دمشق – «القدس العربي»:
حذر برنامج «الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة»، الثلاثاء، من تصاعد عدد الإصابة بداء الكوليرا في مدن وبلدت شمال غربي سوريا، حيث سجل البرنامج 16 إصابة جديدة في المنطقة، رافعاً بذلك إجمالي العينات الإيجابية خلال المدة الماضية إلى 1163 إصابة، بينما ينتشر داء اللاشمانيا في ريف حلب والمخيمات شمال غربي البلاد، فضلاً عن انتشاره ضمن مناطق سيطرة النظام السوري، وخاصة في مدن وبلدات محافظة حماة التي تعاني أزمات في الإصحاح البيئي وواقع خدمي سيِّئ، نتيجة تقصير العديد من الوحدات الإدارية بتحقيق شروط النظافة العامة.
وذكر برنامج «الإنذار المبكر» في تقريره الأسبوعي، أن الإصابات الجديدة بالكوليرا سُجل 7 منها في إدلب، و5 حالات في منطقة جبل سمعان، وحالتان في مدينة الباب، وحالة في كل من مدينتي جسر الشغور وحارم.
الطبيب دريد رحمون من مديرية صحة إدلب، قال في تصريح لـ «القدس العربي» إن الكوادر الطبية تخشى من انفجار المنحنى التصاعدي لانتشار الكوليرا، معتبراً أن ذلك متوقف على تحسين ظروف الحياة والخدمات الصحية في المنطقة.
وقال: «الكوليرا باتت مستوطنة تماماً في المنطقة، وذروات الارتفاع ستكون متواترة، وسوف نرى كل 3 أشهر انتشاراً جديداً لداء الكوليرا أو ظهور حالات جديدة، كما أنه يمكن أن تنفجر الذروة بأي منحى تصاعدي لانتشار الكوليرا، وهذا الأمر بات مرتبطاً بتحسين ظروف الحياة والخدمات العامة، والمرافق الصحية والصرف الصحي وطبيعة المياه التي يمكن أن يحصل عليها الناس، وهي أمور مهمة جدا في تخفيف ذروات انتشار الكوليرا».
وكشف الطبيب عن انتشار داء اللاشمانيا المعروف باسم «حبة حلب» في المنطقة أيضاً، حيث قال: «هو داء موجود في شمال غرب سوريا ومنطقة ريف حلب الغربي بنسبة أكبر، ومناطق المخيمات بسبب ظروف الحياة الحالية، حيث سُجلت أرقام عالية في اللشمانيا الحشوية، وهي أخطر من اللشمانيا العادية، ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة، وسجلنا أعداداً كبيرة جداً مقارنة مع السنوات الماضية».
وحول الوضع الصحي بشكل عام، أكد الطبيب أنه من ناحية تقديم الخدمات الصحية الضرورية والثانوية، هي موجودة وعلى وتيرة عالية، وما يحصل من ذروات للكوليرا يتم متابعتها بشكل مباشر، لكنه أشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت إغلاقاً لآخر مركزين؛ لعزل مرضى الكوليرا في المنطقة.
وعن أسباب تدهور قطاع الصحة، قال رحمون: «إذا كان قطاع الصحة يسير في عجلة، فهناك عجلة أخرى يمثلها قطاع الخدمات الذي يجب أن يكون على سوية عالية، لاسيما مع انتشار الأوبئة، وخصوصاً بما يخص الأمراض التي يمكن أن تنتشر عبر المياه الملوثة، كداء الكوليرا ومجمعات القمامة التي يمكن أن تعيش ذبابة حلب، والحالتان تحتاجان إلى تدقيق أكثر من قطاع الخدمات للحصول على مناطق سكنية منظمة، فيها خدمات ومرافق صحية جيدة تستطيع حماية الناس من انتشار الأوبئة».
وفي السياق، أكد مدير مركز مكافحة اللاشمانيا بحماة، الطبيب باسل إبراهيم، في تصريحات صحافية، أن اللاشمانيا مرض بيئي بامتياز، استوطن في محافظة حماة منذ سنوات طويلة، وتعد بعض الأماكن في المحافظة بؤرة تقليدية للمرض، وشهدت المحافظة نتيجة الأزمة والدمار والحرب، ونزوح السكان ودمار المراكز الصحية، وخروج بعضها عن الخدمة، وتسرب الكوادر الصحية المدربة، وسوء الوضع البيئي عامة ونقص بالخدمات، ارتفاعاً بأعداد الإصابات وظهور إصابات اللاشمانيا في مناطق جديدة لم تكن موجودة فيها سابقاً.
وقال إن «عدد إصابات اللاشمانيا في محافظة حماة حتى نهاية تشرين الأول الماضي، بلغ 14642 منها 512 إصابة وافدة من خارج المحافظة، في حين كان إجمالي عدد الإصابات خلال العام الماضي 2022 نحو 13528 إصابة، أي بزيادة مقدارها نحو 1114 إصابة بحصيلة غير نهائية، لأنها لا تضم عدد الإصابات في شهري تشرين الثاني الحالي، والمحتملة في كانون الأول المقبل».
وعزا الطبيب انتشار المرض ضمن مناطق سيطرة النظام السوري إلى «عدم تحقيق شروط الإصحاح البيئي في معظم بؤر انتشار المرض، وضعف إمكانات الوحدات الإدارية ونقص عمال التنظيفات والمعدات والآليات».
وأوضح إبراهيم لصحيفة «الوطن» شبه الرسمية، أن مركز مكافحة اللاشمانيا في حماة، يقدم الخدمات التشخيصية والعلاجية المتنوعة لجميع المرضى مجاناً، إضافة للخدمات التوعوية والتثقيفية عن المرض، حيث ينفذ الفريق الجوال بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر جولات علاجية وتثقيفية إلى 33 من القرى والأحياء البعيدة، وحيث لا مراكز صحية.
ولفت إلى أن عدد الجلسات العلاجية المقدمة من الفريق الجوال بلغ حتى نهاية تشرين الأول 12195 جلسة، منوهاً بأنه يتم تقدمة الخدمات العلاجية الموضعية في 64 مركزاً صحياً منتشرة في جميع أرجاء المحافظة بهدف تسهيل وصول المرضى إلى العلاج واستمراريته، لأن الشفاء قد يحتاج من 6 – 8 جلسات متتالية من دون انقطاع.
وأوضح أنه ضمن خطة التدريب المستمر وجودة العلاج وسهولته والحرص على الاستمرارية، أقامت مديرية الصحة والبرنامج الوطني لمكافحة اللاشمانيا بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 3 ورشات تدريبية لكل الكوادر الصحية العاملة في برنامج اللاشمانيا في المناطق الصحية الأولى والثانية وفي السقيلبية ومصياف ومحردة وصوران، إضافة للأطباء المقيمين اختصاص جلدية في المشفى الوطني بحماة.
وحول العلاج بمادة الآزوت السائل وفنيات استخدام جهاز الآزوت والاستطبابات المتنوعة، ذكر إبراهيم أنه ضمن مذكرة التعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر تم تزويد برنامج اللاشمانيا بحماة بـ 3 خزانات آزوت سعة 30 ليتراً و23 جهازاً بخاخاً، وقد وزعت على المناطق والمراكز الصحية حسب الأكثر حاجة.
وتم بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، تنفيذ حملة رش لمكافحة نواقل مرض اللاشمانيا «الذباب الرملي» في الأماكن الأكثر إصابة بالمرض، حيث شملت طوق مدينة حماة وبعض الأماكن في الريف القريب، وبعض قرى مناطق مصياف وسلمية والسقيلبية ومحردة.
وأضاف: «نؤكد أهمية الاستمرار بالجلسات العلاجية حتى الشفاء التام، ومراجعة أقرب مركز صحي عند ظهور اندفاع جلدي وعدم التأخر أو اللجوء للطب الشعبي أو الانقطاع عن العلاج لأنه يفاقم المرض ويؤخر الشفاء».