لندن- “القدس العربي”: أخبر ضابط مخابرات أردني، صحيفة “الغارديان” أن فرع مصنع الإسمنت “لافارج” الفرنسي في سوريا الذي يواجه تحقيقا حول تمويله الإرهاب، قد استخدمه الجواسيس لجمع معلومات عن الرهائن الغربيين لدى تنظيم “الدولة”.
وفي تقرير أعده مراسلها في الشرق الأوسط مارتن شولوف، قال إن الضابط الاردني كان جزءا مهما من عملية التجسس، وقد أكد للصحيفة أن “لافارج” الذي استمر بالعمل بعد سيطرة الجهاديين على شرق سوريا، ما أثار جدلا كبيرا طوال الحرب على التنظيم، كان في الحقيقة خلية تجسس لعملية فاشلة من أجل إنقاذ حياة 30 رهينة.
وكان من بين الرهائن، الصحافي الأمريكي جيمس فولي، والمصور البريطاني جون كانتيل، والطيار الأردني معاذ الكساسبة، حيث تم تأكيد مقتل اثنين منهم. وكانت محكمة فرنسية عليا قد أصدرت هذا الأسبوع قرارا يقضي بإمكانية التحقيق في الشركة بتهمة التواطؤ بجرائم ضد الإنسانية بسبب تعاملاتها في سوريا، وقالت إن القرار السابق الذي ألغى الاتهام كان معيبا.
وتتعرض الشركة للتحقيق في فرنسا بسبب قرار الإبقاء على المصنع مفتوحا في ذروة توسع تنظيم “الدولة” ما بين 2013- 2014. وتُتهم الشركة بأنها دفعت حوالي 13 مليون يورو (11.5 مليون جنيه استرليني) كضرائب ورسوم للتنظيم من أجل الاستمرار في عمليات المصنع الذي كان واقعا في قلب المناطق التي سيطر عليها التنظيم. ولم تجادل الشركة في الأمر ولا المبلغ المدفوع عبر وسطاء، لكنها تؤكد عدم معرفتها بما حدث للمبلغ وكيف استخدم.
ويعتبر قرار المحكمة الذي طال انتظاره سابقة، وسيترك انعكاسات واسعة على الشركات التي تعمل في محاور الحرب، إلا أن تصريحات الضابط الأردني تثير أسئلة حول أثر الخدمات الاستحباراتية على قرارات تجارية حساسة تتخذها ظاهريا الشركات الكبرى، والدور غير المعلن للحكومة الفرنسية في الإبقاء على المصنع مفتوحا.
وقال الضابط الأردني: “كان هذا القرار أكبر من لافارج. ولم يقدم قرار المحكمة القصة بكاملها”. ونفى كل من المدير التنفيذي السابق برونو لافون، وكذا مدير المخابرات الفرنسية السابق جان- كلود فيلارد، والمدير السابق لفرع الشركة في سوريا فردريك حوليبوا، اتهامات تمويل منظمة إرهابية وتعريض حياة الآخرين للخطر. ويمكن أن يواجه كل منهم فترة حكم تصل إلى عشرة أعوام مع غرامة. ولم يتم التركيز على المسؤولين الفرنسيين البارزين، ولم يتم ذكرهم في التقرير الذي طلبته الشركة المندمجة “لافارج هولسيم” وحضرته الشركة القانونية “بيكر ماكينزي”.
وعلمت صحيفة “الغارديان” أن العميل الأمني الأردني أحمد الجالودي، سافر بشكل منتظم بين المصنع وعمّان لتقديم تقارير عن مكان الرهائن المفترض للمسؤولين الأمنيين في المنطقة ومن دول أخرى. وحدد مكانهم مرة في منشأة نفطية في الرقة. وسافر الجالودي الذي كان عمله حسب الوصف الوظيفي هو مدير مخاطر للافارج إلى الرقة لمقابلة مسؤول بارز في تنظيم “الدولة” وإقناعه بالإفراج عن الكساسبة التي سقطت طائرته المقاتلة قرب الرقة.
وحُرق الطيار لاحقا حياً وتم تصوير مقتله وبثه كدعاية، بشكل جعل مقتله أبشع لحظة في خمسة سنوات من التمرد. وأكد الجالودي، الضابط المخضرم في مديرية المخابرات العامة الأردنية دوره للصحيفة، وقال: “أنا فخور بالعمل الذي قمت به من أجل تخليص الرهينة، الطيار الأردني وحماية العمال في المصنع. وقدمت معلومات استخباراتية صحيحة للتحرك بناء عليها والتي كان من الممكن تخليص الرهائن”.
