القدس- “القدس العربي”: أدى ما يقرب من 65 ألف فلسطيني شعائر صلاة الجمعة في باحات المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، في حين استجاب مئات المقدسيين لدعوات نشطاء عائلات ونشطاء مقدسيين للصلاة أمام بناية تأوي 11 عائلة مهددة بالهدم في حي واد قدوم ببلدة سلوان جنوب الأقصى.
وكانت الدعوات قد وجّهت من أهالي مدينة القدس وسكان البناية الذين يقدرون بـ100 مقدسي بضرورة إسناد العوائل والوقوف معهم ضد قرار الاحتلال هدم البناية.
وجاء في الدعوة: “يا أبناء القدس الأحرار، فلنعقد العزم على تلبية نداء الواجب، ولنقف بحزم أمام سياسة هدم المنازل في مدينتكم، والدفاع عن أي منزل يتهدّده الهدم”.
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس قد أخطرت بهدم بناية سكنية تضم 11 شقة سكنية في حي واد قدوم في سلوان.
وأصبح سكان البناية مهددين بخطر التهجير، في مأساة لن تتوقف للحظات أو سنوات، فسيعيشون أعمارهم كاملة بقهر التهجير وغياب المأوى والأحلام التي رسموها في بيوتهم.
ويقطن في البناية المهددة ما يقرب من 100 فرد منذ نحو ثماني سنوات، حيث استنفدوا كل السبل لمحاولة منع أمر الهدم، في صراع طويل مع محاكم الاحتلال.
وحسب المتضررين، فإن سلطات الاحتلال فرضت عليهم شروطاً تعجيزية من أجل الحصول على تراخيص بناء للبناية، من بينها توفير أراض في محيط البناية.
ويضطر المقدسيون للبناء شرق القدس المحتلة، دون الحصول على رخص البناء، في ظل القيود والإجراءات المشددة والشروط التعجيزية التي تفرضها بلدية الاحتلال إزاء ذلك.
وانتهت مهلة قرار الهدم الذاتي قبل أيام في ظل رفض المحاكم الإسرائيلية تأجيل أو تجميد القرار رغم أن العائلات التي تسكن البناية تسعى منذ عام 2014 سعت للحصول على رخصة بناء من دون جدوى.
وبحسب صاحب أحد الشقق في البناية عيد شاور فإن العائلات جميعها رفضت الاخلاء أو الهدم الذاتي وهي تعيش حالة من الانتظار.
ويقول: “في كل لحظة نتوقع قدوم جرافات البلدية من أجل الهدم، وتحديدا بعد أن استنفدنا الفرصة الأخيرة، أما عائلات البناية وعددها 12 فلن تقوم بالرحيل، نريد البقاء في البناية، وحتى لو خرجنا فإننا لن نجد مكاناً نسكن فيه”.
يذكر أن ما نسبته 41% من منازل بلدة سلوان مهدد بالهدم والتهجير، وهي تعتبر الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى حيث تواجه مخططات استيطانية وتهجيرية ممنهجة.
وبحسب الناشط المقدسي فخري أبو دياب فإن ما يجري مع الأهالي يستهدف تفريغ القدس، وبلدة سلوان هي الأكثر استهدافا لكونها ملاصقة للمسجد الأقصى من ناحية الجنوب.
وتتنافس جهات احتلالية ثلاث من أجل تهويد المدينة، منها المؤسسات الرسمية وبلدية الاحتلال في القدس وجمعيات المستوطنين المتطرفين المدعومين حكوميا.
وبحسب الناشط المقدسي فضل طهبوب فإن أوامر الهدم هي جزء من إستراتيجية كبيرة تهدف إلى إخلاء المدينة من الفلسطينيين في أكبر عملية عنصرية.
واعتبر طهبوب أن تبليغ الاحتلال بالهدم هو نوع من إرهاب الناس وتخويفهم وتهجيرهم.
وشدد طهبوب على أن الاحتلال يجعل من كل معاركنا صغيرة عبر إدخالنا في متاهات صغيرة، لكن المسألة بالنسبة لنا واضحة وهي أن هناك هدفاً إستراتيجياً احتلالياً يتمثل في تهويد المدينة، وأكد أنه على الفلسطينيين أن يدركوا المعركة الكلية الكاملة.
وأكد أبو دياب أن الاهتمام في سلوان واستهدافها يعود إلى مجموعة أسباب، أبرزها أنها جزء كبير من الحوض المقدسي إسرائيليا، وهو ما يجعلها في رأس حربة في عملية تغيير وجهها الحضاري والتاريخي، حيث فيها أكثر من 32% من القبور الوهمية في القدس، كما أنه صدر بحق 6817 منزل أوامر هدم احتلالية وهو ما يعادل 41% من المنازل في البلدة كلها.
وشارك في فعاليات فجر القدس العظيم آلاف المقدسيين تلبية لدعوات فلسطينية، بضرورة الحشد بشكل واسع وتكثيف الرباط في المسجد الأقصى المبارك خلال الأيام المقبلة في ظل نية المستوطنين زيادة اقتحاماتهم للمسجد وإحياء أعيادهم اليهودية داخل باحاته.
ودعا مختصون للحشد والرباط في المسجد الأقصى لإفشال مخططات الاحتلال الهادفة لتهويد المسجد الأقصى وصولا لهدمه.
ومن المتوقع أن يشهد الأقصى مزيدا من الانتهاكات في ظل حكومة الاحتلال المتطرفة، والتي ستعمل على تهويد المسجد الأقصى وفرض التقسيم الزماني والمكاني، وتزامنا مع ما يسمى بـ “الأعياد اليهودية”.
وأكدت الدعوات على أهمية إيصال رسالة إلى الاحتلال بالأحقية الفلسطينية المطلقة في المسجد الأقصى، وعدم السماح باستباحة المسجد من قبل المستوطنين وجيش الاحتلال.
ولفتت دعوات النشطاء إلى ضرورة تكثيف الحشد والرباط في الأقصى والمشاركة في حملة الفجر العظيم وما بعده من أيام، في ظل استعداد جماعات الهيكل لإحياء ما يسمى “عيد حانوكاه” اليهودي في المسجد الأقصى، بتاريخ 18 كانون الأول/ ديسمبر 2022.
ويسعى المستوطنون خلال فترة الأعياد اليهودية إلى الحشد بشكل كبير في المسجد الأقصى، مع تكثيف عمليات الاقتحام، ومحاولة إضاءة الشمعدان داخل الأقصى، إلى جانب تنفيذ استفزازات داخل باحات المسجد تستمر لمدة ثمانية أيام.
وانتشرت، قبل عدة أيام، مقاطع فيديو لاعتداء وحشي من قبل سلطات الاحتلال على شاب مقدسي تحت ذريعة أنه اعتدى على مستوطن مقتحم للمسجد الأقصى قرب باب القطانين.
وبحسب ما أفادت مصادر محلية، فإن قوات الاحتلال اعتقلت الشاب عقب الاعتداء عليه.
وكانت مصادر عبرية قالت، صباح اليوم، إنه رداً على ما حدث فإن شرطة الاحتلال عممت على مقتحمي الأقصى قرارا بوجوب التزام مجموعاتهم وعدم ابتعادهم عن القوات الخاصة والشرطة خلال فترة الاقتحام، على ضوء أن الحادثة الماضية حصلت بسبب ابتعاد المستوطن 10 أمتار عن مجموعته.
ويشار إلى أن اقتحامات المستوطنين المتكررة تأتي ضمن محاولات الاحتلال فرض مخططات التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى.
كما أن قوات الاحتلال تقتحم المسجد الأقصى قبيل اقتحامات المستوطنين، وتحاول إفراغ المصلين والمقدسيين منه، وتصدر قرارات إبعاد بحق المرابطين، لتسهيل تنفيذ المخططات الاستيطانية.
وفي سياق متصل اقتحمت منزل المرابطة المقدسية هنادي حلواني، واستدعتها للتحقيق وسلمتها قراراً يقضي بإبعادها عن المسجد لمدة أسبوع قابل للتمديد.
وفي هذا السياق كتبت المرابطة هنادي حلواني، على صفحتها الشخصية على الفيسبوك، أن قوة من مخابرات الاحتلال اقتحمت العمارة التي تسكن بها أثناء تواجدها خارج المنزل، ورغم معرفتهم أين يقع بيتها تحديداً، إلا أنهم استمروا بالطرق على جميع الأبواب في العمارة، وتركوا لها قرار استدعاء للتحقيق أمام البيت، وشهّدوا أحد سكان العمارة أنه رأى ذلك.
وتابعت أنه بعد خروجها للتحقيق، وإذا بقوة جديدة تقتحم المنزل لاعتقالها، مع اتصالات متكررة لزوجها وابنها وأخ لزوجها، لتجد محققاً قديماً يخبرها أنه عاد بقوة بعد أن استمر بتتبعها طوال الوقت ليعود ملاحقتها وليبكيها دماً.
وأكدت أن المحقق استمرّ بتهديدها بأنه لن يسمح لها برؤية الأقصى أبداً، ولو أن كل المبعدين دخلوا للأقصى فلن يسمح لها بالدخول، وتمادى بالتهديد والوعيد لأبعد من ذلك.
وقالت حلواني: “تسلمت قراراً جديداً بالإبعاد عن الأقصى لمدة أسبوع، قابل للتجديد لمدة ستة أشهر مع وابل من التهديد والوعيد”.
وفي سياق النشاطات ضد إجراءات الاحتلال تداعت أمهات الأسرى في حي الشيخ جراح والقدس إلى وقفه تضامنية مقابل المحكمة المركزية في شارع صلاح الدين يوم الثلاثاء المقبل.
وجاء في دعوة التضامن أنها تأتي في ظل الأحكام الجائرة في المحاكم الإسرائيلية.
بدوره قام الناشط المقدسي محمد أبو الحمص بتسليم القنصليات الأجنبية في القدس رسائل أوضح من خلالها خطورة تهديدات وبرامج الحكومة اليمينية السياسية والميدانية تجاه المقدسيين.
وقال إن الرسائل للمجتمع الدولي من أجل وضعهم في صورة ما سيجري للقدس بشكل خاص مع وجود حكومة يمينية متطرفة تهدد قبل أن تستلم مهامها الرسمية.
وأضاف: “بن غفير هددني شخصياً عندما كان عضواً في الكنيست، وقبل أن يكون مسؤولاً رسمياً وصاحب قرار في وزارة الأمن، وبالتالي المتوقع أنه سيأخذ ضدي قراراً وضد كل أهالي حي الشيخ جراح والقدس عموماً، فالتوقعات أن يتم الاعتداء علي بشكل شخصي، والعمل على تقليص الوجود الفلسطيني ووجود النشطاء في الأقصى”.