وصلت العملية السياسية في العراق الى نهايتها الاكيدة، الفشل والصراع بين اركانها، بسبب التفرد والدكتاتورية التي اتخذها نوري المالكي رئيس مجلس الوزراء منذ ان تولى السلطة في العراق قبل دورتين انتخابيتين من الان، وهو يروم لدورة ثالثة، منهجا وسلوكا لعلاقته بشركائه وخصومه في العملية السياسية وخارجها، في ظل اوضاع امنية لم يشهدها العراق من القتل والتهجير والاعتقالات والاغتيالات والفساد الاداري والمالي، وانهيارات امنية كاملة في محافظات منتفضة ضد سياسته القمعية والطائفية، مع سوء تام في الخدمات الصحية والتربوية والبلدية وغيرها، الازمات التي يفتعلها المالكي للتغطية على فشله وفشل حكومته الفاسدة، كثيرة ومتشعبة وتشمل كل الاحزاب المشاركة في العملية السياسية العرجاء، فهو على خلاف مع رئيس التيار الصدري الذي كان سببا رئيسيا في ايصاله الى رئاسة مجلس الوزراء والذي وصف المالكي (بالطاغوت والدكتاتور المتعطش للدماء والمال والسلطة)، وكذلك المجلس الاسلامي الاعلى الذي يرفض سياسته الطائفية الدكتاتورية والتي انتقدها كل اعضاء المجلس الاسلامي الاعلى وفي مقدمتهم عمار الحكيم رئيس المجلس، وازمات المتظاهرين في محافظات الانبار ونينوى وديالى وكركوك وصلاح الدين وبغداد، والتي تحولت بفضل غبائه وعدم تلبية مطالب المتظاهرين، الى حرب اتسعت لتشمل اغلب محافظات العراق حين انتفض ثوار العشائر لمقاتلة جيشه المنهار في اغلب قواطع العمليات، مقدما الخسائر الكبيرة في الطائرات والصواريخ والدبابات والهمرات والضحايا في جنوده كوقود لهذه الحرب، التي بدأها باكذوبة مفضوحة وهي الحرب على داعش في الانبار سرعان ما استدار الى اهل الانبار لمقاتلتهم، قبل ان تتوسع دائرة القتال الى محافظات اخرى، واضعة المالكي وجيشه في زاوية حرجة وورطة حقيقية لن يخرج منها، برغم كل المغريات والتنازلات التي يقدمها لثوار العشائر اخرها العفو عن الشيخ علي الحاتم امير الدليم والتي رفضها فورا، معتبرا اياها ضحكا على الذقون، واليوم يفتح المالكي جبهتين عليه، وهي اخطر واخر الجبهات، الا وهي جبهة رئيس اقليم كردستان العراق السيد مسعود برازاني الذي توعد المالكي وبغداد برد (غير متوقع) في اجرأ تحذير وتهديد للمالكي وحكومته، بسبب رفض المالكي صرف رواتب موظفي الاقليم والتي اعتبرها برازاني (حصار تجويعيا ضد اهل كردستان)، والجبهة الاخرى هي مع البرلمان العراقي ورئيسه السيد اسامة النجيفي، والذي وصف البرلمان بانه اصبح (برلمانا غير شرعي) وان فيه تجري (مؤامرة ضده)، اذن نحن ازاء تصريحات خطيرة، الهدف منها (ونحن على ابواب انتخابات برلمانية) الذهاب بالبلد الى اعلان الاحكام العرفية وحالة الطوارىء التي اخذت ملامحه تتأكد من هذه التصريحات، ولكن علينا مناقشة خطر هكذا تصريحات، على مستقبل العراق وعلى العملية السياسية وفرسانها الفاشلين، فهل وصل الامر بالمشاركين في العملية السياسية الى هذه الدرجة من الاهانة والاستهانة في مواجهة هكذا تصريحات، وهل نكتفي بتصريح عمار الحكيم المخجل ان (لا يجوز التشكيك بشرعية البرلمان او لا يجوز القفز على البرلمان في صرف موازنة دون سند قانوني ودستوري ودون موافقة البرلمان) هل هذا يكفي للرد على المالكي وتوصيفه الخطير بان البرلمان اصبح غير شرعي ومن يعطي صفة الشرعية هل الحكومة تعطي البرلمان الشرعية ام البرلمان يعطي الحكومة الشرعية، ومن نصب المالكي رئيسا لمجلس الوزراء غير البرلمان الضعيف الهزيل العاجز عن استجواب القادة الامنيين والوزراء ورئيس الوزراء واي مسؤول مهما كان بسيطا في دولة القانون اليس هذا عجزا واستضعافا واستهجانا واستخفافا بمجلس النواب، ليأتي تصريح المالكي ليصفه بغير الشرعي، اي برلمان فاشل ومعيب هذا الذي لا يستطيع استجواب قائد عمليات او وزير فاسد، ثم يرد رئيس مجلس النواب على تصريحات المالكي، بتصريح اقل ما نقول عنه انه خجول وغير مؤثر، بل واسترضائي للمالكي، كنا ننتظر ردا اكثر فاعلية واكثر قوة وحازما، ويضع الامور في نصابها مدافعا عن شرعية البرلمان وسمعته، لقد اهان المالكي البرلمان وجميع البرلمانيين عندما رفض ولاكثر من مرة المجيء الى البرلمان للاستجواب هو وقادة العمليات ووزراء دولة القانون، ان تصريحات المالكي هي انقلاب واضح على دستور هو احد كتابه، وهو انقلاب على شرعية البرلمان الذي نصبه، ولكن نسأل لماذا تصرف المالكي مع البرلمان وبهذا الوقت، نقول هو اراد ان يعبر عن فشله فيضعه على كاهل مجلس النواب ورئيسه ومن وصفهم بالمتآمرين داخل مجلس النواب ومن يصفهم تصوروا المالكي يصف بعض اعضاء مجلس النواب بال (دواعش البرلمان) هو يريد ان يغطي على ازماته وخسارة جيشه في الانبار والمحافظات ويغطي على فشل حكومته وفشله مع خصومه في الحكومة، ويصعد بازماته بهروبه الى الامام كي يضمن الولاية الثالثة ، ويتهم البرلمان بانه فقد شرعيته وعليه الرحيل، نحن نرى ان سياسة المالكي مع خصومه هي نوع من الانتحار السياسي اذ لم يبق احد ممن يشاركه العملية السياسية الا واقصاه وافتعل الازمات معه وحاصره وربما من اصدر اوامر القاء القبض علية او تحضير ملفات امنية عنه وابتزازه، وهذا اقصى درجات الدكتاتورية والتفرد بالسلطة وهذا مما رفضه كل شركائه وخصومه على حد السواء، مما جعل الحكومة ورئيس الوزراء هدفا للصراع مع خصومه، وهذا مايريده المالكي لكي يقول للرأي العام بانه الاقوى، وانه الاقدر على تحمل المسؤولية في محاربة الفساد والارهاب، وان من معه من الاحزاب والشخصيات لا تستطيع القيام بهذا العمل، وهو ما صدقته ادارة اوباما عندما دعمته وزودته بالطائرات والصواريخ والاسلحة والدعم الاعلامي في حربه المزعومة على داعش في الانبار، والذي اثبتت الوقائع والمعلومات والتصريحات كذب هذا الادعاء وفضحته معارك الفلوجة والانبار تحديدا، اذن المالكي يخرق الدستور وينقلب على بنوده التي كتبها بخط يده، وهذا ابشع اوجه الديمقراطية التي تنتج الدكتاتورية، والتي اصبحت سمة لحكومة وسياسة نوري المالكي.
‘ كاتب عراقي
يبدو أننا العراقيون مبتلون بأنظمة حكم طاغية و فاسدة وفاشلة على الرغم من الاستفتاء على دستور وأنتخاب مجلس نواب و الادعاء بالديمقراطية…
لقد كتبت في أكثر من تعليق سابق على مقالات القدس حول المالكي أنه بحكم المنتهية ولايته ولم يبقى من حكمه سوى شهر ونيف وسوف لن يعود للسلطة ثانية – مهما كلف الامر- وذلك لانه أثبت “فشله” في الحكم و أدارة دفة الدولة عبر8 أعوام “عجاف”…وأن أول من سيسحب منه الثقة في الانتخابات القادمة هم المكونات الشيعية التي دعمته منذ 2006 وأكبرها وأكثرها شعبية هم الصدريون كما ذكرت بالاضافة الى المكونات السياسية الاخرى من أكراد ولبراليون وسنة وأقليات.
المالكي في أيامه الاخيرة يراهن الان على سيّدين يخدهما بكل أخلاص: الاول هو أميريكا والثاني هو أيران وبالتالي يتسابق لارضائهما بمؤتمر “البائس″ للارهاب (بتكليف من الاميريكان) وبالتهجم على من أختارتهم الجارة الشرقية من دول مجلس التعاون لاتهامهم بالارهاب (بتكليف من أيران) وبذلك يتخيل أنه سيلقى الدعم والمباركة من هذين السيدين لنيل ولاية ثالثة !!! ” أعتقد أنه شديد التفاؤل