لندن- “القدس العربي”: تساءلت صحيفة “الغارديان” عن السبب الذي أدى لمشاركة الأوليغارش الروس في محادثات السلام الروسية- الأوكرانية.
وجاء في تقرير أعده شوان وولكر من كييف، أن حضور مالك نادي تشيلسي السابق رومان أبراموفيتش، المعروف بخجله، محادثات إسطنبول قد فاجأ الكثيرين.
وقال إن من الصور التي تم نشرها عن محادثات اسطنبول يوم الثلاثاء، ظهرت صورة واحدة بوجه باسم في جلسة للمفاوضات. أبراموفيتش الذي فرضت عليه عقوبات، ولكنه لعب دورا مهما من خلف الأضواء، وقام برحلات مكوكية بين موسكو وكييف وإسطنبول منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وتم طرح عدة أسئلة حول الدور الذي لعبه الملياردير بعدما زعمت صحيفة “وول ستريت جورنال” والموقع الاستقصائي “بلينغيت” أن أبراموفيتش ونائباً أوكرانياً كانوا من بين ثلاثة تعرضوا لمحاولة تسميم وظهرت عليهم أعراض تعرضهم لمواد كيماوية أثناء المفاوضات في كييف بداية آذار/ مارس.
وأكد مصدر للغارديان أن أبراموفيتش شعر بالمرض بعد لقاء، وفقد نظره لعدة ساعات. وتعافي لاحقا وكان قادرا على المشاركة في جولات أخرى من المفاوضات. وتم استقبال أخبار التسميم بنوع من التشكك. وفي حالة نادرة من التوافق بين واشنطن وموسكو منذ بداية الغزو الشهر الماضي، فقد أعطت إشارات عن عدم اعتقادهم بقصة التسمم. وقال مسؤول أمريكي: “المعلومات الأستخباراتية تؤكد وبقوة أن هذا هو المناخ. وهو مثال عن عدم تسميم”. وفي يوم الثلاثاء قال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس فلاديمير بوتين، إن “هذا هو جزء من فزع معلوماتي، وجزء من عملية تخريب معلوماتي وحرب معلومات. هذه التقارير ليست صحيحة. ومن المهم تصفية تدفق المعلومات”. وشدد متحدث باسم الرئيس الأوكراني فولدومير زيلنيسكي على أهمية اتباع المصدر الرسمي للمعلومات. وتمسك كريستو غروزيف، من بيلينغيت بتقريره: “لا نعرف من فعل ذلك، ولكننا نؤكد أنه حدث”.
ويعتبر غروزيف ناشطا في الكشف عن محاولات التسمم، بما فيها تحديد الأشخاص الذين قاموا بتسميم الناقد للكرملين، أليكسي نافلني في 2020. وقال إنه سيقوم قريبا بنشر معلومات جديدة عن الحادث الأخير. وأضاف: “نحاول البحث عن توازن بين حماية الخصوصية ومظاهر القلق الأمنية للأفراد وتعريف الرأي العام بالصحيح”.
وبعيدا عن محاولة التسميم، فظهور الرجل الخجول والذي يعتبر من الأوليغارش الروس في مفاوضات السلام، فاجأ الكثيرين. ففي السنوات الماضية، قدم أبراموفيتش نفسه أنه شخص تقاعد عن الحياة التجارية ولا طموحات سياسية له. وعرف عنه أنه داعم للقضايا الثقافية ويعيش حياة خاصة. وكان رجلا يظهر في قاعات الفن والمسارح والمطاعم ويمقت الظهور في الأماكن العامة ويرفص الحديث مع الإعلام.
وقبل فترة قدم أبراموفيتش في لندن شكوى ضد الصحافية كاثرين بيلتون، بعدما عارض الكثير من المزاعم “رجال بوتين” بما في ذلك أنه اشترى نادي تشيلسي، “أبراموفيتش هو شخص أبعد نفسه عن بوتين”، وهو أمر أثار الشكوك بظهوره المفاجئ كمبعوث لبوتين. وقال مصدر في الوفد الأوكراني لصحيفة “إوكرانينسكا برافدا” إن أبراموفيتش وضع نفسه كوسيط محايد ولا يتعدى دوره “توصيل موقفنا إلى رئيسه بلغة إنسانية”.
وقال أليكسندر رودنيسكي، المستشارالاقتصادي لزيلينسكي لصحيفة “الغارديان” إنه تم جلب أبراموفيتش لدورالوساطة من قبل والده منتج الأفلام، الذي يعرف الملياردير بشكل جيد. وفي كييف، نُظر لأبراموفيتش كمحاور يستمع إليه بوتين. وتم تشكيل فريق التفاوض الروسي من مسؤولين من الدرجة الثانية، وليسوا مؤثرين، ولهذا اختار بوتين أبراموفيتش كمحاور جاد لإرساله إلى الأوكرانيين. وقالت الصحافية يوجينيا الباتس: “يبحث بوتين عن القنوات الخلفية، ولا يؤمن بأي شيء مفتوح، ويجب أن يكون كل شيء تآمري”.
وقال مصدر في موسكو إن أبراموفيتش سمح له بلقائين مع زيلينسكي في كييف، الشهر الماضي. وهو زعم لم يتم تأكيده من الجانب الأوكراني.
وبعد زيارة مرض فيها أبراموفيتش، عاد مرة ثانية للعاصمة الأوكرانية، كما قال المصدر. وفي مقابلة لزيلينسكي مع صحافيين روس نهاية الأسبوع، قال إن أبراموفيتش كان واحدا من الأوليغارش الروس الذين اتصل معهم للاستثمار في الاقتصاد الأوكراني. وأضاف: “لقد حصلنا على إشارات من عدد آخر من رجال الأعمال. دعونا نحصل على دعم من نوع ما، دعونا نعمل شيئا”. وقال أيضا إن أبراموفيتش شارك في نقاشات غير ناجحة لفتح ممرات إنسانية. لكنه لم يذكر زيارات أبراموفيتش إلى كييف أو مقابلاته مع الأوليغارش.
وقالت ألباتس إن مساعدة أبراموفيتش وغيره من رجال الأعمال الروس لأوكرانيا، هي نتاج رعب الحرب، وأيضا لمصالح شخصية ورغبة في تجنب العقوبات الغربية. وأضافت: “إنها طريقة حاول فيها أشخاص إنقاذ قصورهم ويخوتهم وأن يكونوا على الجانب الصحيح من الكفاح، وبعضهم عبّر عن رعبه. وأعرف منهم من لم يصدق ما حدث. ثم هناك الأشخاص الذي عبّروا عن قلقهم من عدم قدرتهم على دفع أجر خادماتهم”.
وهناك الكثيرون الذين عبروا عن تشككهم من عودة أبراموفيتش كصانع سلام. وقالت ماريا بيفتشكين، المقربة من السياسي نافالني: “كيف نسوا من كان هذا الرجل؟ فقد كان واحدا من الرعاة الكبار لنظام بوتين”. وقالت بيفتشكين إنها لا تشتري فكرة أن يكون أبراموفيتش لاعبا مستقلا في المحادثات.