القاهرة ـ «القدس العربي»: لا تدع الحكومة ولا آلتها الإعلامية يوما يمر من دون الإعلان عن مزيد من الأحلام التي من المطلوب على المواطن أن يستهلكها في الجمهورية الجديدة، التي من المقرر أن ترى النور خلال المرحلة المقبلة.. وبين حلم لم يولد بعد وواقع مأساوي تجسد في رحيل مروع لطفلة فقيرة في أول أيام العام الدرسي، بدا البون شاسعا بين ما تصدره الحكومة من أحلام وما يواجهه الشعب من متاعب.. وإذ ظل الاهتمام بمآسي الطلاب الكادحين الذين يرزحون تحت خط الفقر، ويلتحقون بمدارس حكومية تفتقر للخدمات والحد المطلوب من الأمان، غائبا طيلة الوقت، فرضت مأساة الطالبة ملك التي لفظت أنفاسها الأخيرة، إثر الحادث الذي شهدته مدرسة في الجيزة بمشاكل الطلاب، على صحف أمس الاثنين 3 أكتوبر/تشرين الأول، حيث ندد بعض الكتاب بتراخي الحكومة في التصدي لملف المدارس، خاصة المعرضة للسقوط منها.
وتنوعت أمس القضايا التي تناولها الكتاب ووجدت الحكومة سببا جديدا ضاعف الهجوم الذي تتعرض له متمثلا في المدارس متصدعة البنيان، وازدحام الفصول بالعديد من الطلاب التي تحول بين المدرسين والقيام بمهام عملهم، وفي محاولة لدعم عائلة الطفلة الضحية قررت وزارة التعليم صرف مبلغ مقداره مئة ألف جنيه لأسرة ملك.. ولم يكد جسد ملك يوارى الثرى لحقت بها زميلتها، حيث توفيت طالبة في الصف الثاني الابتدائي في مدرسة الإمام علي الابتدائية التابعة لإدارة كفر صقر التعليمية في محافظة الشرقية، إثر تعرضها لأزمة قلبية أثناء وجودها في المدرسة. وتم نقل الجثة إلى مستشفى كفر صقر المركزي، والتحفظ عليها تحت تصرف جهات التحقيق، التي صرحت بالدفن وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة وملابساتها وكيفية حدوثها.. وفي سياق الحوادث المؤلمة للطلاب كذلك: أعلنت نقابة المعلمين، تلقي غرفة العمليات الرئيسية للنقابة إخطارا بسقوط تلميذة في الصف الثانى الابتدائي من الدور الثالث في مدرسة سيد الشهداء في العجوزة محافظة الجيزة، ما أدى لوفاتها، وتقدم خلف الزناتي نقيب المعلمين ورئيس اتحاد المعلمين العرب بخالص العزاء لأسرتها…
ومن أخبار مؤسسة الرئاسة: ترأس الرئيس السيسي اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة. تناول الاجتماع مناقشة مهام القوات المسلحة وجهودها في حماية ركائز الأمن القومي المصري على الاتجاهات الاستراتيجية كافة، بالتعاون والتنسيق مع مؤسسات الدولة. ووضع الرئيس أكاليل الزهور على قبر الجندي المجهول والزعيمين أنور السادات وجمال عبد الناصر بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ 49 لانتصارات أكتوبر المجيدة. ومن أخبار الحوادث: وجهت الإدارة العامة لحماية الآداب ضربة موجعة لأحد المراكب النيلية على نيل الجيزة، بعد أن داهمت قوات الشرطة المركب وقامت بضبط 13 فتاة ما بين راقصة وفتاة ريكلام بتهمة التحريض على الفسق والإيحاءات الجنسية وترويج البغاء، كما تمكنت القوات من ضبط 3 من الزبائن بحوزتهم مخدرات بأنواع مختلفة. ومن المطاردات الأمنية: ألقت الأجهزة الأمنية في القاهرة القبض على تاجر حشيش في منطقة المرج وبحوزته كمية من مخدر الحشيش تزن 3,500 كيلو جرام..
