لا يوجد بين معطيات الأزمة الليبية ما يشي بأنها تتجه نحو نهاية سعيدة في المدى المنظور، أي ليبيا موحدة مستقرة.
أحد أسباب استعصاء الأزمة الليبية عن الحل أن الاقتتال الداخلي تحركه ضغائن وخلافات عقائدية أكثر منها سياسية. السبب الآخر تدخل قوى خارجية بعيدة جغرافيا فلا يصلها الحريق الليبي مَهمَا استعر.
التقدم الذي تحرزه قوات حكومة الوفاق الوطني منذ أسابيع مفيد نفسيا وتكتيكيا، لكنه محدود على الأرض وثماره على المدى البعيد ناقصة. فحكومة فائز السراج كما هي اليوم، ورغم أنها تحظى باعتراف الأمم المتحدة والعديد من الدول، لا تملك من القوة والنفوذ والإمكانات ما يؤهلها لبسط سيطرة مطلقة وطويلة الأمد على كامل التراب الليبي. سيحتاج السراج إلى دعم وثقة العالم كله، وإلى موارد مالية لا تنضب وإلى عقود من الزمن لينجح في إرساء دولة قابلة للحياة.
القوات التي يقودها خليفة حفتر هي الأخرى لا تتوفر على أدوات فرض نفوذها على ليبيا، بغض النظر عن سيطرتها اليوم على أراضٍ أكثر. قوات حفتر مجرد مجموعات متناثرة يدفعها حب الانتقام، وأوهمتها قوى خارجية بالدعم والنصر فتنادت لتحقيق طموحات ضابط متقاعد (77 عاما) راكم الفشل على الفشل طيلة مساره العسكري، ثم عيّن نفسه في شتاء العمر قائدا لجيش غير موجود سماه الجيش الوطني الليبي. وزاد بادعاء تفويض شعبي ليحكم بلاد اتضح جليا أنه لا يعرفها جيدا. الذين يراهنون على حفتر يؤسسون لديكتاتور ليس لديه ما يوفر لليبيين غير الطغيان والفشل.
صورة ليبيا الآن، وفي المدى المنظور، هي التالية: داخليا، معسكران، واحد يتقدم وآخر يتقهقر وسط خراب كبير وغياب فادح للثقة بينهما. في الجوار دولة متواطئة (مصر) وضعت نفسها تحت تصرف الدور التخريبي الإماراتي، ودول تبحث باحتشام عن دور إيجابي علّه يقيها الحريق (تونس والجزائر). أوروبا تلعب على الحبلين، تعترف بحكومة طرابلس فوق الطاولة، وتدعم بنغازي تحت الطاولة حتى تقضي على طرابلس. القوة الأكبر، أمريكا، توارت وراء صمت مطبق بعد أن غسلت يديها من أزمات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أخيرا، الأمم المتحدة في حالة ارتباك متواصل منذ ست سنوات، وتقدّم كل يوم دليلا جديدا على عجزها المزمن وعلى أنها آخر مَن بيده الحل.
أحد أسباب استعصاء الأزمة الليبية عن الحل أن الاقتتال الداخلي تحركه ضغائن وخلافات عقائدية أكثر منها سياسية. السبب الآخر تدخل قوى خارجية بعيدة جغرافيا فلا يصلها الحريق الليبي مَهمَا استعر
الفراغ الذي تركه تخبط الأمم المتحدة وانسحاب أمريكا وأوروبا، ملأته بسرعة قوى أخرى صاعدة جعلت من ليبيا امتدادا لميادين صراعها الأخرى. قوى تتناقض ظاهريا لكن يوحّد بينها اللهث وراء المصالح الاقتصادية وشهيتها المتنامية للتمدد الاستراتيجي.
