القاهرة ـ «القدس العربي»: على مدار الأشهر الماضية، أثارت قصص وحكايات تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عن عدم السماح للنساء بالإقامة في الفنادق المصرية دون أزواجهن أو أقاربهن من الذكور، جدلا واسعا، إلا أن محكمة القضاء الإداري حسمت، أمس الإثنين، الأزمة، برفض الدعوى المقامة من المحاميين هاني سامح وصلاح بخيت، بإلغاء قرار عدم السماح للنساء بالإقامة في الفنادق دون أزواجهن أو أقاربهن من الذكور، بعد أن أكدت وزارتا الداخلية والسياحة عدم إصدارهما أي قرار أو تعليمات تحول دون تسكين أي سيدة أو فتاة بمفردها.
واعتبر سامح أن الحكم يمثل وثيقة رسمية لعدم وجود قرار أمني أو إداري صادر عن أي جهة بالدولة يعطي لأي من الفنادق الحق في منع أي فتاة أو سيدة من الإقامة بمفردها، ومطالبة رسمية من المحكمة لأي فتاة تتعرض لهذا الموقف بالتوجه لقسم الشرطة التابع له الفندق وإقامة بلاغ ضده أو عمل بلاغات إلكترونية للنيابة العامة.
وأضاف أنه بصدد إقامة طعن أمام المحكمة الإدارية العليا ضد الحكم لعدم تضمنه إلزام مجلس الوزراء ووزارتي السياحة والداخلية بالتنبيه على الفنادق بعدم منع النساء من الإقامة والسماح لهن بالإقامة المفردة وإزالة أي عقبات تعرقل تنفيذ هذا الحق.
ولفت إلى عدد من المبادئ التي أرستها القضية، ومنها نفي الداخلية صدور أي قرار منها بخصوص منع السيدات دون الأربعين من الإقامة بالفنادق دون محرم، بل وأرفقت في أوراق الدعوى مستندًا هامًا أكدت فيه على حق النساء في الإقامة بالفنادق وحدهن وأنه لم يصدر منها أي قرار أو توجيه بمنعهن من الإقامة دون مرافق من الأقارب.
وعبر عن أسفه مما أظهرته القضية من سلبية النساء في هذا الشأن؛ إذ لم يتم تقديم ولو بلاغًا واحدًا منهن ضد هذا الأمر، مشيرًا إلى رد وزارة الداخلية، واصفا إياه بالناسف لأقاويل وحجج الفنادق التي ترفض إقامة من هن دون الأربعين بلا محرم.
وعن رفض الدعوى، لفت إلى عدد من الأسباب، أولها أن مجلس الدولة يتصدى للقرارات الإدارية، إلا أنه بالنظر للأمر فلا يوجد قرار في الأساس لذا صدر الحكم بعدم القبول لعدم وجود قرار إداري، وربما للصفة أيضا؛ فقد تكون المحكمة ارتأت أنه يجب أن تكون سيدة هي مقدمة البلاغ أو رافعة القضية، وبين هذين السببين يقع الحكم بعدم القبول.
وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن الإدارة العامة للشؤون القانونية في وزارة الداخلية، أكدت في ردها عدم صدور ثمة قرارات أو تعليمات من الجهات الأمنية المعنية تحول دون تسكين أي سيدة أو فتاة بمفردها أو اشتراط أن تكون رفقة زوجها أو أحد والديها أو أشقائها أو مرافق من أقارب الدرجة الأولى، مؤكدة أن الوزارة لم تتلق خلال السنوات الماضية أي بلاغات بتضرر سيدات سواء مصريات أو مواطنات دول مجلس التعاون الخليجي من عدم تسكينهن بأي من الفنادق والمنشآت السياحية قيد الإشراف حتى تاريخه، فضلاعن عدم وجود قرارات تمنع دخول الخليجيات اللواتي تقل أعمارهن عن 40 سنة دون أزواجهن أو أقاربهن من الذكور إلى البلاد.
وشددت المحكمة على عدم وجود أي قرار صادر عن أي جهة في الدولة بشأن إقامة النساء في الفنادق.
وترجع وقائع الدعوى إلى شهر مايو/ أيار الماضي، حين أقام المحاميان الدعوى أمام المحكمة ضد كل من رئيس الوزراء ووزيري الداخلية والسياحة، ورئيسي المجلسين القوميين للمرأة وحقوق الإنسان، ورئيس مجلس إدارة غرفة المنشآت السياحية، وذلك بعد أن لاحظا أثناء إجازة عيد الفطر قيام عدد من الفنادق، وخصوصًا البنسيونات والثلاث نجوم وما دونها في مختلف المحافظات بمنع ورفض قبول إقامة النساء المصريات والخليجيات تحت سن الأربعين بمفردهن دون أزواجهن، ووضع تنبيه كتابي بمواقع حجوزات الفنادق إلكترونيًا بهذا المنع.
وحسب سامح، خلال تداول القضية أمام المحكمة، قدم مستندات لوقائع كثيرة في فنادق في القاهرة والإسكندرية منعت إقامة النساء بها، مضيفًا أن الفنادق عادة تتحجج بوجود تعليمات من المباحث بعدم تسكين النساء وحدهن، ولكن وقت نظر القضية نفت جميع الجهات مسؤوليتها عن القرار، فيما اعترفت غرفة المنشآت السياحية بوجود بعض وقائع المنع، ولكنها قالت: إن تلك الفنادق قد تكون تابعة لـ«المحليات».
وكانت النائبة عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي أميرة صابر قنديل، قد تقدّمت بطلب إحاطة موجه إلى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير السياحة والآثار خالد العناني، بشأن التضييق على إقامة النساء في الفنادق. وقالت في بيان إنّ «عدم السماح للنساء بالإقامة في الفنادق يعد تمييزاً ضد المرأة وحجراً على أهليتها القانونية، وفرض وصاية قبلية تتنافى مع مدنية البلاد، وهدراً لحقوق المرأة الدستورية كمواطنة مكتملة الأهلية. كما يعد هذا تناقضاً صارخاً مع التقدم الذي يشهده ملف تمكين المرأة في كافة المجالات».