أولغا زلبيربورغ كاتبة روسية تنتمي للجيل الرابع من كتاب القصة. جيل ما بعد عصر النهضة، وروسيا السوفييتية، فأدباء المنفى. تعكس أولغا في كتاباتها اهتماماتها في الاضطرابات الاجتماعية الجارفة التي وضعت حدا للدولة السوفييتية، وفتحت الباب على فترة يسودها الغموض والفوضى والبحث عن شخصية أو هوية. إضافة إلى حالة الغربة وتحولها إلى شقاء وتعايش.
ولدت أولغا في سان بطرسبورغ (ليننغراد) في أيام الدولة السوفييتية، ثم غادرت للولايات المتحدة للدراسة، واختارت أن تقيم فيها. وهي حاليا تعيش في سان فرانسيسكو، وتعمل محررة مستشارة في مجلة «ناراتيف» الأمريكية، ومعاونة مدير لورشة أدباء سان فرانسيسكو. عن كتاباتها وعن الأدب وعلاقته بالسياسة كان هذا الحوار ..
■ بداية ما رأيك بالمشهد الأدبي المعاصر في روسيا؟
بسقوط الاتحاد السوفييتي فقد الأدب الروسي المعاصر الاتجاه والمركز. من ناحية، تراجعت دور النشر بالحجم، ولكن من ناحية ثانية دخل الفضاء ناشرون جدد، وأصوات جديدة كثيرة. وفي السنوات القليلة السابقة أدى ضغط السوق إلى نوع من التماسك في صناعة النشر والطباعة ـ مع ذلك بقيت هناك دور صغيرة تتابع دورها في اكتشاف كل شيء جديد، ولاسيما ما لم يكن موجودا في الاتحاد السوفييتي السابق.
■ هل تعتقدين أن الأدباء المعاصرين يحتفظون بمبادئ الاتحاد السوفييتي نفسها أم أنهم عادوا إلى التقاليد الروسية الأساسية؟
في عام 2018 أطلق يوري سابريكين، وهو صحافي ومحرر أدبي مؤثر يعيش في موسكو، مشروعا سماه بولكا ـ رف الكتب ـ وسأل فيه مجموعة من المهتمين، أساتذة مدرسة، كتابا، نقادا لتحديد أهم عمل روسي عظيم. وبالنتيجة، جاءت الردود بقائمة تحتوي 108 كتاب. وفي مقدمتها «بطل من زماننا» لليرمنتوف، ثم «آنا كارنينا» لتولستوي، ثم «النفوس الميتة» لغوغول. أما رقم ستة وسبعة فقد احتله أدباء من الحقبة السوفييتية، لكن كان لهم دور في الاتجاه المعاكس، وأقصد : «الحفرة» لأندريه بلاتونوف. و»موسكو – بيتوشكي» لفينيديكت إيروفييف. وعليه الجواب، كلاهما له الأهمية نفسها. ولكن أعتقد أن ما أخذناه من الأدب السوفييتي هو النوع الذي كان داخل بيت الطاعة لنقل، غوركي، وشولوخوف، والاثنان ورد اسمهما في اللائحة، ولم يكن للثورة المضادة أو الحركات السرية دور.
■ ومن هو الأكثر معاصرة وتأثيرا في المشهد المعاصر .. باختين أم برديائيف؟ تولستوي أم دستويفسكي؟ وهل غوركي خارج التاريخ أم أنه موجود في روح الأجيال الجديدة؟
باختين طبعا. وتحليله للديالوج والكرنفالات لا ينضب. ولا أعتقد أن دستويفسكي أو تولستوي لهما الرصيد نفسه في الحياة الراهنة. إنهما من الماضي ولهما دور في تربية الناشئة. لكن بوشكين هو الكاتب الخالد الذي لا يموت في ضمير الأجيال. وقصصه تعجبني وأعود لها دائما. أما غوركي فهو حي فعلا. ولا يزال له وزن، وأي تحليل معاصر لكتاباته يؤكد وجوده على المسرح السياسي أو سياسة الأدب.
■ ومن هو أهم كاتب روسي في العصر الراهن برأيك؟
بلا تردد أقول سفيتلانا أليكسييفيتش، ليودميلا بيتروشيفكايا، لينور غوراليك، غوزيل ياخينا، أليشا غانييفا وغيرهم.