بؤس مركب
المآسي التي رصدها صبري الديب في “فيتو” تستحق الإنصات: عندما تصل معاناة المصريين الاقتصادية إلى حد الدفع بأطفالهم إلى الموت، أملا في تأمين لقمة عيش، فإن خطورة الأمر تحتم على الحكومة ضرورة التوقف ومراجعة الكثير من القرارات المرهقة التي أدت بالفقراء إلى الزج بأبنائهم إلى هلاك محقق، بحثا عن حياة آدمية تقيهم مرارة الجوع وذل الحاجة. فمنذ أيام اهتزت مشاعر المصريين ألما لوقائع فيديو يظهر لحظة قيام السلطات الليبية بالقبض على 287 طفلا مصريا تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عاما، اخفتهم إحدى عصابات الهجرة غير الشرعية داخل مخزن في مدينة طبرق الساحلية الليبية، بعد تهريبهم من مصر عبر الصحراء في رحلات مرعبة استمرت لأيام وليال.. ذاقوا خلالها كل أنواع العذاب من ضرب وجوع وإهانة، وانتهت بوصولهم إلى الأراضى الليبية، وإخفائهم داخل مخازن غير آدمية لعدة أشهر، تمهيدا لشحنهم على أحد القوارب المتهالكة باتجاه السواحل الإيطالية، لينجو من ينجو، ويموت من يموت.
ولعل ما يدعو للحزن في قصة هؤلاء الأطفال، أن أولياء أمورهم هم من قاموا بتسليمهم مع مقابل الرحلة لسماسرة في مصر، لتهريبهم إلى الداخل الليبي، ثم تهريبهم عبر رحلات الهلاك داخل البحر، في مشهد مأساوي يتكرر بشكل يومي ويعلمه الجميع، لدرجة أنه لا يكاد يمر يوم إلا ويفقد العشرات من الأطفال والشباب المصريين أرواحهم غرقا في تلك الرحلات، دون أن يدرى بهم أحد، أو يكون القدر رحيما ببعضهم ويتم انتشال جثثهم ويوارون الثرى غرباء دون هوية. فخلال الشهر الماضث فقدت قرى تطون والسعدة وعزبة روفان وعزبة زنكت وعزبة زكي التابعة لمحافظة الفيوم 13 شابا من أبنائها دفعة واحدة، بعد أن لقوا مصرعهم غرقا خلال رحلة هجرة غير شرعية، ضمت 29 فردا، انطلقت من الشواطئ الليبية في طريقها إلى إيطاليا، غير أن المركب تحطم في عرض البحر وغرق بكل من عليه.
لا يكترث بهم أحد
للأسف والكلام ما زال لصبري الديب، أن السيناريو المأساوي ذاته قد تكرر آلاف المرات خلال السنوات العشر الماضية، وتحديدا بعدما فقدت السلطات الليبية السيطرة على شواطئها عقب سقوط نظام القذافي، حيث لقي آلاف الشباب والأطفال المصريين مصرعهم جوعا وعطشا وغرقا في عرض البحر المتوسط، وما زال ذووهم يعتقدون أنه قد تم اعتقالهم أو إخفاؤهم قسرا داخل الأراضي الليبية. غير أن الحقيقة المرة التي تعلمها الخارجية المصرية، أن آلاف المصريين الذين تم الإبلاغ عن اختفائهم في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، ماتوا غرقا في رحلات هجرة غير شرعية، وأنه بالبحث عنهم بالتعاون مع السلطات الليبية، وجد أنه لم يسجل دخول أي منهم إلى ليبيا، غير أنهم دخلوا البلاد بالفعل بشكل غير شرعي، وغرقوا دون التعرف على هوية أي منهم. الواقع يقول إن مصر نجحت خلال السنوات الأخيرة من القضاء على ظاهرة مراكب الهجرة غير الشرعية عبر أراضيها، ما دفع المفوضية الأوروبية إلى تقديم مبلغ 80 مليون يورو دعما للحكومة المصرية لتعزيز جهودها في هذا المجال، غير أن الثابت أن هناك المئات من سماسرة رحلات الموت ما زالوا يعملون داخل مصر في أمان، ويمارسون عملهم عبر الحدود مع ليبيا بشكل يومي، لدرجة أن وزيرة الهجرة السابقة قدرت عدد المصريين المهاجرين بشكل غير شرعي سنويا بنحو 14 ألف مهاجر. وعلى الرغم من أن تصريح الوزيرة السابقة يعد في حد ذاته كارثة، إلا أنه لم يضع الوصف الكامل لحقيقية المأساة على الأرض، التي جسدتها التقارير الصادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، التي أكدت في مايو/أيار الماضي أن المصريين يحتلون صدارة الجنسيات العربية والافريقية، والترتيب الثاني عالميا بعد بنغلاديش، بين المهاجرين بطريقة غير شرعية إلى السواحل الإيطالية.
انقلاب على شوقي
لدى سليمان جودة في “المصري اليوم” ما يدفعه للقلق على مستقبل التعليم:
لا يكاد يوم يمر منذ أن غادر الدكتور طارق شوقي وزارة التربية والتعليم إلا ونطالع فيه ما يفيد بعودة الوزارة إلى ما كانت عليه قبل عهده.. فالكلام الذي نطالعه عن الثانوية العامة يشير إلى هذا بوضوح، ويقول إن الوزير الحالي يفكر في ثانوية عامة مختلفة عما كانت طوال السنوات الست التي قضاها الوزير السابق في منصبه.. والشيء نفسه يُقال عن السنة الرابعة الابتدائية، ويُقال عن غيرهما معا. ولا مشكلة في أن تخضع العملية التعليمية للتطوير المستمر، ولكن الفارق كبير بين أن يكون هذا التطوير من خلال مجلس أعلى دائم يتولى السياسة التعليمية، بما يجعلها مستقرة ومعاصرة، وأن يقوم بذلك كل وزير جديد تعرفه الوزارة. في الحالة الأولى لا خوف على التعليم لأن المجلس الأعلى سيظل يتعامل مع القضية على أساس موضوعي، وفي الحالة الثانية سنجد أنفسنا أمام شخص لا أمام كيان مثل المجلس الأعلى، وبكل ما بين الكيان والشخص من فروق ليست في حاجة إلى شرح، وليس سرّا أن الدكتور شوقي كان محل دعم من الدولة طوال سنواته الست، وأنه كان يتصرف في الوزارة وهو عارف بحدود هذا الدعم، الذي كان دعما سياسيا وماديا على السواء.. ومعنى هذا أن ما كان يستحدثه من توجهات، أو يتخذه من قرارات، أو يمارسه من سياسات، كان موضع مباركة من الدولة، التي ترى رجوع الوزير رضا حجازي عن التوجهات، والقرارات، والسياسات، أو عن الكثير منها على الأقل. المفارقة أن حجازي كان هو الرجل الثاني في الوزارة وقتها، وكان مشاركا بالضرورة في كل ما كان شوقي ينفذه.. فكيف يعود عما كان يشارك فيه في هذه السهولة، وكيف كان يشارك في سياسات تعليمية قبل شهر ونصف الشهر، ثم كيف يرجع هو نفسه عنها هي نفسها الآن؟ أخشى أن تكون السنوات الست عُمرا ضائعا في مسيرة تعليمية، هي أحوج ما تكون إلى أن تتصل، وهي أحوج ما تكون إلى ألّا تنقطع.
وجهان لعملة
نبقى مع الوزيرين شوقي وحجازي حيث قرر الدكتور أسامة الغزالي حرب في “الأهرام” إرسال برقية تضم عدة ملاحظات للوزير الجديد: ما هو الفارق بينكم وبين الوزير الفاضل السابق الدكتور طارق شوقي؟ الفارق كبير للغاية فأنت أتيت من قلب الوزارة العتيقة لأنك بدأت مدرسا للعلوم، وأشرفت على امتحانات الثانوية العامة، إلخ. أما الدكتور طارق شوقي، فهو أساسا مهندس تخرج في جامعة القاهرة، ثم حصل على الدكتوراه من جامعات أمريكية راقية، وتولى مناصب رفيعة في اليونسكو، إلخ. وقد يقول البعض ـ وهم فعلا قائلون، ولهم كل الحق – أليست وزارة التربية والتعليم في حاجة للتطوير وتطعيمها بالأفكار الجديدة في عالم المعلومات والمعرفة. نعم، هذا صحيح، وهو ما حاوله الدكتور طارق بمبادراته وتشجيعه لاستخدام التابلت في التعليم، وتغيير نظام الامتحانات إلى أسلوب البوكليت الذي يتناقض مع مجرد الحفظ والتلقين. غير أن هذا الطموح للدكتور شوقي، كان بعيدا تماما عن واقع التعليم الذي يتم على أرض الواقع. ليس فقط لأن البنية الأساسية لذلك التطوير لم تكن موجودة، ولكن لأن هذا كله ـ أولا وقبل كل شيء، وأنا أشدد على تلك النقطة – يفترض أصلا وجود المدرسة بكل عناصرها المتفق عليها في الدنيا كلها: من مبنى ملائم مجهز بالحد الأدنى المتفق عليه للفصول، وملاعب، ودورات مياه. ومدرسين متفرغين لعملهم في المدرسة، وطلاب ينتظمون في الدراسة وفي الحضور. غير أن ذلك كله يكاد أن يختفي الآن في مدارس الفقراء: ومنذ اليوم الأول يتوزع التلاميذ على المدرسين الذين تحولوا إلى باعة متجولين أثرياء للدروس الخصوصية، وعلى السناتر، التي اختطفت التلاميذ، لتبقى المدارس أطلالا خاوية على عروشها، يحرص أهاليهم على التقييد فيها، فقط ليضمنوا لأبنائهم مقاعد في الامتحانات.
وداعا يا ملك
نتحول نحو مأساة أول ايام الدراسة في صحبة هاني البدري في “البوابة”: لم يمرَّ سوى ساعات على بدء العام الدراسي الجديد، حتى صحونا على كارثة من العيار الثقيل داخل مدرسة بدلا من أن يرسم أول يوم دراسي البهجة على وجوه الطلاب والتلاميذ، الذين يحتفلون في هذا اليوم، خيَّم الحزن على جموع المصريين، عقب حادث انهيار “درابزين” مدرسة المعتمدية الإعدادية بنات التابعة لإدارة كرداسة التعليمية في الجيزة، خاصة عقب فاجعة وفاة ملك محمد، وهي طالبة في الصف الأول الإعدادي، وأهل الطالبة، غارقون في مرارة الفقد والدموع؛ لفراق نجلتهم البريئة ضحية الإهمال. خرجت ملك من منزلها لترسم أحلامها، وهي تحمل حقيبتها في أول يوم دراسي، دون أن تدرك أن القدَر سيرسم لها مصيرا آخر، وبدلا من أن تعود للمدرسة لتتعلم، ذهبت للموت. خلال الأسابيع الماضية، لم تتوقف وزارة التربية والتعليم عن الحديث حول استعدادات العام الدراسي الجديد، وتوجيهات الوزير بالالتزام بإجراءات الأمن والسلامة، ولم يكُفَّ الوزير عن تكرار التعليمات في البيانات الصحافية، إلا أن البداية غير المُبشرة كشفت التراخي والتقصير والإهمال بشكل مخزٍ. وأمام بيان مهترئ للتربية والتعليم، أوضح أن الطالبات المصابات عددهن 7 في مدرسة ابتدائية، وتم نقلهن إلى المستشفى، بطريقة أن الأمور تحت السيطرة، وهذا إن دل يدل إلى أن الوزارة تصدر معلومات خاطئة، أو تزيف الحقائق، وجاء بيان نقابة المعلمين فاضحا وكاشفا، ويدين المنظومة بالكامل، وهو أن المدرسة لم تجرِ فيها أي صيانة للمبنى قبل انطلاق الدراسة للوقوف على جاهزيتها لاستقبال الطلاب، ما تسبب في سقوط ثلاثة سلالم وجزء من درابزين السلم في الدور الأرضي خلال تحرك طالبات المدرسة.
نور الهدى
يعيش العالم الإسلامي ذكري ملهمة، ومن المهتمين بها خالد النجار في “الأخبار”: نفحات طيبة وذكرى عطرة لمولد المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، هلّت بشائر الخير، وعلى بركة الله بدأ عام دراسي جديد اللهم اجعله عام خير ونجاح للجميع، فترة عصيبة مرت بسلام، أزعجنا فيروس كورونا وواجهنا لحظات مريرة، فقدنا أحبابا وفارقنا أصدقاء وأعزاء، كانت الدولة حاضرة وعلى قدر الحدث الذي خلف آثارا اقتصادية صعبة، وغير عاداتنا وسلوكياتنا. مع ذكرى رسولنا العطرة نتوجه بالدعاء إلى الله أن يمن علينا باليسر وصلاح الحال. تبدلت الأحوال وازدادت الأوضاع العالمية سوءا بعد تصاعد الحروب وشح الموارد وأزمات الطاقة. العودة إلى الله والتمسك بقيم النبي محمد هي الخلاص، وما أحلاها من ذكرى لمولد سيدنا محمد لنتمسك بهديه ونسير على سنته. مع بداية عام دراسي جديد، بدت ملامح الحماس والعودة بعد اشتياق، فقد غابت عنا عادات وذكريات، نتمنى استغلال حالة الحماس والتمسك بالالتزام والحرص على استكمال العملية الدراسية والإصرار على نجاحها، فعودة المدرسة والمدرس أساس صلب لعودة العملية التعليمية بأسسها لنبنى جيلا قويا يصطف حول التربية ويجنى ثمار التعليم. لا تستسلموا للتعليم «أون لاين» فمع جدواه وتطوره، لا بد من الاستماع للمعلم فهو القدوة والمثل، ومهما استفدنا من التعليم عن بعد، فالتفاعل مع المعلم وذكريات المدرسة تبني عقلية سليمة وفكرا ورؤى وتربية وأخلاقا، للأسف مع اشتياق الطلاب للعودة لدراستهم، اشتاق تجار الأزمة ومحترفو السبوبة لمص دم الناس، فظهرت بعض النماذج التي انتظرت موسم الزي المدرسي، وتاجرت بالناس وتحكمت وفرضت سطوتها، واستغل بعض أصحاب الأفران موسم ساندويتشات المدارس، خلاف بعض أصحاب السوبر ماركت، أما تجار الأدوات المدرسية فحدث ولا حرج، في كل أزمة وموسم يظهر مستغلو الفرص. اقتدوا بأخلاق الرسول في التعاملات والبعد عن الاحتكار، ليت التجار ينتبهون ويكفون عن الاستغلال والغش. وقد أكرم الله رسوله بأخلاق عظيمة وأثنى عليه بقوله «وإنك لعلى خلق عظيم»، وبعظمة أخلاقه ولين قلبه وطيب لسانه استطاع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يؤلف القلوب ويجمع شتات النفوس.. في يوم مولد سيد الخلق محمد صلوا عليه. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد.
