في تعريفه عن نفسه يؤكد الكاتب العراقي رشيد غويلب، أنه مترجم صحافي مهتم بقضايا اليسار وعالمنا المعاصر، وهذا ما سيجده المتابع لرشيد حقاً، فهو مطلع على اليوميات السياسية العالمية عن كثب، ويترجم وينشر عن الثورات والانتفاضات الجماهيرية، والاحتجاجات في روسيا، وجديد أليكسي نافالني، والحرب والسلام بعد عقود من الرهانات الخاسرة، مروراً بولاية كيرالا الهندية، التي تقدم درسا شيوعياً إلى بلدان العالم، والشعب الأفغاني الذي يواجه المجهول وحيداً، ونهوض اليسار الأمريكي وضرورة مراجعة استراتيجيته، ومن ثم الاهتمام اليومي بأخبار ألمانيا التي يقيم فيها، كمتابعته لآلية عمل المجلس الاقتصادي لحزب المستشارة الألمانية، والمحكمة الدستورية الألمانية، وبرنامج الاتحاد الأوروبي لمواجهة تداعيات أزمة كورونا..
الفضاء السياسي
ويؤكد المترجم الصحافي رشيد غويلب هذه الإحاطة والمتابعة اليومية للشؤون السياسية العالمية بقوله: لقد دخلت عالم الترجمة والكتابة الصحافية عبر فضاء النشاط السياسي العام، وعليه ينحصر نشاطي في ترجمة المقالات والبحوث السياسية والاقتصادية والفكرية، وأقوم باختيار النصوص في ضوء منهجي الفكري والسياسي، أي إني أعتبر الترجمة والكتابة أداة تنويرية وتعبوية من أجل غد إنساني أفضل. وبما أن نتاجاتي تنشر في الدوريات اليومية أو الأسبوعية، فإن خياراتي في العمل الصحافي اليومي ترتبط بالأحداث السياسية المهمة. وفي هذا المجال أتتبع بشكل خاص ساحة اليسار العالمي، وما يدور فيها من تطورات سياسية وفكرية، طبعا قدر استطاعتي وحدود متابعاتي. وبالتالي لديّ باقة من الصحف والمواقع والمؤسسات الإعلامية، التي تنشر باللغة الألمانية وأتابعها وأختار منها ما يلائم اهتماماتي. ومع تعمق تجربتي أصبحت لي مجموعة من الباحثين والمؤسسات التي أركز في متابعة نتاجاتهم. أما البحوث الفكرية فأختارها وفق أولويات التعريف بالجديد، وبالقراءات الجديدة للماركسية، أو إعادة دراسة رموزها، خصوصا الشخصيات التي لم تنل حقها في السابق، بسبب محددات أيديولوجية أو سياسية، ارتبطت بالتجربة السوفييتية السابقة. وأحيانا أختار فصولا، أو بحوثا من كتب معينة، دون ترجمة الكتاب بأكمله.
المتابعة العامة
ويؤكد غويلب على أن المتابعة العامة تزيد من صعوبة الترجمة لأنه لا يحصر ترجماته بفرع أو مجال محدد كالفلسفة أو الاقتصاد أو أي مجال آخر، وعدم التخصص هذا تترتب عليه جهود إضافية لمعرفة الكثير من خلفيات النص أو المفهوم أو منهج الكاتب. ويرى أن النصوص الحديثة المكتوبة بالألمانية عادة ما تكون أسهل من النصوص الكلاسيكية، التي يبتعد عنها، باستثناء الاقتباسات المأخوذة في البحوث التي يترجمها، أما تلك التي تترجم من لغة أخرى كالإنكليزية أو الفرنسية والإسبانية، فعادت ما تكون أصعب، لأن النص المكتوب بلغة يعكس روحها، وتاريخها وبيئتها الثقافية، وعندما يترجم النص من اللغة الأم بالتأكيد يفقد شيئاً من روحه، وعندما تتعدد الترجمة يكون الفقدان أكبر.
اللغة الألمانية
ويشير رشيد غويلب إلى أن الترجمة في جانب منها هي عملية نقل ثقافي أداته الرئيسية اللغة، بكل مكوناتها وشروطها، وخصوصا قواعد اللغة، وهذا ما ينطبق على اللغة الألمانية، فما هو مؤنث في الألمانية يكون مذكراً في العربية، وهذا يتطلب دقة في معرفة استخدام ضمائر المتكلم والمخاطب، بشكل يجنب المترجم الوقوع في أخطاء مدرسية. والعربية كما يعتقد ليست قريبة إلى اللغة الألمانية، كما هو حال اللغة الكردية مثلاً. وطول الجملة في الألمانية، وكثرة الجمل الثانوية فيها، مقارنة بالعربية يجعل الترجمة السلسة غائبة أحياناً، بالإضافة إلى «ألمنة» أفعال ومصطلحات إنكليزية وفرنسية وإسبانية، ارتباطاً بالثورة التقنية وانتشار لغة الإنترنت، وهذا لا يستدعي – خصوصاً في اللغة الصحافية – ترجمة المفردة وحسب، بل شرحها بجملة قد تطول، لكي تصبح مفهومة للقارئ العادي. ويضيف أن هناك ما هو مرتبط بترجمة الأمثال والمقولات الدارجة، التي تتطلب معرفة لغوية واجتماعية، فالقواميس مهما كانت دقيقة ومتطورة، ليست بديلة عن التعرف على نبض حياة الشعوب وروح لغتها.
اهتمامات إضافية
ويقول رشيد، إن الاهتمام اليومي بالأوضاع العالمية المتسارعة، والمتابعة الحثيثة للشؤون السياسية، أبعدتني عن ترجمة النصوص الإبداعية والنقد الأدبي بفروعه المختلفة، وعن التفرغ لمشاريع الترجمة الكبيرة كالكتب بعدة أجزاء، ومع ذلك، أصدرت مجموعتين من المقالات والبحوث المترجمة، الأول عن اليسار في أمريكا اللاتينية، والثاني عن اليسار الأوروبي. وترجمت مقالة مطولة لأغناسيو رامونيت عن الوضع العالمي في زمن كورونا.. طبعاً عدا نشاطي في بعض المجلات والصحف والمواقع الإلكترونية. ولي نشاط آخر لا يدخل في حيز الترجمة، وهو كتابة مقالات عن الوضع السياسي في العراق، وإن كانت محدودة، وتقديم ندوات خاصة وعامة، ولي مساهمات في حوارات تلفزيونية عديدة.
رشيد في سطور
رشيد غويلب مواليد العراق ـ كركوك 1956، كاتب ومترجم صحافي مهتم بقضايا اليسار والشؤون الدولية والعربية، ينشر في جريدة «طريق الشعب» البغدادية، ومجلة «الثقافة الجديدة» وعدد من المجلات والمواقع العربية، مشارك في العديد من المؤتمرات والفعاليات التي عقدت في ألمانيا حول قضايا السلام وحقوق الإنسان. وقدم العديد من الندوات بشأن تطورات الوضع السياسي والاجتماعي في العراق، خصوصا بعد حرب الخليج الثانية 1991 والحرب الأخيرة في عام 2003 وما بعدها.. وحتى الآن.
صدرت له ثلاثة كتب تضمنت مقالات وترجمات: الأول عن التجارب اليسارية في أمريكا اللاتينية، والثاني حول التطورات في اليسار الأوروبي. والثالث تناول أزمة كورونا والوضع العالمي.
كاتب وصحافي فلسطيني/ سوري