الغارديان: انتقاد لسوناك لدعمه إسرائيل ولوزارة الخارجية التي همّشت السفراء العرب

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: قال المحرر الدبلوماسي في صحيفة “الغارديان” باتريك وينتور إن بريطانيا متهمة بعدم الوقوف أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في محاولة للتركيز على منطقة المحيط الهندي- الهادئ، وإبرام صفقات تجارية مع دول الخليج.

 وستقوم لجنة برلمانية مختارة بالتحقيق في تجاهل وزارة الخارجية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. وكانت أليشا كيرنز، رئيسة اللجنة التي ستبدأ بجمع أدلّة وجلسات حول الموضوع هذا الشهر، واحدة من أكبر المحذّرين من أن الأزمة التي تتخمّر اقتضت انتباهاً عظيماً ونهجاً أقوى من الحكومة البريطانية تجاه الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

وقال النقاد إن الحكومة البريطانية مثل غيرها تجاهلت الإشارات الخطيرة، واستثمرت في علاقة بدون شروط، ومن طرف واحد، ولم تعترف باختلاف الحكومة المنتخبة في تشرين الثاني/نوفمبر عن سابقاتها. وقالت كيرنز إن إلغاء مكتب وزير الشرق الأوسط، عام 2022، كان سخيفاً ورمزياً، حيث أُعيد المنصب الآن. وقالت للنواب، في تموز/يوليو: “هناك فرصة لإمكانية أن نرى انتفاضة وأزمة غزة . ويجب أن نكون خائفين، لأن ما يحدث في فلسطين وإسرائيل يؤثر على بقية العالم”.

الغارديان: اتُّهم المستعربون (في وزارة الخارجية البريطانية) بأنهم على علاقة غرامية مع محاوريهم العرب وتعاملهم مع المصالح العربية والبريطانية بطريقة لا تنفصم والنظر لإسرائيل عبر منظور مُعادٍ

ودعت رئيس الوزراء ريشي سوناك تعيين مبعوث سلام للشرق الأوسط، بعد العملية الإسرائيلية في مخيم جنين بالضفة الغربية: “أوكد أن هذا الطلب ذا الالتزام القليل سيسمح لنا بتحمّل مسؤولياتنا، ويُظهر إراداتنا الهادفة، وصوتنا مهم، وسيُسمع، ولدينا دور لكي نلعبه في عملية السلام”.

وفي جلسة جمع أدلة، في آذار/مارس، مع الأمين العام الدائم لوزارة الخارجية، سير فيليب بارتون، سألته: “هل تعتقد  أن لدينا الموقف الصحيح من إسرائيل؟ وأنا من جهتي، أشعر أننا فشلنا في أن نلعب دور الصديق الناقد، ولدينا علاقة وثيقة وصداقة أمنية مهمة، ولكننا لم نتبنَّ بعد علاقة نقدية”.

 مضيفة أنها وجدت في أجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي ما يثير القلق. وقالت “لو كنت صادقة، يبدو من الواضح لي، وبشكل متزايد، أن سبب صمتنا في الشرق الأوسط أنه لا توجد دبلوماسية إنستغرام للفوز بها، ولا انتصارات سهلة”. وجاءت تعليقاتها لأهم موظف مدني في الخارجية، بعد ستة أيام من اتفاق وزير الخارجية جيمس كليفرلي ووزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين على خطة طريق إسرائيلية- بريطانية لعام 2030، وتعميق التعاون في مجالات، مثل التجارة والأمن الإلكتروني والبحث والتنمية والأمن والصحة والمناخ والجندر. ولم تُشِر الخطة أبداً إلى حل الدولتين، ولكنها وعدت بمساعدة الفلسطينيين اقتصادياً. وكان توقيت نشر خطة الطريق مثيراً للدهشة، حيث كانت إسرائيل تعيش حالة اضطرابات بسبب إصلاحات نتنياهو القضائية. وعندما جاء الأخير إلى لندن، بعد ستة أيام، تجنّبَ، هو وسوناك، عقْد مؤتمر صحافي في داونينغ ستريت.