■ والآن إلى المنفى، كيف تنظرين لكتابات سولجنتسين ونابوكوف. هل تعتقدين أنهما قدما أبعادا جديدة للأدب الروسي؟
في مقالتها المعنونة «قرن من الثقافات .. الروسي في الغربة» تؤكد ماريا روبينز أنه يجب استبدال فكرة «موجات» الهجرات الروسية بـ «مفاصل» الثقافة الروسية التي تبلورت في أماكن وعصور مختلفة، فهي دائمة وتتطور أشكالها باستمرار.
وتقول: إن كل مفصل من الحياة الروسية التي ظهرت للوجود في القرن الماضي يولد نماذجه وجغرافيته المحلية. وأجد أن هذه الفكرة مقبولة. نابوكوف، في عصره، وبرودسكي وسولجنتسين في فترتهما، لعبوا دورا كبيرا، لنقل: ضد النظام التوتاليتاري، وهو السبب الذي ألقى بهم في المنفى. ولكن أنا نشأت في عصر مختلف، وسافرت استجابة لنداء وضغط آخر. ولذلك لست مبتورة عن روسيا، ويمكنني العودة إن رغبت، ولا توجد عندي أسباب للحقد. وفي هذه الآونة، أنا مهتمة بحكايات اليهود الروس الذين استقروا في أمريكا. على سبيل المثال، اكتشفت مؤخرا أعمال أنزيا يزيرسكا، التي حققت شعبية واسعة بكتاباتها عن الغيتو اليهودي في مدينة نيويورك في فترة العشرينيات. وكتابها «سالومي في الوصايا» تحول إلى فيلم صامت
تفكك الاتحاد السوفييتي كان يعني اختفاء أساليب النشر القديمة. والجيل السوفييتي السابق من القراء كانوا على دراية أفضل بالأدب العربي بالمقارنة مع جيلي.
■ وكيف ينظر الأمريكيون للأدب الروسي؟
لسوء الحظ، معظم الأمريكيين الذين لا يجيدون الروسية يعترفون بأسماء قليلة من جسم الأدب الناطق بالروسية. وأقول «لسوء الحظ» لأن هؤلاء الكتاب، رغم أهميتهم، يقدمون رؤية مختزلة عن الأدب الروسي. ولكن من حسن الحظ، أنه توجد حلقة قوية من المترجمين الذين ينقلون من الروسية إلى الإنكليزية. وهؤلاء المترجمون ينجون باختياراتهم. وأفضل منها ترجمات حديثة لأعمال غوزيل ياخينا، كسينيا بوكشا، لينور غوراليك، أولغا سلافنيكوفا، أكرم إيليزلي، وهو كاتب من أذربيجان، ويكتب بالأذرية والروسية. وأطلقت ليسا هايدين مدونة رائعة بعنوان «رف كتب ليسا» وتؤرشف فيها أهم الترجمات عن الروسية.
■ ما هي الكتب التي نشرت لك بالروسية والإنكليزية. وأين تضعين نفسك: في المشهد الروسي أم الأمريكي؟ بكلمات أخرى لمن تنتمين، لماذا؟
للتو نشرت مجموعتي «مثل الماء وقصص أخرى» وصدرت عن دار «وتاو» في كاليفورنيا. وكتابي السابق «الأرض المستسلمة» صدر في موسكو عام 2016 عن دار نشر فريميا. وسبقت ذلك مجموعتان من القصص ونشرتهما مطابع مستقلة في سانت بطرسبورغ. ولكنني أكتب غالبا بالإنكليزية وأتعاون مع مترجمين لنقلها إلى الروسية. وأحيانا، أكتب القصص بالروسية أيضا. وأنا مغرمة بالتفكير بسؤال أو مشكلة الانتماء والهوية ،الجواب ليس سهلا ولا مباشرا. إنما ككاتبة أجد نفسي في البيئة التي أعيش فيها في سان فرانسيسكو، وما زلت أكتشف أصواتا جديدة هنا.
■ وما تعليقك حول الأدب الأمريكي؟
رأيي عن الأدب الأمريكي متأثر حتما بحياتي في سان فرانسيسكو. والأصوات القوية التي أسمعها من حولي تصل في أحيان كثيرة إلى دور النشر في نيويورك، ولكن ليس دائما. وجو الكتابة في سان فرانسيسكو كوزموبوليتاني بمعنى أنه مختلف تماما عن نيويورك. وأقرأ حاليا كتابا قريبا من قلبي من تأليف ليليان هوين وعنوانه «مشترو السحر»، تدور الأحداث في تاهيتي وتروي قصة شاب من جماعة هاكا الصينية في تاهيتي، الذي يغرم بابنة عمه. وفي سان فرانسيسكو دار للنشر هي «تو لاينز» وتركز في موادها على الترجمات الأدبية، وقد نشرت مؤخرا «مشرق» للكاتبة دوانوود بيموانا، وهذه أول رواية لامرأة تاهيتية تمت ترجمتها إلى الإنكليزية. أما من بين كتابي المفضلين في سان فرانسيسكو أذكر: تميم أنصاري، المولود في كابل، وبيغ ألفورد بيورسيل، شارلي جين أنيرز، وغيرهم.
