بغداد ـ «القدس العربي»: يعكف مجلس النواب العراقي على تشكيل اللجان البرلمانية الدائمة، وتوزيع رئاساتها على الكتل السياسية، وفقاً للاستحقاقات الانتخابية والمحاصصة بين الكتل الفائزة في الانتخابات، في إجراء لا يختلف كثيراً عن سيناريو تشكيل الحكومة.
وفي الدورة البرلمانية الماضية، ضم مجلس النواب العراقي 27 لجنة برلمانية، تتولى مهمة مراقبة الوزارات والمؤسسات التنفيذية، فضلاً عن الإسهام في تشريع القوانين، على أن تتألف كل لجنة من رئيس ونائب للرئيس ومقرر وعدد من الأعضاء.
مصدر برلماني قال «القدس العربي» إن «ملف توزيع أعضاء مجلس النواب على اللجان شبه مكتمل، لكن رئاسة اللجان ونواب الرؤساء والمقررين لم تحسم بعد».
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن «تسمية رؤساء اللجان ستؤجل لما بعد الانتهاء من ملف التشكيلة الوزارية، وحسم المناصب المتبقية»، عازياً السبب في ذلك إلى أن «من غير الممكن أن يكون رئيس إحدى اللجان ينتمي للكتلة نفسها التي ينتمي لها الوزير المعني بمراقبة ومتابعة اللجنة، لهذا ننتظر إكمال تشكيل الحكومة حتى يمضي البرلمان بتسمية لجانه».
أما النائبة عن ائتلاف «النصر» نسمة نسيم، فاعتبرت أن «تدخل الكتل السياسية والمحاصصة في اختيار وزراء الكابينة الحكومية، سيتكرر في اختيار اللجان وتقسيماتها».
وكشفت النائبة عن كتلة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، لـ« القدس العربي»: عن «تحرك يجري بين الكتل السياسية على تقسيم اللجان وفقاً للمحاصصة»، مشيرة إلى أن «الحديث عن اعتماد معايير خاصة في الاختيار غير صحيح. المحاصصة السياسية ما تزال هي سيدة الموقف».
وحسب النائبة عن محافظة البصرة، زهرة البجاري، فإن «حمى المحاصصة انتقلت من الحكومة لتصل إلى البرلمان».
وأضافت لـ«القدس العربي»: «رؤساء الكتل هم الذين يفاوضون على اللجان ورئاستها، في حين أن النائب المستقل أو الذي لا ينتمي لكتلة سياسية، لن يحصل على رئاسة أي لجنة برلمانية يرغب بها أو تكون ضمن اختصاصه».
وطبقاً لها فإن «المحاصصة موجودة على مستوى الوزارات واللجان البرلمانية بنسبة 100٪»، مشيرة في الوقت عينه إلى أن «اعتماد الدورة البرلمانية السابقة على مبدأ جعل رئاسة اللجان دورية (كل عامين)، لم يتحقق، وبقيت أغلب اللجان برئاستها الأولى».
ومن المفترض أن يتم اختيار رئيس اللجنة البرلمانية ونائبه ومقرر اللجنة، عبر تصويت أعضاء اللجنة نفسها، لكن الاتفاقات السياسية والمحاصصة الحزبية هي التي تحدد في الواقع ذلك، حسب مراقبين.
وخلافاً للرأي السائد، أكدت كتلة «تيار الحكمة» البرلمانية، بزعامة رئيس تيار «الحكمة» الوطني، عمار الحكيم، إن قضية اختيار رؤساء اللجان البرلمانية «لا تخضع للمحاصصة»، وفقاً للنائب حسن خلاطي، الذي كشف لـ«القدس العربي»، بأن هذا الملف «يخضع للوزارات، بمعنى إنه إذا كانت الوزارة من حصة مكوّن معين، فإن رئاسة اللجنة المناظرة لهذه الوزارة ستكون لمكون آخر».
وأضاف: «باعتبار أن تشكيل الحكومة الجديدة اعتمد على وزراء مستقلين، فإن تأثير الكتل السياسية ورؤساء اللجان على الوزارات لن يكون حاضراً كما في الفترات السابقة»، كاشفاً في الوقت عيّنه عن «اجتماع عقد في وقت سابق بين هيئة رئاسة البرلمان مع رؤساء الكتل، تضمن طرح فكرة أن تكون رئاسة اللجان دورية، غير إن الاجتماع لم يتوصل إلى اتفاق بشأن ذلك».
وأكد أن «ملف رئاسة اللجان لم يحسم بعد»، لافتاً إلى «تقديم أسماء أعضاء كل لجنة».
كذلك، اعتبرت كتلة «الاتحاد الوطني الكردستاني»، أن توزيع اللجان يجب أن يكون وفقاً للاستحقاق الانتخابي.
القيادي في الحزب، النائب ريبوار طه، قال لـ«القدس العربي»، إن «رئاسة مجلس النواب جادة في ملف تشكيل اللجان ومن ثم الاتفاق على رؤسائها ونوابها»، مبيناً إن «تقسيم اللجان بين الكتل السياسية لا يعتبر محاصصة، بل إن ذلك يمثل استحقاقاً انتخابياً».
وتساءل: «لماذا نشارك في الانتخابات ونطلب من المواطنين منح أصواتهم لنا؟ عندما نفوز في الانتخابات وندخل البرلمان علينا المطالبة باستحقاقنا الانتخابي لتمثيل الشعب والمناطق التي ننتمي إليها».
وأضاف: «البرلمان العراقي لديه مهمتان أساسيتان، هما التشريع والرقابة، فكيف يمكن المضي بهاتين المهمتين إذا لم تكن هناك لجان برلمانية».
وضمت الدورة الماضية للبرلمان (27) لجنة هي، (القانونية، والمالية، والأقاليم والمحافظات غير منظمة بإقليم، والاقتصاد والاستثمار، والأمن والدفاع، والأوقاف والشؤون الدينية، والتربية، والتعليم العالي والبحث العلمي، والثقافة والإعلام، والخدمات والإعمار، والزراعة والمياه والأهوار، والسياحة والأثار، والشباب والرياضة، والشهداء والضحايا والسجناء السياسيين، والصحة والبيئة، وشؤون العشائر، والعلاقات الخارجية، والعمل والشؤون الاجتماعية، والمرأة والأسرة والطفولة، والنازحين والمهجرين والمرحلين والمغتربين، والمصالحة والمساءلة والعدالة، والنزاهة، والنفط والطاقة والثروة الطبيعية، وحقوق الإنسان، وشؤون الأعضاء والتطوير البرلماني، ومؤسسات المجتمع المدني، والتخطيط الاستراتيجي ومتابعة البرنامج الحكومي).
وفي 27 أيلول/ سبتمبر الماضي قرر مجلس النواب العراقي تشكيل «اللجنة القانونية البرلمانية» لكن بشكل مؤقت، تضم 16 نائباً هم محمد الغزي، ورفاه العرضي، أحمد علي الكناني، رزاق محيبس، الماس فاضل كمال، إحسان ثعبان علي، فيصل العيساوي، حسن المسعودي، عبدالهادي السعداوي، غاندي محمد عبدالكريم، ريبوار هادي، فائق الشيخ علي، يحيى المحمدي، يونس قاسم، أحمد مظهر، سليم همزه صالح خضر، على أن يرأسهم كبير الأعضاء سناً النائب فائق الشيخ، لحين انتخاب نائب له ومقرر للجنة.
كذلك بحث مجلس النواب في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تعديل نظامه الداخلي وتقليص عدد لجانه الدائمة إلى نحو 20 لجنة، عبر دمج لجنتي النزاهة والقانونية في لجنة واحدة، والمساءلة والعدالة بالعمل والشؤون الاجتماعية، فضلا عن إلغاء لجنة شؤون الأعضاء، مع استحداث لجنة لشكاوى المواطنين.