القيادي الشيوعي صديق التوم لـ«القدس العربي»: «الحرية والتغيير» عصي على الإصلاح وإسقاط السلطة غير مستبعد

عمار عوض
حجم الخط
1

الخرطوم ـ «القدس العربي»: أثار قرار الحزب الشيوعي السوداني القاضي بالانسحاب من قوى «الحرية والتغيير» ومن كتلة «الإجماع الوطني» التي تضم قوى سياسية عديدة، مفاجأة صادمة في البلاد.
وفي حين توقع البعض أن تؤدي الخطوة إلى إضعاف التحالف الحاكم، أكد القيادي في الحزب صديق فاروق التوم لـ«القدس العربي» أنه «متى ما رأت الجماهير أن السلطة القائمة لا تحقق مصالحها وقررت إسقاطها سننفذ رغبتها ولن ننزوي وسنكون مؤثرين وفاعلين جداً في جهة تطلعات الشعب السوداني أيا كانت».

«التآمر على الثورة»

وأصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي مساء السبت قراراً بالانسحاب من ائتلاف قوى «الحرية والتغيير» (التحالف الحاكم) احتجاجا على سياساته، متهما عناصر داخل قيادته بـ«التآمر على الثورة» حسب البيان، الذي جاء فيه «قررنا الانسحاب من قوى الإجماع الوطني ومن قوى الحرية والتغيير والعمل مع قوى الثورة والتغيير المرتبطة بقضايا الجماهير وأهداف وبرامج الثورة».
ووجه اتهامات نحو حلفائه السابقين «بعقد اتفاقيات سرية ومشبوهة داخل وخارج البلاد، وقيادة التحالف نحو الانقلاب على الثورة والموافقة على السياسات المخالفة للمواثيق والإعلانات المتفق عليها».
وأشار البيان إلى أن «هذه العناصر ظلت تتآمر على توصيات اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير وتقف مع سياسات الحكومة الداعمة لتحرير السلع الأساسية واعتماد توصيات صندوق النقد الدولي، مما أدى إلى تدهور معيشة المواطنين وارتفاع معدلات التضخم واستمرار البطالة وتدهور أحوال النازحين والتحيز للرأسمالية الطفيلية والانقلاب الكامل على الثورة بوثيقة دستورية جديدة».
ونوه إلى أن «حكومة الانتقال تعمل على تقليص مساحة الحريات وانتهاك الحقوق في محاولة منها لوقف المد الثوري وإفراغ شعار حرية، سلام وعدالة من محتواه» وتابع إنها أيضا تعمل على «مصادرة أدوات التغيير المتمثلة في المجلس التشريعي والحكم الشعبي المحلى والمفوضيات والإبطاء في تحقيق العدالة والتحقيق في فض الاعتصام ومحاكمة رموز النظام السابق مع الإبقاء على القوانين المقيدة للحريات».
وتأسس ائتلاف «الحرية والتغيير» عام 2019، أثناء تزايد الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس المعزول عمر البشير، ليتقاسم مع قادة الجيش السُّلطة في فترة انتقال مدتها 39 شهرا، تنتهي بإجراء انتخابات عامة.
والتمثيل فيه كان مشروطا بالانضواء في كتل سياسية وليس حزبياً منفردا، حيث مثل الحزب الشيوعي في الائتلاف بموجب عضويته في تحالف قوى الإجماع الوطني الذي انسحب منه هو الآخر والذي يضم قوى سياسية عديدة من بينها حزب البعث العربي المهيمن على مفاصل كثيرة في الحكومة الحالية إلى جانب الحزب الاتحادي الموحد الذي جمد نشاطه في الحاضنة السياسية وقوى سياسية عديدة لها طابع الجنوح نحو اليسار والاشتراكية.

