القدس قوة جذب للأمة اليهودية

حجم الخط
0

كنت في حرب الايام الستة طالبا في الثانوية البلدية ب في تل ابيب، وكان الشعور بالحصار قاسيا، وأحدثت ايام الانتظار الطويلة كآبة فقدان الأمن. وكانت تطلق في الهواء فكاهات سوداء من ايام الركود الاقتصادي مثل «ليطفيء النور آخر مغادر». واختفت صديقة من بني عكيفا مع والديها تحت جنح الليل، فقد هربت العائلة الى بريطانيا، وسُمع البكاء والعويل من كل صوب على الجيل الشاب الذي تحلل من القيم ولم يعد مستعدا ليضحي بشيء للدولة والمجتمع. وأصاب اليأس كل أحد.
لكننا رأينا معا من خلل الانكسار والتمييز، رأينا الخلاص حينما حُسمت المعركة في غضون عدة ساعات. فقد أضاء برق عظيم دولة اسرائيل ودوى صوت رعد لا نهاية له في العالم كله، وتحققت مرحلة اخرى من رؤيا خلاص أنبياء اسرائيل وعدنا الى ارض آبائنا والى تراثنا الذي تم أخذه منا قسراً وبتعذيب. وأصبحت القدس عاصمة مملكة اسرائيل القديمة والمدينة المقدسة ومدينة الهيكل في مقدمة أفراحنا مرة اخرى، وستحسدنا أجيال كثيرة من اليهود أن حظينا برؤية بعث اسرائيل وتوحيد القدس ومن المؤكد أنهم سيسألون – ما الذي حظينا به؟.
من القواعد الراسخة أن من وقعت له معجزة لا يعرف معجزته، فان كثيرين منا لم ينجحوا في استيعاب عظم الزمان ومعنى العودة الى القدس، وعادت أيام الصغر فسيطرت علينا. ولم نستطع أن نستخدم المسار التاريخي الضخم الذي شهدناه على نحو متساوٍ. فيبدو أنه يحتاج الى منظور أطول لاستيعاب المعنى الحقيقي الكامل لأحداث تاريخية عظيمة.
يوجد في الفكر اليهودي مصطلحان يخلط بينهما احيانا في الاستعمال وهما صهيون والقدس، وهما مصطلحان يظهران معا في النشيد الوطني لدولة اسرائيل. وقد لاحظ الحاخام كوك المعنى المختلف لكل واحد منهما. فصهيون هي التحقيق السياسي – الرسمي للفكرة الصهيونية. فانشاء الدولة هو تحقيق مصطلح صهيون. والصهيونية هي من أكبر قصص النجاح في القرن العشرين، فهذا شعب عاد الى ارضه بعكس كل الاحتمالات وانشأ مملكته وجدد لغته وانشأ دولة ذات انجازات غير عادية. وتحسد أمم كثيرة في العالم اسرائيل على انجازاتها.
أما القدس فهي التحقيق القيمي الروحاني لعودة شعب اسرائيل الى وطنه. وهي اقامة مجتمع اخلاقي مستقيم عادل يكون بمنزلة هادٍ للأمم. ويبرهن الواقع على أننا عدنا الى صهيون لكننا لم نصل القدس بعد، ونجحنا في تحقيق استقلالنا السياسي لكننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق استقلالنا الروحي. يجري على المجتمع الاسرائيلي في السنوات الاخيرة عملية تعذيب مرهقة بسبب زيادة العنف وزيادة وباء الفساد وزيادة الفروق وزيادة الانقسامات فيه عمقا. فالانسان يتناول أخاه بالسوء بأبسط المعاني. ويغادر الشباب الاسرائيليون الدولة ليبحثوا عن آبار مكسورة في اوروبا التي تجدد ايام معاداتها للسامية كما كانت من قبل. وتتلاشى قيم العائلة التي كانت تميز اليهود دائما وحافظت على وجودهم في ايام الاضطهاد القاسية. فثم شعور قاس لاضاعة الاتجاه والطريق.
من المهم في يوم القدس هذه السنة، وهو يوم فرح عظيم، أن نتذكر أن القدس مدينة وُحد بين أطرافها، وهي مدينة تجمع شعب اسرائيل كله اليها. وهي قوة جذب الأمة اليهودية منذ آلاف السنين. فمن الواجب علينا في هذا اليوم أن نتحمل الاصلاح المطلوب كي نستطيع أن نقول ونحقق مقولة «في القدس في السنة القادمة». بلغنا الى أسفل القدس وعلينا الآن أن نعلو وأن نتقدم نحو العودة الى أعلى.

اسرائيل اليوم 28/5/2014

حاييم شاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية