الغارديان: بينها تونس والعراق.. دول تستخدم ثغرات في سياسة فيسبوك للتحرش بمواطنيها وخداعهم

إبراهيم درويش
حجم الخط
5

لندن- “القدس العربي”: كشف تحقيق لصحيفة “الغارديان” عن ثغرات في موقع “فيسبوك” تسمح لقادة العالم بخداع وملاحقة مواطنيهم.

وقالت جوليا كاري وونغ، من سان فرنسيسكو، إن شركة فيسبوك سمحت وبشكل متكرر لقادة العالم والسياسيين باستخدام المنصة لخداع الرأي العام والتحرش بالمعارضين رغم ما قُدم لها من أدلة على تجاوزاتهم.

واطّلعت صحيفة “الغارديان” على توثيق داخلي ضخم يظهر أن الشركة تعاملت مع 30 حالة في 25 دولة تتعلق بالتلاعب السياسي، كشف عنها الموظفون في الشركة.

ويظهر التحقيق أن الشركة سمحت بالانتهاكات على المنصة في الدول الصغيرة والفقيرة وغير الغربية لمنح أولوية التعامل مع التجاوزات التي تثير انتباه الإعلام أو تلك التي تؤثر على الولايات المتحدة والدول الغربية. فمن جهة تحركت الشركة للتعامل مع التلاعب السياسي الذي أثر على الولايات المتحدة وتايوان وكوريا الجنوبية وبولندا، في الوقت الذي تحركت فيه ببطء لمعالجة تجاوزات في أفغانستان والعراق ومنغوليا والمكسيك وبقية دول أمريكا اللاتينية.

شركة فيسبوك سمحت وبشكل متكرر لقادة العالم والسياسيين باستخدام المنصة لخداع الرأي العام والتحرش بالمعارضين

وقالت صوفي جانغ الباحثة العلمية التي عملت في الشركة ضمن وحدة النزاهة التي كلفت بمواجهة التصرفات غير الحقيقية: “هناك ضرر كبير حدث في فيسبوك لأنها لم ترد بسبب عدم التعامل معها وأنها تمثل مخاطر كافية في العلاقات العامة على فيسبوك”. وأضافت أن “الثمن لم تتحمله فيسبوك بل العالم بشكل عام”. وتعهدت الشركة بمواجهة التلاعب بعد المهزلة التاريخية واستخدام روسيا حسابات غير حقيقية للتأثير على الانتخابات الأمريكية عام 2016 لخداع وتقسيم الناخبين الأمريكيين.

وأشار موظف سابق في فيسبوك إلى الثغرة بأن “المستبدين لا يهتمون بالتخفي”. وطردت الشركة جانغ في أيلول/ سبتمبر 2020 بذريعة أدائها غير الجيد. وفي آخر يوم عمل لها نشرت مذكرة من 7800 صفحة وصفت فيها كيف عثرت على محاولات صارخة ومتعددة من الحكومات الوطنية الأجنبية لاستخدام “منصتنا وعلى قاعدة واسعة لتضليل مواطنيها”، وهاجمت الشركة لفشلها في معالجة المشكلة. وكتبت في تقرير نشره موقع “بازفيد” في أيلول/ سبتمبر 2020: “أعرف الآن أن يداي ملوثتان بالدم”.

وقررت جانغ الحديث علنا على أمل أن تتعامل الشركة بجدية مع أثر سياستها على بقية العالم. وقالت: “لا يوجد حافز لدى فيسبوك سوى الخوف من تسريب أحدهم وإحداثه قضية كبيرة وهو ما أقوم به الآن”. وأضافت: “كل المشكلة هي أن النشاطات غير الحقيقية لا يمكن العثور عليها ولا تستطيع حلها إلا إذا علمت بوجودها”.

وقالت ليز بورجوا، المتحدثة باسم فيسبوك: “نختلف بشكل أساسي مع توصيف جانغ لأولوياتنا وجهودنا لاقتلاع التجاوزات من المنصة”. وأضافت: “قمنا بقوة بملاحقة الانتهاكات حول العالم، ولدينا فريق متخصص يركز على العمل. ونتيجة لهذا قمنا بحذف 100 شبكة تقوم بتصرفات غير حقيقية. ونصفها شبكات محلية تعمل في دول حول العالم بما فيها أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي منطقة المحيط الهادئ في آسيا. ومواجهة التصرفات غير الحقيقية هي أولوية”.

ويلعب مستخدمو المنصة وعددهم 2.8 مليار حول العالم، دورا مهما في الخطاب السياسي لكل دولة. لكن “اللوغارتيم” والملامح للمنصة يمكن التلاعب بها لتشويه النقاش السياسي. وواحدة من الطرق هي خلق “مشاركة” زائفة -مثل التعليقات والمشاركة والتفاعل- باستخدام حسابات مخترقة أو غير صحيحة على فيسبوك. فمن خلال المشاركة الزائفة يمكن تعزيز شعبية زعيم سياسي بشكل يؤثر على المعلومات التي يغذيها لوغارتيم فيسبوك. والنجاح بالتلاعب في اللوغارتيم يترك أثرا بين الوصول للملايين أو الصراخ بالبرية.

في آخر يوم عمل لها، نشرت جانغ مذكرة من 7800 صفحة وصفت فيها كيف عثرت على محاولات صارخة ومتعددة من الحكومات الوطنية الأجنبية لاستخدام “منصتنا وعلى قاعدة واسعة لتضليل مواطنيها

ووظفت شركة فيسبوك جانغ عام 2018 للعمل في وحدة لمتابعة والتخلص من المشاركات الزائفة. ولاحظت أن كل هذه المشاركات واضحة في منشورات الأفراد أو رجال الأعمال والماركات التجارية، بالإضافة إلى ما تطلق عليه فيسبوك أهدافا “مدنية” أي سياسية. وأكبر مثال على هذا هو رئيس هندوراس، خوان أورلاندو هيرنانديز، الذي كان يتلقى 80% من المشاركات “السياسية” الزائفة في هذا البلد الصغير بأمريكا الوسطى. وفي آب/ أغسطس 2018، اكتشفت جانغ أن فريق الرئيس متورط في عمليات تعزيز محتويات صفحته بآلاف من “اللايكات” المزيفة. وكان واحدا من مديري صفحة هيرنانديز، مديرا لمئات الصفحات التي تم إنشاؤها لتشبه صفحته. واستخدم فريقه صفحات وهمية لتوصيل اللايكات الزائفة لمنشورات هيرنانديز، وهو ما يشبه نقل جموع وهمية بالحافلات للاستماع لخطاب رئاسي.

وكان بناء ما أسمته جانغ “انتهاكات الصفحة” ممكنا بسبب الثغرة في سياسات فيسبوك التي تشترط صدق الحسابات وتمنع المستخدم من أن يكون له أكثر من حساب، لكن لا يوجد لديها سياسة مماثلة متعلقة بالصفحات والتي يمكن استخدامها حسب قدرة الحساب في التعليق والإعجاب.

وظلت الثغرة مفتوحة لعدم وجود سياسة لفرضها، وتم استخدامها حاليا من الحزب الحاكم في أذربيجان الذي ترك ملايين التعليقات المؤذية على صفحات وسائل الإعلام المستقلة وتلك التابعة للمعارضين. وترتبط انتهاكات الصفحة بما قامت به وكالة أبحاث الإنترنت الروسية التي قامت أثناء الحملة الرئاسية الأمريكية في 2016 بإنشاء حسابات تزعم أنها تمثل الأمريكيين واستخدمتها للتلاعب بالأفراد والتأثير على النقاش السياسي.

وأطلقت شركة فيسبوك على هذا “سلوكا غير حقيقي منسقاً” وأنشأت وحدة للتحقيق به والتخلص منه. وتعلن “فيسبوك” كل شهر عن نتائج عمل الفريق للتخلص من الصفحات والحسابات الزائفة. لكن فريق التحقيق الذي يعرف بالتهديد الأمني مع مدراء الشركة، قاوموا التحقيق في صفحات هندوراس وأذربيجان، مع وجود أدلة تربط الانتهاكات بالحكومات الوطنية.

وقدمت جانغ نتائج تحقيقها إلى غاي روزين، نائب مدير وحدة النزاهة، وكاتي هابراث، المديرة السابقة للسياسة العامة والانتخابات الدولية، وسميدي تشاكراباتي، مدير النزاهة المدنية في حينه، وديفيد أغرانوفيتش من قيادة إرباك التهديد الدولي.

وكانت الحالات التي تم الكشف عنها مهمة؛ لأن هيرنانديز تم انتخابه مرة ثانية عام 2017 في انتخابات قيل إنها مزورة، ووقعت فيها انتهاكات لحقوق الإنسان. أما أذربيجان، فهي دولة ديكتاتورية بدون حرية للتعبير. ولم يرد رئيس هندوراس أو الحزب الحاكم في أذربيجان على أسئلة للتعليق. ولم تستجب شركة فيسبوك للتحذيرات بإزالة الصفحات المزورة، أو شبكة هندوراس إلا بعد عام، وبعد 14 شهرا لإزالة شبكة أذربيجان.

