يزرعون الشوارع والساحات،
بأجساد الديكتاتور الحجرية
ويشوهون الجدران بصور لوجوه
تنز عيونها حقداً
عيون يقتلها القذى
المعتق في خوابي الثأر.
يسيرون بإرادة تحسب مسافات الخطى
وحركة الأيدي
والرقبة والرأس.
يصطنعون البسمة أحياناً،
والحزن أحياناً أخرى .
البكاء والضحك يصطنعون.
كائنات ترسم أنفسها كما يشاء غيرهمُ
إرضاءً
كما يرسم كذابو القصر على الجدران
صور السلطان،
وأنا وحدي غريبٌ جداً.
الأشجار الثكلى التي صارت أخشاباً
الأخشاب الصّماء
التي صارت للحمقى كراسي
ومناضد تتأفف من ثقلاء الظل
والعقل الأبلد ..
والأقلامُ تصرخ في وجه الحمقى:
غوروا عن وجهي
فأنا أبحث عن نبع في رأس يشقى
بسؤال المعنى
وأنا وحدي غريبٌ جداً .
مدنٌ ودخانٌ وقار،
يسكنها بزاق يشخر
بزاق من أعلى ومن أدنى،
خوذٌ تحرس كل الطرقات خوفاً
على روح الطاغية الأنوك .
خلق يرتعدُ من ضب،
حتى في السر يخاف من الحلم.
وأنا وحدي غريبٌ جداً .
لغة الفرح المقهورة،
يأسرها حراسُ الأفواه
وجلادُ الكلم المهووس..
بالقتل .
أغلالُ اللغة الموؤود يأكلها الصدأ،
ورداء أسود يحجبها،
لغةٌ فرت منها عصافير الجنة،
وجن الوديان،
والزهرُ الأبيضُ والأحمر .
وأنا وحدي غريبٌ جداً .
أمضي أبحثُ عني،
الملمُ أحجار الكلام،
تراب الكلام،
شجر الكلام،
ياقوت الكلام،
وعطر الكلام،
ريش الكلام،
وشوك الكلام،
وأسقيه من ماء نهر الحلم
ثم أبني فضاءً لكل الأجنحة
وأمضي في الرحلة
غريباً جداً.
شاعر وأكاديمي فلسطيني