الطاهر بن جلون وماتيو سالفيني
باريس- “القدس العربي”- آدم جابر: في رسالةٍ نشرتها مجلة “لوبان” الفرنسية، أعطى الروائي والشاعر المغربي-الفرنسي المعروف، الطاهر بن جلون، درساً في التاريخ والإنسانية لماتيو سالفيني، الرجلِ القوي الجديد في إيطاليا، الذي يُعلن بلا خجل كراهيتَه للمهاجرين.
وقال بن جلون (73 عاماً) إنّ وزيرُ الداخلية الإيطالي يلجأ إلى الطرق الفاشية للتلاعب بالأشخاص، ليغلق حدود بلد رائع ، ويضع حجاباً بشعاً على جماليته. وأوضح أن ســالفني، الذي ألغى القوانين التي تحظر مدح الفاشية والتحريض على الكراهية العنصرية، إن الذين يهاجرون و يبحثون عن اللجوء لإنهم يواجهون خطر فقدان أرواحهم في بلدانهم الغارقة في الحرب، لايردون منه أذيتهم كما لايتمنّونَ له الشر. فهم يأتون إلى إيطاليا وأوروبا بسبب تفاقم عدم المساواة والفقر، وهو ماكان يسمى في الماضي استغلال الإنسان للإنسان. إذ أن العولمة تسببت في طرد ملايين الناس من أراضيهم وأدت إلى إفقار الفقراء. ومع الّتغير المناخي والعنف المالي وعدم تماسك الاقتصاد، ستشهد أوروبا المزيد والمزيد من المهاجرين على أعتابها. إنه واقع محزن، لكنه موجود، يوضح الروائي المغربي-الفرنسي.
الكاتبُ المغربي الحاصل على جائزة غنكور الفرنسية رواية “ليلة القدر”، ذكّر في رسالته، أنّ عائلات إيطالية بأكملها غادرت الجنوب ذات يوم للبحث عن العمل في فرنسا، وتم استقبالهم بطريقة بشعة (أغسطس عام 1893 مجزرة في حق إيطاليين بـ Aigues-Mortes، تلتها معارك أخرى فقد فيها مهاجرون إيطاليونحياتهم ).
وفِي هذا السياق، خاطب الكاتبُ سالفيني قائلا له: لقد بررت استخدام الأسلحة النارية ضد من تسميهم “المتسللين”، وتقول في كل مكان إن “المهاجرين يأتون لسرقة عمل الإيطاليين”، وتقلد دونالد ترامب في تكرار شعار: “الإيطاليون أولاً”. لست مخطئا في تفضيلك لمواطيني بلدك، فذلك أمر طبيعي. لكن يمكنك أن تكون إنسانياً، وتحاول فهم الآخرين. فالأمر يتعلق كما كان يقول رئيس الورزاء الفرنسي السابق ميشال روكار بـ”استقبال كل بؤس العالم ، لكن من الضروري أن تأخذ فرنسا نصيبها”.
وتابع بن جلون، مخاطبا دائماً سالفيني: أنت وزير في دولة أنشأت أوروبا، لذلك عليك التأكد من سلامة جميع المواطنين بغض النظر عن أصلهم أو لون بشرتهم. فإيطاليا كغيرها من الدول المجاورة، تواجه قضية المهاجرين التي تعد مشكلة حقيقية لا يمكن حلها عن طريق عنف رفض الآخر . فالحلول موجودة ولا تمر عبر العنصرية والاستعباد والكراهية، ولكن يمكن اقتراح حلول أوروبية لبعض الدول الإفريقية التي يغادر مواطنوها بالمجازفة بحياتهم، بوضع هذه الدول أمام مسؤولياتها: (حلول الهجرة الأفريقية موجودة في أفريقيا).
واختتم الطاهر بن جلون رسالته بحث وزير الداخلية الايطالي ماتيو سالفيني على: التوقف عن التحريض العلني على الكراهية، وعن تبسيطه لمسألة التمييز، بالإضافة إلى موقفه اللا إنساني في مواجهة قضية المهاجرين المؤلمة.