محنتنا مشتركة
الأحداث كما يتابعها فاروق جويدة تجري في العالم بسرعة رهيبة في كل شيء: الأوضاع الاقتصادية تسوء كل يوم، والسياسة تعيش أسوأ حالاتها ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بما سيجري غدا.. الحرب ما زالت مشتعلة بين روسيا وأوكرانيا، ودخلت المواجهة مراحل جديدة بعد أن وافق الكرملين على ضم أربع مناطق من أوكرانيا إلى روسيا وقد تضم المزيد.. وما زالت أزمة الغاز تهدد استقرار دول أوروبا، وهي على أبواب موسم الشتاء وأمام هذا أصيب القرار الأمريكي الأوروبي بحالة من العجز والارتباك أمام القرارات السريعة التي يفاجئ بها الرئيس بوتين العالم.. كل يوم هنا يتساءل البعض أين العالم العربي أمام هذا الواقع الجديد؟ إن العالم العربي يبدو بعيدا عن الأحداث لأنه لم يحدد مواقفه أمام قوى دولية تتصارع، وربما تدخل في مواجهات عسكرية.. لا يستطيع أحد أن يحدد موقف العالم العربي لأن له علاقات مهمة مع جميع أطراف الصراع، وإن كانت أزمة الغاز تفرض نفسها على الجميع.. العالم العربي ينبغي أن يحدد مواقفه قبل أن تشتعل النيران، فقد تفرض عليه الأحداث أن يكون شريكا مع طرف من الأطراف.. علاقات أمريكا مع بعض الدول العربية تفرضها اتفاقات ومصالح، كما أن لأمريكا قوات في دول الخليج، ولها أيضا قواعد عسكرية.. وروسيا ليست بعيدة لأن لها قوات وقواعد في سوريا.. ولا نستطيع أن نسقط إسرائيل من كل هذه المعادلات.. وبجانب هذا لا يمكن أن نتجاهل العلاقات العربية مع دول أوروبية اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.. هناك قمة عربية في الجزائر، وهناك مؤتمر عالمي حول قضية المناخ في شرم الشيخ، وهذه فرص للقاء بين القادة العرب وقادة العالم حتى يمكن تحديد موقف العالم العربي من كل ما يجري من الأحداث التي قد يدفع العالم كله ثمنها بما في ذلك الدول العربية. العالم يقف الآن على أبواب عالم جديد تتغير فيه أشياء كثيرة، ولا بد من أن نسأل أين نحن في ما يجري حولنا. العالم العربي أحوج ما يكون الآن لتوحيد كلمته ومصالحه، خاصة أن المقبل صعب وخطير وقد يجد نفسه في قلب الأحداث حربا أو سلاما.
قمة على المحك
القمة العربية، المقبلة في الجزائر تبدو على حد رأي بيشوي رمزي في “اليوم السابع” مفصلية إلى حد بعيد، في ظل العديد من المستجدات الدولية والإقليمية، ناهيك من الصراعات المتنامية، التي تجاوزت، حد “التقليدية الإقليمية”، سواء في صورتها الدولية أو الأهلية، وإنما امتدت إلى نطاق أوسع، ليس فقط على المستوى العالمي، مع اندلاع الأزمة الأوكرانية، وإنما أيضا إلى نطاق الكوكب بأسره، في إطار ما سبق وأن سميته في مقالات سابقة بـ”الصراع مع الطبيعة”، جراء تفاقم ظاهرة التغيرات المناخية، خاصة أن الاجتماع المرتقب للقادة العرب، يسبق بأيام قليلة، قمة المناخ، في مدينة شرم الشيخ، وهو ما يضيف المزيد من الزخم لقمة الجزائر، التي تحمل هدفا رئيسيا، يقوم في الأساس على تحقيق “سلسلة من التوافقات”. ولعل النهج التوافقي، الذي تسعى إليه القمة المرتقبة، يحمل العديد من المؤشرات، تعتمد الصيغة “التشاورية”، حيث تحركت الدول العربية، نحو عقد العديد من الاجتماعات الجماعية، التي تجاوزت اللقاءات الثنائية، سواء في إطار ثلاثي أو رباعي، وربما أكثر من ذلك، للتوافق على العديد من القضايا الملحة، التي تتطلب موقفا موحدا، منها على سبيل المثال الاجتماع الخماسي الذي عقد في مدينة العلمين الجديدة، في أغسطس/آب الماضي، لتكون تلك اللقاءات بمثابة “لبنة” مهمة، للبناء عليها، نحو توسيع دائرة التوافق العربي، في صورته الكلية، بينما تبنت جامعة الدول العربية، الصيغة نفسها، حيث باتت جزءا لا يتجزأ من اجتماعات مجلسها، على مستوى وزراء الخارجية، من جانب، أو تخصيص اجتماع “تشاوري” لوزراء الخارجية العرب، خلال كل دورة من دورات المجلس، حيث يتم عقده في ضيافة الدولة التي تترأس المجلس، وهو ما يعكس التحرك الجماعي، عبر “بيت العرب”، لتحقيق “التوافق” في مختلف القضايا، من جانب آخر.