وأخبر روزين، جانغ بعد شكواها في نيسان/ أبريل 2019: “لدينا مئات أو آلاف أنواع الانتهاكات” و”لهذا السبب علينا البدء من الأعلى” أو الدول ذات الأولوية. وأخبرت جانغ روزين في كانون الأول/ ديسمبر أن فريق التهديد الأمني أبلغها أنه يركز أولا على شبكات السلوك غير الحقيقي المنسق في “الولايات المتحدة وأروبا الغربية والأعداء مثل روسيا وإيران”.

وصادق روزين على الأولوية: “هذه أولوية صحيحة”. وقدمت جانغ سلسلة من التحذيرات إلى فريق التهديد الأمني حول شبكات الحسابات والصفحات المزيفة التي تستخدم لتشويه الخطاب السياسي في ألبانيا وتونس والعراق وتركيا والمكسيك وإيطاليا والأرجنتين والفلبين وأفغانستان وكوريا الجنوبية وتايوان والهند والسلفادور وجمهورية الدومينيكان وإندونيسيا وأوكرانيا وبولندا ومنغوليا.

وسط التظاهرات في العراق عام 2019، طلب خبراء التسويق منح شبكتين عثرت عليهما جانغ الأولوية. وتمت الموافقة على التحقيق، لكن لم يتم اتخاذ أي تحرك

وفشلت الشبكات في الالتزام بالمعيار المتغير لفيسبوك لكي تمنح أولوية من وحدة السلوك غير الحقيقي المنسق، مع أنها انتهكت السياسات ويجب إزالتها. وفي بعض الحالات اكتشفت جانغ أن فيسبوك تحركت بسرعة للتحقيق قي حالات في كوريا الجنوبية وتايوان وأوكرانيا وبولندا. وفي حالات أخرى، أخّرت الشركة التحقيق، كما حدث في الفلبين في تشرين الأول/أكتوبر 2019.

وفي حالة ألبانيا، اكتشف تحقيق الشركة أن التعليقات غير الصحيحة التي نشرت مرتبطة بأفراد لهم علاقة بالحكومة، وقررت التخلي عن الحالة. وفي بوليفيا تم تجاهل شبكة من الصفحات والحسابات المزيفة تدعم المرشح الرئاسي في الانتخابات عام 2019 بدون تحقيق. ونفس الحال في تونس ومنغوليا، حيث تركت شبكات مماثلة هناك بدون تحقيق، رغم الانتخابات في تونس، والأزمة الدستورية في منغوليا.

ووسط التظاهرات في العراق عام 2019، طلب خبراء التسويق للعراق بمنح شبكتين عثرت عليهما جانغ الأولوية. وتمت الموافقة على التحقيق، لكن لم يتم اتخاذ أي تحرك. وفي اليوم الأخير من عملها، وجدت أن 1700 حساب مزيف لا تزال ناشطة وتدعم رمزا سياسيا هناك. واكتشفت جانغ أن فيسبوك تتردد بمواجهة الشخصيات القوية، وعندما تفعل، تتخذ إجراءات ليّنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول S.S.Abdullah:

    من وجهة نظري، لا أمل في دولنا، لتجاوز كل مشاكل الظلم، والاستبداد أو الاستعباد، بدون تجاوز عقلية (اللوتي)، أو عقلية المنافسة على من أخبث مِن مَن، الموظف، أم الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمنتجات الانسانية في أي دولة،

    وإلا سيكون النتيجة ما ورد تحت عنوان (الغارديان: بينها تونس والعراق.. دول تستخدم ثغرات في سياسة فيسبوك للتحرش بمواطنيها وخداعهم)، من تفاصيل، المهزلة والتهريج في التعدي على حقوق فلان أو علان، بسبب زعل فلان أو علان من موظفي النظام البيروقراطي، على أرض الواقع، والأهم هو لماذا، وما دليلي على ذلك؟!

    إشكالية عقلية/فلسفة نظرية المؤامرة، عند ثقافة (الأنا)، التي لا تعترف بوجود أي ثقافة سوى ثقافة الأنا،

    تتعامل على أن أن كل شيء، هو ضد العربي أو المسلم، فما معنى الطابور الخامس إذن، هنيئاً، في هذه الدعاية المجانية، لدولة الكيان الصهيوني/الماسونية/الشيوعية، وبقية شماعة تبرير أي تقصير، بشكل عملي على أرض الواقع، ولا حول ولا قوة إلا بالله،

    وفي الجانب العملي/المقاولات/المناقصات

    https://youtu.be/LuzyPFjUiXA

    عاشت يديك يا زوج خالتي، على هذا الدليل، الذي يُبيّن قيمة ومصداقية نصيحة د سلمان الجميلي، كوزير أكثر من وزارة، ونائب رئيس الوزراء في فترة،

  2. يقول S.S.Abdullah:

    عندما أخبرني، بأن أوربا وأمريكا، تعرض على العراق موضوع الأتمتة،

    فلذلك، لا تحاول منافستهم بشكل مباشر، لن أستطيع ترسية أي عقد لأي مقاولة عليك في تلك الحالة،

    إبحث عن طريق آخر، كمدخل لموضوع الأتمتة،

    والآن حتى الصين، ومن خلال مفهوم (المقايضة)، لم تستطع إيجاد مدخل، سبحان الله،

    أنا مشكلتي الأنفة، إن لم يكن الحياء والخجل، عندك أو عند مصطفى، حتى موعد مع (د سعد كمبش)، رئيس دائرة الأوقاف، الذي أنت مشكوراً أوصلتني به،

    كمدخل لأتمتة كل شيء، من أجل تحسين الخدمات، بواسطة الآلة، من زاوية العمل على زيادة الإيرادات وتحسين جودة وكفاءة الخدمات للجميع،

    الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمنتجات الانسانية وبالتالي الدولة،

    من خلال تطوير مفهوم التدوين، عن طريق تكامل الكتاب، مع القلم واللوح (السبورة) الإليكترونية، والتعليم والتأهيل والتكوين المهني والوظيفي (عن بُعد)،

    بداية من الخدمات الصحية، فيما يتعلق بكورونا، أو غيرها، فالحل، بيدكم يا زوج خالتي، لو تجاوزتم الحياء أو الخجل أو (الأنفة)، بمعنى أصح؟!??
    ??????

    1. يقول أسامة حميد-المغرب:

      تعليقاتك أخي S.S.Abdullah لا غبار عليها من ناحية السلامة اللغوية صرفياً ونحوياً…ولكن من ناحية المعنى والدلالة شخصياً لا أفقه شيئاً مما تقول (اعذرني على الصراحة)…عندما أحاول أن ألم شتات “فكرتك” يسقط في يدي لأن كل ما قرأته أعجز عن ربطه ببعض لأحصل على نوع من الانسجام الداخلي يقودني إلى لب أو خلاصة فكرتك… هذا الأمر يذكرني بما درسته في اللسانيات بما يعرف بالفرنسية Un texte asémantique أي النص عديم الدلالة رغم سلامته اللغوية. تحياتي.

  3. يقول الصعيدي المصري:

    تجاهل المقال ما يحدث في مصر ..
    حيث تقوم القنوات الاعلامية الداعمة لنظام الانقلاب العسكري بقيادة السيسي
    بتوظيف جيوش من الذباب الالكتروني لكيل المديح لنظام طاغية استبدادي
    للدرجة التي تكاد تنطبق فيها حروف وجمل التعليقات رغم انها صادرة عن حسابات متعددة
    وذلك لاضفاء شعبية زائفة وجماهيرية وهمية لكل ما ينعق به لسان الحاكم وزمرته ..
    فيسبوك يغادر مكانه الذي ظنناه لزمن كصوت لمن لا صوت له وكمنصة لرأي حر .. باتجاه مساندة القمع والافكار المزورة والمضللة

    1. يقول محمد برعي:

      تحية اؤيدك تماما بما تقول….وأضيف….الذباب الالكتروني المصري اغبى ذباب اواجهه….عندما انتقد السيسي بمواضيع محددة بالتفاصيل مثل جدوى حفر تفريعة قناة السويس او بناء القصور او السد الاثيوبي….اجد الرد كله اهانات ومسبات….اتمالك نفسي وارد عليهم…..الا يوجد بين محبي السيسي واحد بفهم يرد علي بالمنطق ام انكم ليس لديكم جواب….المهم احدهم كاتب في تفاصيله انه دكتور هندسة وخبير كبير وجهت له سؤال انت خبير هندسي رد على كلامي عن القناة او السد او القصور….واصل السباب…..ثم وجهت له رد اختفى بعده هو والاخرين….يا جماعة ….السيسي حيزعل ….منكم السباب مش وسيلة جيدة للدفاع عن السيسي تكلموا بالارقام لتبتوا انه رجل دولة….هنا خافوا واختفوا….سالت شخص عن السبب في اختفائهم…..قال….يظهر انهم ظنوا انك ذباب كبير سيرفع تقرير عنهم وغبائهم للسيسي

إشترك في قائمتنا البريدية