انطاكيا- ريف دير الزور- “القدس العربي “:
يواصل عناصر مقاتلي تنظيم الدولة تسليم أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، في معقلهم الأخير وما تبقى من مناطق خاضعة لسيطرتهم، وتستعرض “القدس العربي” في هذا التقرير سلسلة من عمليات الاستسلام لعناصر التنظيم في آخر معاقلهم بريف دير الزور، استنادا الى مصادرها الخاصة في مجلس دير الزور العسكري، وعناصر من قوات “قسد” فوج الشدادي، إضافة الى إعلاميين ونشطاء في مركز دير الزور الإعلامي التابع لقسد وكذلك الناشط الميداني زين العابدين العكيدي.
ووفقا لتلك المصادر الميدانية التي تواصلت معها “القدس العربي” فان جولات من المفاوضات بين وسطاء عن تنظيم “الدولة” من جهة، وقيادات قوات “قسد “من جهة أخرى، اسفرت عن تسليم مئات المقاتلين من التنظيم أنفسهم، خلال الأسابيع الأخيرة.
وشهدت مناطق “الجيب الأخير” الذي لا يزال يخضع لسيطرة تنظيم “الدولة” والذي لا تتجاوز مساحته بضعة كيلومترات مربعة، عمليات خروج واسعة لمدنيين عالقين في هذه المنطقة معظمهم من عوائل مقاتلي التنظيم، بينهم أجانب من جنسيات فرنسية واوزبكية وطاجيكية وأتراك وألمان، واغلبهم عراقيون، إضافة الى السوريين واعداد من السودانيين والمغاربية.
ويقول زين العابدين العكيدي، الناشط البارز المتواجد في ريف دير الزور، انه وقبل أيام، وتحديدا في 30 كانون الثاني/يناير الماضي، سمحت قوات “قسد” بخروج نحو 150 مدني سلموا أنفسهم اليها، بينهم عشرات المقاتلين، بالقرب من جسر الباغوز الذي تركته “قسد” ممرا امنا للخروج.
ويضيف العكيدي في حديثه لـ”لقدس العربي” ، انه من بين ستة مقاتلين سلموا انفسهم فجر الخميس 31 كانون الثاني/يناير الماضي، القيادي في التنظيم “مارتن ليمكي” المعروف باسم “أبو ياسر الألماني” برفقة زوجاته الثلاث.
ويقول مصدر مطلع في قوات قسد والمجلس العسكري لدير الزور، ان القيادي الألماني هو أحد المسؤولين الأمنيين للتنظيم في المنطقة، وسبق له ان عمل مسؤولا امنيا في الرقة.
وكانت القيادات والعناصر من قوات “قسد”، قد نفت لـ”لقدس العربي”، صحة الانباء المتداولة عن استقدام الأمريكيين فرقة خاصة من إقليم كردستان العراق إلى المنطقة في 24 كانون الثاني/يناير الماضي، بزعم وجود أمير تنظيم “الدولة” أبو بكر البغدادي في المنطقة.
واكد أحد الناشطين من مركز دير الزور الإعلامي، قال إن الهدف من استقدام الفرقة الأمريكية الخاصة، هو القاء القبض على بعض قيادات التنظيم المحاصرين في أطراف منطقة الباغوز، في ريف دير الزور الشرقي على مقربة من الحدود مع العراق.
تعود أولى عمليات “الاستسلام” إلى 6 كانون الثاني/يناير الماضي إذ اقدم عدد من المقاتلين الأجانب على تسليم انفسهم لقوات “قسد” قرب بلدة “الشعفة” قبيل السيطرة عليها من قبل قوات “قسد” بثلاثة أيام.
وبلغت اعداد المقاتلين الذين سلموا أنفسهم حينذاك، 35 مقاتلا مع عوائلهم.
وفي التاسع من الشهر نفسه، أي في اليوم الذي سيطرت فيه قوات “قسد” على بلدة “الشعفة”، سلم نحو 80 مقاتلا، غالبيتهم من العراقيين، أنفسهم مع عوائلهم لتلك القوات المتمركزة في المنطقة المعروفة باسم “بادية الشعفة”.
وفي 17 كانون الثاني/يناير الماضي، سيطرت قوات “قسد” على بلدة “السوسة” القريبة من بلدة “الشعفة” بعد ان سلم 50 مقاتلا اجنبيا من جنسيات عربية وأوربية أنفسهم رفقة عوائلهم ومدنيين آخرين بلغت اعدادهم الكلية أكثر من 350 شخصا.
وفي اليوم التالي، وبعد تضييق قوات “قسد” حصارها لمناطق سيطرة تنظيم “الدولة”، لجأ التنظيم ثانية إلى طلب التفاوض مع قوات “قسد” التي رفضت القبول بالتفاوض، بعد خلافات بين قياداتها التي انقسمت بين مؤيد للتفاوض ومعارض له.
