القمة العربية: «الورشة مغلقة بسبب التصليحات»

حجم الخط
30

بيّنت نتائج القمة العربية، التي عقدت أمس الإثنين، في العاصمة الموريتانية، نواكشوط، أن المغرب كان على حق، حين رفض استضافتها في شباط/ فبراير الفائت، معللاً ذلك بتجنب تحوّلها إلى «اجتماع مناسباتي»، فضلاً عن أن «الظروف الموضوعية لا تتوفر لعقد قمة عربية ناجحة قادرة على اتخاذ قرارات في مستوى ما يقتضيه الوضع العربي الراهن»، وفق ما أعلنت الخارجية المغربية آنذاك.
فالقمة التي اختزلت ليوم واحد وسط خلافات، وقد جاءت دون أدنى التوقعات، على ما كشفت مسودة «إعلان نواكشوط» بنقاطه المختلفة. وعرت حالة العجز العربي حيال التحولات التي اصابت المنطقة، ووضعتها أمام تحديات جمة. والأهم، أن القمة بدت أقرب إلى عهد ما قبل الثورات العربية التي فتحت للشعوب لنوافذ «الأمل» الذي حملت القمة اسمه شكلياً دون أي عناء للبحث عن امكاتية ترجمته واقعاً وفعلاً.
هكذا، تبدى أن ما اتفق عليه وزراء الخارجية العرب وقدموه للقادة للتوقيع عليه هو مجرد «طبخة بايتة» من التصريحات التي لا تقدم ولا تؤخر. تصريحات تعاند الزمن وتتحايل عليه بالانكار والمكابرة، بدلاً من طرح مقاربات تقترح مشاريع حلول لأزمات المنطقة.
الحديث عن «التصدي لكل التهديدات والمخاطر التي تواجه الأمن العربي وتطوير آليات مكافحة الإرهاب أيّا كانت صوره وتعزيز الأمن والسلم العربيين» صار أشبه بمحفوظات أثرية يمكن استخدامها في أي مكان من دون أن تحمل أي معنى أو تحمّل قائلها أي مسؤولية.
أما إعادة جمل إنشائية من قبيل «مركزية القضية الفلسطينية» فهو أمراً يثير السخرية والاستهزاء من كاتبيه وسامعيه ومردديه لأنه صار يُفهم بدلالة عكسية، أي تخل عن كل فعل حقيقي لدعم هذه القضية وللشعب الفلسطيني.
جلّ ما خرجت به القمة هو حديث عن «دعم المبادرة الفرنسية» في الوقت الذي كانت فيه أطراف عربية وازنة مثل مصر تقوم على إجهاض هذه المبادرة من خلال تطبيع وتسجيل نقاط خطيرة لصالح الإسرائيليين (كما فعل وزير الخارجية المصري سامح شكري من لقاء نتنياهو في بيته بالقدس المحتلة) في الوقت الذي يستمر الضغط الإقليمي على السلطة الفلسطينية في رام الله تمهيدا لظهور حالة «حفترية» عبر تمويل الانتخابات المقبلة، وغير ذلك من ممارسات بهدف تصعيد مرشح بعينه، وكذلك الضغط الإسرائيلي والمصري على حكومة حماس في غزة والتضييق على حركة المواطنين والسلع والأموال.
كانت أمراً لافتاً، أيضاً تلك المناشدة لوصول «الأشقاء في سورية إلى حل سياسي» فهذا «التهذيب الدبلوماسي» في الإشارة إلى النظام السوري الذي خاض في غمار دماء شعبه وجعل منه أكبر مجموعة بشرية لاجئة في العالم يشبه في الحقيقة ذلك التطبيع المجاني مع إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني.
إن المآل الذي آلت إليه القمّة العربية هو نتيجة طبيعية لصعود المشروع الاستئصالي للثورات العربية والذي رأينا أجلى آثاره في سوريا ومصر، مع تأثيراته الكاشفة في ليبيا، والثمن الفادح للتصدي له في اليمن. ولعلّ تونس هي البلد الوحيد الذي نجا من آثاره التدميرية الهائلة وإن كان ما يزال يتعرّض لأشكال من الإرهاب والضغط الإقليمي والدولي.
لقد برز أمل كبير بعد ظهور الثورات العربية أن نرى برلمانات منتخبة وأجهزة أمن وجيوشا وقضاء وحكومات تعبّر عن آمال شعوبها في التحرر من أنظمة سياسية متغوّلة، ولكنّ موجة الثورات المضادّة أجهضت هذه الأحلام وتعبّر هذه القمة العربية الأخيرة عن حصاد الهشيم.
كان الأولى بمؤسسة الجامعة العربية، حفاظاً على بعض من سمعتها المتهاوية، أن تؤجل مشروعها للقمم العربية، كما فعل المغرب، وترفع شعاراً: «الورشة مغلقة بسبب التصليحات».

القمة العربية: «الورشة مغلقة بسبب التصليحات»

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Marash Wadi, USA:

    برز أمل كبير بعد ظهور الثورات العربية أن نرى برلمانات منتخبة وأجهزة … تعبّر عن آمال شعوبها، كم هو جميل أن يصدر هذا الكلام عن بلد لا يوجد فيه برلمان ولا عهد له بأية انتخابات. فهل نسي ذوو الأمر أنهم يحكمون بنظام لا قول ولا رأي فيه إلا لأفراد أسرة بعينها توارثت الحكم وملكية البد وما فيه؟ اسمحوا لي أن أذكر بأن دين الدولة (رسمياً) هو الإسلام. والإسلام لا يجيز توارث الحكم ولو كان الأمر كذلك لأوصى الرسول، صلى الله عليه وسلم، بأن يتولى الإمام علي الخلافة بعد وفاته.

  2. يقول مراقب.المانيا:

    خلال مشاهدتي ومتابعتي لمؤتمر القمة لم أستطع أن امحو من مخيلتي .عند كنت موجودا في اجتماع
    لشخصيات في منطقة البقاع اللبنانية وهم يتناولون ويتبادلون الأحاديث والهموم العامة ..ربما أن القمم العربية أصبحت ملتقى ( لفش الخلق. )..ووجود الخيمة دليل على أننا عربا اقحاح.(الحمد لله. )

  3. يقول Hassan:

    تركيا أيها الحكام العرب إن أردتم التقدم وإكرام شعوبكم هي المقياس للتقدم.

  4. يقول ALI SALEM:

    يجب ان تلغى كل القمم العربية فهي لافائدة فيها كلام مستهلك والتوصيات تعد من صناع القرار على مستوى دولي لتمرير بعض القرارات . فالجامعة العربية لم يعد لها شأن والدليل في هذا الامم المتحدة تكلف مبعوثين لها لكل المسائل العربية والجامعة العربية تتفرج .

  5. يقول Nora agbarya:

    تمنيت لو ان القائد معمر القذافي كان حاضرا… هذا النوع من القمم يحبها وخصوصا عندما تكون القمة فى خيمة.

  6. يقول محمد حاج:

    الغريب ان نتوقع قرارات مهمة للعالم العربي والإسلامي وسط التمزق والتفرق اللامحدود للأمة .

  7. يقول سلام عادل:

    الجامعة العربية ومؤسساتها مجرد موظفون يستلمون رواتب مجزية وهي تاسست لمجرد التاسسيس حالها حال الاتحادات العربية الاخرى(يعني موضة).ولكن لماذا هي فاشلة بكل بساطة الانظمة في الدول العربية تختلف عن بعضها البعض ففيها الممالك والامارات والجمهوريات وكلها تقريبا غير دستورية وبالتالي لا يمكن ان يتفقوا على تصورات معينة لخدمة بلدانهم عكس الاتحاد الاوربي الذي له دستوره وقوانينه المشتركة التي لا تستطيع اي دولة ان تخالفه وهناك شروط لقبول الدول الاخرى.وانظمتها اما ملكية دستورية اي الملك مجرد مراقب للحكومة او جمهوريات لهه حكومات منتخبة وكلها علمانية مما ساعدها على الاستمرار.الحل هو بحل الجامعة العربية وكل دوله فيها تتبنى مصلحتها الخاصة بدون الاصطدام مع الدول العربية الاخرى

  8. يقول Mechri ahmed alger:

    لايمكن لهذه الوجوه ان توصل الامة العربية الى ماتستحقه من تقدم وازدهار وديمقراطية لان ذلك سيكون على حسابهم, وهم يعلمون ذلك فلو تقدمت وازدهرت الدول العربية لاصبح كل مافي ايديهم من مال وسلطة في ايدي الشعوب.وعليه فان القمم العربية عندهم هي لكيفية تحصينهم من شعوبهم او مايسمونه بمكافحة الارهاب وحتى القضية الفلسطينية فان بقائها على ماهي عليه تخدمهم في استعباد شعوبهم فهي وحالة الطواريء سواء

  9. يقول تيران الصنافيري:

    لا بد وان يكون الخوف قد دب في عروق السيسي، فكان قراره بعدم حضور قمة الخيمة الموريتانية كون انها جعلته يتذكر مصير صاحب الخيمة الشهيرة، الراحل معمر القذافي!

  10. يقول بلحرمة محمد المغرب:

    قال الحق سبحانه – تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى – وقال تعالى – انما الاعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى – ايتان كريمتان تسجدان حالة هؤلاء العاجزين المجتمعين بما يسمى بقمة بواكشوط فكيف يستقيم ان يلتقي هؤلاء كقلب رجل واحد او يتفاهم هؤلاء على كلمة سواء وهم الدين اتفقوا واصروا على الا يتفاهموا والا يتفقوا في مشهد غريب لا يمكن حتى لاشهر علماء النفس ان يحلوا لغزه فمن يشاهد الصورة اعلاه ويتفحص الابتسامات في ما بينهم يظن ان هؤلاء القبائل على قدر حتى ولو كان ضئيلا من التفاهمات وتطابق وجهات النظر ولو بشكل يسير ولكن الحقيقة الصادمة والمؤلمة ان قلوب القوم مليئة بالصدا والسواد والانقسام والضغينة والحقد والانتقام لبعضهم البعض ونياتهم غير سليمة البتة ولا تحمل اي قدر ولو كان بوزن درة من المصداقية والنزاهة والجدية فقد كان المغرب على حق عندما رفض عقد هده المسرحية الرديئة على اراضيه لمعرفته مسبقا بفشلها وخلوها من اي امل يدكر فهي لا تعدو كونها مناسبة لالتقاء هؤلاء للايحاء للشعوب العربية المكلومة وتدكيرها بانه لا زالت هناك مؤسسة يطلق عليها مجازا الجامعة العربية فمادا فعل الاخوة الاعداء في نواكشوط سوى القاء خطب انشائية مملة وروتينية لا تقدم ولا تؤخر بل في حقيقة الامر انها ضارة بالنسبة للمتتبع العربي نظرا لما تحمله من عبارات الياس والقنوط وضغط الدم والتقزز والتقيؤ فيخطئ جدا كل من يحسن ظنا في نوايا هؤلاء التي تحمل قدرا وافرا من السلبية الم تكن مئة بالمئة فهده الانظمة قررت وعن سابق اصرار العمل عكس تطلعات شعوبها المغلوبة على امرها وانتهاج سياسة العصا الغليظة لتطويعها واستعبادها والاصطفاف في الجانب المعادي للعرب والاسلام والمسلمين طلبا للسلامة وحماية الكراسي فلا تعولوا على جامعة اثبتت عقمها ومرضها الخبيث وانظمة معاقة اعطت بالدليل والبرهان في اكثر من مناسبة انها ليست اهلا للزعامة والقيادة ولا تمتلك المقومات ولا الشروط لدلك.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية