مصطلح البوكسينغ داي «يوم الصناديق» الذي يتداوله عشاق الكرة في العالم نهاية كل سنة ميلادية مرتبط خصيصا بالكرة الانكليزية نسبة لليوم الذي يلي احتفالات «الكريسمس»، المصادف للسادس والعشرين من شهر ديسمبر/كانون الأول الذي يفتح فيه الصغار والكبار صناديق الهدايا التي يتلقونها بالمناسبة، وكذا الصناديق التي يتصدق بها الأثرياء على الأطفال والفقراء والمحتاجين قصد إدخال الفرحة على نفوسهم، في حين يقوم الاتحاد الإنكليزي خلال أيام الأعياد منذ سنة 1860 الى اليوم بإدخال فرحة وبهجة ومتعة من نوع خاص على نفوس الانكليز وهواة الكرة في العالم، من خلال برمجة جولة كاملة من مباريات الدوري الانكليزي تتبعها جولتان في ظرف اسبوع واحد، في وقت تخلد أندية الدوريات الأوربية الأخرى الى الراحة لتستمتع بالعطلة الشتوية التي تصادف نهاية السنة الميلادية.
هذا التقليد العريق جعل من هذا اليوم عيدا كرويا تحضره العائلات في اليوم الموالي للكريسمس في كل أرجاء المملكة المتحدة على كل مستويات الدوريات بما فيها دوري المناطق والهواة الذي يشهد اجراء ثلاث مباريات في ظرف أسبوع يستمتع بها هواة الكرة انطلاقا من مبدأ أن الكرة وسيلة فرجة وامتاع وترفيه للناس في أيام عطلة نهاية السنة التي تتحول فيها مباريات الدوري الى أكبر هدية تمنح للإنكليز وأحد مظاهر الترفيه و الاحتفال بأعياد الميلاد خاصة بالنسبة للعائلات التي تجد في هذا اليوم فرصة للخروج الى الملاعب التي تشهد بالمناسبة زيادة كبيرة في أعداد الحضور في المدرجات، وزيادة أكبر في أعداد المتابعين عبر شاشات التلفزيون داخل وخارج إنكلترا.
أما بالنسبة للنوادي واللاعبين فان الأمر مختلف حيث تشكل المباريات الثلاث في نهاية السنة عبئا كبيرا عليهم وعلى المدربين الذين ينتقدون كل مرة برمجة المباريات بمناسبة أعياد الميلاد حتى أن المدرب الألماني لنادي ليفربول يورغن كلوب وصف الأمر بالجريمة في حق اللاعبين الذين يحتاجون الى أيام راحة يقضونها مع عائلاتهم ويلتقطون بها أنفاسهم، ويسترجعون من خلال لياقتهم نتيجة كثافة المباريات التي تتراوح بين 50 و60 مباراة في جميع المسابقات خلال الموسم خاصة بالنسبة للفرق التي تصل أدوار متقدمة في المباريات الأوربية والكؤوس المحلية، لكن احتجاجات المدربين واللاعبين لم تمنع الاتحاد الإنكليزي من الاستمرار في هذا التقليد الفريد من نوعه في العالم.
من الناحية الفنية تشهد مباريات البوكسينغ داي مفاجئات كبيرة عبر التاريخ، تسقط فيها نوادي وترتقي نوادي أخرى الى مراكز متقدمة في الترتيب في حالة الفوز بها كلها، كما تشهد متعة فريدة من نوعها لان كل الأنظار تكون موجهة فقط نحو مباريات الكرة من طرف العشاق ومختلف وسائل الاعلام التي تجد في مباريات الدوري ومفاجئاتها مادة دسمة في وقت تكون مختلف الدوريات في راحة، كما تنتعش خلال هذه الفترة خزائن الأندية والقنوات التلفزيونية بفضل مداخيل الإعلانات والمداخيل الإضافية بسبب الاقبال الكبير للجماهير على الملاعب.
رغم أن غالبية الانكليز يتفاخرون بهذه الميزة الا أن البعض الأخر يرى فيها سببا في تراجع مستوى ونتائج بعض الفرق، كما أن عدم استفادة لاعبيها الدوليين من عطلة شتوية تسببت عبر التاريخ في تدهور مستوى المنتخب الإنكليزي الأول كون أن اللاعبين الانكليز يتعرضون للإرهاق والتعب عند نهاية الموسم لما يخوضون بطولات كبرى مثل نهائيات كاس العالم وكأس الأمم الأوربية فيخفقون في تحقيق البطولات والألقاب بسبب عدم استفادتهم من أيام راحة مثل لاعبي باقي الدوريات الأوروبية.
صحيح ان متعة الكرة الإنكليزية تعتبر هدية في حد ذاتها لجماهير الكرة في بريطانيا وخارجها، لكن هدية مباريات البوكسينغ داي تبقى ذات قيمة فنية وإنسانية فريدة من نوعها تمنح في شكل هدية لتلك الجماهير وغيرها من عشاق الكرة في العالم لأن الكرة عند مخترعيها تحمل مفاهيم مختلفة ترتبط بثقافة الترفيه والفرجة والمتعة والاثارة لدرجة لا يمكن الاستغناء عنها حتى أيام الأعياد.
إعلامي جزائري
*ستبقى(كرة القدم) اللعبة الأشهر
والأفضل والأجمل لمعظم الناس
سواء في (بريطانيا) أو باقي دول العالم..