لندن ـ “القدس العربي”:
ناقش المعلق المعروف جورج مونبيوت بمقال في صحيفة “الغارديان” مخاطر التعديلات التي تقوم بها الحكومة البريطانية على قانون للشرطة وفرض النظام العام بشكل يضع بريطانيا على طريق الديكتاتورية.
وقال “كلما شاهدنا فيلما وثائقيا عن طريق الديكتاتور إلى السلطة، جاءت لحظة نفكر فيها: لماذا لم يفعل الناس شيئا؟ كان بإمكانهم وقفه عندما كان هناك وقت. وقد وصلنا عند هذه اللحظة. في وقت يقوم فيه بوريس جونسون بمراكمة سلطات جديدة في قانون للشرطة والسجن والمحاكم، دولة ديمقراطية غامضة تنزلق نحو الاستبداد”.
وقال إنه عندما كتب عن التشريع الأسبوع الماضي كان سيئا بما يكفي، وبعد تمريره تقريبا في البرلمان ويمكن أن يناقش، أدخلت الحكومة سلسلة من التعديلات المخيفة. فمن خلال تقييد حركة التظاهر، فإنه سيكون من أكثر التشريعات المخيفة التي قدمتها حكومة في تاريخ البلد ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
ولكنه أسوأ الآن، ففي رسالة خاصة لأعضاء مجلس اللوردات، قالت الحكومة إنها تنوي “إدخال جريمة جديدة وهي التدخل في تشغيل البنى التحتية مثل شبكة الطرق الإستراتيجية والسكك الحديدية والموانئ والمطارات ومصافي النفط ومطابع الصحف وبعقوبة 12 شهرا من السجن وغرامة غير محددة أو كلاهما”. ومجموعة التعديلات ما بعد النقاش، فقد دعا المشروع من بين أمور أخرى إلى إجراءات أخرى مثل تجريم التظاهر الذي قد يتدخل في الإنشاءات الجديدة للبنى التحتية.
ولكن التعديل الجديد يشمل البنى التحتية القائمة، ويمنع بشكل محتمل أي تظاهرات واعتصامات “في أماكن مثل الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات ومصافي النفط والمطابع”. فالبنى التحتية المذكورة تحدد مدى الاحتجاج ولكن ماذا يعني مشروع القانون بـ “مثل”؟ حسنا لو اعتبرت مطابع الصحف بنية تحتية، وهذا هدية لإمبراطورية روبرت ميردوخ التي تعرضت مطابعه لاحتجاجات مجموعة “إكستنشين ريبليون” فإنه قد ينسحب على أي شركة أو منشأة حكومية ومساحات عامة. وهذه سلطات الديكتاتوريين، ويجب على البرلمان أن يعبر عن صخبه، وكذا الصحافة. ولكنك لم تسمع أي شيء. وصدرت في الصحافة البريطانية خلال الأسبوعين الماضيين، تقارير عن ماركة نسلة من شوكلاتة “كوالتي ستريت” أكثر من الهجوم على الحقوق الديمقراطية.
ولم يكن هذا بسبب غياب الاهتمام العام، فقبل تقديم التعديلات وقع أكثر من 600.000 شخص على عريضة ضد القانون. وبعيدا عن مقال لإيان دانت في صحيفة “آي” وكيفن ماغواير في “ميرور” وكاميلا كافيندش في “فايننشال تايمز” وعدد من التقارير الصغيرة نشرت في الصفحات الداخلية، فقد ظل الإعلام الرئيسي يصفر بصوت عال ويحرف نظره. فأنت لست بحاجة لمسار الديكتاتور القادم وهو فرضة الرقابة على الصحافة لكي تتحرك. ولكن الصحافة لم تهتم. أما بالنسبة لحزب العمال المعارض فإن لم يتحرك الآن، فمتى؟ ويقول المدافعون عنه إنه يريد الإبقاء على باروده جافا. وما هو السبب؟ الانتخابات في المستقبل وعندما تكون المعارضة أصعب من الوقت الحالي؟ ولو لم يقاتل الحزب الإجراءات وبقوة فإنه لن يستطيع استخدام باروده الخيالي لأنه سيكون خسر المعركة. وبنفس السياق لم يعبر من يطلق عليهم “محاربو الحرية” عن أي موقف من الإجراءات، ويبدو أن الحرية التي يقدرونها هي حريتهم الشخصية فقط.
وتركت المعارضة لعدد من أعضاء مجلس اللوردات وجماعة الدفاع “ليبرتي” والمواقع الإخبارية البديلة والمحتجين المنضبطين الذين نظموا أنفسهم تحت شعار “اقتل القانون”، وهناك تظاهرة أمام البرلمان تتزامن مع تحويل مشروع القانون إلى مجلس اللوردات، في غياب تام للأصوات العالية من حزب المحافظين والمليارديرات أصحاب الصحف. ويبدو أنهم توصلوا لإجماع تكتيكي وهو أننا لن نتدخل. ووصف الكاتب بوريس جونسون بأنه أخطر رئيس وزراء يتولى المنصب في المرحلة الديمقراطية. وتم نزع سلاح الناخبين من خلال انطباعهم عنه بأنه ودود ومتلعثم في كلامه وتخيلهم أنه يعمل من أجلهم. ولكن إن أخبرنا تاريخ المئة عام الماضية شيئا، فهو أن عليك الاحتراس من المهرجين.
وتم تذكيرنا مرة بعد الأخرى: فالتلعثم هو فعل، وحالة تقليد في العفوية والعجز وأنه سيذهب لأبعد مستوى للسيطرة والحفاظ على السلطة. وعندما يشعر أنه تحت التهديد فهو يتحرك ويضرب بقسوة كما فعل مع الـ 21 نائبا من حزبه المحافظ عارضوا الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاقية، وكان عقابهم هو تعليق عضويتهم. وأحاط نفسه بأشخاص مثل رفاق الديكتاتوريين يظهرون خطرا مثل الضرر الذي يصيبهم. ويشعر جونسون أنه غير مقيد بالقوانين علاوة على اتفاق اللياقة الذي حل محل الدستور الرسمي في هذا البلد. وهو يشعر بالضعف كسمك القرش الذي يشتم رائحة الدم. وبأغلبية 80 مقعدا وضمان الصحافة كلها في جيبه فإنه يقوم باستغلال عيوب نظامنا السياسي وبإجراءات لقمع الناخبين والهجوم على لجنة الانتخابات والمراجعة القانونية وتوسيع صلاحيات قانون الأسرار الرسمية وتهديد قانون حقوق الإنسان.
و “لو سمحنا بتمرير هذا وتم إعداد أفلام وثائقية تغطي هذه اللحظة فإن أحفادنا سيدهشون، ليس لأن الناس الذين كان بإمكانهم معارضة هذا خافوا وعجزوا عن التحرك مثل الديكتاتوريات الأخرى ولكن لعدم مبالاتنا”.
شر البلية ما يضحك حقا وصدقا