سار تسليم السلطات في الكويت بسلاسة كبيرة، مع إعلان نواف الأحمد الجابر الصباح أميرا جديدا للبلاد في 29 أيلول/سبتمبر الماضي، واختياره بعدها أخاه غير الشقيق، مشعل الأحمد الجابر الصباح وليّا للعهد في 7 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، مما يعكس استمرارا لنهج الأسرة الحاكمة الكويتية، الذي يتم اختيار وليّ العهد فيه على أسس التجربة السياسية والخبرة وليس على أساس الوراثة فحسب، والذي كان شبيها، إلى حد ما، بنهج الأسرة الحاكمة السعودية الذي تغيّر فجأة مع إزاحة الأمير نايف عن ولاية العهد وتسليم الملك سلمان ولاية العهد (وسلطات الدولة المطلقة عمليا) لابنه محمد بن سلمان.
جاء الأمير الراحل إلى الحكم من بوابة وزارتي الإعلام والخارجية، ولديه ثلاثة أبناء ذكور (توفي أحدهم صغيرا) وكان كبيرهم، ناصر، وزيرا سابقا للدفاع، لكنه اختار أخاه الشقيق نواف الأحمد لولاية العهد، الذي امتلك تجربة عملية كبيرة فهو صاحب أطول فترة على رأس وزارة الداخلية (1976 إلى 1986) وعين بعدها وزيرا للدفاع، وبعدها وزيرا للشؤون الاجتماعية والعمل، ثم نائبا لرئيس الحرس الوطني، فوزيرا للداخلية ونائبا أول لرئيس مجلس الوزراء.
لدى الأمير الجديد أربعة أبناء أحدهم رئيس لجهاز أمن الدولة، وآخر وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأمن العام، وهما يملكان بالتالي سيرتين عمليتين مهمتين، غير أن الاختيار وقع على الأمير مشعل، السابع بين خط إخوة الأمير الراحل، وصاحب الخبرة الذي كان حتى توليته ولاية العهد يتولى منصب نائب رئيس الحرس الوطني بدرجة وزير، وتولى قبل ذلك رئاسة جهاز أمن الدولة وعمل في وزارة الداخلية.
إضافة إلى تعبيره عن رجحان عوامل التقاليد السياسية وتفضيل خبرة العمل والعمر، يمثّل اتجاه الأمير الجديد وولي عهده ميلا نحو الخبرات العسكرية والأمنية، مقارنة بالخبرات الإعلامية والدبلوماسية للأمير الراحل، وهو عنصر تفسّره التحديات الكبيرة التي تعيشها الكويت المحاطة بجيران أقوياء، وطامعين كثر.
يشير النزوع إلى توريث الأبناء، في البلدان العربية (والعالم عموما) إلى ميل غريزي تصعب مغالبته لدى الحكام، وقد أدى تغليب الهوى على الخبرة والحكمة، في أكثر من بلد عربيّ إلى نتائج كارثية، فكان من عوامل الثورة والغضب في مصر، مع محاولات الرئيس حسني مبارك وحرمه توريث ابن لهما، وفي ليبيا التي عمل زعيمها على توريث ابنه سيف الإسلام، وفي سوريا، التي قُتل فيها باسل الأسد في حادث سيّارة، فتم استدعاء بشار الأسد ليكون رئيس الصدفة المسؤول عن أكبر كوارث ومجازر في تاريخ البلاد، وفي اليمن، التي قتل فيها الرئيس وانعدمت فرص ابنه في الرئاسة، وفي الجزائر، التي لم يكن لعبد العزيز بوتفليقة ابن فصار لأخيه نفوذ هائل انتهى به في السجن، ولعلّ مثال محمد بن سلمان، الذي أحدث توريثه خضة كبيرة في المملكة وفي الخليج والعالم العربي، هو من الأمثلة الحاضرة التي تجنّبتها المدرسة الكويتية.
هناك تحديات كبيرة تواجه الكويت لكن المؤكد أن الشعوب العربية تتمنى للكويت الاستقرار والازدهار، كما تتمنى لها الاستمرار في النهج الرائد المستمر في احترام الحريات التعبيرية والسياسية والحقوق ودعم النساء، فهذه القضايا هي التي أكسبت الكويت منعة وفرادة وتقدما.
مع احترامنا وتقديرنا للمجهودات في الكويت ولكن تبقى العائلة هي المسيطرة وهذا ما عليه ان يتطور مع الوقت….المثال البريطاني نموذجا
“سار تسليم السلطات في الكويت بسلاسة كبيرة .. ” إهـ .
نعم هذا الذي حدث اليوم في الكويت لعوامل كثيرة منها إيجابية و أخرى سلبية رغم أن تاريخ العائلة الحاكمة هذه لم يخلُ من نقيضه و سالت فيها دماء ما كان يجب أن تسيل ، ففي العام 1896 وقع الإنقسام الأول فيها عندما قام مبارك صباح الصباح ( 1837-1915 )بقتل أخويه غير الشقيقين أحدهما الحاكم حينها محمد صباح الصباح الذي حكم البلاد على مدى 19 عاماً و جلس في الديوان العام يستقبل المعزين بهما و الدموع تنهمر من عينيه ليبايع بعدها حاكماً على بلاده ، و منحته بريطانيا في أعقابها اعترافاً بالكويت كياناً مستقلاً عن الدولة العثمانية ، و قد عرف باسم مبارك الكبير ، و توفي في العام 1915 لتنتقل السلطة من بعده إلى ابنه جابر، و قد تم الإتفاق بين أفراد العائلة الحاكمة على أن تنتقل السلطة إلى أحفاد مبارك الكبير حصراً و قد ثبت ذلك في الدستور الكويتي العام 1962 لكن حصرالأمر في جناحي الجابر و السالم .
متى تعيش الشعوب العربية ربيع الله فتنعم به و فيه ؟ فنرى الأشجار المثمرة و النخيل الباسقات و الفراشات بأزهى ألوانها و الطيور المهاجرة تعود إلى ديارها و المناظر الجميلة تكحل أعيننا و عليها تتفتح نفوسنا ، و شدو البلابل يشنف آذاننا و الهواء العليل ينعش العقول و القلوب ، و يسود بيننا العدل و الإحسان وننعم بالحرية و الكرامة وننتخب حكامنا بملء إرادتنا و لا يفرضون علينا بالوراثة أو بأسنة الرماح ، ذلك نعمة من عند الله العزيز الكريم فنحمده عليها و نشكره ” وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ” .