وطالما كانت علاقة حزب المحافظين وإسرائيل دافئة، لكن إسرائيل ظلت تقليدياً تنظر إلى المستعربين بوزارة الخارجية كعقبة أمام هذه العلاقات.

وقبل هجمات حماس، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، شَعَرَ مارك ريغيف، السفير الإسرائيلي السابق في لندن، ومستشار نتنياهو، بالراحة لكي يكتب مقالة في “جيروزاليم بوست” عن نهاية المستعربين في الخارجية البريطانية.

وقال: “على مدى نصف قرن، اشتكى الدبلوماسيون الإسرائيليون الذين يعملون في لندن من كراهية المستعربين الأسطورية في وزارة الخارجية”.

ريغيف: على مدى نصف قرن، اشتكى الدبلوماسيون الإسرائيليون في لندن من كراهية المستعربين الأسطورية في وزارة الخارجية

وعلى خلاف الخبراء في الصين وروسيا وأفريقيا فقد اتُّهم المستعربون بأنهم على علاقة غرامية مع محاوريهم العرب وتعاملهم مع المصالح العربية والبريطانية بطريقة لا تنفصم والنظر لإسرائيل عبر منظور مُعادٍ.

وقال ريغيف إن التغير مرتبط بالدول العربية نفسها، فهذه، وبخاصة دول الخليج، لم تعد تتعامل مع إسرائيل كعدو، بل على العكس صارت هذه الدول تنظر لها كشريك وحليف، و”حتى المتشددين من المستعربين وجدوا صعوبة في الحفاظ على الموقف السلبي من إسرائيل، وأكثر من العرب أنفسهم”. وأضاف أن شغل الدبلوماسيين البريطانيين في إسرائيل ركز بنسبة 80% على النزاع العربي- الإسرائيلي، و 20% لبناء علاقات ثنائية. أما اليوم، فأصبح العكس، حيث تركز الدبلوماسية البريطانية على بناء علاقات ثنائية ومفيدة للتعاون بين البلدين، والتي انعكست على حجم التجارة التي وصلت إلى 7.5 مليار دولار، وأعلى بنسبة 29.9% من عام سابق.

وفي وجه الاتهامات، بأنه لم يركز على الشرق الأوسط، قال كليفرلي إنه عبّرَ، ونيابة عن الحكومة، مراراً وتكراراً عن قلقه من توسيع المستوطنات. وعندما ووجه في جلسة للجنة الشؤون الخارجية من قبل نيل كويل، العضو فيها عن الإجراءات التي قامت بها وزارته، ردّ: “تقول إنك لم ترَ أي تحركات، ولكنني تحدثت في أكثر من مناسبة أننا قمنا بمحادثات متقدمة عبر الدبلوماسية”. وأضاف: “من خلال الدبلوماسية قمنا بمنع التوسّع، ولم نحقق ما نريده في كل مثال، ولكن بهذه الطريقة تعمل الدبلوماسية”.

لكن كلام كليفرلي لا تدعمه أرقام الأمم المتحدة، التي تقدّر أن 670.000 مستوطن يعيشون في 130 مستوطنة غير شرعية في القدس الشرقية والضفة الغربية. ويعتبر هذا العام هو الأكثر توسعاً في بناء المستوطنات، ففي كانون الثاني/يناير، أعلنت إسرائيل عن بناء 12.855 وحدة سكنة في الضفة الغربية، حسب منظمة “السلام الآن”، وهو أعلى رقم تسجّله المنظمة، منذ عام 2012. ولعل القرار الوحيد الذي اتخذه سوناك، هو منع المؤسسات العامة من سحب استثماراتها في إسرائيل. ولا يزال مشروع “النشاطات الاقتصادية العامة” في مرحلة القراءة، عندما عبَّرَ الوزراء المحافظون، مثل جورج يوستايس، عن مخاوفهم من تداعيات القانون الخارجية. وأشار الكثير من النواب المحافظين إلى أن موقف الحكومة البريطانية على مدى فترة طويلة هو أن المستوطنات في المناطق المحتلة غير شرعية، لكن يوتايس عبّرَ عن مخاوفه من خطأ في صياغة القانون المصمم من أجل إرسال رسالة أن هذا الموقف قد تغير.

