‘غني عن البيان كتابة مقال آخر يندد او يثني على تردد الرئيس اوباما. ‘حين تسكت الصقور، تبدأ الببغاوات بالثرثرة’ قال تشرتشل، حكمة تنقصنا جدا الان. لا خلاف في أن الامريكيين يجدون صعوبة في انتاج سياسة متماسكة قادرة على التصدي لفوضى الشرق الاوسط. يخيل ان المقارنة بالايام المظلمة في التاريخ صحيحة اكثر من أي وقت مضى. فقد اختار البرلمان البريطاني العار الاخلاقي، واثبت كم عميقا دفن إرث تشرتشل. ايران تنظر بهزء وهي واقفة الى الجانب، وتتقدم بخطى حثيثة نحو القنبلة. والصحيح في هذا الوقت هو أن ليس هناك من يوقفها. والروس مثل الروس، مثلما كانوا في الايام المظلمة لحلف ريبنتروف مولوتوف، مرة اخرى يلعبون مع الشيطان. كأمة، الروس لم يعملوا دوما حسب المنطق الغربي المقبول او المقاييس الحضارية. فحقوق الانسان تهمهم كما تهمهم الشعرات التي تساقطت العام الماضي. ‘لا يمكنني أن أتوقع الاعمال الروسية’، اوضح تشرتشل في حينه. ‘هذا لغز، مغلف بالغموض، والمجهول؛ ولكن لعله يوجد مفتاح وهذا المفتاح هو المصلحة القومية الروسية’. وما هي المصلحة التي تقود سياسة بوتين التهكمية؟ ليس النفط، فروسيا ليست متعلقة بالشرق الاوسط. ولا المصالح الاقتصادية الصرفة. كل محاولة لتحليل السلوك الروسي بادوات قيمية او كبديل بالواقعية السياسية مآلها الفشل، لان السلوك الروسي مأخوذ من مجال الصحة النفسية. دافعية تتغذى بوقود جنون قوة عظمى انهارت ويعاد بناؤها. من مهانات الماضي. الرغبة في العودة الى الهيمنة كقوة عظمى حيال الولايات المتحدة، العامل التاريخي الذي فكك الاتحاد السوفييتي في نهاية منافسة دامية، يفوق كل اعتبار للمنطق الاخلاقي. ولهذا فان الروس الان يلعبون اللعبة الشعبية الخطيرة، الروليت الروسي. ان الاستخدام الابكر لتعبير الروليت الروسي يظهر في قصة قصيرة بقلم جورجي سورداز الفرنسي في العام 1937. وتأتي الحبكة بقصص المقاتلين في الفيلم الاجنبي الفرنسي، ومنها تجربة في الحرب العالمية الاولى لعريف روسي في الفيلق. ذاك الروسي خدم في جيش القيصر في منطقة رومانيا، العام 1917 والواقع كان يهتز من لحظة الى لحظة بسبب الثورة التي اندلعت في الام روسيا. بالنسبة لضباط الجيش القيصري بدا المستقبل عديم الامل، وقد شعر اولئك الضباط ليس فقط بانهم يفقدون عائلاتهم، مكانتهم المهنية ومستقبلهم الاقتصادي، بل وبالاساس بالاهانة امام الزملاء من جيوش الحلف. وكان الضباط الروس يمسكون فجأة مسدساتهم في اماكن مختلفة، في غرفة الطعام، حول طاولة في مقهى، في جلسة لاحتساء كأس مع الاصدقاء، يفرغون عبوة المسدس الا من رصاصة واحدة، يديرونها، يغلقون، يلصقون المسدس بالرأس ويضغطون على الزناد. كانت هناك خمس فرص الى واحدة في أن تطرق المطرقة الرصاصة الحية فتزين الغرفة بدمائهم. هذا حصل في بعض الاحيان ولم يحصل في اخرى، كما يجمل العريف الروسي في قصته. لعبة اخرى للضباط الروس في تلك الفترة تسمى ‘الكوكو’. عدد من الضباط كانوا يجتمعون في غرفة، يطفئون النور، يختبئون خلف الاريكة والكراسي وهم مسلحون بطلقة واحدة في المسدس، وعند صوت ‘الكوكو’ ينهضون ويطلقون النار من دون تمييز في اتجاهات مختلفة. الثمن في الروليت الروسي معروف. الاحتمالات على الطاولة، 1 الى 5. القنبلة الشيعية الايرانية في الطريق الى حكم المهدي لن توفر حياة الروس حين تطلق على اليهود أو الانجلوساكسونيين البروتستانتيين. يمكن فقط الامل في أن يطيع التاريخ المنتقد الحاد للروس، الرفيق كارل ماركس، فيتكرر كمهزلة وليس، لا سمح الله، كاعادة لمأساة معروفة مسبقا.