القطرية نوال الكواري… الرسم بقدرة الإيحاء

تتميز المادة التشكيلية في منجز الفنانة القطرية نوال الكواري بوجود أشكال فنية جديدة. فهي تتخذ من المساحة أبعادا جمالية لتحيط بالانطباع تارة وبالواقع تارة أخرى بأشكال من التعبير، وبصيغ فنية أكثر دلالة، تجسدها على نحو من الخطوط المتعرجة والدائرية وبالطلاء اللوني والانسياب الصباغي والتدفق الشكلي، لتمنح القارئ تعبيرا جماليا مؤثرا. فهي تجمع بين عدد من المفردات الفنية في العمل الواحد وفق أنساق متناغمة، توصل بينها بتجانس محكم لتمنح أعمالها رشاقة وموتيفية تخول بروز مختلف الجماليات البصرية، والقيم التعبيرية الصرفة، وبذلك تتراءى أعمالها نتاج قفزة أسلوبية في التعبير بالواقع، والانطباع وبالتجريد في لمّة جمالية متفردة، تتبدى فيها اجتهادات نابعة من ثقافة المبدعة، ومن رؤاها الفنية المحكمة، وتتمظهر فيها المؤثرات الفنية المعاصرة، وهو ما يحيل إلى مشروعها الفني المتقدم، إذ تستطيع بتجربتها المتفردة وخبرتها الوازنة أن تؤلف بين مفارقات انطباعية وواقعية وتجريدية، ومفردات فنية فارقية مضمرة في خزان من الأشكال والعلامات والألوان المعاصرة.
وبذلك فإن الكواري تبسط تصوراتها التشكيلية، وتمنح العمل التشكيلي تحويلا جماليا وتعبيريا، فتجمع المفردات التشكيلية، وتبدد الغموض، وتكتسح المساحات، فتنجز توليفات صباغية قوية، وتربط المادة التشكيلية بالتعبير المعاصر، باستعمالات تقنية عالية الجودة، لتتبدى أعمالها مثقلة بالإيحاءات القوية والرمزية الدلالية. إنه توجه فني معاصر ينتج عنه أسلوب تشكيلي خاص، ينبض بقوة الإبداع، ما يمنح لوحاتها أبعادا قيمية وجمالية، يتوفر فيها التوازن الإبداعي بين كل المكونات التشكيلية والمفردات الفنية والاستعمالات التعبيرية والتقاطعات اللونية. الشيء الذي مكنها من صنع مسلك جمالي قوامه اللون والشكل بامتزاج قوي في صلب المادة الفنية، ما يؤثر في قوة التنغيم، ويمنح نوعا من الانسجام في فضاء مغلق، تبعا لقوة التعبير، ونوعيات المادة التشكيلية ومضمراتها المضامينية، لذلك فمختلف التصورات التي تقدمها المبدعة تتمظهر في صيغ متجددة نتيجة تجدد التعبير بالصيغ الجمالية المتنوعة والمقيدة بالتماسك المفرداتي، والتوالف بين مختلف العناصر التشكيلية في نطاق فني يضرب بجمالياته في التشكيل المعاصر، لتتفاعل مع مجمل العوالم التشكيلية التي تكشف عن بلاغة فنية، وقدرة إيحائية قوية تتجه مباشرة إلى القيم التعبيرية والجمالية، لأن أعمالها إجمالا تتسم بحمولة ثقافية وفنية وواقعية، وتتسم كذلك بخصائص تشكيلية متفردة.


ولا شك في أن التفاعل مع هذه الخصائص التي تُستشف من الفضاء الكثيف يحيل القارئ إلى مجال إبداعي جديد، وبؤرة تأصيلية لمسلك تشكيلي جديد، وإبداعا متفردا يروم التعبير المضمر، وفق خصوصيات تقنية تُدخل القارئ في ألغاز تعبيرية ورمزية هادفة، قابلة لتعدد التآويل وتعدد القراءات. ولا غرو في ذلك، فالفنانة التشكيلية نوال الكواري لها من الإمكانات التشكيلية الهائلة، والمؤهلات الفنية الكبيرة، والتقنيات العالية والقدرات الفنية الفائقة، ما يخول لها تقديم منجزات تشكيلية في مستوى عال جدا، بتجسيد هذه الإمكانات للتعبير برؤى عميقة الدلالات وغزيرة المعاني؛ وفق صياغات تشكيلية فريدة، تدل على مستوى ارتقاء اللون والشكل والمسلك والأسلوب، لأعلى درجات البناء الفني والتنويع العلاماتي والتوزيع المتوازن للمفردات والعناصر التشكيلية.
وهذا كله يدل على قدرة نوال الكواري في التحكم على الإيحاء وعلى التعبير وإنتاج وافر من الدلالات والمعاني داخل اللوحة الواحدة، ثم داخل النسيج الفني لأعمالها ككل، وذلك لأنها ربما تتعامل بفكر منطقي مع كل العناصر والمفردات التشكيلية في نطاق لغة التشكيل والتعبير والإيحاء. إنها براعة الفنانة المتمكنة من مادتها، حيث تستخلص الجوهر وتصوغه بنوع من الجمال والفنيات التشكيلية المعاصرة لتؤكد مركزيتها في عالم الفن التشكيلي المعاصر.

٭ كاتب مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بلي محمد من المملكة المغربية:

    مرة اخرى يرحل بنا منبر القدس العربي الى دولة خليجية متميزة عن غيرها بالطائرة لا بالخيال نعم لكن الكلمة موجودة برائحة والمس كدالك ليعرفنا على الدروب لا على القاعات السينمائية اوالمسرحية لا وانما على فن من الفنون تفننت فيه اليد القطرية فن ليس هينا على اي كان فن فرض وجوده برأس مرفوع في كل المنافسات التي تحمل اسمه انه التشكيل والتشكيل القطري بالاخص الدي يخطوا خطوات بطيئة لكنها مثمرة وجيدة لابلغة التزكية فاللوحات القطرية تدافع عن نفسها هنا وهناك ومن هنا اوجه تحية فنية لتشكيل القطري ولليد القطرية المتميزة ومزيد ا من اللوحات التي تجلب العين واالقلم معا وتحية للكاتب الفنان المحترم وتحت ظل الفن لاصيل

إشترك في قائمتنا البريدية