القديم في طريقه للنهاية. ولا يمكن فهم اليوبيل بدون هذه الحقيقة، أي نهاية مرحلة مستقرة تسيدتها ملكة.
ومع نهايتها ستظهر مرحلة غير مستقرة عندما يعتلي ملك العرش لكي يعيد العهد بين العرش والرأي العام في بريطانيا والذي تغير بشكل عميق منذ عام 1952 عندما اعتلت الملكة العرش بعد وفاة والدها. وواحد من الآثار الخفية لليوبيل، هو أن الرأي العام بدأ يفكر وإن ببطء بالمستقبل. ويجب تشجيع العملية، ولكن مستقبل الملكية يجب ألا يكون مسألة يقررها الملك، فهي تخص الرأي العام والبرلمان.
وحتى تتحرك الملكية الدستورية مع الوقت، فهي بحاجة لحوار عام. ويجب على البلد مناقشة أمور مثل الملكية الحديثة ودورها المناسب، ثمنها، صلاحياتها ومسؤوليتها ودور الملك الذي عفا عليه الزمن في دول أخرى كرأس للدولة. وبريطانيا سيئة في إدارة حوارات بهذا الأمر. وقبل أشهر، عنّف رئيس البرلمان زعيم العمال كير ستارمر لأنه ذكر اسم الملكة في نقاش برلماني. ويجب أن تتوقف الرقابة الذاتية حالا. واليوم يركز البلد اهتمامه على الملكة، وغدا عليه الحديث عن مستقبل الملكية.
وهل هذا يعني انه بموتها سيحل نظام جديد؟!