عقد الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين آخر قمة لهما في موسكو يوم 23 يناير/كانون الثاني الجاري، ومن أهم ملاحظات هذه القمة السرور الكبير الذي أظهره الرئيس بوتين خلال المؤتمر الصحافي في نهاية القمة، فقد عبر عن سروره لصداقة الرئيس التركي أردوغان له، وتعاونه معه، واهتمامه بإنجاح العلاقات التركية – الروسية وتقويتها اقتصادياً وسياسياً وسياحياً ودولياً، وهذا يشير إلى أن الرئيس بوتين يجد بالرئيس التركي أملاً وملاذاً لمستقبل الوجود الروسي في سوريا، في ظل عدم استقرار الموقف الأمريكي، سواء في الوجود العسكري أو المستقبل السياسي في الرؤية الأمريكية الغامضة، وقد يكون موقف بوتين بسبب عدم رضاه، غير المعلن، عن الموقف الإيراني غير المتعاون مع الحلول السياسية في سوريا، وقد يكون ذلك أحد أسباب سعي روسيا لإجراء مفاوضاتها واتفاقياتها بشأن الحل في سوريا مع تركيا وحدها في السنوات الأخيرة.
من أهم ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين بوتين واردوغان هو، تعزيز الأمن الإقليمي، ووحدة الأراضي السورية ومنع تقسيمها، وهذا مجرد موقف سياسي تعمل الدولتان على دعمه ومنع الدول الساعية للتقسيم، فروسيا وتركيا تدركان أنهما ليستا الطرفين الوحيدين في المنطقة، واللاعبين الوحيدين فيها أيضاً، وكان من أسباب انعقاد هذه القمة إعلان الرئيس الأمريكي قرار الانسحاب من سوريا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بدون أن يتغير شيء يذكر على أرض الواقع، إما بسبب رفض جنرالات البنتاغون تنفيذ ذلك القرار إلا بعد تأمين النفوذ الأمريكي بعد الانسحاب، أو بعد التفاهم مع تركيا حول خريطة الانتشار التركي في منبج وشرق الفرات أولاً، وبدون التعرض لشركاء أمريكا فيها ثانياً، ولكن الأهم هو دخول الدولة الإسرائيلية على خط المطالبة بتأخير الانسحاب الامريكي من سوريا لأطول مدى ممكن.
ولذلك عبر بوتين وأردوغان عن رغبتهما بتحقيق الانسحاب الأمريكي أولاً، وقد وصف الرئيس بوتين التواجد العسكري الأمريكي في سوريا بغير القانوني، وذهب، لأول مرة، لاعتبار التواجد التركي على الأراضي السورية يتوافق مع الاتفاقيات التركية – السورية الثنائية بمحاربة الارهاب، مشيرا إلى اتفاقية آضنة بين تركيا وسوريا الموقعة عام 1998، التي تنص على حق تركيا ملاحقة الإرهابيين داخل الأراضي السورية بعمق خمسة كيلومترات، كما أشار الرئيس الروسي بتقبل الوجود العسكري التركي في سوريا ضمن ما جرى الاتفاق عليه بين تركيا وروسيا في اتفاق سوتشي حول إدلب 2018 وغيرها، وهذا يشير لإمكانية تقبل روسيا فكرة المنطقة الآمنة شمال سوريا، أي تأييدها لما تنوي الحكومة التركية فعله في الأيام المقبلة في منبج وشرق الفرات، وهو ما عبر عنه الرئيس أردوغان في المؤتمر الصحافي بأن وجهات النظر التركية والروسية حول المنطقة الأمنة متقاربة، وإن جاء في الأخبار التالية أنها قيد البحث من قبل المختصين في وزارتي الدفاع والمخابرات الروسية والتركية.
ومن الملاحظات المهمة على هذه القمة عدم وجود الطرف الإيراني فيها، وقد شعر كلا الرئيسين بالحرج من ذلك، ولذلك أعلن كلاهما أن قمة ثلاثية ستعقد في سوتشي في الشهر المقبل، ولكن بوتين أكد في القمة الثنائية مع أردوغان أن هذه اللقاءات المكثفة مع تركيا مهمة جدا لاتخاذ خطوات وتأسيس التفاهمات المشتركة، أي أن الرئيس الروسي يعول كثيراً على الاتفاق مع تركيا أكثر من اتفاقه مع إيران على مستقبل روسيا في سوريا، ومستقبل سوريا نفسها أيضاً، ويمكن القول بأن بوتين لم يعد يعول كثيراً على اتفاقياته مع إيران حول سوريا، لأكثر من سبب منها إدراكه أن التواجد الإيراني في سوريا جرى بالتفاهم مع إدارة أوباما الامريكية وبضوء أخضر إسرائيلي، وأنه كان إجراميا ومداناً وفاشلاً في القضاء على ثورة الشعب السوري، والأهم من ذلك أن إدارة ترامب وإسرائيل لم يعودا بحاجة إلى التواجد الإيراني في سوريا أولاً، بل يعملان إلى إضعافه فيها ثانياً، وهذا يخدم التوجهات الروسية – التركية ثالثاً، وهذا ما يفسر تغاضي روسيا عن الهجمات الإسرائيلية المتوالية على سوريا لأنها تضرب قواعد الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولا تتعرض لجيش بشار الأسد.
ولذلك يمكن القول بأن اللقاءت الثنائية بين روسيا وتركيا تتم بهدف التوصل إلى اتفاقيات ثنائية أولاً، ثم يتم إطلاع إيران عليها ثانياً، فتركيا وروسيا لا تريدان الظهور بموقف الدول التي تضع خريطة الطريق لمستقبل سوريا بالتعاون والاتفاق مع إيران، في ظل تشكيل تحالف دولي ضد إيران، فتركيا وروسيا وإن كانتا تعارضان العقوبات الأمريكية على إيران ولكنهما لن تتورطا في صراع دولي لحماية إيران، وما يهمهما من إيران بعد العلاقات الاقتصادية الكبيرة معها عدم وضعها حجر عثرة أمام أي اتفاق ثنائي بينهما، فروسيا وتركيا تملكان أوراق ضغط كبيرة على إيران في هذه الأونة، ولا تستطيع إيران مخالفاتهما فيما يتفقان عليه، ولكنها لو كانت حاضرة للاجتماعات العسكرية والأمنية، فإن ذلك سوف يعرقل الاتفاقيات الروسية التركية، كما حصل بعد اتفاق سوتشي الأخير المتعلق باتفاق إدلب.
من المرجح أن الاتفاقات الروسية – التركية الثنائية هي استبعاد حقيقي لإيران بهدف إنجاح الاتفاقيات بينهما، وهما يعلمان ضعف قدرة إيران على مخالفتهما معاً، وبالأخص أن الاتفاق الثنائي الروسي – التركي يعمل بعيدا عن النفوذ الإيراني الأساسي وسط سوريا، بعد فقدانها الأمل في السيطرة على كل سوريا، أو شمالها بسبب التواجد الأمريكي، وعدم قدرتها الحلول مكانه في حالة الانسحاب منها، وقناعة إيران بأن التواجد التركي شمال سوريا مؤقت وليس احتلالاً دائماً، وأن التحرك العسكري التركي في سوريا هو ضمن اتفاقية آضنة في قسم منه، وفي القسم الثاني منه هو دعم لغالبية الشعب السوري صاحب القرار الحقيقي لمستقبل سوريا السياسي والعسكري. ومن المكاسب الكبرى لتركيا أن تكون لها اتفاقيات سياسية وعسكرية مع واشنطن حول إخلاء العناصر الإرهابية من منبج وشرق الفرات، وأن تجد قبولاً وتأييداً للتحركات العسكرية شمال سوريا من روسيا، وإذا خُيرت إيران بين التواجد الأمريكي أو التواجد التركي شمال سوريا، فإنها تفضل التواجد التركي، مع ما يثيره من مخاوف ضد مشاريعها في سوريا، لأن إيران على يقين بأنه لا توجد لتركيا أطماع في الأراضي السورية، وأن تواجدها العسكري محكوم بتأمين أمنها القومي .
لقد أصبح من مصلحة الدول الثلاث الضامنة في سوريا مساعدة بعضها بعضاً في رفض التواجد العسكري الأمريكي فيها أولاً، وفي منع الأحزاب الكردية الانفصالية من تكوين كيان يكون أداة بيد أمريكا وإسرائيل هناك، ما جعل ولادة كيان انفصالي كردي شمال سوريا أمراً مستحيلاً، كما تبين استحالة إقامة هذا الكيان شمال العراق، طالما أن دول المنطقة ترفض ولادة هذا الكيان رفضاً تاماً، ومن هنا فإن الدول الضامنة معنية بأن يكون البديل مكان التواجد الأمريكي في سوريا هو بديل آمن لهذه الدول الثلاث أيضا، وهذا يجعل البحث عن النظام السوري المقبول من الدول الاقليمية هو الخطوة الأساسية التالية، ولو أدى ذلك إلى استبعاد إيران كليا من الحل السياسي المقبل في سوريا.
*كاتب تركي
*موقف (تركيا ) مشرف وصادق وهو
داعم للشعب السوري(بالمجمل).
*معظم السوريين يفضلون حكم تركيا
لهم بديلا عن النظام السوري الأسود.
سلام
الاخ سامح
ان ردي عليك احتراما لشخصك ولكن ان تقول ان معظم السوريين بفضلون حكم تركيا عليهم فهذا امر لا يقبله عاقل فلنقل اولا ان معظم الاكراد لا يقبلون وهو امر لا يعارضه احد وكل العلويين لا يقبلون ذلك وهو امر طبيعي وجميع الاقليات الدينية والعرقية لاتقبل ذلك لاسباب معروفة لنا جميعا
لم تتحرك قوى الشعب السوري في منتصف شهر مارس/آذار عام 2011 لاستبدال حكم الاستبداد / الامني الطائفي بحكم آخر لايقل استبدادا وقمعا عنه. حراك الشعب السوري كان بحثا عن الحرية والكرامة والخبز.