اليمن: تصريحات المبعوث الأمريكي بشأن شرعنة الحوثيين تثير جدلا واسعا في الوسط السياسي وتتهمه بمحاباتهم

خالد الحمادي
حجم الخط
4

تعز ـ “القدس العربي”: أثارت تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص الى اليمن تيم ليندر كينغ جدلا واسعا في الوسط السياسي اليمني، حول دلالاتها وأبعادها وانعكاساتها على الوضع اليمني الراهن والمستقبلي، واتهمت كينغ بمحابات الحوثيين، نظرا لأن تصريحاته جاءت متزامنة مع الاجراءات الأمريكية المشددة ضد الحوثيين والتي فرضت عقوبات على قيادات ومؤسسات حوثية.

وكان توصيف ليندركينغ لجماعة الحوثي بـ(لاعب شرعي) هي النقطة التي أثارت حفيظة الكثير من اليمنيين ودار حولها جدلا واسعا وتأويلات متعددة، حيث قالها في سياق هذه الفقرة “لقد تحدثت في عدة مرات عن شرعية الحوثيين وأن الولايات المتحدة تعترف بهم كلاعب شرعي واننا نعترف بأنهم مجموعة حصلت على مكاسب مهمة لا يستطيع احد ان يلغيهم او يزيحهم من إطار الصراع”.

وأعلن ليندر كينغ هذا الموقف من الحوثيين في ندوة أونلاين نظمها المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية العربية عبر تطبيق الزوم واطلعت عليها “القدس العربي” والتي كان محورها الوضع الانساني في اليمن، وفي اطار اجابته على أحد الأسئلة المتعلقة بمدى جدية الحوثيين في قبول فكرة وقف اطلاق النار والتي ستتطلب منهم التنازل عن بعض مكتسباتهم العسكرية والجغرافية والمادية كشف عن هذا الموقف الأمريكي الذي لم يكن معلنا من قبل، رغم أن الواقع يؤكد أن هذا التصريح لم يكن سوى تحصيل حاصل لما هو واقع فعلا على ارض الواقع والذي يتم فيه التعامل مع الحوثيين كطرف رئيس في كل مباحثات السلام التي دارت خلال السنوات الماضية.

وفي الوقت الذي التزمت فيه الحكومة الشرعية الصمت إزاء تصريح المبعوث الأمريكي الى اليمن استقبل الحوثيون الخبر بسعادة غامرة، حيث يعد من وجهة نظرهم اعترافا أمريكيا بشرعيتهم وانتصارا دبلوماسيا لقضيتهم، ولم يصدر موقف رسمي منهم بهذا الشأن، واكتفوا بتعليق القيادي وعضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين محمد علي الحوثي على ذلك بقوله في تغريدة له بموقع تويتر ان “اليمن اليوم بفضل الله انتصر بصموده وقوته في الدفاع عن نفسه فحقق بها (شرعيته) واستقلاله وعلى المجتمع الدولي ان يحترم التعامل معه بندية بعيدا عن الاملاءات بالقوة والابتزاز بالتجويع”.

وضاعف من فرحة الحوثيين مجيئ هذا التصريح بعد فترة وجيزة من ادراج الادارة الأمريكية لشركات ومحلات صرافة وقيادات حوثية في قائمة العقوبات بالاضافة الى مصادرة مواقع جماعة الحوثي الاخبارية على الانترنت وفي مقدمتهم موقع قناة (المسيرة) لسان حال جماعة الحوثي، واعتبروا هذا التصريح بمثابة إشارة البداية للفرج الذي قد يرفع عنهم الأزمة الراهنة مع الادارة الأمريكية.

