بغداد ـ «القدس العربي»: قدّم رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أمس الأحد، تعهدات بالقصاص من قتلة الناشطين والمتظاهرين في البصرة، موجّهاً توبيخاً شديد اللهجة لقادة القوات الأمنية، قائلاً: «لا مكان للخائفين داخل الأجهزة الأمنية» وسط موجة غضبٍ عارمة شهدتها محافظات البصرة وذي قار، احتجاجاً على عودة الاغتيالات، وعدم الكشف عن المتسببين بقتل المتظاهرين.
وأصدر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، بيانا قال فيه إن «القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي خلال اجتماعه مع القيادات الأمنية والعسكرية في مقر قيادة عمليات البصرة قال إن وجودنا في البصرة لأمر استثنائي، فالبصرة مهمة لدينا ولا نقبل بالإخفاقات في حماية أمنها».
وتابع الكاظمي، وفقا للبيان، أن «جماعات خارجة عن القانون تحاول منذ فترة ترهيب أهل البصرة، وهي تشكل تهديدا لهم ولجميع العراقيين» مضيفاً أن «يجب أن تعملوا بكل الإمكانيات لتوفير الأمن لأهالي البصرة، وهناك مجرمون يرتكبون عمليات اغتيال، لكن لم نرَ عملا يوازي خطورة هذه الجريمة».
عمل استباقي
ولفت إلى أن «السلاح المنفلت والمشاكل العشائرية غير مقبولة، ويجب أن يكون هناك عمل استباقي، فالتجاوز وخرق القانون والجريمة لا يمكن أن نتعامل معها بشكل عابر».
وبين أن «علينا استعادة ثقة المواطنين في الأجهزة الأمنية، وأنا جئت مباشرة من السفر ومعي الوزراء الأمنيون ورؤساء الأجهزة الأمنية لدعم القوات الأمنية ورفع الروح المعنوية، والعمل من أجل استتباب الأمن في المحافظة» مشيراً إلى أن «الإخفاقات التي حصلت يجب تلافيها، وعمليات الاغتيال الأخيرة تشكل خرقا لا نقبل التهاون إزاءه».
وأشار إلى أن «لا مكان للخائفين داخل الأجهزة الأمنية، ولا مجال للخوف لمن يعمل من أجل العراق، ومن يخطأ ومن يخفق لن يبقى في مكانه، وستتم محاسبته وفق القوانين الانضباطية».
وتابع: «لا أقبل بأي قائد يخفق بعمله، وما حدث في البصرة يجب أن يكون درسا وعبرة، وانتظر منكم عملا جادا، وعليكم الكشف عن المجرمين بأسرع وقت».
وعقب الاجتماع صرّح الكاظمي لعدد من وسائل الإعلام المحلية، أن «هذه الحكومة جديدة تعمل لتأسيس مقومات عودة الأمن ومنع الجريمة، ونطالب المتظاهرين بإعطاء فرصة لتأسيس انتخابات وإيجاد تغيير عبر أصواتهم».
وزاد: «نحتاج فرصة لبناء دولة، لكن يعيقنا السلاح المنفلت والعصابات والمجرمين، وأخاطب أصحاب السلاح المنفلت بالقول لحظات العقاب قريبة، والقتلة سيكونون بيد العدالة قريباً جداً».
وتابع: «سنجعل من قتلة الهاشمي وناشطي البصرة عنواناً للعدالة».
رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، عبدالوهاب الساعدي، أبدى استعداد الجهاز لتنفيذ أي واجب في البصرة.
وقال، عقب الاجتماع الذي عقده الكاظمي فور وصوله إلى المحافظة، إن «جهاز مكافحة الإرهاب مستعد لتنفيذ أي واجب، وسنبقى في البصرة».
أما وزير الداخلية، عثمان الغانمي، فبين أن «أهم قرارات اجتماع الكاظمي في البصرة، فرض هيبة الدولة وبسط القانون».
وأضاف: «هناك قوة توجهت لتنفيذ واجب اعتقال القتلة». كذلك، علق محافظ البصرة، أسعد العيداني، على اجتماع الكاظمي بالقيادات الأمنية في المحافظة قائلا: «زيارة الكاظمي جاءت لوضع النقاط على الحروف».
وخلال زيارة الكاظمي للبصرة، توجه لمنزل عائلة الطبيبة والناشطة البصرية رهام يعقوب، التي اغتيلت قبل أيام، متوعداً القتلة بـ «عقاب مهما طال الزمن».
وذكر المكتب الإعلامي للكاظمي في بيان صحافي أن «رئيس الوزراء قدّم تعازيه لعائلة الشهيدة المغدورة ريهام يعقوب، وذلك خلال زيارة أجراها في ساعة متأخرة من ليل السبت لمنزل الشهيدة في البصرة».
مطالبات في ذي قار بمحاسبة المتسببين في قتل أكثر من 100 متظاهر
وعبّر الكاظمي، حسب البيان، عن «عميق مواساته لعائلة الشهيدة، مؤكداً لهم ولأهالي البصرة أن أمد المعتدين والمجرمين قصير».