وقالت كيرنز إنها قضت وقتاً طويلاً مع السفراء العرب، بمن فيهم الذين يدعمون التطبيع، الذين قالوا لها إنهم يريدون معرفة إنْ كان هذا يعني أن المستوطنات، ما بعد 1967، لا  تزال غير شرعية حسب الحكومة البريطانية.

وقال سفير بريطاني سابق إن زيارة كيلفرلي إلى إسرائيل، في أيلول/سبتمبر، كانت فرصة ضائعة لانتقاد  المستوطنات غير الشرعية وأثرها على حلّ الدولتين. وفي خطاب طويل ألقاه بمؤتمر هيرتسيليا، في 12 أيلول/سبتمبر، دعا كليفرلي الطرفين للالتزام بحل الدولتين، لكنه تحدث بعد ذلك “عن التطورات الرائعة الكثيرة والإيجابية في المنطقة”، حيث كان يعني التطبيع مع الدول العربية. وخصص 1.5 مليون جنيه لمساعدة ضحايا عنف المستوطنين، لكنه أثنى، في نفس الخطاب، على إسرائيل التي قامت باتخاذ خطوات قانونية ضد المستوطنين الذين ارتكبوا العنف. وقال دبلوماسي: “من الخير القول إنه كان يشجع أعضاء حكومة نتنياهو الذين يريدون محاكمة المستوطنين الذين ارتكبوا العنف، ولكن القول إن هذا يحدث هو مجرد تعلّل بالأماني”.

الغارديان: طالَ ما كانت علاقة حزب المحافظين وإسرائيل دافئة، لكن إسرائيل ظلت تقليدياً تنظر إلى المستعربين بوزارة الخارجية كعقبة أمام هذه العلاقات

وقال كريس دويل، من المجلس العربي- البريطاني: “من الصعب العثور على سياسي محافظ في المقاعد الأمامية لديه استعداد لانتقاد إسرائيل”. ويقول الدبلوماسيون العرب في لندن إنهم يشعرون بأنهم مستبعدون من وزارة الخارجية، وقالوا إن وزراء الحكومة البريطانية يتعاملون مع التطبيع كبديل وليس ملحقاص للموضوع الفلسطيني. وقال أحدهم: “تمنح بريطانيا إسرائيل رخصة للقتل”.

وهناك من يرى أن الحكومة تلعب في الموضوع على وتر السياسة الداخلية، وتشجع الانقسامات داخل “حزب العمال” بدلاً من البحث عن الطريقة الأحسن للسلام،  و”لو دعا ريشي سوناك لوقف الحصار، فأنا متأكد من دعوة كير ستارمر”، قال الدبلوماسي، ولن يؤثر هذا على الصفقة التجارية المخطط لها مع دول الخليج.

 وهناك دعوات لسوناك لكي يبذل الجهود في الموضوع الفلسطيني، من خلال تعيين لورد هيغ، وزير الخارجية السابق، أو أليستر بيرت، وزير الشرق الأوسط السابق، كمبعوث خاص. وهيغ منشغل في أمور أخرى، ولن يقبل المهمة على الأرجح، أما بيرت فهو مؤيد لأوروبا، ومن الصعب تسويقه لحزب المحافظين الحالي. ويقول العارفون بكليفرلي إنه مرعوب من سقوط الضحايا في غزة، لكنه  يشترك مع إسرائيل في رغبتها تدمير “حماس”، وطلب من الموظفين النظر في اليوم التالي لما بعد الحرب في غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية