لندن ـ “القدس العربي”:
تحت عنوان “نتائج انتخابية سيئة لأردوغان ونتائج جيدة للديمقراطية” علقت صحيفة “الغارديان” على نتائج الإنتخابات المحلية التركية التي شرت قبل أسبوع. وقالت إن “الرجال الأقوياء ليسوا عصيين على الهزيمة” مشيرة إلى أن نتائج الإنتخابات المحلية التي حققت فيها المعارضة للحزب الحاكم تقدما كانت مدهشة حتى لها. مع أنها لا تزال لم تحسم بعد بسبب الطعون التي تقدم بها الحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية. وسيتم الإعلان عنها في الأيام المقبلة، ولا يستبعد أن تكون هناك معارك قضائية، خاصة أن مصطلح “إنقلاب في صناديق الإقتراع” بدعم من القوى الأجنبية بات شائعا في الإعلام المؤيد للحكم. ومهما كانت النتائج أو الخطوات المقبلة فهي ضربة لرجب طيب أردغان، رجل تركيا القوي الذي بنى شرعيته على النجاحات المتتالية في الإنتخابات. وفعل جهده لرفع سقف هذه الحملة وشخصنتها واعتبرها “مسألة بقاء” وصور منافسيه بالخونة والإرهابيين وقام بحوالي 8 حملات انتخابية، إلا أن الناخب التركي هو الذي حكم في النهاية.
ورغم أن حزب الرئيس فاز بمجمل الإنتخابات إلا أن الخسائر كانت في المدن وبمشاركة 84% ولكنها محملة بالرسائل. وكانت النتائج الأولى قد بدأت في أنقرة التي ربحها حزب الشعب الجمهوري الكمالي العلماني والأكثر إهانة كانت في اسطنبول، مركز نشأة أردوغان التي بدأ منها حياته السياسية كعمدة لها قبل 25 عاما. وأعلن الشخص الذي لا يعرفه الكثيرون، أكرم إمام أوغلو نفسه عمدة عليها (رغم اعتراض حزب العدالة والتنمية)، وبات ينظر إليه كمرشح رئاسي في انتخابات عام 2023 واستطاع الحصول على أصوات الناخبين من خلال تجاوز الخلافات بدلا من توسيعها. وتقول الصحيفة إن أردوغان تجاوز بحدسه السياسية ومهاراته الكثير من التحديات السياسية، فقد تجاوز تظاهرات حديقة غيزي عام 2013 واستخدم المحاولة الإنقلابية الفاشلة عام 2016 لتطهير مؤسسات الدولة من المنافسين له قبل أن يتحرك نحو التعديلات الدستورية التي منحته سلطات تنفيذية. وفاز في العام الماضي في انتخابات منحته خمس سنوات في الحكم. وتقول الصحيفة إن أردوغان أضعف المؤسسة القضائية وسجن عددا من الصحافيين المعادين لحكومته، إلا أن ثمن الحملات الشعبوية التي قام بها مع سياساته في الحكومة أصبحت واضحة. فقد أدى استخدامه للقطات من مسجد كرايستشيرتش في حملاته الإنتخابية إلى شجب دولي، فيما أثر خطابه على مستوى العملة التركية. وتعيش العلاقات التركية – الأمريكية حالة من التوتر، وأعلنت واشنطن الأسبوع الماضي أنها لن تزوده بطائرات أف-35 بسبب خطط أنقرة شراء منظومة الصواريخ الروسية أس-400. وزادت نسبة التضخم إلى 20% أما نسبة البطالة فهي في ازدياد خاصة بين الشباب، فواحد من كل أربعة شباب بدون عمل. وأصبحت المشاريع العملاقة مثل مطار اسطنبول الدولي الجديد الذي بلغت كلفه 6 مليارات دولارات جزءا من المشكلة وليس إنجازات. ومن هنا استطاعت المعارضة المنظمة أكثر انتهاز الفرصة. ومن هنا فسيطرتها على المدن قد تعطيها الفرصة لإظهار قدرتها على الحكم وتجرد الرئيس من قدراته الرعاية التي مارسها. وتعتقد في النهاية أن أهمية الإنتخابات الحالية هي في رمزيتها، فهي تحذير لرجل تخلى عن التواضع منذ وقت طويل. لكن هذه الفرصة تحمل مخاطر من خلال محاولة الرئيس تجاهل النتائج وترتيب أخرى مناسبة له. وحتى الآن فقد حكم كرئيس شعبي ولا شيء يمنع تحوله إلى شيء أسوأ.