الأبطال الرئيسيون على خشبة المسرح الليبي الآن هم روسيا والإمارات وفرنسا ومصر (في دور الخادم للإمارات) من جهة، وتركيا وإيطاليا من جهة أخرى. أخطر ما في هذا المشهد أن هاته الدول لا تهتم كثيرا بمصير ليبيا ووحدة أراضيها. المصالح الاقتصادية والاستراتيجية هي ما جاء بها إلى ليبيا وليس الدفاع عن شرعية داخلية ما أو حبا في معكسر على حساب الآخر من معسكري ا لقتال. روسيا تريد أن تكون ليبيا محطتها نحو الانتشار حنوبا باتجاه إفريقيا، وتُبقي عينها لصيقة بأوروبا شمالا. تركيا تسعى لدعم حكومة الوفاق القريبة منها عقائديا، لكن المصالح الاقتصادية والصفقات التجارية لا تقل أهمية بالنسبة لأنقرة. فرنسا تريد ليبيا حارسة البوابة الإفريقية أمام قوافل المهاجرين وخطر المجموعات الإرهابية، ثم انتشارا اقتصاديا وثمارا تجارية. الإمارات مفتونة بالشواطئ والموانئ وشهيتها ما انفكت تكبر، عدا عن هوسها بالإسلام السياسي الذي ترى أنه قد ينهض مجددا من ليبيا أو تونس. إيطاليا تربطها بليبيا علاقة معنوية خاصة بحكم الماضي الاستعماري والقرب الجغرافي. وبين الدول التي سلف ذكرها، قد تكون إيطاليا الأقل اندفاعا بالحسابات المصلحية الآنية.
لو أن هذه البلدان مجتمعة اتفقت على دور إيجابي خالٍ من الحيَل التكتيكية والاستراتيجية، لكانت ليبيا اليوم في وضع آخر مختلف تماما. لكن فرقتها وتناقض مصالحها يصبّ المزيد من الزيت على النار ويعجّل بالخراب. استمرار الوضع على ما هو الآن سيقود، في نهاية المطاف، نحو تغيير في الخارطة الجغرافية لليبيا. كل الخوف أن نسمع قريبا عن ليبيا الشرقية وجمهورية ليبيا الغربية. هذه النهاية لن تزعج، على الأرجح، «رعاة» طرفي النزاع طالما أن كل «راعٍ» سيجد ضالته ومصالحه في «ليبياه» التي اختارها ودعَمَها. هي نهاية تخدم الجميع لكنها ستجعل من ليبيا، بدلا من دولة فاشلة واحدة، دولتين فاشلتين.
الكلام عن ليبيا الشرقية وليبيا الغربية تدعمه التوقعات بتوصل الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان إلى تسوية ما، يكتفي بموجبها ما يسمى الجيش الوطني الليبي بالجزء الشرقي من ليبيا، وتحتفظ حكومة الوفاق بجزئها الغربي.
لكي لا نصل إلى هذه النهاية، ولكي لا تتحقق نبوءة سيف الإسلام القذافي وهو يلوّح بسبّابته ذات مساء تلفزيوني، يحتاج الليبيون، قبل غيرهم، إلى اليقظة فورا. هم وحدهم يملكون مصير بلادهم. بعد يقظة الليبيين، إن حدثت، سيكون رجوع الولايات المتحدة لحفظ التوازنات ضروريا ومفيدا. وسيكون العالم مطالَبًا بتجديد ثقته في الأمم المتحدة ودعمه المادي والدبلوماسي لها حتى يحررها من دور شاهد الزور ويفوّضها دورا أكثر حزما وحسما. سيكون أيضا على الاتحاد الأوروبي أن يُلقي بثقله في ليبيا ككتلة ويبدأ بتجريد فرنسا من ريادتها الأحادية والخبيثة للملف.
ساعتئذ ستكون ليبيا أفضل حالا، فلا بأس من دور مكمّل للاعبي اليوم.
كاتب صحافي جزائري
لو كانت حكومة طرابلس تملك المليارات لاشتروا بها ولاء شيوخ القبائل!! ولا حول ولا قوة الا بالله
كثير في هذه الصحيفة لا يريد أن يسمع أو يقرأ ما كتبت يا سيدي
بل شرقية وغربية ودولة فالجنوب
وهذا هو مخططهم من زمان ياستاذ
ولكن لمن تقرؤ زابورك ياداوود
*مع احترامي لرأي الكاتب المحترم.
