بغداد ـ «القدس العربي»: منعت القوات الأمنية، الجمعة، مجموعة من متظاهري وسط وجنوب البلاد، إلى دخول محافظة الأنبار الغربية، للتظاهر هناك، في معقل رئيس مجلس النواب، وزعيم تحالف «تقدّم» محمد الحلبوسي، للمطالبة بتوفير الخدمات وإسقاط الدعاوى التي وصفوها بـ«الكيدية» ضد الناشطين.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، دعا الناشط العراقي، المتحدر من محافظة بابل، ضرغام ماجد، متظاهري مدينته ومدن وسط وجنوب البلاد، إلى التوجه إلى محافظة الأنبار، للتظاهر هناك.
ولاقت دعوة الناشط البابلي ترحيباً لدى العشرات من المتظاهرين، الذين إنطلقوا من بابل إلى الأنبار بعد منتصف ليلة الخميس/ الجمعة، قبل أن تمنعهم القوات الأمنية من دخول المحافظة الغربية.
وشددت القوات الأمنية في الأنبار من إجراءاتها الأمنية، التي تمثلت بغلق المدخل الشرقي للمدينة (سيطرة الصقور) ومنعت المتظاهرين من دخول الأنبار.
ووصل قائد عمليات الأنبار، الفريق الركن ناصر الغنام إلى سيطرة الصقور، عند مدخل الأنبار الشرقي، من جهة العاصمة الاتحادية بغداد، والتقى بمنظم التظاهرة، ضرغام ماجد. ونقلت مصادر صحافي وشهود عيان، إن الغنام وعد المحتجين بإيصال مطالبهم إلى الجهات المعنية، وأبلغهم أن، لن يسمح بالتجاوز على القانون والأمن والاستقرار في المدينة.
«أمن واستقرار» المدينة
ونشر، الغنام، منشوراً في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أكد خلاله أنه «ليطمئن الأنباريون أنني ورجالي لن نسمح بالتجاوز على أمن واستقرار الأنبار والعراق» في إشارة إلى الاستعدادات لمواجهة أي احتجاجات أو مساعي للدخول عنوة إلى المحافظة.
وبعد أن فشلت محاولات المحتجين دخول مدينة الأنبار، قرروا إرسال مطالبهم إلى الجهات المعنية، بيد القائد العسكري.
وقال منظّم التظاهرة، ضرغام ماجد، إن «المتظاهرين قدموا من محافظات وسط وجنوب العراق، إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي (من أهالي الأنبار)» لافتاً إلى إن «الجيش تلقى أوامر بمنع المتظاهرين من دخول محافظة الأنبار».
وتلا ماجد الذي ظهر في مقطع فيديو موشّحاً بالعلم العراقي، ثمانية مطالب للمحتجين تضمّنت «معالجة واقع الكهرباء المتردي فوراً، من خلال التعاقد مع شركة سيمنز الألمانية» داعياً إلى «تخفيض سعر صرف الدولار الذي أنهك ارتفاعه كاهل المواطن».
وطالب أيضاً بـ«إقالة المحافظين المُفسدين الذين ثبت فسادهم بالأدلة وتسببوا بانهيار واقع المحافظات على جميع الأصعدة» فضلاً عن «فتح المصانع والمعامل الحكومية المعطّلة حصراً، والتي بلغ عددها 178 ألف منصع ومعمل».
أهالي من المحافظة يؤكدون على «الاستقرار»… ومطالبة الحلبوسي بسحب دعاوى ضد نشطاء
وشملت المطالب أيضاً «تنفيذ قرار 315 (الخاص بالتوظيف) بشكل عاجل، من خلال صرف المستحقات المالية، ولكل عقود دوائر الدولة ممن عملوا بالمجان لسنوات» لافتاً إلى أهمية «معالجة الواقع الصحي المنهار، من خلال انتشال وزارة الصحة من سياسة المحاصصة المقيتة، وكذلك جميع مديريات الصحة، ولا نستثني من هذه المعالجة مستشفى الرمادي المتهالك».
وشدد المتظاهرون على ضرورة «معالجة شحّ المياه في عدد من المحافظات، التي أدت إلى إتلاف المحاصيل الزراعية، وبالتالي انهيار الواقع الزراعي في البلد» حاثّاً رئيس مجلس النواب على «العدول عن تصريحاته المبطّنة بالتحريض والتفرقة بين أبناء البلد الواحد (لم يذكرها) ونطالبه بالاعتذار للشعب عموماً من خلال تدخله الفوري لإسقاط الدعاوى الكيدية ضد متظاهري الناصرية وبعض المحافظات، وإخراج المعتقلين منهم».
رفض أهلي
وقوبلت خطوة المتظاهرين الدخول إلى الأنبار، برفضٍ واسع لدى أهالي المدينة، التي عانت من تداعيات التظاهرات عام 2013 إبان تولي نوري المالكي، دفّة الحكم في البلاد.
وانطلقت شرارة هذه الاعتصامات في أواخر شهر كانون الاول- ديسمبر من العام 2012 في مدينة الأنبار، غربي العراق، عقب قيام قوة أمنية بمحاصرة منزل وزير المالية العراقي من «القائمة العراقية» رافع العيساوي، واعتقال أفراد من حمايته، قبل أن تتطور إلى إغلاق المتظاهرين الطريق الدولي السريع. واعتذر «مجلس شيوخ عشائر الأنبار» أمس، عن استقبال المتظاهرين الذين ينوون القدوم من مختلف المحافظات العراقية، لإقامة تظاهرات في الأنبار.
وقال المجلس، في بيان، «إلى الشباب الواعي من أبناء العراق العظيم، ونحن إذ نبارك لكم سعيكم في ممارسة الحقوق التي كفلها الدستور العراقي ومنها حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، بما لا يؤثر على المصالح العليا للبلاد وأمنها واستقرارها، ولكون محافظتنا الأنبار الغالية، خرجت للتو من أتون حرب طاحنة شنتها عصابات إرهابية تكفيرية عالمية وإقليمية كادت أن تؤدي إلى تمزيق البلاد وتدميره، وجعلت محافظتنا منكوبة وأهلها مشردين ومهجرين ومنهم من قضى نحبة شهيدا مدافعا او محررا او مغدورا ومنهم مصاب يعاني مخلفات تلك الحرب الضروس التي أتت على الأخضر واليابس».
وأضاف أن «حرصا منا على إدامة الاستقرار والأمن المستتب في محافظتنا، فإننا نرحب بمن يأتي زائرا للإطلاع على تجربة الأنبار في الإعمار والاستقرار في كافة المجالات، بعيدا عن التظاهرات أو التجمعات ولغتها السياسية، أو رسائلها التي جعلتنا ندفع ثمنا باهظا من دماء العراقيين ومقدراتهم في سبيل الخلاص من براثن الإرهاب الذي لازال يتربص بنا ويريد بنا شراً».
وتابع البيان، أن «إيمانا منا بحديث نبينا الأكرم محمد صلى الله علية وسلم (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) وإننا لازلنا إخوانكم في محافظة الأنبار نعاني من آثار اللدغات السابقة، فلا يمكن لنا الاستمرار في الأسلوب السابق، ونعتذر عن استقبال المتظاهرين لأي سبب كان، فإن أمن واستقرار ونهضة محافظتنا بحاجة إلى الاستمرار بالهدوء والتروي بعيدا عن ضجيج السياسة ودهاليزها».
واختتم بالقول: «ندعو أجهزتنا الأمنية لأخذ دورها في منع أي تظاهرة وعدم السماح لمثل هكذا نشاطات في عموم محافظة الأنبار، علما أن القانون حدد ممارسة التظاهرات وأسبابها ولا يجوز نقل جماهير من محافظة معينة للتظاهر في محافظة أخرى».