“القدس العربي”: نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، تقريرا مُثيرا عن الأسباب التي دفعت مصر لإنقاذ الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، من ورطة فشل الكاميرون في الانتهاء من أعمال البنية التحتية اللازمة، لاستضافة بطولة أمم أفريقيا 2019، التي نُظمت في النهاية على أراضي الفراعنة.
يقول التقرير إن جماهير البلد المنظم شعرت بخيبة أمل مريرة، بعد خروج محمد صلاح ورفاقه من دور الـ16، بالانحناء أمام جنوب أفريقيا بهدف نظيف على مرأى ومسمع أكثر من 70 ألف مشجع في مدرجات الملعب العريق، لكن الخيبة الأكبر، تكمن فيما وصفته الصحيفة “صعوبة تمييز مكاسب التنظيم”، والإشارة إلى ضعف الحضور الجماهيري، الذي ضرب التنظيم شبه المثالي في مقتل.
وأضاف نفس المصدر أن مصر أرادت إرسال رسالة للجميع، أنها تملك أفضل بنية تحتية في القارة، كنوع من أنواع المكاسب السياسية، أو فيما يُعرف إعلاميًا “دعاية على نطاق واسع” سواء للدولة أو النظام الحاكم، باستخدام “القوة الناعمة” لتعزيز مصالحها أو مصالحه- النظام- داخل القارة السمراء، هذا في الوقت الذي تترأس فيه البلاد الاتحاد الأفريقي.
واستندت الصحيفة لرأي مُحلل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية يُدعى زكي عقيل، قال إن الدولة المصرية تحاول استغلال القوة الناعمة بشكل نموذجي، ضاربًا المثل بقناة (Time Sport)، التي دشنها النظام لإعفاء المتابعين من رسوم مشاهدة قنوات (be IN) الناقل الحصري الفضائي الوحيد للبطولة الأفريقية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، معتبرها بحسب تعبيره “إحدى أدوات القوة السياسية الناعمة التي يستخدمها النظام المصري في كل مجالات كرة القدم الآن”.
من جهة أخرى، أشار إلى أن “الخطاب الوطني يطغى على البطولة برمتها”، على اعتبار أنها مهمة وطنية وليست مجرد تنظيم بطولة للعبة كرة القدم، مع ذلك أقيمت جُل المباريات بمدرجات فارغة، وذلك ليس فقط لغلاء ثمن تذكرة حضور المباريات، بل للإجراءات الأمنية المشددة المفروضة على كل شخص قبل حصوله على تذكرة.
وبحسب ما ذكره، فإن الأمر لا يقتصر على تسجيل البيانات الشخصية بتسجيل الاسم الرباعي وإحضار شهادة ميلاد الأم، بل قبل أي شيء، ينبغي ألا يكون له ميول “سياسية”، لتفادي إثارة المشاكل داخل المدرجات، التي ظلت مغلقة سنوات، على خلفية مجزرة بورسعيد 2012، ولم تُفتح إلا بأعداد قليلة جدًا العام الماضي.
مع ذلك، حدثت أشياء لم تكن تتوقعها أو تنتظرها الدولة المصرية، منها على سبيل المثال ترديد اسم ما وصفه التقرير “المنفي خارج بلاده” محمد أبو تريكة، بجانب المشجع الجزائري سمير سردوك، الذي تم ترحيله إلى بلاده، لرفعه لافتة الثورة الجزائرية ” يتنحّاو ڨاع”، التي كبدته السجن لمدة لن تقل عن عام، لكنها بمثابة الاحتجاجات المخفضة، بحسب التقرير.
وفي الختام، قال المحلل المصري، إن شعبه تلقى ضربات موجعة في يوليو/ تموز، وليس مكاسب من تنظيم البطولة، مستشهدًا بصدمة غلاء أسعار الوقود في اليوم التالي لخروج المنتخب من البطولة، موضحًا “في الحقيقة تعرضنا لضربة غير متوقعة ولم نحقق ما كنا نريده من التنظيم، كان من المفترض أن يُحقق الكان إيرادات ضخمة، لكن على ما يبدو كان هناك مبالغة في تقدير المكاسب المتوقعة”، متمنيًا أن يكون الانطباع الأخير في البطولة إيجابيًا، بحضور جماهيري مكثف في نهائي الجزائر والسنغال.