لندن- “القدس العربي”:
في محاولة لتصوير حربه في السودان بأنها ضد الإسلاميين ووضعهم تحت التهديد، قامت قوات “الدعم السريع”، شبه العسكرية، التابعة لمحمد حمدان دقلو، حميدتي، باعتقال مئات الإسلاميين، في حملة بدأت قبل المواجهة مع القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان في منتصف نيسان/إبريل.
وفي تقرير أعدّه جيسون بيرك وزينب محمد صالح من الخرطوم لصحيفة “الغارديان”، جاء أن حملة الاعتقالات والملاحقة تكثفت بعد المواجهات. ويعارض الإسلاميون بشدة محاولة دقلو السيطرة على السلطة، لخوفهم من إحباط محاولاتهم للحفاظ على المكتسبات التي حصلوا عليها، أو العودة إلى السلطة في المستقبل.
وتعلق الصحيفة بأن حميدتي، القادم من منطقة غرب دار فور، والمتهم بالتواطؤ في عدد من المجازر خلال مسيرته السياسية، يحاول تقديم نفسه كإصلاحي، واتهم البرهان بالإسلامي الراديكالي.
وفي رسالة مسجلة تفاخر بأنه اعتقل مئات الإسلاميين خلال الحرب الدائرة منذ شهرين، بمن فيهم عناصر أمنية سابقة في ميليشيا إسلامية. وقال: “فضحنا كل المخططات والخطط الإرهابية والخطط المتطرفة، وهم الآن في سجوننا، وهناك الآلاف من ضباطهم والآلاف من ضباط الصف في داخل السجون”.
ولا توجد تأكيدات مستقلة لصحة هذه الأرقام، إلا أن هناك معلومات عن اعتقال عدد من رموز الحركة الإسلامية في الأسابيع الأخيرة. ومن بينهم محمد الجزولي، زعيم تحالف الأحزاب الإسلامية، وأنس عمر، الجنرال السابق في المخابرات وحاكم ولاية في ظل حكم عمر البشير. وكان الجزولي من أكثر الداعمين للجيش، منذ اندلاع القتال في نيسان/ إبريل، ودعا للحشد الشعبي ضد حميدتي.
ورغم تجنب قادة الإسلاميين السودانيين لأي دور علني في المواجهات الحالية، إلا أن المحللين يرون في مواقفهم أمراً مركزياً. وقال البرفسور نيك ويستكوت، مدير الجمعية الملكية الأفريقية: “يريد [حميدتي] دفع العالم للتفكير بأن الإسلاميين هم تهديد كبير، وأنه هو الشخص الوحيد القادر على معارضتهم. وهذا جزء من محاولات تسويق نفسه. وهو يعرف أنهم متجذرون في الاقتصاد، ولهذا فإن التخلص منهم سيصبّ في مصالحه الاقتصادية”.
وقتل منذ اندلاع القتال، الذي انتشر في أنحاء السودان، حوالي ألفي شخص، إلى جانب تشريد الملايين. ومنذ بداية القتال حاول البرهان تحشيد من انتفعوا أو شاركوا في نظام البشير، الذي أطاحت به ثورة شعبية عام 2019.
واعتمد البشير، خلال حكمه، على الإسلاميين، حيث عيّنهم في المناصب الاستخباراتية والعسكرية والبيروقراطية. وللإسلاميين حضور طويل في صفوف الجيش، الذي يقاتل قوات الدعم السريع في الخرطوم وغيرها. ولا يوجد تقدير واضح لحضورهم، إلا أن بعض التقديرات تقول إنهم يمثلون ثلثي الجيش. وقال إسلامي سابق: “علَّمَهم التاريخ أن الجيش سيطردهم” من الحكم، ولهذا عملوا “على زرع خلاياهم في الجيش” عبر العقود الخمسة الماضية. و “عملت الخلايا سراً، إلا أن عملها في الجيش كان واضحاً”. وكثَّفَ الإسلاميون جهودهم بعد سيطرة البشير على السلطة في 1989 وبالتعاون مع الجبهة القومية الإسلامية التي تزعمها حسن الترابي.
وينظر إلى أن البرهان على أنه مهتم بشكل أساسي بالحفاظ على قوة وتأثير الجيش السوداني وحماية مصالحه الاقتصادية. وعندما تولى السلطة، عام 2019، لم يكن للجنرال أي قاعدة سياسية، ولهذا مال نحو أنصار البشير لمواجهة التحديات من المؤيدين للديمقراطية. ولم تنجح المحاولات الأولى لتطهير الإسلاميين، وتم عكسها منذ انقلاب عام 2021 الذي قضى على آمال التحول الديمقراطي. واستطاع عدد من القادة البارزين الذين فرّوا إلى تركيا العودة لاحقاً.
وفي نيسان/إبريل العام الماضي، أعلن عن تحالف جديد في وسط الخرطوم، وحضره عدد من أنصار النظام السابق ومسؤوليه. وشارك آلالاف من الإسلاميين في مسيرة احتجاج ضد وجود الأمم المتحدة في البلاد. وتقول الصحيفة إن هناك شكوكاً واسعة حول منع الإسلاميين اتفاقية بين البرهان وحميدتي، كانت ستمنع المواجهة. واتهم “الدعم السريع” الجيش بالإفراج عن عدد من الإسلاميين في سجن كوبر، ورد الجيش بأنهم فروا بعد اندلاع القتال. ومن بينهم البشير، حيث لا يعرف مكانه بالتحديد. وقالت السلطات العسكرية إن البشير نقل إلى مستشفى عسكري، بعد اندلاع النزاع، لكن “قبل التمرد”.