أسباب منطقية

الكاتب والمحلل السياسي، محمد سعيد حلفاوي قال: «أجد أن أسباب المغادرة منطقية خاصة مع سيطرة الأوليغارشية على مركز صناعة القرار في قوى التغيير، وهم مقدمو خدمات سياسية حسب الطلب لكلا الطرفين العسكريين والمدنيين».
وتابع «العسكريون عندما أرادوا تحويل التطبيع إلى واقع هرولوا إليهم للحصول على تأييد، المؤسف أن بعضهم يرفضون التطبيع، ومع ذلك يجلسون في المجلس المركزي والسيادة والجهاز التنفيذي، يجمعهم تحالفهم الخفي مع المكون العسكري».

توقعات بإضعاف الائتلاف الحاكم بعد انسحاب الحزب منه… والتقارب من الإسلاميين ليس وارداً

وأضاف «أما الشيوعي، كان من الصعب عليه أن يتحمل السقوط المريع لقوى التغيير، فقد حدثت ثلاثة أمور مرعبة بالنسبة إليه خلال شهر واحد فقط، الأول التطبيع، والثاني زيادة أسعار الوقود، والثالث قتل اثنين من متظاهري الجريف في كبري المنشية. كل هذه الأسباب كانت حاضرة أمام اجتماع اللجنة المركزي يومي السادس والسابع من نوفمبر».

خيار السيسي

أما القيادي اليساري، عبد الله موسى، فقد اعتبر أن «خروج حزب من تحالفي الإجماع وقوى الحرية والتغيير، يضعفها أكثر مما هي ضعيفة، وسيضعف الأداء الحزبي في الفترة الانتقالية ولن يساهم في نجاحها بينما يشعل الحزب الشارع بالمسيرات ويتحالف عسكر الثورية مع عسكر الجيش والدعم السريع، وستنقسم القوى السياسية بينهما، وتتشوه صورة الديمقراطية المترنحة أصلاً، وسيساهم ذلك في إغراق البلاد في فوضى عارمة تجعلها تسير مباشرة نحو خيار السيسي».
وأضاف أن «النتائج الوخيمة لاتفاقيات جوبا سيئة الصيت ستقسم بلادنا إلى ولايات متناحرة وستتصاعد الصراعات القبلية، وقد يجد الحزب نفسه وسط معسكر لم يكن ليشارك فيه إذا كانت الظروف مختلفة».
وزاد «كنت أتوقع كصديق للحزب، أعرف تاريخه المتفرد في الحفاظ على تحالفات المعارضة مهما تصاعدت خلافاتها وعلت أصوات مشاكساتها، أن يصبر على مكابدة الصراع الداخلي في الحرية والتغيير، كما صبر من قبل، ولكن في النهاية أنا وغيري كأصدقاء نقول رأينا والقرار يظل قرارهم هم في النهاية».

تحديات خطيرة

وتابع: «التحديات الخطيرة المقبلة مع وصول الجبهة الثورية والتي تناصب معظم مكوناتها الحرية والتغيير العداء، تتطلب المزيد من التنازلات والحفاظ على الوحدة الداخلية للتحالف لكي يواجه ليس فقط تحديات الثورية بل ونتائج اتفاقيات جوبا التي أدخلت أقاليم كانت نموذجا للاستقرار كالأوسط والشمالي إلى حلبة الصراعات وأعادت إشعال الصراعات في الشرق في بلد تعج بالميليشيات المتعددة والسلاح المنتشر على نطاق واسع مما يهدد وحدة واستقرار البلاد بأسرها للخطر، فإذا خرج حزب مناضل وعريق كالحزب الشيوعي من الحاضنة السياسية للحكومة وتبعه آخرون فمن سيدير البلاد غير الجنرال البرهان وشلته» حسب قوله.
وواصل: «بناء على ما تقدم وأسوة بما حصل عند انسحاب حزب الأمة أرجو أن ينبري بعض الحكماء للدعوة إلى مؤتمر عاجل لإعادة بناء وتنظيم هذا التحالف قبل أن نقفز إلى المجهول».
في السياق، أبدى قيادي في «الحرية والتغيير» لم يذكر هويته، أسفه لخروج الشيوعي لأن ذلك، وفق قوله «يقود لنقصان في صفوفنا والقرار لم يكن متوقعا ومفاجئ لكن كانت هناك إرهاصات كثيرة على عدم رضا الشيوعي والتي كانت تظهر في بياناته المتتالية وقيادته لعمل كبير في الشارع كان يضعف الحكومة، ولكن مع هذا نحن سنتواصل معهم لإثنائهم عن هذا القرار بأي حال من الأحوال». وزاد: «لكن السؤال الملح هل سيسعى الحزب لمعارضة الحكومة لإصلاحها أم لإسقاطها واستبدالها بأخرى، وإن كانت خطته الجديدة هي الإسقاط، فسيعني ذلك أن عمله سيصب في صالح قوى إسلامية طالما ناصبها العداء لأن الذين يسعون لإسقاط الحكم الحالي هم مجموعات الإسلاميين والمؤتمر الوطني الحزب البائد وجماعات السلفيين».
في المقابل، بين القيادي في الشيوعي، صديق فاروق التوم أن: «تحالف الحرية والتغيير صار عصيا على الإصلاح، وفي تحليلنا أن الرأسمالية الطفيلية سيطرت على مكوناته جميعاً، وعلى العسكر كذلك وهذا كان ظاهرا لنا في تبنيهم لسياسات اقتصادية مضرة بشعبنا وتهدد وحدته وأمنه».
وأضاف: «كان من الصعب علينا البقاء فيه ونحن لا نستطيع التأثير على سياسات الحكومة إن كان في زيادة أسعار الوقود أو في قرار التطبيع مع إسرائيل أو عدم تفكيك النظام القديم ومحاسبته أو حتى تنفيذ متطلبات المرحلة الانتقالية، لذا خرجنا منه، واعتذرنا لشعبنا الذي نستجيب لآلامه ونشعر به».

«لن نقدم شيكا على بياض»

وزاد: «نحن منذ البداية قلنا إننا لن نقدم شيكا على بياض للحكومة، وقلنا إننا سندعم كل ما يفتح كوة للتغيير ويحقق تطلعات الشعب، وسنعارض كل ما يعرقل الانتقال مستندين على العمل وسط الجماهير، وجربنا الحفاظ على الوحدة وكانت النتيجة التسوية والوثيقة الدستورية التي لم يحترموها وظلت تخرق كل يوم، وبعدها تبنينا خط تصحيح مسار الثورة، لكنهم جميعا سعوا لإفراغها من محتواها باتفاقات مسارات باسم السلام الذي جاء بشكل منقوص وجزئي، وجاءت تبريرات التهرب من استحقاقات المحاسبة وكانت الطامة السياسات الاقتصادية المدمرة لذا قلنا كفى هذا لن يستمر باسمنا وسنركز على العمل مع الجماهير».
وتابع «نحن من سابع المستحيلات أن نقف في صف الإسلاميين الذين حاربناهم لأنهم الأصل في سياسات التحرير الاقتصادي والتطبيع هم من بدأوا مشواره، والاسلإميون هم الآن ثورة مضادة وليسوا معارضة».
وبين أن «هناك العديد من قوى الثورة الحقيقية وصاحبة المصلحة في التغيير موجودة ورفض تمثيلها مثل التنظيمات المطلبية من متضرري السدود والمفصولين وطيف عريض من القوى السياسية، لكن عموما نحن سنكون في وسط جماهير شعبنا وحزبنا علمنا أن لا نفرض تصورنا على الجماهير وإنما نعمل معها لتحقيق تطلعاتها وإذا رأت الجماهير أن هذه السلطة القائمة لا تحقق مصالحها وقررت إسقاطها نحن أول من سنعمل معهم على إسقاطها دون تردد».
وعن موقفهم الحالي من الحكومة، قال التوم «الحكومة إذا استمرت في سياسة زيادات الأسعار نحن ضدها، وإذا واصلت التراجع عن الحريات العامة نحن ضدها بالطبع وإذا استمرت في خطوات التطبيع نحن ضدها وإن قررت الرجوع عن ذلك سندرس من جديد قرار العودة لدعمها، فنحن ضد سياسات وليس ضد أجسام أو أحزاب».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول bushara bakhit bushara:

    تحليل حقيقي ومرتب

إشترك في قائمتنا البريدية