لا يملك متابع للصور الواردة من غوطة دمشق منذ الساعات الأولى لصباح الاربعاء الفائت سوى الصراخ بأعلى صوت كفى قتلاً وفتكاً بالشعب السوري. جثث ممددة، وأجساد تصارع للحفاظ على آخر رمق من حياة. وطفلة تزف لرجل ببعض من رجاء ‘بعدني عايشة عمو بعدني عايشة’. ورجل يناشد طفلاً ‘عيش حبيبي عيش’. والطفل يرفع جفنين مثقلتين مرة وثانية، وفي الثالثة عجز عن الفعل نفسه ورحل. أما تلك الأطراف المتصلبة لشبان في ريعان العمر فلها حديث آخر عن فنون الانتقام من المدنيين وتسجيل مواقف سياسية على أرواحهم.
شكلت تلك المجزرة الرهيبة في الغوطة مادة لكل عمل أعلامي منذ الصباح الباكر لذاك اليوم الكالح والأسود. نشط الاعلام بطرفيه المؤيد والمعارض للنظام دفاعاً وتبياناً للحقيقة التي جزم بها. أما الضحايا فكادوا يتناقصون إلى أكثر من النصف بين اعلام معارض واعلام موال. ففي حين ثبت رقم الضحايا على 1300 في قناة الجزيرة، وكذلك قناة الجديد، تراجع الرقم إلى أكثر من 500 على قناة الميادين.
سواء كان الضحايا 1300 أو 500، فالرقم مجزرة حقيقية، وواحدة من مجازر العصر التي يعجز كائن من كان مفتعلها عن تحمل عبئها، وعن تحمل عصف الضمير الذي يستحيل أن يستكين لديه بعد هذا المشهد الذي يشظي القلوب ويفتتها. نقول هذا ونحن نفترض أن لدى الفاعل ذرة من إنسانية، وربما يكون الافتراض في غير مكانه، وهذا المرجح. ولأن المجزرة أثارت الضمير العالمي برمته ودعت مجلس الأمن للإنعقاد، كان على طرفي الصراع في سوريا تبرئة نفسيهما أمام الرأي العام العالمي الذي كان ينتظر نتائج التحقيق الذي تقوم به بعثة الأمم المتحدة بحثاً عن استعمال سابق للأسلحة الكيميائية. ففي برنامج ما وراء الخبر من قناة الجزيرة كان ضحايا الغوطة هم الخبر المحفز بحثاً عن الحقيقة لكن المذيعة سألت ضيفها المعارض وليد البني: ما الذي جرً النظام السوري لارتكاب مثل هذه المجزرة البشعة وكيف تجرأ على فعلها رغم وجود بعثة الأمم المتحدة؟ في تحليل البني أن الدافع هو الخسائر الميدانية التي لحقت بالنظام في ريف دمشق. وفي تحليل الصحفي الموالي من بيروت فيصل عبد الساتر أنه يستحيل أن يقوم النظام بذلك نظراً لتقارب وتداخل المواقع العسكرية. وأنه من المستحيل ضرب صواريخ برؤوس كيميائية من دمشق إلى اهداف في ريفها. وذكر بواقعة حصول المعارضة على اسلحة كيميائية بعد سيطرتها على خان العسل مع العلم أن النظام السوري وحتى الأمس ما زال ينفي امتلاكه لهذا السلاح. أما المحلل الاستراتيجي في الأستوديو فايز الدويري فوجد أن المقاتلين في ريف دمشق هم من أهله، ويستحيل على هؤلاء قصف أهلهم بالسلاح الكيميائي.
في مسائيتها حلّ خبر مجزرة الغوطة أولاً على قناة الميادين. وفي حين عابها غياب وجهة نظر معارضة كان كافياً حضور طبيب شرعي في الأستوديو قرأ من خلال الصورة وأكد أن السلاح المستخدم هو غاز السارين وقال بالحرف: لفتتني صورة فيها أذرع مرفوعة متشنجة. هذا هو انعكاس غاز السارين على البشر والذي يؤدي لتشنج في القفص الصدري ومن ثم الموت. أما اللواء يحيى سليمان من دمشق فوجد تهمة النظام بضرب الكيميائي مستحيلة. ففي ذلك اليوم، حسب قوله، كانت سرعة الرياح 24 كيلومتر في الساعة، وقرب المواقع العسكرية كان سيصيب بالتأكيد القوات النظامية بهذا الغاز. واستنتج: ‘كان لا بد من استعمال الكيميائي اليوم لحرف بعثة الأمم المتحدة عن المهمة التي جاءت لأجلها’. أما ا مراسلة الميادين من دمشق ديما ناصيف متحدثة من معضمية الشام فأشارت الى تداخل مناطق جوبر، زملكا وعربين بالغوطة الشرقية، وبالتالي تداخل مواقع المسلحين بمواقع جيش النظام. وتساءلت ‘من تجرأ إذاً على هذا الفعل الشنيع؟ ولماذا ليس بين الضحايا مسلحين أو عسكريين؟ وقد أظهرت الصور عدداً لا يحصى من الأطفال والنساء والشبان اليافعين’. باتت الحرب العبثية في سوريا عبئاً على كل ضمير حي.

أمير يقيل اخوانياً عبر تويتر

لجأ الوليد بن طلال صاحب قنوات روتانا وأخواتها إلى أحدث الوسائل للإعلان عن إقالة مدير عام قناة الرسالة الدينية الداعية الكويتي طارق سويدان، إنه تويتر. قالها الأمير بالحرف في تغريدته ‘لا مكان لإخواني في مجموعتنا’. وزاد ‘الرسالة غير منتمية لأي حزب أو أفكار أو جماعة’. قبل تغريدة الأمير كان طارق سويدان قد كتب عبر الفايسبوك معلناً انتماءه للإخوان. أما تغريدة الأمير فكان أن حظيت بالصفة الشعبية بعد أن تابعها أكثر من مليون شخص. المتابعون منقسمون كما هي الحياة السياسية في عالمنا العربي. منهم من هلل لقرار الأمير، ومنهم من غضب منه، ومنهم من فرح لسويدان لأنه ارتاح من منصبه. التغريدات التي لحقت بتغريدة الأمير كانت جديرة بالاهتمام والقراءة. لكن أهمها على الاطلاق تلك التي حللت وسألت الأمير ومن الخليج تحديداً: علاقة سويدان بالاخوان جريمة وعلاقة شريكك روبرت مردوخ بإسرائيل ويش تسميها؟
كان لقرار الإقالة الذي اتخذه الوليد بن طلال تداعيات تلقفتها قناة الجزيرة كمن يقع على صيد مثير. فمن الأردن أعلن صاحب برنامج ‘نداء الحرية’ سلطان العجلوني الذي كان يبث على قناة الرسالة استقالته عبر هواء الجزيرة، معلناً أنه لم يعد هناك فائدة من برنامج ‘نداء الحرية’ بعد إقالة سويدان. فلم يعد هناك حيز للحرية في ‘الرسالة’.
بعد جديد الأمير الوليد في ابتكار الإقالة الأكثر معاصرة، بات على كل موظف أن ينتظر إقالته بهذه الطريقة. فالطريق تمّ تعبيدها.

هو التفوق رغم المرض

ليست كثيرة الأخبار الإيجابية الصادرة من لبنان. وضعنا السياسي والأمني مربك ومضطرب لأبعد الحدود. ورغم ذلك تطالعنا من خلال الإعلام فسحة مضيئة تبعث فينا الأمل. فقد فعل وزير التربية حسان دياب خيراً حين كرّم في مكتبه في الوزارة شابين متفوقين في الامتحانات الرسمية. شابان لم تمنّ عليهما الحياة بصحة سوية. تفوقا في محافظة الجنوب التي ينتميان إليها. فاتن جوني الضريرة منذ الولادة تفتحت بصيرتها وتفوقت. وأعربت عن أملها بمتابعة دراسة الترجمة والتعريب في جامعة اليسوعية. كذلك الشاب حسان الأمير ‘سمي الوزير حسان دياب’ المصاب بمرض التلاسيميا منذ الولادة، ولم يقف المرض حائلاً بينه وبين التفوق رغم ما يحتاجه من زمن لعلاج يومي لمرضه. تفوق ويحلم بأن يكون مهندساً. إرادة الحياة لا يقف المرض حائلاً دونها. هما نموذجان لشابين مكافحين رغم المرض. هكذا يمكن للشاشة أن تمد المشاهدين بالمثل الصالح وأن تحفزهم على النشاط والاجتهاد وتحدي المصاعب من أجل غد أفضل.

الناس بالناس

انشغل متتبعو مواقع التواصل الاجتماعي بصورة فتاة أميركية تقف في الشارع طلباً لمساعدة مالية. تقول في الاعلان الذي تأبطته برجاء: Not HomlessôNeed BooBs. وفي الصورة التي عرضها لنا التلفزيون وجدنا من رق قلبه على هذه الفتاة الباحثة عن جرعة اضافية من الأنوثة فمنحها المال. أمام هذه الصورة، وأمام هول الصور الواصلة لنا من عالمنا العربي سواء من سوريا، مصر، فلسطين، اليمن، السودان والضاحية الجنوبية من لبنان ليس لنا سوى استحضار المثل الشعبي القائل: الناس بالناس والقطة بالنفاس.

أفعى الكوندا

من الهند جاء التحدي. هي صورة الأفعى العملاقة كوندا تبتلع عنزة. عنزة بأمها وأبيها. لكن حمية الشبان أبت على العنزة هذا الموت داخل أحشاء الأفعى. جرت محاولات لاستخراج الضحية. كانت عملية تشبه الولادة. الجزء الخلفي من العنزة يخرج أولاً. لكن الكوندا بقيت على تمسكها بالرأس. الشبان يضغطون على رأس الأفعى وهي تضغط على رأس العنزة. وفي خاتمة المطاف خرجت العنزة جثة. قناة الجديد تابعت وبالعرض البطيء هذه المهمة دون أن نعرف من هو المقصود بعمل الخير هذا. هل هو الحفاظ على حياة الأفعى التي يمكنها أن تبتلع إنساناً، أم ضرورة دفن العنزة في التراب بدل أحشاء الأفعى؟
صحافية من لبنان