أمانٍ عريضة
النهج التشاوري توقع بيشوي رمزي ألا يكون غائبا خلال فاعليات القمة، التي ستشهد اجتماعا وزاريا، في إطار التحضير لها، بينما كان هناك مقترح تداولته الجامعة العربية، ودولة الجزائر، باعتبارها الدولة المضيفة، لعقد قمة تشاورية، على هامش الاجتماع الرسمي خلال القمة العربية المرتقبة، وهو ما يعكس الاهتمام الكبير بتعزيز النهج “التشاوري”، لتحقيق أكبر قدر من التوافق في المرحلة المقبلة، وبالتالي تحييد الخلافات، أو تنحيتها جانبا، بهدف صياغة مواقف موحدة. ويعد “التوافق” المستهدف، الذي تسعى القمة العربية لبنائه، يعتمد على العديد من المحاور، ربما أبرزها القضايا الإقليمية، عبر التركيز على القضية الفلسطينية، وتعزيز صورتها باعتبارها قضية العرب الأولى، وهو الأمر الذي سعت العديد من القوى الدولية لتقويضه، عبر إغراق دول المنطقة في الفوضى، خلال العقد الماضي دون جدوى، بالإضافة إلى التركيز على حماية الدولة الوطنية والحرب على الإرهاب، ومساندة الدول التي تعاني بسبب الصراعات والحروب، وهي الأمور التي تعد بمثابة “مشتركات” مهمة، خاصة بعد دروس “الربيع العربي” التي أثبتت “فيروسية” الفوضى، والتي تنتقل بسلاسة من دولة إلى أخرى، وبالتالي تبقى حماية الدولة لنفسها قائمة في الأساس، على تحقيق قدر من الاستقرار الإقليمي. ولم تقتصر حالة “التوافق” المنشود، على الحالة الإقليمية، وإنما تمتد إلى النطاق الدولي، بعد المستجدات الأخيرة على الساحة الأوكرانية، وارتباطها بالعديد من التداعيات، على رأسها قضايا أمن الغذاء والطاقة، التي تحمل تأثيرات مباشرة في أمن منطقتنا، خاصة في دول الصراع، وهو ما يمثل ضرورة ملحة، لتبني موقف عربي توافقي تجاه القضية، وهو الأمر الذي بدا في مواقف الجامعة العربية، في الأشهر الماضية.
