واشنطن ـ وكالات: قال عضو مجلس النواب الامريكي جين غرين ان كبير موظفي البيت الابيض دينيس مكدونف ابلغ الاعضاء الديمقراطيين في المجلس الثلاثاء ان الدبلوماسية لها الاولوية على العمل العسكري بخصوص سورية الآن.
وقال غرين لرويترز وهو يغادر اجتماعا اطلع فيه مكدونف النواب الديمقراطيين على احدث التطورات ‘سيكون علينا ان نترقب كيف ان هذا العرض’ بخصوص تأمين ترسانة الاسلحة الكيماوية السورية سيتطور.
وقال غرين انه يتلقى رسائل بالبريد الالكتروني من النواب يقولون انهم يريدون حلا دبلوماسيا. واضاف ‘هذا ما يحدث الان.’
وتابع ‘سنعود الان الى امورنا النمطية مثل سقف الدين’ الذي يجري مناقشته في الكونغرس.
ومن جهته قال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض الثلاثاء إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيمضي قدما في خططه لطلب موافقة الكونغرس على استخدام القوة العسكرية في سورية رغم موافقة دمشق على اقتراح روسي بالتخلي عن أسلحتها الكيماوية.
وقال كارني لقناة (ام.اس.ان.بي.سي) ردا على سؤال عن رد فعل البيت الأبيض على تقارير جديدة أفادت بتسليم سورية مخزونها من الأسلحة الكيماوية ‘ما قاله الرئيس الليلة (قبل) الماضية يعكس ما نحن فيه هذا الصباح: نرى في هذا الأمر تطورا إيجابيا ونراه نتيجة واضحة للضغط على سورية’.
وأضاف أن البيت الأبيض يريد التأكد من جدية سورية ولذلك سيزور أوباما الكونغرس الثلاثاء ليطلب من الأعضاء المترددين الموافقة على توجيه ضربات عسكرية محدودة لسورية وسيلقي كلمة للأمة مساء اليوم الثلاثاء حول هذا الشأن.
جاء ذلك فيما أعلن السيناتور الأمريكي زعيم الغالبية الديمقراطية، هاري ريد، أنه تم إرجاء عملية التصويت الأولي التي كانت مقررة الأربعاء المقبل، في مجلس الشيوخ حول مشروع قرار يجيز توجيه ضربات عسكرية إلى سورية، وذلك إثر الإقتراح الروسي حول وضع رقابة دولية على الترسانة الكيميائية السورية.
ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن ريد، قوله ‘لا أظن أنه علينا التسرع بذلك.. بل علينا القيام بالأمر بشكل جيد’، في إشارة منه إلى عملية التصويت.
واشار إلى انه اتخذ قراره بعد استشارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، معتبراً أن’ما نحتاج إليه هو منح الرئيس فرصة التحدث إلى جميع أعضاء مجلس الشيوخ الـ 100، وإلى 300 مليون أميركي قبل أن نقوم بذلك’.
ويذكر أن السيناتورات الجمهوريين، لامار ألكسند عن ولاية تينيسي، وروي بلانت عن ميسوري، وجورني أزاكسون من جورجيا، وروجر ويكر من ميسيسيبي، وومايك إنزي من وايومينغ، والسيناتور الديمقراطي هايدي هايتكامب من داكوتا الشمالية، أعلنوا الإثنين معارضتهم توجيه ضربات لسورية.
ويأتي إرجاء التصويت بعيد إعلان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنه في حال كان من شأن فرض رقابة دولية على الأسلحة الكيميائية السورية أن يوقف التدخل العسكري في سورية، فإن موسكو على استعداد للعمل مع الجانب السوري بهذا الشأن.
وكان ريد، أعلن في وقت سابق أن أول تصويت سيجريه المجلس على مشروع القرار الذي يجيز لأوباما التدخل عسكرياً في سورية سيتم الأربعاء.
وحاول باراك اوباما الثلاثاء حشد دعم اكبر عدد من الامريكيين لسياسته في سورية، في مهمة تبدو معقدة بسبب التطورات المتسارعة في هذا الملف وخصوصا بعد الاقتراح الروسي الذي وصفه الرئيس الامريكي بانه قد يكون ‘اختراقا كبيرا’. ومن المقرر ان سكون قد ادلى الرئيس الامريكي الذي قام بخطوة تراجعية اولى في 31 اب (اغسطس) عندما احال موضوع الضربة التي كانت تبدو وشيكة على سورية الى تصويت الكونغرس، بخطاب الى الامة عند الساعة 21.01 (الاربعاء 01.01 ت غ) من البيت الابيض.
ويدافع اوباما منذ عشرة ايام عن قراره القيام بعملية عسكرية ‘محدودة’ ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد بهدف معاقبته على استخدامه اسلحة كيميائية في هجوم في ريف دمشق في 21 اب (اغسطس)، بحسب واشنطن، ما ادى الى سقوط 1429 قتيلا بحسب تقرير للاستخبارات الامريكية. لكن الاثنين، وفي وقت استدعت الرئاسة الامريكية وزيرة الخارجية الامريكية السابقة هيلاري كلينتون لدعم خيارات اوباما لضرب سورية، قامت روسيا مجددا بتغيير المعادلة باعلانها الاقتراح على حلفائها في النظام السوري بوضع ترسانة الاسلحة الكيميائية السورية تحت اشراف دولي ومن ثم تدميرها، في مبادرة سارعت دمشق الى ‘الترحيب’ بها.
وبدا تغيير النبرة في البيت الابيض سريعا: فقد تحدث اوباما الذي اجرى ست مقابلات صحافية مع قنوات تلفزيونية امريكية كبرى، عن ‘اختراق كبير’ ممكن في النزاع السوري المستمر منذ عامين ونصف العام، مشيرا في حديث الى قناة ‘ان بي سي’ الى ان التهديدات بشن ضربات امريكية دفعت حكومة الاسد الى ‘التفكير’ بدرس الخطوات الواجب اتخاذها تفاديا للضربة.
وردا على سؤال لقناة ‘ايه بي سي’ بشأن امكان حصول ‘وقفة’ في الاندفاعة نحو الضربات العسكرية في حال تم توفير امن الترسانة الكيميائية السورية، اجاب اوباما ‘بالضبط، اذا ما حصل ذلك’.
لكنه حذر ايضا من فكرة منح النظام السوري ثقة مطلقة، قائلا ‘يتعين علينا ان نبقى متشككين لان هذا ليس الاسلوب الذي رأيناهم يتصرفون بموجبه خلال السنتين الماضيتين’. كما يأتي هذا التطور الجديد في مقاربة اوباما في وقت تبدو جهوده لاقناع اعضاء الكونغرس خصوصا في مجلس النواب بالضربة على سورية، بعيدة عن تحقيق هدفها. واقر اوباما في حديث الى قناة ‘ان بي سي’ بصعوبة الحصول على تأييد النواب لاستخدام القوة ضد سورية.
وصرح اوباما ‘لن اذهب الى القول بانني واثق من ذلك. انني واثق من ان اعضاء الكونغرس سيتعاملون مع هذه المسالة بجدية كبيرة وسيبحثونها عن كثب’. وخلال الايام العشرة الاخيرة، ومع التأكيد بانهم ليسوا بحاجة الى الكونغرس لشن الضربات، قام اوباما وفريقه بحملة كبيرة لاقناع النواب سواء في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون او في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه حلفاء اوباما الديموقراطيون. وسعت الرئاسة الامريكية من خلال تكثيف الاتصالات الهاتفية وتقديم التقارير الاستخبارية وعقد اجتماعات مغلقة وسيل التصريحات لكبار المسؤولين والمقابلات التلفزيونية المكثفة، الى توسيع حملات الاقناع بكل السبل.
ويبدو الرأي العام من جهته غير مقتنع بضرورة قيام واشنطن بالتدخل مجددا في الشرق الاوسط، وذلك بعد عودة اخر الجنود الامريكيين من العراق قبل 21 شهرا ودخول الانتشار العسكري في افغانستان عامه الثالث عشر.
وبحسب استطلاع لشبكة ‘سي ان ان’ ومعهد ‘او آر سي انترناشيونال’ نشرت نتائجه الاثنين، يبدي 59 بالمئة من الامريكيين رغبتهم في عدم تصويت الكونغرس لصالح قرار شن ضربات عسكرية على سورية، وإن محدودة، كما يؤكد اكثر من 70 بالمئة منهم ان الضربات لن تخدم المصالح الامريكية.
وبالنسبة لتوم بالدينو الاختصاصي في شؤون الرئاسة الامريكية في جامعة ويلكيس بولاية بنسيلفانيا (شرق)، فإنه سيكون على اوباما بذل جهود كبيرة ليكون مقنعا في خطابه الثلاثاء.
وقال بالدينو ‘لا اذكر في حياتي ان خطابا غير الرأي العام’، مضيفا ان ‘بعض الخطابات كان لها اثر، لكن عندما يتخذ الرأي العام اتجاها معينا، فمن الصعب فعلا قلب هذا الاتجاه’.