ويوضح الصحافي زين العابدين العكيدي هدف التسليم من هذه المفاوضات، قائلا “حاول التنظيم توظيف ورقة الأسرى لديه في مفاوضات تسليم الأرض، مقابل الخروج الآمن إلى البادية، ومنها اما إلى صحراء الأنبار عبر الحدود العراقية، أو إلى غرب نهر الفرات ثم إلى صحراء محافظة حمص، قوبل طلب تنظيم “الدولة” بالرفض من قبل قيادات قوات “قسد” المتمثلة بالقائد الميداني لمنطقة “هجين”، روني، والقائد العسكري زنار والقائد العسكري الاخر أبو عثمان الكردي، كما ان ضباط قوات التحالف المتواجدين مع قوات “قسد” رفضت هي الأخرى الطلب الذي تقدم به القيادي في تنظيم “الدولة” أبو عائشة الجزائري” ”
سكان محليون وعناصر من المكون العربي في “قسد”، ذكروا ان الأسرى المعتقلين عند تنظيم “الدولة” من قوات “قسد” هم من المكون العربي في محافظة دير الزور ويتبعون تنظيميا إلى مجلس دير الزور العسكري، الذي هو أحد تشكيلات قوات “قسد”. وعندما رفضت قيادات قوات “قسد” التفاوض مع التنظيم، شهدت بعض بلدات وقرى محافظة دير الزور تظاهرات احتجاج على ما اعتبروه “تفريطا” من قوات “قسد” بمقاتليها من المكون العربي المهددون بالإعدام.
وبعد فشل المفاوضات بيوم واحد سلم 14 مقاتلا اجنبيا أنفسهم لقوات “قسد” قرب بلدة “السوسة” مع تصاعد في حدة الاشتباكات والعمليات القتالية بين الطرفين.
إلا ان التنظيم لم ينفذ تهديداته بإعدام الأسرى والمعتقلين، إذ قام بإطلاقهم جميعا داخل ما تبقى من مناطق سيطرته، بعد ان نفذت قوات التحالف عدة ضربات جوية استهدفت في إحداها أحد سجون التنظيم.
وأشار عناصر من “قسد” إضافة الى قيادي في مجلس دير الزور العسكري، الى ان بعض المعتقلين الذين حالفهم الحظ بالخروج من مناطق سيطرة التنظيم، أفادوا بان التنظيم نفذ اعدامات جماعية طالت العشرات من الأسرى خلال الأيام والاسابيع الماضية، قبل خسارته بلدتي الشعفة والسوسة.
ويمكن ان تكون الدفعة الأكبر من المقاتلين الذين سلموا أنفسهم لقوات “قسد” قد بلغت 200 مقاتل يوم 21 كانون الثاني/يناير خرجوا بعد ان سمحت هذه القوات لأكثر من 400 مدني بالخروج.
الا ان مصادر أخرى ذكرت ان فجر الثلاثاء 22 كانون الثاني/يناير الماضي، شهد استسلام أكثر من 140 مقاتلا معظمهم من الأجانب سلموا أنفسهم عند معبر “العاليات” قرب بلدة “السوسة” بعد مفاوضات ناجحة بين الطرفين، وفي نفس اليوم، قام نحو 400 مقاتل من التنظيم بتسليم أنفسهم بحضور ضباط فرنسيين من قوات التحالف الدولي في معبر “العاليات” قرب بلدة “السوسة” مع تأمين خروج أكثر من 800 مدني، اغلبهم من عائلات مقاتلي التنظيم.
الأربعاء 23 كانون الثاني/يناير الماضي، نجحت قوات “قسد” بالسيطرة على بلدة “الباغوز فوقاني” لتتواصل عمليات “استسلام” مقاتلي التنظيم الذين بلغ عددهم 170 مقاتلا، مع نحو 600 مدني معظمهم من عوائل المقاتلين الأجانب.
وخلال عمليات خروج المدنيين تمكن العشرات من عناصر تنظيم “الدولة”، السوريين والعراقيين وقلة من الأجانب، الهرب من قبضة قوات “قسد” بعد دفع رشاوى تصل إلى آلاف الدولارات.
ويؤكد الناشط العكيدي الذي يدير موقعا متخصصا لأخبار دير الزور، ان شبكة تهريب متخصصة تشرف على عمليات تهريب عناصر تنظيم “الدولة” مقابل رشى مالية، تتكون من بعض العناصر المرتشية وعدد قليل من القياديين من قوات “قسد”، يتكفلون بنقلهم إلى خارج مناطق سيطرتهم إلى تركيا أو العراق، بينما يتلقى هؤلاء مبالغ مالية، مقابل السماح لمقاتلين بالتنظيم وعوائلهم بالعيش خارج المخيمات بعد تسوية أوضاعهم الأمنية.
وفي العادة يتم نقل مقاتلي التنظيم إلى حقل التنك النفطي ومن ثم إلى سجون تابعة لقوات “قسد” في حين يتم اخذ ما يكفي من المعلومات الأمنية للمدنيين أو عوائل مقاتلي التنظيم قبل ترحيلهم إلى مخيمات النازحين، وهما مخيمي الهول وديريك في محافظة الحسكة العاجزة عن استيعاب المزيد منهم نتيجة نقص في الخيم ومستلزمات المعيشة.
غريب أن يستسلم أفراد داعش وبهذه الأعداد! فداعش تقتل من يهرب منهم أو يستسلم!! ولا حول ولا قوة الا بالله