حنجرة الحرية
سعى الدكتور محمد حسن البنا في “الأخبار” للربط بين الحدث الكبير الذي أصاب الكثير من المستمعين بالحسرة وأحوالنا: توقف راديو “بي بي سي فخرس مدعو الحرية. وتوقفت عندنا بعض الإصدارات فولول هؤلاء وسالت دموعهم على جثمان الحرية. باختصار هؤلاء لا يفهمون التطور الجديد في الإعلام وأدواته. كما لا يفهمون اقتصاديات الإعلام باعتبارها حجر الزاوية في صناعة الإعلام والصحافة. نحن فقط، في مصر، نصرف على الإعلام رغم خسائره الباهظة، التي تحمل خزانة الدولة ما لا تطيق، بادعاء أنها الشيء لزوم الشيء. زيادتان لأصحاب المعاشات خلال سبتمبر/أيلول تعرف عليها، والشيء الذي أقصده نشر الوعي الوطني، والرد على الشائعات، وتقديم صورة جيدة لمصر. ولدينا مؤسسات إعلامية نجحت في ذلك مثل “أخبار اليوم” و”الاهرام” و”المتحدة”، ولدينا مؤسسات تمثل عبئا على الإعلام نفسه. لهذا من الضروري وضع حلول جذرية اقتصادية لهذه المؤسسات. والسعي للإصلاح كما فعلت بي بي سي ليس عيبا. المسألة اقتصادية بحتة، ولا مانع من مراعاة البعد الثقافي والتوعوي المجتمعي، بشرط عدم المبالغة في الخسارة. اقتصاديات الإعلام كما يقول الدكتور حسن علي أستاذ الإعلام أمست الأخطر بين كل التخصصات الإعلامية، غفلت عنها كليات ومعاهد وأقسام الإعلام. ذهبت بي بي سي ضحية تطور تقني، وزيادة كلفة الإنتاج وتناقص المستمعين وانتفاء وانتهاء أسباب قيامها، أزمة الإعلام المصري تجعل إذاعاتنا، وربما كثير من قنواتنا ليست بعيدة عن مصير بي بي سي. اقتصاديات الإعلام علم وتخصص قفزنا عليه بفهلوتنا المعهودة. لا توجد إذاعة مصرية ولا قناة خاصة، أو حكومية تحقق أرباحا، وتقوم بوظائفها المعروفة.. خبر إغلاق بي بي سي عربي، وإلغاء أكثر من 300 وظيفة وتسريح شاغليها، خبر خطير ومثير للدهشة. أهو حقا لأسباب مالية؟ نحن نعرف كيف تمول، لأن تطبيقات الإنترنت جعلت بي بي سي بلا فائدة.. وبلا جمهور؟ أرجو أن نبحث الأمور بعقلانية ومنطق.
نهر خائن
ألقى الدكتور حمدي هاشم في “الأهرام” الضوء على نظرة الإثيوبيين للنيل عبر التاريخ: يسلب النهر الخائن (باللغة الأمهرية) المياه من البحيرة ويجري بها داخل السودان ومصر هكذا تبين الثقافة الشعبية رافد النيل الكبير الموسمي (النيل الأزرق)، وتوثق (مبكرا) الملكية المائية الخالصة لإثيوبيا، دون قوانين الأنهار الدولية (1919) واتفاقيات مياه النيل التاريخية المشتركة. وتظل بحيرة (تانا) منبع رافد النماء المستديم بتوفيره المياه للأراضي السودانية والسد العالي، ولكن يضطرب مع قيامة ذلك المحبس الإثيوبي الأمن المائي في دولتي العبور والمصب. وقد تم منذ ستة عقود مضت تحديد موقع السد الإثيوبي الكبير من مسح جوي بمنحة أمريكية (1964)، مخالفة لاتفاقية (1929) للمشورة والتنسيق مع مصر، بل تجاهلت التقارير استقراره الجيولوجي وتأثره بحركة اتساع الأخدود الافريقي العظيم. يحيلك توطين السد على الحدود الإثيوبية مع السودان لكثير من الشكوك، على خلفية عدم صلاحية الصخور البركانية للزراعة من حوله، وحجم الفقد المائي الهائل بين الشقوق والأخاديد وصولا لمستوى التخزين الميت في البحيرة، وسهولة توليد الكهرباء من قيعان الجبال بفرق المنسوب وكمية تساقط المطر، بل لغرض في نفس إثيوبيا وإسرائيل على مياه النيل، والبدعة الأمريكية لبيع المياه وفوائدها المالية، والتلاعب بجائحة انهيار السد لإجبار السودان على الدفاع عنه ومناهضة مصر إذا لزم الأمر. ورقة النيل الأزرق سياسية، تاريخية، تهدد الأمن المائي المصري، منذ وسوس القبطان (ألبوكيرك) قائد الحملة الصليبية البرتغالية (1513) لملك الحبشة، بالعمل على تعطيش دولة مصر، في جعل ذلك الرافد الحائر يصب في البحر الأحمر، شمال شرقي إثيوبيا.
توبة مرتضى
يعلم الكثيرون أن دعوة المستشار مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك، للقاء الكابتن محمود الخطيب رئيس النادي الأهلي، ستُقابل بالرفض الأحمر مسبقا، ولكنها دعوة يراها حمدي رزق في “المصري اليوم” تستوجب إعمال العقل وتغليب المصلحة الوطنية أولا. تابع الكاتب: كاتب هذه السطور أهلاوي قُح، ورسالتي من أرضية وطنية إلى عقل الكابتن الخطيب، والعقل يحكم في مثل هذه الظروف، حتى لا تشيه الحروف، وتتحكم الثأرية فتطيش الأحكام الموضوعية، وتطفو على السطح الروح الثأرية. دعوة المستشار مرتضى إلى فتح صفحة جديدة ولقاء يجمعه مع الخطيب في الجزيرة، أو ميت عقبة لفتح صفحة جديدة بين الناديين الكبيرين، تستأهل التفكير العميق بغية لم شمل الجماهير، ولجم التفلت والاحتراب الكروي في مفتتح موسم جديد نتمناه سعيدا على الكرة المصرية. الرفض المتوقع لا يمنع إلحاحا على صلح معتبر على أرضية جديدة، يمتنع فيها القيل والقال والاتهامات الجزافية، واحترام الآخر، والبعد عن مواطن الزلل، واتقاء الله أولا في جماهير الكرة التي فُتنت فتنة عظيمة، صارت تحترب مع كل فاول وكل ضربة جزاء، وهدف ألغاه حكم الفار كل نار تصبح رمادا، ومستوجب سعي الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، لتبنى مقترح المصالحة، وجمع الكبيرين إلى طاولة تجمع الحكماء (من الناديين) لوأد الفتنة، والاتفاق على حد أدنى من المرعيات الواجبة في سياق العلاقة بين رمزين يمثلان أكبر حزبين كرويين في مصر. تأسيسا على ما سبق من علاقات احترام وتقدير جمعت بين رموز الناديين الكبيرين في عهود الود والاحترام والتقدير للقيمة والقامة والمكانة في قلوب الجماهير، التي باتت تقتات الكراهية، كالجمال تمضغ «الحسك»، بمعنى الشوك. مستوجب تحكيم العقل والمنطق بعيدا عن العواطف المشبوبة، ما حدث قد حدث، وعفا الله عما سلف، فليجتمع الفرقاء على عهد جديد، وعقد كروي يذهب بنا إلى الأمام، ويُلحقنا بالكرة العالمية التي تحكمها قبل كل شيء الروح الرياضية، دون شروط مسبقة، ودون عُقد ماضوية، ودون ثارات أو أحقاد يجلس الكبيران، ويتصافحان، وخيرهما الذي يبدأ، «فَإِذَا الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» (فصلت/ 34)
داء عضال
نبقى مع الشأن الرياضي بصحبة حسن المستكاوي الذي يحذر في “الشروق” من مرض يتسع في الانتشار: أطل التعصب المريض على ملاعب كرة القدم مرة أخرى، وأسفر هذا الشبح عن سقوط ما يقرب من 175 قتيلا وعشرات المصابين والجرحى في إندونيسيا عندما اجتاح آلاف المشجعين ملعبا لكرة القدم، وهم مشجعو فريق «أريما إف سي» بعد هزيمة فريقهم 3 ــ 2 أمام «بيرسيبايا سورابايا». وكانت هذه أول هزيمة منذ أكثر من عشرين عاما يخسر فريق «أريما إف سي» أمام منافسه وغريمه.. هل هذا معقول أن يخسر فريق مباراة ليتحول الملعب إلى جهنم، ويغطى العشب الأخضر بدماء الضحايا؟ إنه التعصب المريض الذي أنتج تلك الكارثة. وصحيح أن الانتصارات في كرة القدم حضارات شعوب وكبرياء أوطان وكبرياء الفرد.. اللعبة ما زالت تعاني من وجهها المظلم الكئيب، وما يجري من كوارث يكون سببه التعصب الذي يعد الوجه المريض لظاهرة الانتماء. وقعت المأساة مساء السبت في مدينة مالانج شرق إندونيسيا. ويكشف الوجه الآخر لكرة القدم في بعض الأحيان عن كوارث مفجعة، وهي مسجلة في تاريخ اللعبة، وسقط في حوادثها أحيانا مئات القتلى كما حدث في بيرو عام 1964.. لقد ولد العنف مع كرة القدم، ويرى علماء الاجتماع أن اللعبة ما هي إلا تعبير أو صورة من صور الصراع الجماعي المتكرر، وعن هذا الصراع الجماعي يقول جورج زيفلير الصحافي الفرنسي والكاتب في “فيغارو”: «منذ الأزل والمظهر الذي يحكم العلاقات الإنسانية هو الكفاح فعندما تهاجم جماعة ما جماعة أخرى، فإن رد المجموعة الأخرى هو حتما المواجهة، ومنها يأتي التصادم والعنف». وفي كتابه «هذه الأقدام التاريخ المثير للكرة الإنكليزية» يقول الصحافي دافيد وينر أن اللعبة شهدت في بدايتها في إنكلترا أسوأ أشكال العنف، وكانت ساحة للأشرار من العاطلين واللاعبين والأغبياء، الذين يمارسونها بأحذية قاسية وخشبية، وعلى ملاعب سيئة يختلط فيها الطمى بالعرق، واللعب بالضرب، وبرر انتشارها السريع في بلاده بحاجة الشباب إلى ما يخرج طاقاتهم الشريرة والعنيفة»..التعصب المريض هو السبب المباشر لكارثة إندونيسيا.