■ وما هو الفرق بين الأدبين الأمريكي والروسي برأيك؟
أرى أن الحواجز التي تؤخر الدخول إلى ساحة الأدب الأمريكي أقل. إن كنت تريد أن تكون كاتبا ــ لا بأس. أدرس الكتابة الإبداعية، وتعلم المهنة. من الواضح، أن هذا الباب مكلف ولا يقدم وعودا براقة ماليا. أما في روسيا، على حد علمي، توجد ورشات كتابة كثيرة، مقابل جامعة واحدة تمنح شهادة في أصول الكتابة. وعليه أعتقد أن المهنة مجهدة وتعتمد على العلاقات الشخصية.
■ وماذا عن الأدب العربي؟ ومن له علاقة وثيقة بالمشهد العربي، أمريكا أم روسيا؟
تفكك الاتحاد السوفييتي كان يعني اختفاء أساليب النشر القديمة. والجيل السوفييتي السابق من القراء كانوا على دراية أفضل بالأدب العربي بالمقارنة مع جيلي. وإذا كانت هناك ترجمة للأدب العربي في روسيا، وأنا متأكدة من ذلك، لم تصل إلى المكتبات الكبيرة، ولم تهتم بها الصحافة.
والترجمة ليست مباشرة وغالبا تكون عن طريق الإنكليزية ــ ومن فترة قريبة اطلعت بالروسية على عرض لكتاب: «تاريخ العرب» للمؤرخ البريطاني إيوجين روغان، ولكن أهم كاتبين حصدا شهرة مماثلة في الاتحاد السوفييتي وأمريكا هما المصريان نجيب محفوظ ويوسف إدريس. وفي أمريكا المعاصرة أعتقد أن الترجمة ليست غزيرة مثل نتاج كتاب المنفى. لكن الترجمة موجودة. وأنا لا أنسى ترجمة فادي جودة لشعر محمود درويش ــ وأذكر من قصيدة نشرتها مجلة «ناراتيف»، التي أشترك بتحريرها، قول درويش: «ماذا سنفعل من دون منفى؟». وبالإشارة للمنفى، أنت رشحت لي مؤلفات هشام مطر. وأحببت على وجه الخصوص كتاب مذكراته «العودة»، ثم بحثت عن أعماله السابقة ورأيت أنها شديدة الأهمية ورائعة.
■ هل كــــان لكارثة 11/9 تأثير على الأدب الروسي؟
لا أعتقد أن 11/9 أثرت في الأدب الروسي. ربما هي ليست من صلب اهتماماتي . وحتى الآن لم أجد لها أي إشارة ذات مدلول ملحوظ في أدبنا الروسي.
■ وماذا عن مشروعك الراهن؟
أعمل على باقة من المقالات ــ وهذا لون أدبي جديد بالنسبة لي ــ وما زلت أنتظر إن كنت سأستفيد من هذا النشاط في قصصي المقبلة التي أفكر فيها. والحقيقة أود أن أكتشف زوايا أخرى من ذاكرتي عن حياتي في فترة تفكك الاتحاد السوفييتي. أن تكون مراهقا في بلد فقد فجأة تاريخه يعني أن تغير الطريقة التي تفهم بها العالم.
فقط بعض الكلمات اد ا سمح المنبر كلمات باللغة العربية بدل الفرنسية اوغيرها فالمنبر ولاشك يترجم الكلمة والحرف كدالك المعطرة بالفن ولاخرى بين قوسين وليس خروجا عن الموضوع المسرح والسينما كلاهما تعامل مع الحدث القضية التاريخ االرواية القصة ولازالا التعامل قائما الى يوم هد ا وسيظل قواعد الرواية الفنية كما هو معروف تختلف عن قواعد القصة وكلاهما عرفا وجوها متميزة تفننت في صنعمها وبأتقان ومن خلال هد ا الحوار الفني شممنا رائحة كاتب مصري نال نوبل عن جدارة فروايته اونقول قصصه خطفتها عيون السينما انه نجيب محفوظ هنيئا للكاتبة في مسيرتها الفنية فاكتابة القصة ليست بالامر السهل