وفي تعليقه على هذا الموقف الأمريكي قال عضو مجلس النواب اليمني شوقي القاضي لـ”القدس العربي” “قراءتي لتصريح ليندر كينغ حول وصف جماعة الحوثي بلاعب شرعي يمكن أن يؤخذ من أكثر من زاوية، الزاوية الأولى اذا فسرناها بحسن نية من خلال السياق فانه يقصد أنه (لاعب رئيسي)، بمعنى أنه موجود وهذه قضية لا نقاش فيها، كون التفاوض يتم معه وكونه موجود على جزء من الأرض وكل المفاوضات تتم معه، وبالتالي نعم هو لاعب رئيس، لكن ليندر كينغ استخدم هذا المصطلح ربما لأكثر من هدف، إما لأنه خانه التعبير، فأراد أن يقول لاعب رئيس، وإما أنه أراد أن يلعب نوعا من تبادل الأدوار الأمريكية”.

وأوضح القاضي أن “الادارة الأمريكية قبل ايام قلائل جمدت الكثير من القنوات الحوثية والمتواطئة معهم واليوم يعلن هذا الموقف الداعم لهم، فهذا لعب أدوار وترضيات لهذا الطرف وذاك الطرف، بما يدل على أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية موقف نحن نعتبره متخبط، ونعتبره ضبابي، رمادي، ونعتبره غير انساني مطلقا وهو في الأخير دور مصلحي مائة في المائة لكسب ولاءات وكسب نقاط قوة هنا وهناك”.
وذكر أن اليمنيين لا يعوّلون كثيرا على الموقف الأمريكي وقال “تعويلنا على الأرض، تعويلنا على الجيش الوطني، وتعويلنا على أحرار اليمن، في أن يفرضوا واقعا قويا لمصلحة الشرعية اليمنية، وانهاء انقلاب ميليشيا الحوثي، السلالية العنصرية، وتعزيز مؤسسات الدولة، أما التعويل على الولايات المتحدة أو على المجتمع الدولي أو على دول بعينها فهذا آخر ما يمكن التعويل عليه”.
وكشف القاضي أن تصريح المبعوث الأمريكي الى اليمن يمكن أن يُقرأ كذلك بأنه “ليس بريئا فيما يتعلق بأنه يخذل حلفاءه الخليجيين، وهذه تعد رسالة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج بأنه لا تعوّلوا على حماية أو على تحالفكم مع الولايات المتحدة الأمريكية فهي في الأخير يمكن أن تخذلكم مستقبلا وتبيعكم بثمن بخس”.

من جانبه قال رئيس مركز أبعاد للدراسات والابحاث عبدالسلام محمد لـ”القدس العربي” إن “عودة واشنطن لتشجيع الحوثيين للقبول بمبادرة السلام تقف وراء هذا التصريح وهناك اسباب عدة دفعتهم لذلك”.

وأوضح أن هذا التشجيع الأمريكي لجماعة الحوثي يهدف الى “العودة لآلية فصل الحوثيين عن ايران والتعامل معهم بشكل مستقل”. وأضاف “ان هذا التصريح برمته يعد هدية اضافية للحوثيين بعد هدية رفعهم من قوائم الارهاب لاغرائهم بقبول المبادرة الامريكية”.

وخلال الندوة عبر ليندركينغ عن أمله في التوصل لوقف لإطلاق النار بين التحالف بقيادة السعودية والحوثيين الموالين لإيران للتخفيف من حدة الأزمة.

وقال “خبرتي المتعلقة بالحوثيين تقول إنهم قالوا من قبل إنهم ملتزمون بالسلام في اليمن… مستمرون في التواصل معهم”.

وأسفرت الحرب الدائرة منذ ست سنوات عن مقتل عشرات الآلاف من اليمنيين أغلبهم مدنيون بينما دفع الملايين إلى شفا مجاعة. ويعتمد نحو 80 بالمئة من سكان اليمن أو نحو 24 مليونا على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.

ودعا ليندركنغ المجتمع الدولي ودول المنطقة للوفاء بالالتزامات المتعلقة بزيادة التمويل المخصص للمساعدات الإنسانية في اليمن وحذر من أن عدم حدوث ذلك قد يعني أن برامج الإغاثة قد تضطر للإغلاق.

وقال المبعوث الأمريكي إن برامج المساعدات المخصصة لليمن ستبدأ في التوقف ما لم تزد المساهمات في الشهور القليلة المقبلة.

وأضطر برنامج الأغذية العالمي في أبريل/ نيسان 2020 إلى خفض شحنات المساعدات الغذائية التي توزع مرة كل شهرين في مناطق باليمن خاضعة لسيطرة حركة الحوثي إلى النصف بعد أن خفض المانحون التمويل لأسباب منها المخاوف بشأن عرقلة وصول المساعدات.

وبدأت المزيد من الأموال في التدفق لهذا البند منذ أن قال مسؤولون في الأمم المتحدة في أبريل/ نيسان إن اليمن على شفا أسوأ مجاعة يشهدها العالم في عقود مع تصاعد العنف وأثر جائحة كوفيد-19.

وكررت سارة تشارلز المسؤولة البارزة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ذات التحذير الذي أطلقه ليندركينغ.

وقالت “نشيد بالتعهدات الكريمة التي قطعها مانحون آخرون كرماء حتى الآن هذا العام”، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة ستقدم مزيدا من التمويل إضافة إلى 350 مليون دولار تم تخصيصها هذا العام.

وأضافت “الحقيقة هو أن المزيد من التمويل مطلوب لمواجهة الاحتياجات المتزايدة”.

أزمة إنسانية

وقال ديفيد غريسلي منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن إن الحكومات لم تف بعد بتعهدات قيمتها 2.1 مليار دولار في الإجمال تم قطعها هذا العام للمساعدة في مواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة الناجمة على الحرب الأهلية في اليمن.

وأضاف أن منظمات الإغاثة لديها مشكلات في الوصول لنحو ستة ملايين يمني.

وفي أمر متصل، قال جريسلي إن ما يصل إلى 300 مهاجر ربما لقوا حتفهم عندما انقلب قاربهم مؤخرا قبالة ساحل اليمن دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل عن الواقعة. ويسلط ذلك الضوء على المخاطر القائمة في هذا المسار من الهجرة من القرن الأفريقي لدول الخليج الغنية بحثا عن عمل.

وبدا أن غريسلي يشير إلى عدد من الجثث التي جرفتها الأمواج إلى ساحل منطقة رأس العارة اليمنية المطلة على البحر الأحمر هذا الشهر بعد غرق قارب يشتبه بأنه كان يقل مهاجرين.

وأضاف أن أزمة المهاجرين تضيف مزيدا من الضغوط على الموقف الإنساني المتردي في اليمن بالفعل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول tarrasteno:

    ضربة موجعة للسعوديين الذين دفعوا الملايير لترامب لكي يصنّف الحوثيين حركة إرهابيّة

  2. يقول عمارتلي:

    لقد تغيرت الظروف وماعاد المال يجني انتصارًا بل العكس تجد اصحاب المال خانعين مع الاسف.

  3. يقول علي حسين أبو طالب / Skellefteå:

    و أنتم تسمونهم المتمردون الحوثيون .
    هذا الإعتراف الأمريكي لا يغني و لا يسمن من جوع ” و
    الحوثيون فرضوا أنفسهم مع شعبهم اليماني المقاوم
    قوة لا تُقهر على أمريكا و أذنابها في الحرب العدوانية
    على اليمن . النصر لليمن على العدوان قريب و هذه
    من علاماته .

  4. يقول علي صحراوي:

    ما قاله الأمريكي هو عين الحق .و علي من يقول غير ذلك عليه إن يلغي الحوثيين من الميدان و اخداعهم بالقوة( كما تصور البعض في بداية الأزمة إنه أمر بسيط و لا يحتاج إلا إلي عدة أسابيع أو أقل ) و عندها تنتهي المشكلة .الحثيون جزء من الشعب اليمني أراد من أراد و كره من كره و لا يمكن الغايهم أبدا و هم موجودين في كل أجزاء البلاد فلاداعي للشيفونية و محاولة الكذب علي الناس و من يفعل ذلك فهو يطيل من الأزمة اليمنية .

إشترك في قائمتنا البريدية