الجائحة مسّت كل القطاعات الحيوية، لم ينج الكتاب من عمليات التخريب الممنهجة، فأصبح يواجه عالمياً صعوبات كبيرة تقلّل من حركيته، وربما من حياته الطبيعية. الكثير من دور النشر انهارت كلياً. تحضرني حالة دار زمن الكرز Le Temps des Cerises، التي كومت كتبها في حاويات مفتوحة، تحت المطر والثلج، في انتظار مرور سيارات القمامة لتأخذها، وطلبت الدار من أصحاب المحل استرجاع المكان، لأنها لم تعد قادرة على الدفع بعد أن أوقف كل شيء وأصبحت أمازون هي اللاعب الأساسي الذي لم يعد يكتفي بالكتب، فامتد إلى كل القطاعات التجارية. يوفر كل شيء عن طريق طلبيات النت، وبالثمن العادي، الأكل، والكتب، وحتى الألبسة.
كنت أحتاج على جناح السرعة رواية الطاعون لكامو، فطلبته صباحاً، وبعد الظهر كان في صندوقي البريدي. ويبدو أن حالة دار زمن الكرز، هي نفسها حالة دور النشر كلها التي أصبحت تجد صعوبات جمة في تسويق منتجها الثقافي. مسألة التسويق مدمّرة، والمطابع تطبع حتى ولو كان الأمر يتم بصعوبة، لكن حركة الكتاب ماتت أو كادت، فكل قنوات التوزيع شبه مغلقة. دون هذه السلسلة: ناشر + موزع + مكتبة + قارئ، يصبح موت الكتاب نتيجة حتمية، ويصبح القرصان هو المنفذ الأوحد؟ فقد نشطت الأسواق السوداء بشكل كثيف بطرقها الملتوية ما دامت دور النشر عاجزة عن فعل ذلك. القراصنة يوفرون الكتاب ويبيعونه بثمن رخيص جداً، في غياب أي قانون حقيقي لمحاربة القرصنة. لا يمكن لدور النشر العربية تحديداً، أن تقاوم إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
أغلب المعارض ماتت أو انتهت، أو أجلت إلى وقت غير مسمى. لم تكن معارض للكتب بالمعنى المعرض الذي حدده معرض فرانكفورت للكتاب؛ أي عرض الكتب والاعتماد على التعاقدات مع الناشرين والكتاب، وربط العلاقات المختلفة بينها. في هذا تبدو الدور العربية فقيرة، في البيع والشراء، أنهكتها الحروب الداخلية والأزمات الاقتصادية، وبلا قوانين حقيقة تحميها وأجهزة دعاية لمنتجاتها الأدبية والثقافية. يضاف إلى هذا كله أن معارض الكتب في العالم العربي عبارة عن أسواق حية وحقيقية لبيع الكتب في ظل غياب آليات توزيع حقيقية. فهي أمكنة يلتقي فيها الكاتب بقرائه، وينشط الناس ثقافياً. هناك حياة حقيقية فرضت نفسها مع الزمن. لهذا، بعض المعارض تسجل حضور الملايين من الزوار. الجائحة قتلتها، إذ ألغيت في السنة الماضية كل المعارض. حتى تلك التي تمت المحافظة عليها، كان ذلك من باب رمزي لا أكثر.
الملاحظ هو أن دور النشر لا تفعل شيئاً لتغيير الأوضاع المستجدة حتى على المستوى الذاتي. تظل واجمة، مثبتة في ممارساتها التقليدية. أثمان كتبها شديدة الغلاء مقارنة طبعاً مع القدرة الشرائية. تصطف على السعر العالمي للكتاب، لكن فرق العملة يجعل اقتناءها شبه مستحيل. وفي ظل الوضع المستجد، تكتفي أغلب دور النشر العربية بالبيع القليل للحفاظ على حياة الدار فقط بعد التخلص من نسبة مهمة من عمالها. مع أن الحلول البديلة متوفرة ويمكن اختبارها ميدانياً، وتعتمد على مقترحين بسيطين، فالحلول البسيطة تكون أحياناً هي المسلك.
أولاً، تكثيف النشر الإلكتروني ليس صعباً، وذلك بخلط منصة بيع إلكتروني عن طريف سيستم إكومرس icommerce، المتوفرة عالمياً اليوم. وأغلب دور النشر العالمية لها منصات بيع إلكتروني موازية للكتاب الورقي وآليات توزيعه الاعتيادية. الجرائد التي سارت على هذا المسلك في وقت مبكر، حافظت على حياتها ورقياً وإلكترونياً، البقية التي اكتفت برصيدها التاريخي ونسيت أنها في ظرفية غير مسبوقة، ماتت وانهارت. وستعاني دور النشر من هذا حتماً إن هي ظلت في طرقها القديمة. وأقصد بالبيع الإلكتروني هو ما تقوم به الدار نفسها وليس المنصات المختصة، في توزيع الكتاب فقط.
ثانياً، اللعب في سوق القراصنة باللجوء إلى القرصنة الذاتية. لا يكفي التشكي أبداً، ولا تكفي الأيام الدراسية لفضح آليات القرصنة، فهي لن تتوقف لأنها سوق حقيقية ومربحة لناس في الظل يتسلمون الكتاب منجزاً ولا يدفعون مليماً واحداً للضرائب. هذه السوق الموازية رابحة في كل حالاتها، وسرقت مع الوقت ما لا يقل عن 60% من سوق الكتاب. لماذا لا تقوم كبريات دور النشر بالتخلي عن حالات تثبتها وتطبع طبعتها التقليدية الأنيقة كما كانت تفعل سابقاً، وتستحدث طبعات شعبية تصل إلى القارئ بسعر يوازي أسعار السوق السوداء، مثل طبعة الجيب، أو طبعات لا تتوفر على نفس المقاييس الجمالية ورقياً، ولكنها مقبولة قرائياً وذوقياً، وضخها في الأسواق العربية التي تقرأ وتقتات من الكتاب المقرصن. بمعنى أقل لطفاً، تقوم دار النشر نفسها بقرصنة كتبها بشكل قانوني وتوزيعها في نفس أماكن المقرصنين، المكتبات والأكشاك وغيرها.
وهناك دول مأزومة اقتصادياً يمكن أن تحل فيها مشكلة القدرة الشرائية للكتاب، حتى لا يصبح الكتاب رفاهاً وليس حاجة حيوية للعقل، كأن تكون هناك طبعة سورية شعبية من نفس الكتاب، عراقية، يمينة، ليبية، مصرية، تونسية، وغيرها من الدول. فبيع الكتاب بسعر قريب من كتاب السوق السوداء يجعله يصمد، وتسترجع دور النشر حقاً ظل مسروقاً منها. هذا سيضرب المقرصنين في الصميم، ويقلل حجماً من أرباحهم إلى أن يمتصها كلياً. فما يقوم به المقرصن بشكل غير قانوني، تقوم به دار النشر قانونياً. لو يتم تجريب ذلك من طرف دور نشر مؤمنة بالتجربة، سيفتح -في حالة نجاحه- الباب على مصراعيه أمام دور النشر الأخرى.
لا يكفي التباكي والحزن أمام سلطان الجائحة وضائقتها، أو القرصنة، والاستعداد للموت الذي يرتسم في الأفق بالنسبة لكثير من دور النشر التي بدأت تستعد للنهايات الفجائعية. هناك حلول تخفف من هذا الضنك وتحفظ حياة الكتاب، والذين يعيشون به. العجز الكلي في تغيير آليات طبع الكتاب وتسويقه هو ما يسهل الطريق لقوى الشر، القراصنة والجائحة. نقطة ضعف القرصان هي أن تلعب في نفس ميدانه، وتقوم بذلك بسرقة حصصه الربحية. الطبعات الرقمية عبر المنصات المخصصة لذلك والطبعات الشعبية لا تكلف كثيراً، لهذا فهي حل من حلول للحفاظ على حياة الكتاب والقارئ، في انتظار الانتصار كلياً على الجائحة.
