الغارديان: على الجيش البريطاني مواجهة فشله في أفغانستان

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: ناقش سايمون أكام مؤلف كتاب “تغيير الحرس” ضرورة مواجهة الجيش البريطاني فشله في أفغانستان ومواجهة الحقيقة.

ودعا في مقالته التي نشرتها صحيفة “الغارديان” إلى منح الأولوية لتحقيق حقيقي وصادق يتجاوز مسألة السمعة وطريقة إدارة الحملة في أفغانستان.

وأشار في هذا السياق إلى ما كتبه قائد الجيش البريطاني السير جنرال نيك كارتر في صحيفة “التايمز” يوم 7 آب/ أغسطس حيث قال إنه من الباكر لأوانه الحديث عن خسارة أفغانستان و”هناك الكثير من الإشارات التي تشير إلى حشد الناس في تحد” لطالبان. وبعد 11 يوما سيطرت حركة طالبان على عواصم الولايات وبعدها العاصمة كابول، وذاب الجيش الأفغاني الذي دربه الغرب وأنفق عليه 83 مليار دولار.

وبعد أيام أخبر السير جنرال كارتر محطة “سكاي نيوز”: “يجب أن تكون حذرا في استخدام كلمة العدو” مضيفا أن “على الناس فهم من هي طالبان.. فهم مرتبطون معا في هدف مشترك وهو كراهية الفساد، وأعتقد أنهم تغيروا”.

ويعلق أكام أن الجنرال يستحق بعض التعاطف، فهو يحاول الدفاع عن جنوده، وكغيره من القادة العسكريين في بريطانيا فقد شكلت حروب ما بعد 11/9 مسيرته العسكرية. وقاد كتيبة في العراق بالفترة ما بين 2003- 2004 وأصبح قائدا لمنطقة في أفغانستان. وتصريحاته الأخيرة تقترح محاولة مفهومة وهي عدم التخلي عن تضحيات جنوده. لكن حقيقة بقائه في منصبه تؤكد أهمية مراجعة الدور البريطاني في الحرب، مع أنها لن تحدث نتيجة عوامل عدة.

فمراجعة صحيحة لحملة أفغانستان تحتاج إلى 3 شروط. أولا، هي الحاجة للاعتراف أن ما حدث هناك هو هزيمة، فلا مجال للتلاعب بالألفاظ، وأي محاولة للتقليل من شأن ما حدث تعني تجاهل الأمر. أما الشرط الثاني، فيجب التعامل مع الفشل في أفغانستان على أنه أمر يخص مؤسسة الدفاع بشكل كامل، بما فيها وزارة الدفاع وليس فقط الجيش. فهناك حرب لا تنتهي موازية تجري في مقر الحكومة بين البحرية والجيش وسلاح الجو، ومع أن الجيش هو الذي خاض العمليات في منطقة هيلمند، حيث قاتل الجنود البريطانيون طالبان إلا أن التركيز على المؤسسة بشكل عام سيعرقل محاولات تبييض العملية. أما الشرط الثالث والأخير فهو الجاهزية لقول الحقيقة وتقديمها على تحقيق قصير الأمد وحماية سمعة المؤسسة.

ويعترف الكاتب أن أيا من هذه الشروط لن يتحقق. وأشار كتابه “تغيير الحرس” الذي جعله ينخرط بشكل واسع في مؤسسة الجيش وطريقة عمله منذ عام 2001، وهو ما أدى إلى إلغاء دار النشر عقدها مع الكاتب. ولكن الأمر لم يكن له علاقة بالكاتب نفسه، فكتابه هو الثالث الذي حاول الجيش التدخل به منذ العقد الماضي.