وقال أمام عائلة يعقوب: «أقسم بدم الشهيدة أن المجرمين لن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن، وإن دماء الشهيدة والشهيد هشام الهاشمي، والشهيد تحسين أسامة لن تذهب هدراً».
وأضاف: «كلمات الشهيدة قد أدخلت الرعب على قلوب المجرمين الجبانة، وإن أعمالها المجتمعية الخيرية قد أرجفتهم، وجعلتهم يرتكبون العار، فأي دناءة أشد من هذه البشاعة، لكن فألهم الخائب قد انقلب مندحراً، وتحوّلت الشهيدة الشابة في ربيع عمرها الى أيقونة للبصرة».
في موازاة ذلك، نظم أسر ضحايا تظاهرات ذي قار، أمس، وقفة احتجاجية للمطالبة بالقصاص من المسؤولين عن إراقة دماء أبنائهم.
مصادر صحافية، أفادت أن، عدداً من أسر ضحايا الاحتجاجات نظموا وقفة احتجاجية أمام محكمة استئناف ذي قار الاتحادية للمطالبة بمحاسبة المتسببين بقتل 112 متظاهراً في عموم المحافظة، بعد أن سلمت اللجان التحقيقية الملف إلى القضاء. وانتقد المتظاهرون عدم اتخاذ أي إجراء من قبل القضاء منذ أشهر، وطالبوا بمحاكمة المسؤولين عن أعمال العنف التي طالت ذويهم، وفقاً للمصادر ذاتها.
يأتي ذلك بعدٍ بومٍ مضطرب شهدته مدينة الناصرية، عقب إقدام المحتجين الغاضبين على هدم 7 مقار حزبية في المدينة، كردّة فعل على تفجير عجلة ملغومة وسط ساحة الحبوبي، مركز الاحتجاج في محافظة ذي قار، خلّف عدداً من الجرحى، وأضرار مادية بخيام المعتصمين.
واستعان المحتجون بالجرافات لتهديم المقار الحزبية لـ«حزب الدعوة، ومنظمة بدر، وفوج عصائب أهل الحق، وحزب الله، والحزب الشيوعي، وتيار الحكمة، فضلاً عن منزل رئيس اللجنة الأمنية في مجلس المحافظة المنحل جبار الموسوي».
اقتتال داخلي
وتعليقاً على إضطراب الأوضاع وعودة التصعيد في جنوب العراق، قال النائب «المستقيل» عن ائتلاف «دولة القانون» محمد شياع السوداني، إن عدم الكشف عن قتلة المتظاهرين تسبب بالفوضى والاقتتال الداخلي التي تشهدها البلاد في الوقت الراهن.
وأضاف في «تغريدة» على موقعه في «تويتر» إن «عدم الكشف عن مرتكبي جرائم الاغتيالات والخطف والحد منها أثار سخطا شعبيا، استغلته الأجندات التخريبية، عبر دعوة علنية لتسليح المتظاهرين، ما يعني مزيدا من الفوضى والاقتتال الداخلي، وهذا سيناريو ما بعد داعش». واختتم بالقول: «لا حل إلا بفرض القانون بقوة الدولة».
كذلك، دعا عضو المكتب السياسي لتيار «الحكمة الوطني» فادي الشمري، الكاظمي، لإطلاق حملة عسكرية واسعة لتنظيف العراق مما وصفهم «أشباه الدواعش».
وقال، في سلسلة «تغريدات» على حسابه في «تويتر»: «هناك من يريد ان يحرق البصرة والناصرية لتشتعل نار الفتنة في محافظات الوسط والجنوب، ويعم الهرج والمرج في ظل انفلات السلاح وانكسار قوى الامن وضعف الحكومات المحلية».
واضاف: «على رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إطلاق حملة عسكرية واسعة لتنظيف مدننا وتخليص أهلنا من أشباه الدواعش وفرض هيبة الدولة» معتبراً أن «مصادرة السلاح ومحاسبة القتلة وتقوية قوى الأمن ضرورة وطنية وأخلاقية لحفظ أمن الناس ومصالحهم وحقهم في العيش الكريم».
وأشار إلى أن «حماية ساحات الاحتجاج والمحتجين وتحديد حدود الساحات وفقا للقانون كفيل بفرز المساحات بين من يريد التخريب وبين من ينشد وطنا حرا ذا سيادة، وفرزا لقوى الدولة وقوى اللادولة».
وتابع: «تفرض الدولة هيبتها وسلطتها بقوة القانون وتحت مظلة الدستور مقدمة جوهرية في التهيئة لإجراء انتخابات حرة نزيهة وعادلة» مبيناً أن «بخلافه لن تكون هناك انتخابات ولن يبقى نظام وستسقط ما تبقى من ملامح الدولة وإذا سقط السقف فإنه سيقع على الجميع بلا استثناء».