“القدس العربي” تنشر وثيقة للجمارك اللبنانية حول نيترات الأمونيوم قبيل ذكرى انفجار مرفأ بيروت

سعد الياس
حجم الخط
0

بيروت- “القدس العربي”:

قبل يومين على الذكرى السنوية الثانية لتفجير مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس، تجدد الحريق داخل إهراءات القمح الأمر الذي يهدد بانهيار صوامع جديدة مع تسجيل حركة متسارعة لانحناء بعضها. وفيما التحقيق العدلي متوقف في قضية التفجير بسبب عدم اكتمال هيئة محكمة التمييز وبسبب طلبات الرد في حق المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، لا يزال موضوع استقدام نيترات الأمونيوم غامضا وخصوصا لجهة من تولى تغطية تخزينه في العنبر الرقم 12 في مرفأ بيروت مدة 7 سنوات، في وقت هناك العديد من الموقوفين في القضية لا يزالون يقبعون في الاعتقال بينهم المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي والمدير العام الحالي للجمارك بدري ضاهر ورئيس مجلس إدارة مرفأ بيروت حسن قريطم والمتعهد سليم شبلي الذي طُلِب منه إرسال فريق لتلحيم باب العنبر إضافة إلى آخرين.

وحصلت “القدس العربي” على وثيقة سبق أن وجهها المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي الموقوف في القضية إلى المحقق العدلي في 15 تموز/يوليو 2021 بعدما علم أن كتاب القاضي البيطار الذي أرسل إلى مجلس النواب لطلب الإذن بملاحقة وزير المال النائب علي حسن خليل تحدث عن “بضاعة متروكة بحسب قانون الجمارك”، وهذا ما رأى مرعي لزاما عليه توضيحه منعا لأي التباس من خلال استعادة النصوص القانونية والتنظيمية كافة ذات الصلة وتفسيرها بالتكامل والتناسق للتوافق في ما بينها عملا بالمبادئ القانونية ولا سيما قواعد الاختصاص.

وتقع الوثيقة في 7 صفحات وتتناول تعريف عبارة “بضاعة متروكة في الجمارك” وعدم انطباقها على حالة النيترات، كما تتحدث “عن خروج مرفأ بيروت ومخازنه وأماكن التخزين فيه عن الوضع القانوني والنظامي للمخازن الجمركية واستقلاله التام عن إدارة الجمارك وخضوعه لقوانين وأنظمة خاصة به، وعن أن وضعية نيترات الأمونيوم لا تسمح باعتبارها بضاعة متروكة وهي خارجة تماما عن أحكام قانون الجمارك، خصوصا أن النيترات غير واردة برسم بيروت وبالتالي يُحظر إدخالها إلى لبنان ولا ولم يُطبق عليها قانون الجمارك. وفي مطلق الأحوال لا يجوز معاينتها عملا بالمادة 72 علما أن المانيفست المقدم بالسفينة برسم بيروت هو فارغ تماما (NIL)”.

وتشرح الوثيقة “أن النيترات بقيت مدة سنة على السفينة ثم حصل تفريغها في مرفأ بيروت بشكل مخالف لقانون الجمارك إذ كان يتوجب بقاؤها عليها أو عند الضرورة تطبيق حالة الطوارئ البحرية بعد أخذ موافقة استثنائية من إدارة الجمارك على ذلك، وبعد التحقق والتثبت من وجود هذه الحالة، وهذا ما لم يحصل. أما الترخيص بالتفريغ وفق المادة 80 من قانون الجمارك فلم يكن واقعا في محله القانوني. وقد أدخلت النيترات إلى العنبر 12 بشكل مخالف لقانون الجمارك وتم تخزينها لفترة طويلة بناء لطلب من وزارة الأشغال وتحت حراستها القضائية وحراسة الجهات المحددة في المادة 139 من نظام المرافئ والموانئ وليست الجمارك من بينها”.

ويكشف كتاب المدير العام السابق للجمارك أنه “جرى الكشف على النيترات وسحب عينات من قبل خبراء عسكريين ومدنيين وبغياب الحارس القضائي خلافا لقانون الجمارك، وأن النيترات تُعتبر من الناحية الجمركية باقية على السفينة ولا يمكن تقديمها إلى المكتب الجمركي أو التصريح عنها أو معاينتها أو تطبيق أحكام قانون الجمارك عليها فضلا عن الحظر الناتج عن الحراسة القضائية”.

وتحت عنوان “انعدام السلطة والصلاحية لأي عمل أو إجراء بشأن النيترات”، يقول مرعي في وثيقته إلى المحقق العدلي “لو افترضنا خطأ أو سلمنا جدلا بأن البضاعة متروكة بحسب قانون الجمارك، فإن الإجراءات القانونية التي يمكن تطبيقها عليها من قبل إدارة الجمارك تنحصر بمراسلة قاضي الأمور المستعجلة كما فعلت مديرية الجمارك للاستحالة المطلقة لتطبيق أي إجراء آخر لأحد الأسباب القانونية والواقعية الآتية:

عدم تقديم النيترات نظاميا إلى المكتب الجمركي وفقا للمادة 53 من قانون الجمارك.

انعدام تقديم المانيفست النظامي بها بل على العكس تماما جرى تقديم مانيفست فارغ بحمولة السفينة NIL برسم بيروت.

إدراج النيترات ضمن اللائحة الموحدة بكامل البضائع الموجودة على السفينة بأن مقصدها الموزمبيق وليس لبنان عملا بالمادة 72.

تسليم الجمارك اللائحة الموجزة بالحمولة الباقية على السفينة والمعدة للتفريغ في مرافئ أجنبية تتضمن العدد والوزن الإجمالي للنيترات عملا بالفقرة ج من المادة 75.

استحالة تفريغ النيترات من السفينة أو إخضاعها لأي تدخل جمركي عملا بالمادة 72.

استحالة التصريح عن النيترات بموجب بيان جمركي تفصيلي يخصص لها وضعا جمركيا ويوقع من قبل أحد الأشخاص المرخصين كونها بضائع غير مستوردة عملا بالمادة 95 من قانون الجمارك.

استحالة إدراج النيترات في سجل جردة البضائع المتروكة لعدم مبادرة إدارة المرفأ إلى إعلام الجمارك بتركها، فضلا عن خلو المانيفست المقدم إلى الجمارك من النيترات.

استحالة معاينة النيترات من دون تقديم بيان جمركي ودون حضور مقدم البيان عملا بالمادة 140.

عدم إمكانية اعتبار النيترات موضوعة في مخزن جمركي عملا بالمادة 321 وعدم توجب أي رسم خزن عنها عملا بالمادة 322.

استحالة اعتبار النيترات بأنها لم تسحب من مخازن الجمارك بعد انقضاء المهلة القانونية على إيداعها فيها عملا بالمادة 435 وبالتالي استحالة اعتبارها بضاعة متروكة.

استحالة قيام إدارة الجمارك ببيع النيترات بالمزاد العلني كونها ليست أصلا في مخازن الجمارك أو في وضع جمركي نظامي فضلا عن الاستثناء الصريح لبيع البضاعة المحتكرة أو الممنوعة كالأسلحة والذخائر الحربية والمتفجرات والمواد المحظورة الشبيهة بها عملا بالمادة 437 والتي تسلم عادة إلى السلطة المختصة.

استحالة القيام بأي إجراء من إجراءات البيع ولا سيما إرسال إشعار إلى صاحبها لعدم وجوده أو عرضها أمام الجمهور نظرا لطبيعتها.

انتفاء صفة ومصلحة إدارة الجمارك للقيام بأي إجراء بما فيه البيع بشكل غير قانوني”.

وخلص مرعي إلى “أن عملية إنزال وتفريغ النيترات من الباخرة وإدخالها إلى العنبر 12 بصورة مخالفة للقوانين والأنظمة تعتبر الركن الأساسي للكارثة والمفصل الرئيسي في هذه القضية، إذ لولا هذا العمل لما حصل هذا التخزين والبقاء والوصول إلى نقطة اللاعودة بالرغم من التساؤلات والملاحظات البارزة حول التخبط واللامبالاة وانعدام تطبيق القانون وعدم الالتفات والمبادرة للمعنيين الأساسيين مباشرة بهذه القضية ولا سيما الذين سمحوا بالتفريغ. وهذا الأمر انحصر به الادعاء بحيث أن الأفعال التي تناولها بصراحة هي فقط التي تم ارتكابها والمتعلقة بواقعة إدخال النيترات إلى العنبر والتي بنت النيابة العامة ادعاءها عليها في توجيه وتركيز للتحقيق صائبين قانونا”.

وختم: “نظرا لطبيعة البضاعة وخضوعها لقوانين وأنظمة تتعلق بوزارات أخرى (أسلحة وذخائر وبيئة وأمن ونقل وغيرها) فضلا عن الحراسة القضائية وحق الملكية وحقوق الدائنين، يستحيل على الجمارك إجراء أي عمل مادي عليها، خصوصا وأن أي تصرف يصدر عن الجمارك قانوني أو مادي كان يمكن أن يؤدي إلى كارثة أكبر، وهو يشكل خطأ جسيما ومخالفة فادحة للقانون ويرتب المسؤولية على الإدارة الجمركية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية