القاهرة ـ «القدس العربي:» “اليوم أنا في حالة صدمة هذا هو ضريح السيدة نفيسة في القاهرة قبل وبعد تطويره وترميمه. هناك تغيير وتشويه كليا بحجة “إعادة” واحدة من أعز الأماكن في مصر وتبجيلها”.. تلك التصريحات المؤلمة فجرتها المعمارية المتخصصة في الفن الإسلامي أمنية عبد البر، التي أرقت بدورها مضاجع الكثير من المثقفين واحباب آل البيت منذ نهاية الأسبوع الماضي. وفي سياق مواز فجّر عدد من المعماريين والباحثين المهتمين بالتاريخ الإسلامي مفاجأة في ترميم ضريح السيدة نفيسة، زاعمين أن الضريح تم تشويهه، وأزيل توثيق نادر للضريح الذي كان يعبر عن حقبة تاريخية شهدتها مصر “الحقبة العثمانية”. فيما أشار باحثون إلى اختفاء الباب الأثري المصفح بالفضة للضريح، وتغطية الحيطان الأثرية ومنها عقد حجري يرجع للعصر المملوكي داخل الضريح وطمس اسم الخديوي عباس حلمي الثاني الذي كان موجودا داخل رنك خاص به خلف المقصورة، كما زعموا إزالة اسم الرئيس السادات داخل أحد حيطان المسجد القديم، الذي تم بناؤه على يد الخديوي عباس حلمي الثاني وترميمه في عهد الرئيس السادات.
ومن أخبار مؤسسة الرئاسة: مدد الرئيس السيسي خدمة الدكتور شوقي علام مفتى الجمهورية لفترة جديدة، حيث انتهت خدمة علام، وفقا للقرار الذي أصدره المرسوم الرئاسي المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 10 أغسطس/آب من العام الماضي بمد خدمة مفتى الجمهورية لمدة عام انتهت 12 أغسطس 2023. ومن أخبار الجريمة المنظمة: قام قطاع مكافحة جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة، باتخاذ الإجراءات القانونية حيال ثلاثة متهمين لقيامهم بممارسة نشاط إجرامي في مجال الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفي، وتجميعهم مبالغ مالية من متحصلات نشاطهم غير المشروع، ومحاولتهم غسل تلك الأموال عن طريق (تأسيس الشركات – شراء السيارات) وكذا إيداع بعض من تلك الأموال في حسابات بنكية خاصة بهم وبأفراد أسرهم في بعض البنوك بقصد إخفاء مصدر تلك الأموال وإضفاء الصبغة الشرعية عليها، وإظهارها وكأنها ناتجة عن كيانات مشروعة..
ومن أخبار الحوادث: قرر المستشار معاذ صلاح مدير نيابة مركز وادي النطرون، بحبس المتهم بقتل ضابط وأمين شرطة من قوة الإدارة العامة للمرور أثناء عملهما في الطريق الصحراوي القاهرة ـ الإسكندرية أربعة أيام على ذمة التحقيقات، ويراعى التجديد له في المواعيد القانونية.. ومن أخبار الرياضة: أكد طارق جبريل أمين صندوق، وعضو مجلس إدارة نادي الزمالك السابق، أن أغلب لاعبي الفريق الأول لكرة القدم في نادي الزمالك، يرغبون في الرحيل منذ فترة طويلة. وبرر جبريل حالة الرغبة في الفرار التي تشهدها القلعة البيضاء إلى: “الأزمات والمشاكل المادية، تجعل أغلب اللاعبين يرغبون في الرحيل وهذه معلومة أملكها”، وفي سياق مواز يتخوف جمهور “الأبيض” من صدق روايات انتشرت خلال الفترة الماضية داخل كواليس النادي بشأن احتمال طرحه للبيع، وهو ما تحدث عنه بعض الإعلاميين في الفضائيات مؤخرا. وأضاف طارق جبريل: “لم أزعل على رحيل إمام عاشور إلى النادي الأهلي، لأن في النهاية هذا حقه بسبب ما وصل إليه الزمالك في الوقت الحالي”. واختتم: “جددنا عقد إمام عاشور ورفعنا راتبه إلى 8 ملايين جنيه، وعندما وصلنا بالعقود رفض قراءتها، أو النظر إليها ووقع في 3 دقائق فقط، دون أن ينظر على البنود”.
سر بوليسي
ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الرئيس السيسي لهجوم في صحيفة أمريكية من كاتب أمريكي، فقد تكرر ذلك كثيرا على مدى عشر سنوات.. وليست هي المرة الأولى، كما يوضح عبد القادر شهيب في “فيتو” التي يتسم فيها الهجوم بالقسوة والحدة، فقد حدث ذلك من قبل أيضا.. لكنها المرة الأولى التي يفصح فيها صراحة من يقوم بالهجوم عن هدفه، وهو إبعاد الرئيس المصري عن قيادة البلاد، وبدا ذلك بوضوح في عنوان المقال الذي كتبه الكاتب ستيفن كوك في “فورين بوليسي” مؤخرا، وأيضا في النتيجة التي انتهى إليها المقال واختتم بها، لذلك ليس مجديا كثيرا الرد عليه بطريقة تفنيد ما تناوله من معلومات ووقائع.. فقد كشف الكاتب أوراقه وهدفه من كتابة مقال عن مصر، رغم أنه يتابع طوال الوقت الشأن الإيراني والشأن التركي.. وهذا ما يستدعي التوقف أمامه، لأن هذا المقال جاء في وقت يدور فيه حديث عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي سوف تجري العام المقبل، وعن موقف الرئيس السيسي من الترشح فيها.. كما أنه جاء أيضا في توقيت مطالبة أعضاء في الحزب الديمقراطي الأمريكي بتجميد نحو ثلث المساعدات العسكرية لنا.. والسؤال الذي يتعين علينا الاهتداء لإجابة دقيقة عليه هو، هل ذلك نوع من الضغط فقط على الإدارة المصرية لتعدل من علاقاتها مع روسيا؟ أم أن الإدارة الديمقراطية في أمريكا تريد استئناف تنفيذ مشروعاتها لتحقيق تغيير سياسي في منطقتنا من الخارج، خطط له بوش الابن ونفذه أوباما؟ يعتقد الكاتب أن الأمر أكبر من مجرد الضغوط الآن، وإنما يبدو أن ثمة رغبة أمريكية للعودة لمشروع الشرق الأوسط الجديد.. والأغلب أن ما قام به الجيش المصري من إحباط مخطط تمكين الإخوان من حكم البلاد لم ينسه الأمريكيون بعد.. ربما لا يعولون على إعادة الإخوان إلى الحكم مجددا بعد حالة الضعف التي أصابت جماعتهم. في السنوات الأخيرة، ولكن ما زال يراودهم ترتيب أوضاع بلدنا السياسية بما يخدم مصالحهم.
مواجهة مرتقبة
ترى نور الهدى زكي في “المشهد” أن المواجهة المرتقبة هذه المرة ليست مع سلطة في قوة وجبروت سلطة نظام مبارك، أو ما بعده وما بعد ما بعده حتى، ولكنها تجاوزته بمراحل.. تجاوزته بشدة الاستبداد وشدة القمع والإغلاق وكتم أنفاس بلد بحاله إلى الدرجة التي استوطن فيه الخوف من كتابة سطور في الفضاء الافتراضي، يمكن أن تصل بصاحبها إلى أيام وشهور وسنوات في السجن. المواجهة هذه المرة أيضا ليست مع سلطة في قوة وتشابك طبقة من أصحاب المصالح والثروات، مثلما كانت عليه طبقة مصالح وثروات ونفوذ رجال مبارك وما بعده وبعد ما بعده حتى، ولكنها تجاوزته إلى الدرجة التي ستدافع عن نفوذها وثرواتها بتوحش بعد أن وعت درس الرئيس المخلوع المسجون النائم علي سرير داخل قفص الاتهام يرد على القضاء قائلا: أفندم. ووعت درس الرئيس المعزول، ودرس ما بعده ونفذت كل خطة في وقتها. والمواجهة هذه المرة ليست فيها أحزاب وقوى سياسية تتحرك وتراكم خبرات ووعيا وتحشد جماعات وأفرادا، ولكنها الآن أحزاب لا تستطيع أن تغادر مقراتها الضيقة، ولا تقيم مؤتمراتها الجماهيرية إلا وهي في مرواغة دائمة مع الأجهزة من أجل النفاذ من ثقب ضيق، هو المسموح به للعمل داخل مقراتها. والمواجهة هذه المرة أيضا هي مواجهة بلا خطوط دفاع، لأننا انفصلنا فيها أحزابا وأفرادا – ونتيجة لما سبق – عن الناس وانفصل الناس عنا، وأصبحنا في جزر منعزلة، ندير فيها مصالحنا الضيقة.. ونحاول فيها أن نتدبر تكملة المعيشة يوما بيوم.. ولا نربط الأمور ببعضها، فنصدق أن الغلاء عالمي، وأنه أتي إلينا عبر البحار والسماء، وليس لنا دخل في ما نحن فيه.. ونغضب، فندعو الله أن يكشف الغمة أو نصدق أننا أحسن من غيرنا فنخرس. والمواجهة هذه المرة أيضا واستكمالا لطبقة المصالح، فيها إعلام استطاع أن يمارس كل أنواع الدجل والنصب علي الناس فكان نصيبه من الكراهية والتجاهل كبيرا، ولكنه أيضا فعل مفعوله في التغييب والإحباط.
ننتظر رعبا
المشهد كما يبدو من وجهة نظر نور الهدى زكي شديد التعقيد، والأزمة مستفحلة، فلا نحن لدينا بوصلة وتوافقا في كيفية المواجهة والخروج منها، ولا النظام الذي نواجهه لديه بوصلة وتوافقا لكيفية التعاطي، واحتواء ما يحدث والبقاء على أنفاس بلد بضمان شعبي يعضد ما يسعى إليه من ضمانات خارجية.. في ظل هذا يأتي سؤال ما العمل؟ ربما الإجابة الوحيدة على هذا السؤال تكون على شاكلة (العمل عمل ربنا) ونعم بالله، ولكنها تحمل أيضا معاني حجم الأزمة وفقدان الأمل في قوتنا وعافيتنا. وفي ظل هذا أيضا، تبدو مبادرة الفريق الرئاسي، كما لو كانت رحلة ترفيهية تظل دون مستوى الأزمة وتعقيدات اللحظة. فهل ما زلنا غير مصدقين أو لا نستوعب ما وصلنا إليه، مما ليس له من دون الله كاشفة، كما نقول دائما. هل ما زلنا غير مصدقين أن الناس التي تكمل عشاها نوما لا تعرفنا ولا تسمع عن الفريق الرئاسي، ولا تعرف ماذا تفعل غدا، وهي مشحونة بالغضب الذي قد يستهدفنا أيضا. فهل ما زلنا في شقاق وشكوك في دواخلنا، ولا نستطيع أن نتوافق على رؤية تحسن من صورتنا، وتجعل الغاضبين يسمعون ويشاركون ويستعيدون إمكانية الأمل في تغيير حقيقي، إذا كان مقدرا لمصر أن تشهد انتخابات، وتجعل السلطة تستشعر الخطر ممن توافقوا، فتحسب حساباتها وحساباتنا، ونبدأ عملية جادة وجديدة لرأب ما نحن عليه أولا، والتوافق الذي يفتح الباب لكسب ثقة وإضافة من ابتعد وزيادة خلصاء موجودين، أو ننتظر رعبا أكبر من هذا.
شبهات تحتاج إجابة
هل تم تطوير مسجد السيدة نفيسة كما ينبغي أم لا؟ أجاب عماد الدين حسين في “الشروق”: وجدت العديد من الملاحظات تم تسجيلها من خبراء ومهتمين ومختصين، خصوصا على صفحة الفيسبوك الخاصة بالدكتورة أمنية عبدالبر أستاذة الآثار الإسلامية، والدكتور طارق المري خبير ترميم المباني الأثرية والمدن التاريخية. نعرف أن السيدة نفيسة هي حفيدة الحسن حفيد النبي عليه الصلاة والسلام، وهي الوحيدة التي تقول الدكتورة أمنية إنها مدفونة يقينا في مصر، حيث عاشت وتوفيت فيها عام 208 هجرية، 824 ميلادية، ودفنت في منزلها وهو موضع قبرها الآن. والمصريون أصروا على أن تدفن في بلدهم وليس في البقيع. على مر العصور اهتم حكام مصر بمقام السيدة نفيسة، حيث جدده الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، والسلطان المملوكي المنصور قلاوون، الذي أمر بإضافة مسجد للضريح.
وفي عام 1892 اندلع حريق في المسجد، وتمت إعادة بنائه بأمر من الخديوي عباس حلمي الثاني، وهو المسجد المعروف لنا حتى الآن وعمارته مستوحاة من عمارة المماليك. وفي عهد هذا الخديوي تم ترميم عدد كبير من المساجد التاريخية. وفي عصره أيضا اكتمل بناء مسجد الرفاعي. تضيف الدكتورة عبدالبر أن الشكل العام للمسجد كان يمكن الوصول إليه عبر ممر وبعده تجد بابا فضيا يفتح على القبة وفيها كتابات بسيطة وقليلة، وزخارف أنيقة وكان يتم استخدام الأضواء الخضراء في المدينة.. وقبل التطوير الأخير كان هناك «رنك» للخديوي خلف المقام وشكل محراب حائطي على الجانبين، وهو من العناصر المميزة في العمارة الفاطمية وفي هذا الضريح كان هناك نجف تركي قديم ومقصورة مميزة. في عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات تمت إضافة الرخام، وكان هناك نص باسم السادات وتاريخ تنفيذ الأعمال يشير إلى سنة 1972.
بقايا أضرحة
يواصل عماد الدين حسين، كشفت الدكتورة أمينة عبدالبر أنه بعد تطوير مسجد السيدة نفيسة لم يعد الباب الفضي للضريح موجودا وكذلك النجف التركي ورنك الخديوي عباس حلمي، وتم استبدال المقصورة القديمة، كما أن الشبابيك الجصية التي تمت من قبل لجنة حفظ الآثار، تمت تغطيتها بالرخام، وتم استبدال كل العناصر الزخرفية والكتابات بتصميم ليس له صلة قوية بطراز العمارة المصرية الإسلامية التي تخضع لأسس معروفة في التصميم. وتم حذف أسماء كل من ساهموا في التجديدات القديمة، ولم يعد موجودا إلا اسم سلطان البهرة. الدكتورة عبدالبر تناشد المسؤولين إعادة النظر في مشاريع التطوير الأخيرة مع الخبراء المصريين المشهود لهم بالكفاءة، حتى لا يتكرر ما حدث في بقية الأضرحة. أما المعماري طارق المري فقد كتب تحت عنوان «السيدة نفيسة وإشكالية التطوير ضد الحفاظ»، فيقول إنه خلال أكثر من قرن ظهر العديد من النظريات والممارسات المتباينة في بعض مناهجها وتفاصيلها الفنية، لكن كل المدارس والمناهج اجتمعت على نقطة مهمة وهي ضرورة الحفاظ على الهوية التاريخية للمبنى واحترام تفاصيله الفنية الأصلية. وفي تقديره أن ما حدث في مسجد السيدة نفيسة هو إهدار للقيمة التاريخية، لأن التطوير من فنيات وعلامات تاريخية تشهد على تطوير البناء عبر الزمن. ويخلص المري إلى ضرورة العودة للاستعانة بالخبراء الحقيقيين في العمارة الإسلامية. الرأيان السابقان من الواضح أنهما يوجهان العديد من الملاحظات الانتقادية للتطوير الذي حدث في مسجد السيدة نفيسة. في طبيعة الحال لست متخصصا في التراث والعمارة الإسلامية، لكنني نقلت جوهر ما كتب في هذا الشأن، وأتمنى أن أتلقى وجهة النظر الأخرى التي أشرفت على عملية التطوير حتى تكتمل الصورة، ونتلافى تكرار أي أخطاء في المستقبل.
عنوان على بلد
رغم أن الشعار الذي ترفعه قنواتنا الفضائية هو شعار «الجمهورية الجديدة»، إلا أن مطار القاهرة، كما أشار الدكتور أحمد عبد ربه في “الشروق” يبقى بلا تغيير منذ سنوات، وفي أوضاع لا يمكن لشخص محب للبلد أن يرضاها أو يعتبرها تليق بتلك «الجمهورية الجديدة»، وإذا كانت مصر بالفعل جادة في تنشيط السياحة، فلماذا يسقط من حسابات المسؤولين فيها موضوع مطار القاهرة ومشاكله الظاهرة للعيان؟ المطار هو عنوان أي بلد، وكل تفصيلة فيه تعكس الوضع الحضاري والاجتماعي والثقافي لهذا البلد، وتعطي فكرة أولية للسياح عما يمكن توقعه من زيارة هذا البلد، المطار في العصر الحديث ليس مجرد مكان لإقلاع وهبوط الطائرات، ولكنه أيضا أصبح مكانا للتسوق، ومكانا للترويج السياحي، ومكانا لعقد الأحداث الفنية والثقافية، ومكانا لزيارة المتاحف، ومكانا للترفيه. وفي ظل ثورة تطبيقات التواصل الاجتماعي، فالمطار بكل ما فيه من خدمات أصبح مسرحا مكشوفا للعالم، بأثره يخضع للتحليل وللتقييم ومن ثم يصبح بلد هذا المطار محل جذب أو طرد للسياح، حسب تقييم مطاراتها كل الدول التي زرتها من آسيا إلى أمريكا اللاتينية، مرورا بأوروبا تحرص على أن يكون لديها مطار واحد على الأقل ـ إن لم يكن أكثر ـ منافسا للمطارات الدولية الأخرى على عدة أصعدة، أهمها الإنشاءات والترفيه وسهولة ويسر حركة السفر والترانزيت.. في مصر يظل مطار القاهرة هو الأكبر والأهم في افريقيا، ولا يمكن لأحد أن يرضى عن أوضاعه الحالية، التي هي في حاجة إلى تغيير، هذا التغيير لن يكون فقط هدفه إرضاء السياح، ولكنه تغيير يحترم المواطنة والمواطن المصري أيضا، ويرسم عنوانا جيدا للبلاد التي عليها أن تنافس وبقوة في السنوات المقبلة لاستقطاب السياح والمستثمرين في ظل بيئة شديدة التنافسية، وفي ظل منافسين إقليميين تتعاظم أدوارهم بشكل سريع، ولا يعجبني أن نقف موقف المتفرج عليهم تحت دعوى نقص الإمكانيات أو الموارد، عفوا لا ينقصنا هذا ولا ذاك، ولكن تنقصنا الإرادة والإدارة والقرار الحاسم لتغيير هذه الأوضاع.
تضربه الفوضى
يحتاج مطار القاهرة، وفقا لرأي الدكتور أحمد عبد ربه لتغيير كامل في إنارته الداخلية، فهذه الإنارة الباهتة لا تليق بالمطارات الحديثة، كما لا بد أن تكون هناك أماكن منفصلة للمصريين وغير المصريين، هذا ليس على سبيل ممارسة العنصرية أو التمييز، ولكنه إجراء معتاد في كل المطارات لتسهيل إجراءات الوصول على الجميع، لا يمكن أيضا القبول بالوضع الحالي في ما يتعلق بالأفراد حاملي بطاقات الامتياز عند الوصول والمغادرة، بحيث تزدحم أماكن دخولهم وخروجهم، باختصار لأنه لا يوجد نظام.. قال لي مسافر فرنسي جمعتني به طيارة واحدة حطت في مطار القاهرة، إنه ندم على الوقوف في طابور «بطاقات الامتياز» لأن ذلك عطله أكثر، ومرافقوه على الرحلة نفسها تمكنوا من الخروج قبله رغم عدم امتلاكهم تلك البطاقة، الأمر ينطبق أيضا على إجراءات مغادرة البلاد بوابات التفتيش الأمني المخصصة للأشخاص حاملي بطاقات الامتياز مفتوحة للجميع، ودون تمييز وبالتالي ورغم أن هذه ميزة يحصل عليها بعض المسافرين من بعض شركات الطيران، إلا أن مطار القاهرة فيه حالة إهمال لتلك الميزة، القائمون على الإدارة لا يلتفتون لكل ذلك والسبب مجهول، في كل مطارات العالم توجد ساعات الذروة، حيث تصل بعض الطائرات بشكل متزامن، ما يجعل صالات الوصول مكتظة، الحل بسيط ففي المطارات الكبيرة، يتم تخصيص عدد أكبر من سير الحقائب لتعمل في الوقت نفسه فلا يتكدس المسافرون والحقائب من أكثر من رحلة في الفترة الزمنية نفسها. في كل مطارات العالم من حق المودعين للمسافرين والمستقبلين لهم أن يكونوا داخل المطارات بين قاعات الوصول والاستقبال، إلا مطار القاهرة الذي يتعامل مع المستقبلين للمسافرين، أو المودعين لهم بشكل مختلف فغير مسموح للغالبية العظمى من المودعين والمستقبلين للمسافرين ـ باستثناء من يمتلكون توصيات أو وساطات بل وليس مسموحا لهم الوقوف أمام القاعة، عليهم الانتظار في حرارة الشمس في الشارع المقابل لصالات الوصول، أو المغادرة خلف سياج حديدي كبير بلا أي خدمات ولا مظلات ولا لوحات تساعدهم في معرفة الطائرات التي وصلت أو التي غادرت.
حيتان الممنوع
نتحول نحو أزمة السجائر في صحبة حمدي رزق في “المصري اليوم”: يقول هاني أمان الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للشركة الشرقية للدخان، ما نصه: «أزمة السجائر أساسها التجار الحيتان غير المسجلين لدى الشركة، وتداول منتجات الشركة لدى الحيتان ليس من اختصاصنا، ومكاسب الحيتان «تجار السوق السوداء» وصلت إلى 150 مليون جنيه يوميا، سؤال لم يجب عنه السيد أمان رغم ظهوراته الفضائية الكثيفة: هل الحيتان تلد أم تبيض؟ تكاثر الحيتان، وتوحشها في سوق الدخان خليق بالإجابة عن السؤال، لو حيتان السجائر تبيض نكسر بيضها تواليا، ولو تلد مستوجب تعقيمها بالقانون، لكن تركها هكذا لحالها تتكاثر كالوباء يخل بطبيعة السوق، التوازن البيولوجي في السوق، كما في الطبيعة، ضرورة مستوحية. مشكورة الشركة الشرقية تجتهد وتنتج وتشتري الدخان بالدولار، وتربح مليارات، وتدفع الضرائب، والحيتان يبتلعون الإنتاج، ويتحكمون في الأسواق، ويضاربون في الأسعار، ولا تعرف الضرائب لهم طريقا.. والمستهلك يدفع الثمن من مزاجه أضعافا مضاعفة. الحيتان في البحار نوعان الأزرق والأبيض، ألوان علب السجائر نفسها، أزرق وأبيض، مصادفة لطيفة، لا تسل ما لونها بعد ذلك، تتخفى حيتان السجائر في ألوان عجيبة، قادرة على التخفي والاختفاء. معلوم، الحيتان تتحرك في المياه العميقة عبر تحريك ذيلها الشبيه بالمجاديف بقوة لأعلى ولأسفل، مستخدمة أطرافها الأمامية للمناورة، وحيتان السجائر تعيش في مياه الأزمات العميقة، وتضرب بقوة، وتناور، صعب الإمساك بحيتان السجائر تسبح بعيدا عن أعين مباحث التموين، من ذا الذي يرصد الحيتان الشرسة بأجهزة استشعارها المتطورة؟ في علم البحار تشتهر الحيتان بذكائها العالي وسلوكها المعقد، وحجمها الهائل مثل الحوت الأزرق، أكبر حيوان معروف على الأرض.حيتان السجائر أكبر حيتان عرفتها السوق المصرية، تبتلع قسما هائلا من إنتاج الشركة الشرقية، (حجم الإنتاج 3.5 مليار علبة سجائر سنويا) وهذا كاف جدا، يغطي السوق ويفيض للتصدير، ولكن الحيتان الشرهة تبتلعها هانئة مستلقية على ظهرها مغتبطة، سلوكها في السوق السوداء شديد التعقيد، ما يصعب الإمساك بها. يوجد تقريبا 86 نوعا حيا من الحيتان في البحار والمحيطات وبعض الأنهار، الحيتان تكيفت مع المياه العذبة، وحيتان السجائر جاوزت الـ100 نوع ونوع، وهي شرسة بطبيعة الحال، وقادرة على المراوغة والمناورة، والأنواع المتطورة منها تجيد الإفلات من الرقابة، وتسبح بعيدا في الأسواق السوداء التي يعمها الظلام. حيتان البحر مهددة بالانقراض، ولكن حيتان السجائر تتكاثر كالجراثيم، كل حوت يلد حيتانا صغيرة، والحيتان الصغيرة تتغذى على التبغ، فتكبر لتبتلع جملة الإنتاج والمستهلكين أيضا. حيتان السجائر لا تتأثر بالضوضاء التي تصدرها المنصات الفضائية والإلكترونية، تزيدها صخبا وعنفا وشراسة في مواجهة المستهلكين، حيتان البحر تزعجها الضوضاء، تقضي عليها، مهددة بالانقراض، حيتان السجائر تتغذى على الأزمات، تنتعش في الصخب الذي يعم الأسواق. رقمنة حيتان البحر للسيطرة عليها لا تجدي نفعا مع حيتان السجائر، حيتان البحر مرصودة بالحوت الواحد في أعماق البحار، حيتان السجائر مطلوقة علينا، خارج السيطرة تماما، صعب رقمنتها، ولا تعير الـ«باركود» السعري المسجل على علب السجائر اهتماما، لو استجمع مدخن شجاعته وقرر قراءة الباركود قبل الشراء بالموبايل لقضمه الحوت من فوره.
يراد به باطل
أعلن بنك عربي تعيين الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، عضوا في مجلس إدارته، فقامت الدنيا على مواقع التواصل، وفي الإعلام، والبرلمان، ولم تقعد بعد على حد رأي سليمان جودة في “المصري اليوم” وكان السبب لدى الذين أقاموا الدنيا، أن الوزيرة المشاط سوف تتقاضى كذا عن عضويتها في مجلس الإدارة، وأن ذلك ينطوي على «تعارض في المصالح» بين مسؤوليتها في الحكومة، ومقتضيات العضوية في مجلس إدارة البنك.. وقد ردت الدكتورة رانيا، أنها لن تتقاضى شيئا عن عضويتها، وأنا أصدقها، كما أني لا أتهمها بشيء، ولا شأن لي بموضوع تعارض المصالح في القضية أو عدم تعارضها. يتطلع جودة إلى الأمر من زاوية أخرى تماما، وهي زاوية تتعلق بعدالة المنافسة بين بنك تكون الوزيرة عضوا في مجلس إدارته، وبنك آخر لا يضم مجلس إدارته وزراء أو مسؤولين.. هذه هي الزاوية ولا زاوية أخرى، وهذا ما يجب أن يعنينا أكثر في الموضوع، لا المكافأة التي يتقاضاها عضو مجلس الإدارة، التي نفت وزيرة التعاون الدولي حصولها عليها. إن البنك، أي بنك.. هو شركة فيها مساهمون، وهذه الشركة مقيدة بالضرورة في البورصة، وتظل طول الوقت في منافسة مع بقية الشركات، وما لم تكن المنافسة بين البنوك والشركات عادلة، فإن مبادئ المنافسة تنتفي ولا يصبح لها وجود. القضية إذن أن وجود أي وزير أو مسؤول عضو في مجلس إدارة أي بنك أو شركة يعطي البنك أو الشركة «قوة» غير مرئية، لا تتوفر للبنوك والشركات المنافسة، ولا علاقة لما قد يتقاضاه الوزير أو المسؤول الكبير، بما أتكلم فيه لأن ما قد يتقاضاه عن وجوده شيء، بينما مجرد وجوده في مجلس الإدارة شيء آخر تماما. لنا أن نتصور بنكا يضم في عضوية مجلس إدارته رجال بنوك واقتصاد متخصصين، ثم لنا أن نتصور بنكا آخر ينافسه في المقابل، ويضم في عضوية مجلس إدارته وزيرا أو مسؤولا كبيرا.. هل يمكن الحديث عندئذ عن منافسة عادلة، أو عن مساواة في الفرص، أو عن أرضية واحدة ومستوية يتنافس عليها هذا البنك مع بقية البنوك في الأسواق؟
أمريكا تنتظر
يبدو أن معركة انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة سيكون مركزها الرئيسي في المحاكم. والأمر من وجهة نظر جلال عارف في “الأخبار” لم يعد مقصورا على ترامب وحده، فهناك أيضا ما يتعلق بالرئيس بايدن وإن كان بدرجة أقل. في آخر التطورات.. طلب الادعاء أن تبدأ محاكمة ترامب في قضية اقتحام الكونغرس في الثاني من يناير/كانون الثاني. وجاء الرد سريعا من ترامب والجمهوريين باستنكار ذلك وبأنه مقصود للتدخل في الانتخابات. فالتاريخ المقترح يأتي قبل أربعة أيام من ذكرى اقتحام الكونغرس، ويأتي قبل أسبوعين من بدء الانتخابات الداخلية في الحزب الجمهوري لاختيار مرشح الحزب وكل المؤشرات – حتى الآن – تقول إنه سيكون ترامب. في المقابل.. أصدر وزير العدل قرارا بانتداب محقق خاص ليتولى قضية هانتر نجل الرئيس الأمريكي بايدن، المتهم – حتى الآن – بمخالفات ضريبية. والآن سيتسع التحقيق في ما يبدو ليشمل اتهامات بالفساد واستغلال منصب الأب، بينما يقول الجمهوريون إن بايدن الأب ينبغي أن يطاله التحقيق، ويسعون – من خلال أغلبيتهم الصغيرة في مجلس النواب – إلى بدء تحقيق سياسي بشأن تورط الرئيس بايدن في مخالفات ابنه. يبدو الرئيس بايدن واثقا من عدم تورطه في أي مخالفات ارتكبها ابنه، لكن الجمهوريين لن يفوتوا الفرصة لاستغلال محاكمة ابنه في الانتخابات. بينما اعترف ترامب أخيرا بأن المحاكمات سوف تشغله في موسم الانتخابات، وبدأ يتخوف من القيود الصارمة التي وضعها القضاء لعدم تحويل المحاكمات إلى «بروباغندا انتخابية» ومن إدانات محتملة في تهم خطيرة سواء في قضية اقتحام الكونغرس، أو قضية إخفاء الوثائق السرية عن عمد. وحتى الآن نجح ترامب في استغلال القضايا التي يحاكم فيها لمصلحته الانتخابية، وتصدر مرشحي الحزب الجمهوري بفارق كبير معتمدا على أنصاره الذين أصبحوا مركز الثقل في الحزب. لكن ذلك لا يضمن وحدة الجمهوريين جميعا وراءه في المنافسة ضد مرشح الحزب الديمقراطي على مقعد الرئاسة، ولا يعطيه أي مساحة إضافية لدى الجزء الأهم في الانتخابات الأمريكية، وهم المستقلون الحزبيون الذين يقررون في النهاية نتيجة المعركة. النائب الوحيد – حتى الآن- في معركة الرئاسة الأمريكية المقبلة أن المحاكم ستكون إحدى ساحاتها الرئيسية. وبعد ذلك فإن كل الاتصالات مفتوحة بما فيها أن تحكم أمريكا من رجل يقبع في زنزانة في أحد سجونها.
قوانين اللعبة
قوانين محددة لا تتنازل عنها كرة القدم مطلقا، سواء كان يلعبها رجال أو نساء.. وأهم تلك القوانين كما اطلعنا ياسر أيوب في “المصري اليوم” هو أنها لعبة لا تمنح سرها لأي أحد، ولا تقدم ضمانا لأي فرق ولا تحب المنطق وحساباته، ولا تحترم التاريخ وانتصاراته.. وفي دور الثمانية لمونديال النساء الحالي.. لم تكن اليابانيات تدافعن فقط عن حلم بلادهن بالتأهل للقب النهائي.. إنما تدافعن أيضا عن بقايا كبرياء الأربعة الكبار في تاريخ هذا المونديال. ففي الثماني دورات السابقة لهذا المونديال.. فازت الولايات المتحدة بكأس العالم أربع مرات، وفازت بها ألمانيا مرتين ومرة واحدة لكل من النرويج واليابان.. ولم يكن من الضروري بالطبع أن تفوز دولة منها بكأس البطولة التاسعة، لكن كان من المتوقع، أن تصل دولتان منهما على الأقل لدور الثمانية مع احتمال كبير لتأهل دولة منها للقب النهائي، حتى إن لم تفز به. لكن الذي جرى في أستراليا ونيوزيلندا لم يتوقعه أي أحد.. وكانت البداية خروج ألمانيا من دور المجموعات بعد الفوز على المغرب والخسارة أمام كولومبيا والتعادل مع كوريا الجنوبية.. وشهد دور الـ16 مواجهة بين اثتين من الأربعة الكبار.. حيث فازت اليابان وأخرجت النرويج.
ثقة زائدة
المفاجأة الأكبر من وجهة نظر ياسر أيوب كانت خروج الولايات المتحدة من دور الـ16 بعد الخسارة أمام السويد. المرة الأولى التي لا تصل فيها الولايات المتحدة للمربع الذهبي منذ بدأت بطولة كأس العالم النسائية 1991.. ففي الثماني بطولات الماضية كانت الولايات المتحدة البطلة أربع مرات والوصيفة مرة والثالثة ثلاث مرات.. وهكذا بقيت اليابان وحدها من بين الأربعة الكبار في دور الثمانية، لكنها خسرت أيضا أمام السويد وخرجت من البطولة. كانت هناك أسباب لهذا الخروج الجماعي تشبه ما يجري في بطولات الرجال.. وأسباب أخرى تخص بطولات النساء.. فالثقة الزائدة لا تصل بأصحابها في النهاية إلا للخسارة.. فالألمانيات بعد فوزهن في المباراة الأولى على المغربيات بستة أهداف، توقعن أنهن في نزهة كروية، وليست بطولة لكأس العالم فخسرن المباراة الثانية أمام كولومبيا. وتنتقم كرة القدم بقسوة من أي فريق ينشغل عنها بقضايا جانبية أخرى، فكان العقاب القاسي للأمريكيات اللاتى انشغلن بقضايا وحروب سياسية واقتصادية وإعلامية.. ولا تحب كرة القدم جمود الفكر الكروي الذي كانت اليابانيات ضحيته، حين واجهن السويد بالتكتيك نفسه، الذي قادهن في البطولة الحالية لدور الثمانية بعد فوزهن على النرويجيات. فما يصلح أمام فريق قد لا يصلح أمام فريق آخر.. أما الأسباب الخاصة بالنساء وحدهن فكان أهمها هذا التطور السريع الذي شهدته الكرة النسائية في العالم، خلال السنوات القليلة الماضية.. فلم يكن يتوقع أحد نجاح ثلاثة بلدان افريقية في الوصول لدور الـ16.. المغرب وجنوب افريقيا ونيجيريا.. وحكايات أخرى كتبت نهاية أي حسابات وأفكار قديمة وغيرت خريطة الكرة النسائية في العالم كله.