فبعد كتاب توبي هاردن “الرجال الموتى يبعثون” (2011) جاء كاتب مايك مارتن “حرب عاطفية” (2014)، مع أن الظروف تختلف لكل كتاب. فمؤلف هاردن كان “كتابا مدعوما”، وهو ما يعني إطلاع وزارة الدفاع على الكتاب قبل نشره مقابل فتح مؤسساتها للكاتب. أما مايك، فقد كان جندي احتياط طلب منه إعداد كتاب عن حملة هيلمند. ويظل كتاب أكام عملا من خارج المؤسسة. ويظل الجيش البريطاني مؤسسة تقاوم النقد من الخارج. ولديه حدس لحرف النقد بدلا من التعامل معه.

وهناك محاولة لحث الجنود على عدم المشاركة في الكشف عن الأشياء الخطأ والنظر للأمور من منظور ضيق، ويؤكد أن “تفاحة متعفنة” هي السبب. كما حدث في حالة في ألكسندر بلاكمان، جندي البحرية الذي أطلق النار على مقاتل أفغاني جريح وقتله عام 2011. وبعد ظهور الفيلم تمت محاكمة وإدانة بلاكمان بجريمة القتل، مع أن نائب قائد قوات البحرية الملكية أكد أن ما جرى لا يعكس أخلاق وقيم ومعايير البحرية الملكية.

هناك محاولة لحث الجنود على عدم المشاركة في الكشف عن الأشياء الخطأ والنظر للأمور من منظور ضيق

وفي الحقيقة إن تصرف الجندي يعكس تصرفات سابقة وشكاوى من إفراط الجنود في استخدام القوة، وما جرى في الحقيقة كان التخفيف من حدة التقارير في هذه الممارسات أو منع صدورها. وأضاف أن البعض يطالب بتحقيق عام في الحملة بأفغانستان، مشيرا إلى أن تحقيقات عدة جرت في حرب العراق، مثل قتل عامل الفندق بهاء موسى وتحقيق السويدي فيما قيل إنها معاملة سيئة للسجناء وكان تحقيق لجنة تشيلكوت موسعا.

وبنظرة عامة على هذه التحقيقات فقد كانت مدعاة للتقدير، لكنها تجاهلت السؤال القانوني الأهم وهو قرار الغزو، كما أن بطء التحقيقات على أنها أصبحت جزءا من الماضي حالة صدورها. وعليه فتحقيق في حملة أفغانستان يجب أن يكون سريعا وواضحا.

وأشار إلى أن النموذج الجيد عن التحقيق هو تحقيق بريرتون في ممارسات القوات الأسترالية الخاصة في أفغانستان. وتوصلت اللجنة إلى أن القوات الخاصة قتلت 39 مدنيا أفغانيا، بشكل أظهر أنها كانت مستعدة لاتخاذ القرار الجريء الذي لا تميل إليه بريطانيا عادة.

وختم مقالته بالقول إن الصور الأخيرة من كابول، مروحيات تقلع من السفارة الأمريكية هناك، ذكرت الجميع بالمروحيات التي هبطت على سقف السفارة الأمريكية في سايغون عام 1975. لكن الجيش الأمريكي تغير بعد حرب فيتنام وأدخل معدات جديدة للخدمة بما فيها “الخمس الكبار” مصفحة أبرامز وعربة برادلي القتالية والمروحية العسكرية أباتشي ومقاتلة بلاكهوك ونظام باتريوت.

وأكدت عقيدة واينبرغ على أهمية نشر القوات الأمريكية في حالة حددت الأهداف السياسية والعسكرية بوضوح وكانت القوات جاهزة لحسم المعركة سريعا.

وفي 1991 ذهب الجيش الأمريكي للحرب في الخليج التي ربحها سريعا. وقال البعض إن الولايات المتحدة كانت سريعة للتخلي عن تجربتها في مكافحة التمرد وهو ما عرضها للمشاكل في العراق عام 2003. وتظل الخطوة الأولى لمعالجة المشكلة هي الاعتراف بها، وقد فعلت الولايات المتحدة هذا وعلى بريطانيا الاعتراف بهذا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية