تكمن دقة العمل التشكيلي لدى الفنان خالد الشطي في إحداثاته الجمالية التي تغذي منجزه الفني، وهو كسائر الفنانين الذين لديهم القدرة على تغيير الشكل المستهلك، يدجج المجال الانطباعي والتعبيري والرمزي برؤى واقعية، ما يؤدي إلى بلوغ عالم تشكيلي معاصر، بحرفية ودقة في الأداء، علما بأن سرية التطور عبر هذه المراحل لدى المبدع تكمن في اغترافه من بحر مليء بالأشكال والألوان والعلامات والرموز، وهي مفردات فنية تغذي أعماله التشكيلية من جهة، وتمنحها عنصر التوليف بين عالم الفنان وعناصره الأساسية، ومنه الإحساس بالواقع بعيدا عن كل التمثلات الخارجية.
واستناد إلى العمل النقدي التشكيلي، فإن أعمال خالد الشطي الإبداعية تظهر فيها أحيانا ملامح التلقائية والعمل المقارب بين الواقع والمادة التشكيلية والفضاء الذي يحتوي مقومات العمل، حتى يتبدى في جوهره مليئا بالرموز والإيحاءات، والعلامات ليشكل أيقونة دالة على جملة من المضامين التي يضمرها المبدع في الشكل واللون. وهو في الأصل يؤثث بذلك لتأصيل ثقافة تمتح مقوماتها من الواقع وفق تصوراته الفنية، ووفق رؤاه الفلسفية التي تتفاعل مع الانفعالات والهواجس الملازمة لبعض الأحوال والمنشآت الواقعية، وهي كلها عوامل تخصب الطريق لدى الفنان لولوج عالم الإبداع بواقعية وانطباعية وتعبير ورمزية، ليخلص إلى ولوج فضاء جمالي معاصر، يستمد كينونته من تأصيل خاص بالفنان ذاته، ويصبو إلى خلق أسلوب تشكلي قويم، مرتبط بالواقع وحيثياته.
أعمال خالد الشطي الإبداعية تظهر فيها أحيانا ملامح التلقائية والعمل المقارب بين الواقع والمادة التشكيلية والفضاء الذي يحتوي مقومات العمل، حتى يتبدى في جوهره مليئا بالرموز والإيحاءات.
إنه يتخذ من هذا النسيج الإبداعي أداة لابتكار تدفقات للألوان الممتدة في الفضاء، مغايرة للنمط السائد، فيستنطقه تدريجيا وفق رغباته الإبداعية، وهو ما ينعكس في الفراغات، وفي طرائق إطلاق الضوء، وفي المربعات والمستطيلات وكل الأشكال المكونة من الألوان التي تتدرج من الأبيض أو من الضوء عبر عدد من الألوان الأخرى حتى اللون الأسود. ما يمنح أعماله أبعادا واقعية وجمالية توحي بجملة من الدلالات تلقي بظلالها على جملة من الجدليات التي تنسج علاقات وجدانية وتحاورية في الآن نفسه، بين الألوان والرموز والعلامات، تصل أحيانا إلى حد الإخفاق في التوازن بين مختلف العناصر، إلا أن ذلك ييسر التفاعل مع الأشكال الغامضة، ويحرر أعماله من كل القيود. وهو بعد واضح، يحسب لخالد الشطي باعتباره بعدا إضافيا في المجال الذي يشتغل عليه، تدل عليه فلسفة العمل، وكل الدلالات العميقة والعلامات الأيقونية التي تنبثق من الألوان والأشكال، التي تؤصل لفلسفة قيمية تستجيب لضرورات العمل حتى يتفاعل معه القارئ ومع ثقافته، إنها استجابة تبرر انفتاح المبدع على مختلف الألوان تماشيا مع طبيعة أسلوبه، ليعطي لأعماله ما تستحق من مواد تناغمية وروح تعبيرية صرفة، وأسلوب تشكيلي معاصر. وهذا في المجال النقدي يرسل انطباعا بأن الفنان يبلور في نسيج عمله نقاطا مركزية، وتنظيما لونيا متنوعا تلتهب فيه المادة الفنية فينصهر خلالها الشكل في المعنى. إنه توظيف معاصر يؤسس به الفنان هويته الفنية وأسلوبه الإبداعي المعاصر، الذي ينطق في عمقه بتعبير دقيق ومحدد، يروم الشحنات اللونية في علاقاتها مع الأشكال الواقعية المتداخلة، وما تحمله من أنساق شكلية، وتحدث مفارقات متنوعة تعكسها التوظيفات اللونية الغامقة، والتجسيد للأشكال والرموز والعلامات المختلفة. وهي سمات تلوح في تجربته التشكيلية المعاصرة. تتبدى في عمقها انعكاسا لثقافة مجتمعية، ولهيكلة عمرانية، ولمسار عريق ومتجدد.
الفنان خالد الشطي حريص أشد الحرص على ضخ عناصر هذه التجربة في أعماله باعتبارها مصادر أساسية، متجددة تحقق التنوع وتنتج الإضافة التشكيلية. إن تجسيد التصورات المتنوعة، وتوظيف مفردات الواقع بشكل مغاير بتقنيات عالية يشكل نواة حقيقية في صناعة لوحات جديدة تتبدى فيها أحد أهم الأدوار لإنتاج الجماليات المختلفة وإبراز سماتها في أسلوب تعبيري هادئ أحيانا ومتوهج حينا، بتفاعليات تؤكد المنحى الجمالي الذي يستهدفه. إنها لمسات جديدة تطبعها التجربة الرائدة والتضلع في اللون والشكل.
٭ كاتب مغربي