الموصل- أ ف ب- تواجه القوات العراقية مقاومة شرسة من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، ما أجبرها على القيام بتراجع جزئي بعيد تقدمها داخل شوارع الموصل للمرة الأولى منذ انطلاق عملية استعادة المدينة في 17 تشرين الأول/ أكتوبر.
وقال المقدم منتظر سالم من قوات مكافحة الإرهاب لوكالة فرانس برس إن قوات مكافحة الإرهاب تقدمت إلى حي الكرامة في شرق المدينة، مشيرا إلى انها واجهت إطلاق نار كثيفا من أسلحة رشاشة وقنابل من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.
وشاهد فريق لفرانس برس متواجد مع قوات مكافحة الإرهاب على المدخل الشرقي للموصل، جرافات ومدرعات تدخل حي الكرامة.
وأفادت مراسلة فرانس برس عن سماع إطلاق نار شبه متواصل، فيما وردت تقارير من الجبهة الأمامية على أجهزة القوات اللاسلكية تفيد بأن تنظيم الدولة الإسلامية أقام عوائق وزرع عبوات على طول الشوارع لعرقلة التقدم.
وأرغم ذلك القوات العراقية على القيام بإعادة انتشار جزئي.
وقال أحد ضباط فرقة مكافحة الإرهاب طالبا عدم كشف هويته “لم نكن نتوقع هذه المقاومة القوية. في كل طريق يوجد ساتر عليه دواعش وعبوات”. وأضاف “كان من الأفضل أن نخرج من مكان الاشتباكات، ونضع خطة جديدة”.
ولاحظت مراسلة فرانس برس أن خمسة أفواج على الأقل كانت مشاركة في هجوم الجمعة وان بعض القوات بقيت في الداخل، فيما تراجعت سرايا عدة.
ومنذ انطلاق عملية الموصل، فإن المحور الشرقي للمدينة كان المحور الذي شهد التقدم الأكبر بين جبهات ثلاث.
وشهدت الأيام الأخيرة نزوحا لعدد كبير من المدنيين الفارين من المعارك، لكن أكثر من مليون مدني ما زالوا محاصرين داخل الموصل.
وكان التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة كثف منذ يومين غاراته على المدينة تحضيرا لعملية الاقتحام، على الرغم من أعمدة الدخان المتصاعدة والناتجة عن إشعال اجهاديين اطارات في مناطقهم لحجب الرؤية عن الطائرات.
في جنوب الموصل، تسلل جهاديون الجمعة إلى خلف خط الجبهة في قضاء الشرقاط، واشتبكوا مع عناصر أمنية ما تسبب بمقتل سبعة من هؤلاء، بحسب مسؤولين.
– عائدون من الموت
في بلدة قوقجلي التي سيطرت عليها القوات الحكومية العراقية أخيرا، لم تستطع أم علي كبح دموعها خلال حديثها عن خوفها المتواصل من إقدام الجهاديين على خطف أبنائها الصغار.
وقالت لوكالة فرانس برس “ظلوا يترددون إلى منزلنا، أحيانا يطرقون الباب عند العاشرة مساء”. وأضافت “سرقوا سيارتنا وقالوا هذه أرض الخلافة، وهي ملك لنا”.
وروى مدنيون اتجهوا إلى مخيمات في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد شرقا، الكثير عن وحشية تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال رائد علي (40 عاما) الذي ترك منزله في بلدة بزوايا القريبة من الموصل إنه عاد “من الموت إلى عالم الأحياء”، لأن “الدمار في كل مكان”.
وفي رسالة صوتية نادرة بثت فجر الخميس، حض زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي مقاتليه على الثبات والدفاع عن المدينة.
ولم يظهر البغدادي او “الخليفة ابراهيم” بالنسبة الى انصاره، من قبل سوى في تسجيل فيديو واحد صور في مسجد في الموصل وتم بثه في تموز/ يوليو 2014.
ومارس عناصر التنظيم الجهادي في المناطق الواسعة التي سيطروا عليها في سوريا والعراق في صيف 2014، عمليات قتل جماعي وتهجير قسري وتعذيب واعتقال، وفرضوا العبودية على مجموعات كبيرة، خصوصا الاقليات، وتفننوا باساليب وحشية في القتل.
لكنهم خسروا مساحات كبيرة خلال السنة الاخيرة.
– “الخلافة في موقع الدفاع”
ودعا البغدادي مقاتليه المتواجدين في الموصل والذين يقدر عددهم بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف، إلى الثبات في ثاني أكبر المدن العراقية. وقال إن “ثمن بقائكم في أرضكم بعزّكم أهون بألف مرة من ثمن انسحابكم عنها بذلّكم”.
واعتبر الخبير بالشؤون الجهادية في منتدى الشرق الأوسط أيمن التميمي إن النبرة في الخطاب الذي استمر لنحو نصف ساعة “تشير بشكل كبير إلى خلافة في موقع الدفاع”.
وترى القوات العراقية والتحالف الدولي بقيادة واشنطن الداعم لها، عملية الموصل تتويجا للجهود المستمرة منذ عامين لإنهاء كارثة اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية لاجزاء واسعة من البلاد.
وفي موازاة تقدم القوات العراقية وتراجع نفوذ تنظيم الدولة الاسلامية، تتزايد الانشقاقات داخل التنظيم المتطرف، ما يعزز المعلومات الاستخباراتية للتحالف، وبالتالي يسمح بالقضاء على قادة التنظيم الميدانيين في غارات جوية محددة الاهداف.
ومع اقتراب فصل الشتاء، تتزايد المخاوف حيال مصير المدنيين داخل المدينة. وتدعو المنظمات الإنسانية إلى فتح ممرات آمنة لخروجهم.
وفر أكثر من 21 ألف شخص إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة منذ بدء العمليات العسكرية، فيما يحتجز التنظيم الجهادي آلافا آخرين لاستخدامهم كدروع بشرية، بحسب الأمم المتحدة.