(تركيا) الدولة الوحيدة ف العالم التي قبلت
مساعدة حكومة السراج (الشرعية).
فلها كل الشكر والتقدير والاحترام.
*لولا تدخل تركيا لبقي مجرم الحرب حفتر
يسرح ويمرح بدون حساب.
*حاليا (حفتر) أصبح ورقة محروقة
وتخلى عنه معظم داعميه الأشرار.
*كل التوفيق ل ليبيا بغد مشرق مزدهر
إن شاء الله.
كيف للقواعد العسكرية الامريكية في ليبيا ان تكون اقل ضررا بامن المنطقة من القواعد العسكرية لاردرغان؟
امربكا لم تغادر ليبيا منذ اسقاط القذافي حتى بعد اعدام سفيرها في طرابلس.. وهي عغدت اولا من خلال عميلها الذي آوته وكونته السي اي إي خليفة حفتر.. والثانية من خلال حليفها وومثلها في المنطقة اردوغان..
منذ يومين ووسط كل الفوضى الداخلية والعواصف السياسية التي يواجهها لم ينس ترامب ان يثمن ما قامت به تركيا في ليبيا..
والمتتبع لتطورات التدخل التركي يعلم انه قبل تحركه في ليبيا تلقي الضوء الأخضر مضاعفا من جهة قيادة النانو التي اكدت له دعمها العسكري ومن جهة ترامب ذعد ان اثبت جدارته بالثقة في سوريا.
إستطاع اردوغان ان يجمع بين المتناتقضين.. ان كانا حقا كذلك.. وهو ان يرسم لنفسه صورة الزعيم الاسلامي الذي سيعيد للمسلمين عزتهم وفي ذات الوقت ان بكون الخادم الوفي لمصالح امريكا وربيبتها الصهيونية سواء في سوريا اوفي ليبيا.. وهو السر وراء التخلي عن الاكراد وعن حفتر..
مشروع أردوغان هو ذاته مشروع حفتر.. وكل اغاني التحرير هو ضحك علي ذقون المغفلين في إعادة لنفس سيناريوهات تتكرر منذ ثورة الشريف حسين التحررية بمساعدة الانجليز.. وسيتم تقسبم ليبيا فلا احد هناك يملك قراره.. ليبقى الجوار علي كف عفريت.
اتفق مع الاخ عبد الوهاب عليوات .كل اجنبي من خارج المنطقه العربيه يبحث عن مصالحه وتركيا تخدم مصالح الناتو وأمريكا وفي نفس الوقت تقول انها تناصر المسلمين .وهذا مفارقه غريبه .ويبقي الوضع هكذا حتي يفيق الليبيين والعرب من نومهم.
فقط البلهاء يمكن ان يتخيلوا ان دولة ما ممكن ان تقدم مساعدات عسكرية ا واقتصادية لجهة تقاتل من اجل السيطرة على الحكم في ليبيا بدون مقابل فروسيا ومن ورراءها سيسيطرون على مناطق النفط الليبي وتركيا ومن وراءها ستبحث عن الغاز والنفط في المتوسط بحسب الاتفاقية البحرية مع السراج بالاضافة ان كل الاطراف سيكون له قواعد عسكرية في البلاد
الذي يمنع الانقسام الماثل للعيان اليوم هو اللبيين اساسا ودول الجوار ثانيا. على هذه الدول (الجزائر، تونس، مصر، السودان وتشادد) أن تلتقي وتخرج بقرار يجعل الليبيين يقبلومه لأن المصالح الأمنية لهذه الدول في المحك ولأن الجهات الخارجية تبحث عن مصالحها على حساب اللبيين وعلى حساب دول الجوار. فأي دولة خارج دول الجوار هي خطر على المنطقة كلها وخاصة التواجد الروسي الذي بات يقلق الكثير من الأطراف.