ثقافة العولمة تعمل وفق مبدأ Open Source Structure، بينما ثقافة دولة الحداثة تعمل وفق مبدأ Reverse Engineering،
هو أول اعتراض على ما لاحظت من تناقضات عنوان (الكتاب/ الرقمنة والقرصنة الذاتية) في موضوع ملكية حق التدوين الفكرية،
لأن في أجواء سوق العولمة والتواصل والاتصال والتشغيل والتعامل والحوار والتجارة والتشفير والتجارة والإدارة والحوكمة وحتى التعليم والتنافس بين الإنسان والآلة/الروبوت/الذكاء الصناعي،
لا مجال للأسرار، بين علاقة الأنا والآخر، لخلق منتج لغوي، في وسط أجواء العولمة، ذو عائد اقتصادي مربح، يعود بالفائدة على الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمنتجات الانسانية،
الآن هذه العلاقة غير الشرعية، التي أنتجت هذا المنتج المُربح، من حق من عوائده، الأنا أم الآخر أم كليهما، هي الإشكالية القانونية، على أرض الواقع،
في مفهوم هل القانون لتنظيم الحقوق والواجبات والأملاك، أم القانون، من أجل ضربه، من عقلية المُخبر السري، لآل البيت من شعب الرّب المُختار بيهوده وغيرهم في الكيان الصهيوني (فلسطين) أو شبه القارة الهندية (كشمير)، أو الصين (تايوان) بعد عام 1945؟!??
??????
نعم أنه طرح جدي وفي الصميم وهو الانتقال من التسويق الكتاب عبر دور النسر والمكتبات والمعارض الميدانية الى التسويق الالكتروني وفتح منصات بيع عالمية ، خاصة في ظل الوباء ،وحتي قبل الوباء كانت الامور على المحك هو فضح هشاشة دور النشر وعدن مواكبتها العصر الافتراضي ، أنه خير لا بد منه ،واقتراح جد صاءب لتلحق ثقافة بيع الكتب نفسها قبل أن تؤول الى الزوال في وقت نطير فيه المعلومة عبر فضاء الانترنت ، اذا الكل مخول ان يحمي نفسه بذكاء وباستعمال حيل الثراء الالكترونية ولولا هذا الثراء لما تشكلت فيه عصابات للقرصنة اذا مواكبة العصر يبعث حياة دور النشر من جديد ويضمن لها حقوقها وحقوق الكاتب والكتاب ايضا.
نعم هو طرح في الصميم فلابد لدور النشر من مواكبة العصر واستثمار الثراء الالكتروتني لضمان بقاءها وحفاظا لحقوقها وحقوق الكاتب والكتاب لان الطرق النمطية للبيع عبر المكتبات والمعارض الميدانية لم تعد تنفع في ظل الوباء وحتى قبله… لأنه فضح هشاشة دور النشر وسوء تسويقها للكتاب ، لذا يعد خلق فضاء افتراضي ومنصات الكتروني للبيع والتسويق شيء ضروري جدا وملح كانه الأكسيجين الذي سيتنفس من خلاله الكتاب بطريقة امنة دون قرصنة ، ولما لا نوظف بروتوكولات القرصنة بطريقة قانونية لحماية الاسواق والتسويق العادل للكتاب كما تفضلتم باقتراح جد راءع باريت تتبعه دور النشر ، وتجدد النظرة النمطية لطرق طبع الكتب ، نعم خلي الكتاب يتنفس بطريقة سليمة في عصره الحالي مع كل التحديات الموجودة ومواجهة الرهان المطروح على ارض الواقع” الكتاب ضحية القرصنة” لنعيد له وللكاتب ولدور النشر التسويق الحديث والمعاصر والقانوني وفوق كل هذا نعيد شرف الكتاب .