بدخول حزب الله حلبة الصراع في سورية وعلى مرأى من العالم فإنه يدشن لمرحلة جديدة وخطيرة تهدد الثورة السورية والمنطقة بكاملها، فإنحياز حزب الله لنصرة نظام الطاغية بشار الاسد سيأثر سلبا على هذا الحزب لدى العرب ومسلمي السنة، فإن هو يريد حماية حليفه الإستراتيجي ظالما ومظلوما، فهو يخسر في المقابل مصداقيته في الشارع العربي والإسلامي السني، ومهما حقق من إنتصارات على أرض سورية، وهو لحد الأن صعب المنال أمام ثوار ومجاهديين شجعان، فنتائج هذا سيكون سيئا عليه على مدى السنوات المقبلة، وفي إطار المقاومة لإسرائيل، فحزب الله قد طعن الجسم السني العربي الذي يساند الثورة السورية وهم أكثر عددا ممن يؤيدون بشار الأسد ونظامه الفاسد، فالنزيف لن يشفى بسهولة والغدر أشد من القتل. إن الحجج والمبررات التي يختبئ من ورائها حسن نصر الله لن تشفع له تأييده للظالم، وإعانته على قتل شعبه، فهي لعبة قذرة وخطيرة. كانت الأغلبية تتوقع وتنتظر تدخلا أمريكيا وحلفائها في سورية فإذا بالمفاجئة مذهلة ومقلقة، فالحرب الطائفية قد بدأت بطعنة في الظهر لا تغتفر، حزب الله يفرض نفسه وقوته في صراع خارج حدوده وبكل حرية بدون خوف وقلق من عواقب ذلك ليقلب موازين الصراع ويزيدها تعقيدا، والعالم وفي مقدمته الغربي الذي يدعم الثورة العلمانية على حساب الجماعات الإسلامية التي تقاتل بالنيابة عن الشعب السوري والمعارضة في الخارج يتفرج وينتظر الوقت الملائم للإنقضاض على الثورة وإختطافها من يد أطراف الصراع ليحورها كما يريد خدمة لمصالحه في المنطقة، وأنذاك الضحية الأولى ستكون الشعب السوري الذي ثار من أجل الإنعتاق والعيش الكريم والتحليق بحرية في سماء بلاده وإستنشاق هوائها النقي والإستفادة من خيرات أرضه، والضحية الثانية هم الثوار والمجاهدون، فللأسف يتم التلاعب بأحلام المواطنين والثوار وتضحياتهم ليستفيد من هم خارب البلاد. والمعركة حسب حزب الله وعلى لسان حسن نصر الله يبرر تدخله في سورية لأن المسألة اصبحت مصيرية للحزب مسألة بقاء له وحياة للقضية الفلسطينية، ومن أجل قتال عصابات إرهابية تكفيرية وهو نفسه خطاب بشار الأسد، السؤال الذي يطرح نفسه هو هل أعطى حزب الله الضوء الأخضر للتدخل في سورية، ومن هي الجهة التي خولته ذالك؟ فالشيء المعلوم أن الإذن لم يكن من طرف الأمم المتحدة أو الجامعة العربية، فحزب الله أظهر حجم ولائه وإرتباطه بإيران وبمذهبه الشيعي، وأخيرا سقطت الأقنعة وإتظحت الحقيقة أكثر، فإيران طرف فاعل في المنطقة لها نفوذ ومطامع تسعى جادة إلى التأثير والتوسع وتحارب في الخفاء، والعرب محاصرون بعدوين لدوذين إيران وإسرائيل، وبما أن أطماعهما متشابهة فقد تتوحد المصالح وتزول من أجلها الخلافات وتتشابك الأيدي. إن الحرب الآن في سورية ليست للإطاحة ببشار الاسد، وإنما هي للقضاء على الجماعات الجهادية، فالواضح أن تدخل حزب الله في سورية يلقى التفهم والقبول من طرف أمريكا وإسرائيل، فمصلحتهما تقتضي ذلك والجماعات الإسلامية المسلحة في سورية أربكت كل الحسابات والتوقعات، فقد إزداد تنظيمها، وإزدادت قوتها ومنجزاتها على الأرض، وأصبحت فاعلا أساسيا في إستمرار القتال أو في إنهائه، فمستقبل سورية بالنسبة للغرب يجب أن يكون بدون الثوار والمجاهدين الذين يكنون العداء لإسرائيل، فمهمتهم قد إنتهت، ونظام بشار الاسد أصبح ضعيفا منهكا يبحث عن قارب النجاة، والجماعات الجهادية أصبحت أكثر خطرا وتهديدا لأمن وسلام إسرائيل من بشار الاسد، فالغرب وحلفاؤه يتآمرون ضد المجاهدين في سورية في الوقت الذي هم يقاتلون فيه نيابة عنهم، فخوفهم الكبير الان أن تتحول سورية إلى إمارة إسلامية ولهذا هم مع بقاء بشار الاسد في السلطة، لذا فالغرب يخطط لسورية التي تضمن الامن فيها وتعترف بإسرائيل، سورية العلمانية الضعيفة والخاضعة لأمريكا والمستسلمة لإسرائيل، سورية بلا مقاومة وبلا إسلام يدعو إلى الجهاد، فأخيرا سمع الغرب لنداء وتهديد بشار الاسد الذي صرح به من قبل في حديث خاص أدلى به لقناة ‘روسيا اليوم’، حيث قال: ‘أعتقد أن كلفة الغزو الأجنبي لسورية، لو حدث، ستكون أكبر من أن يستطيع العالم بأسره تحملها، خصوصا وأننا المعقل الأخير للعلمانية’، فالغرب عدوه الاول الإسلاميون الذين يؤمنون بالجهاد، فاللعبة أوشكت على الإنتهاء، ودور الثوار قد إنتهى، ونظام بشار الاسد في مأزق وفي حالة ضعف وتعب، والمعارضة في الخارج موجهة عاجزة، والإتفاق النهائي بين المستفيدين من كل ذلك جاهز ينتظر التطبيق لولا صمود الجماعات المسلحة حتى الان، فبعد القضاء على الجماعات الإسلامية الجهادية. حسن يروم [email protected]