فعلى مدى ثلاثة أعوام، قام الجالودي برحلات عدة من مصنع لافارج بين الرقة وحلب، وفي داخل مناطق تنظيم “الدولة” إلى عمان وتركيا لتقديم تقارير شهرية للمسؤولين، وكلهم سهّلوا عمله للدخول والخروج من أخطر المناطق في العالم، حيث كان يقطع نقاط التفتيش التي أقامها التنظيم، وتعرض للتفتيش والتدقيق من قبل مسؤولي المخابرات “الخلافة”.
وأكدت مصادر استخباراتية، أن الجالودي لم تكن له علاقة أو دور بالعمليات التجارية للشركة. وتم تسهيل دخوله وخروجه إلى سوريا من الخدمات الوطنية الأمنية أو “أم أي تي”، وعبر الحدود التركية، وكذا صلته مع مدير المخابرات الأردنية فيصل الشوبكي. وأكدت المصادر أن الجالودي كان واحدا من أهم الجواسيس التابعين لأي جهاز أمني كان له عملاء في مناطق تنظيم “الدولة”، وبالتحديد في تقديمه معلومات عن أماكن احتجاز الرهائن.
وفي بداية عام 2014، ساعد الجالودي على تأكيد احتجاز الرهائن في حقل العكيرشي في الرقة. وتم التأكد من مكانهم عبر شاحنات النقل والمراسيل إلى المنشأة. وأكد مصدر من داخل تنظيم “الدولة” أن مصنع النفط تم استخدامه كمركز احتجاز. وتم تنظيم عملية إنقاذ للرهائن في نيسان/ أبريل، إلا أنهم نُقلوا لمكان آخر قبل أيام من تنفيذ العملية. وتعتبر لافارج إحدى أهم شركات مواد البناء في العالم، ولديها 2.500 مصنع حول العالم. وبدأت استثماراتها في سوريا عام 2007 ،وبلغت حوالي 600 مليون يورو، وكانت تعتبر ماركتها مهمةً في الشرق الأوسط.
واكتشفت الشركة من خلال التحقيق الداخلي الذي قامت به، أن الفرع السوري دفع للجماعات المسلحة من أجل حماية المصنع. ولكنها رفضت عدة اتهامات ضدها كجزء من التحقيق الفرنسي أنها تواطأت في جرائم ضد الإنسانية لتعاملها مع جماعات متشددة في المنطقة بما فيها تنظيم “الدولة”.
وربما أدى التحقيق في لافارج بتمويل منظمة إرهابية إلى محاكمة، مع أنه لم يتم بعد تحديد موعد. وسيطر تنظيم “الدولة” على المصنع قرب بلدة جلابيا في فترة لاحقة من عام 2014، وتم طرد التنظيم أثناء الحملة الدولية ضده، حيث احتلته قوات فرنسية وأمريكية خاصة بعد تصعيد الحرب للإطاحة بالتنظيم.
من وجهة نظري هذه ترجمة تفاصيل بعنوان رائع (الغارديان: ضابط مخابرات أردني يؤكد استخدام مصنع “لافارج” في سوريا كقاعدة تجسس لتحرير رهائن أجانب)، والأهم هو لماذا؟!
لماذا ما فعلته (لافارج) في سوريا (قانوني)، وما فعله (كارلوس غصن) في اليابان، أو ما فعله مدير الديوان الملكي مع الأمير (حمزة بن الحسين) في الأردن (غير قانوني)؟!
وفي هذا المجال كتب الأكاديمي الأمريكي/اللبناني (جلبير الأشقر) عنوان (أيهما أخطر 11/9 أم 1991؟)،
وما كتبته، في موضوع، بالأمس، هل هو غباء، أو أين الذكاء، عند أميركا (الدولة)، بعد 20 عام، عنوان (الولايات المتحدة تستأنف محاكمة “العقل المدبر” لهجمات 11 سبتمبر)، والأهم هو لماذا، وما دليلي على ذلك؟!
الإشكالية بالنسبة لي هو ما صدر من ممثلي الشعب الأمريكي، تحت عنوان تقرير 911، ويقول فيه لا يجوز (معاقبة) أي أحد بحجة هناك (غش) أو (تقصير) أو (فساد) في أداء (الوظيفة)،
بمعنى آخر، هم ملائكة،
وغيرهم (شياطين)، ممن تم وضعهم في (غوانتنامو)، أو ما زالت مهزلة مفاهيم العدالة والقضاء (الأمريكي)، وكأنّ لهم علاقة بأي عدل أو عدالة،
وهنا هي المأساة أو الأزمة الأخلاقية، عند صاحب أي سلطة بلا مرجعية مثل مرجعية لغة القرآن وإسلام الشهادتين، سبحان الله، على الأقل من وجهة نظري.